شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الملك فيصل... تجربة سعودية في التحديث والإصلاح جرت قبل عقود

الملك فيصل... تجربة سعودية في التحديث والإصلاح جرت قبل عقود

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 12 ديسمبر 201811:12 ص
خلال العامين الماضيين، حدثت تحوّلات اجتماعية كبيرة في السعودية، وذلك بدفع من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان... ولكن كثيرين ينسون تجربة تحديثية سعودية مهمة بدأت قبل 60 عاماً، وكان بطلها الملك فيصل بن عبد العزيز. ويرى باحثون أن مواجهة بن سلمان لقوى محافظة واتخاذه خطوات وُصفت بـ"الجريئة"، مثل السماح للنساء بالقيادة، وعرض الأفلام السينمائية، والتوسع في الحفلات الغنائية والترفيه، وتقليص سلطة الشرطة الدينية، كما خططه الاقتصادية مثل رؤية 2030، كانت لها سوابق في تجربة الملك فيصل. وبرأي مؤرخين، كانت تجربة الملك فيصل في طريقها نحو "تحرير" المجتمع السعودي لو لم تعقها ظروف أعادت المتشددين إلى الواجهة بقوة، بعد الثورة الإيرانية، وسمحت لهم بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

مشوار "الفيصل" في السلطة

يشدد الباحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات يوسف بن محمد العتيق، وهو محرر صفحة وَرّاق التي تعني بتاريخ السعودية، على أنه لا بد من قراءة سيرة الملك فيصل ومشوار حياته من أجل إطلاق حكم موضوعي على تجربته. ويقول لرصيف22: "عام 1919، حضر الملك فيصل احتفالات بريطانيا بانتصارها في الحرب العالمية الأولى وهو لم يتجاوز الـ13 من عمره، وشارك بعدها في عدد من معارك توحيد البلاد، وكان ناطقاً باسم الحكومة السعودية، ثم وزيراً للخارجية. كل هذه الأحداث كان لها أكبر الأثر في صقل شخصيته". ويضيف: "الملك فيصل اعتمد على مجموعة من الشباب في الحكم لا سيما من أبناء الأسرة المالكة، واهتم بالجانب السياسي أيضاً، فهو مَن وضع اتفاقيات حدودية مع دول الخليج، وبذل جهوداً كبيرة لاستقرار اليمن". ويتابع أن تاريخ السعودية ينقسم إلى فترتين: الأولى هي فترة التوحيد التي بدأت عام 1897، وانتهت عام 1929، واستمرت قرابة الـ32 عاماً، وخلالها تم توحيد البلاد، وفيها كانت مساهمة فيصل بن عبد العزيز محدودة، لأنه كان صغيراً في السن؛ أما الفترة الثانية، بعد عام 1929، فشارك فيها في أمور كثيرة من موقعه كحاكم للحجاز، ثم وزير للخارجية، ثم ولي للعهد في عهد الملك سعود، ثم رئيس لمجلس الوزراء، ما مكّنه من تطبق رؤيته، تماماً كما هو الحال مع الأمير محمد بن سلمان الذي بدأ بتنفيذ رؤيته منذ أن تولى منصب ولي ولي العهد. رسم الملك فيصل سياساته في خطابه الأول عندما تمت مبايعته كثالث ملوك السعودية في الثاني من نوفمبر 1964، غير أن البداية كانت قبل ذلك بأكثر من عشر سنوات، عندما كان ولياً للعهد لمدة 11 عاماً.

"الملك التقدمي"

كان الملك فيصل تقدمياً، وسط شعب محافظ، يقول العتيق، مضيفاً أنه بدأ في تنفيذ خططه بفتح باب الابتعاث بهدف إيجاد جيل جديد من السعوديين أكثر تفهماً للإصلاح. "كان الملك الراحل أوّل مَن أدرك أهميه تغيير المجتمع، فاتخذ زمام المبادرة، ونجح في تجاوز الكثير من المقاومة"، حسبما يقول لرصيف22 المؤرخ الدكتور محمد الشويعر، أستاذ التاريخ في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض. يختصر كثيرون من الباحثين إصلاحات الملك فيصل في ثلاث نقاط أساسية: تحرير العبيد، تعليم المرأة وفتح باب الفنون والتلفزيون، لأنها أمور شكلت تحدياً كبيراً لطبيعة المجتمع البدوية، والمحافظة، ويتجاهلون الدور الكبير الذي لعبه في نقل السعودية نحو مجتمع أكثر تسامحاً، من خلال التصدي للفكر المتشدد، وهو الفكر الذي تسبب في اغتياله احتجاجاً على خطواته الإصلاحية.

إصلاحات عدة

عندما تولى الملك فيصل زمام الأمور، كانت السعودية تمرّ بأزمة مالية خانقة: تجاوزت المصروفات الإيرادات، وتفاقمت الديون، وصار الريال السعودي غير مقبول من دول كثيرة. وعلى الرغم من تنامي الطلب على النفط، كان سعر البرميل لا يتجاوز الثلاثة دولارات. كانت البداية بالحد من الإنفاق المبالَغ فيه، وتقييد النفقات بعد أن استلم الحكم وخزانة الدولة شبه خاوية. يؤكد الأمير خالد بن سلطان، في كتابه "مقاتل في الصحراء"، أن فترة الملك فيصل شهدت تقدماً، قياساً على ما تم خلال السنوات التي سبقت جلوسه على كرسي الحكم، ويقول: "قفزت (السعودية) قفزات واسعة، وتغيّر وجه الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بشكل سريع، ونهج الفيصل سياسة إصلاحية تنموية شاملة". [caption id="attachment_174291" align="alignnone" width="700"] عبد الناصر وفيصل وعرفات عام 1970.[/caption] سياسياً، وضع الملك فيصل أول نظام أساسي للحكم في السعودية، وأصدر نظام المقاطعات الإدارية، ووضع قانون القضاء وأسس مجلس الإفتاء ونظام هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وافتتح الجامعات الكبيرة الموجودة الآن، وأنشأ وزارة التخطيط، وشركة الكهرباء وتحلية المياه، والمؤسسة العامة للبترول والمعادن، والبنوك التنموية، والمشافي المتخصصة. يقول الدكتور محمد آل زلفة، المؤرخ والأستاذ في جامعة الملك سعود وعضو مجلس الشورى السعودي السابق، لرصيف22: "كان الملك فيصل رجلاً إصلاحياً. عاصر قيام الدولة من البداية، وكان يدرك تماماً ما هي مقوّمات الدولة العصرية الحديثة". ويضيف: "الملك سعود بدأ الكثير من هذه الإجراءات، وكان فيصل ولياً للعهد، ولم يكن سيحقق كل هذا لو لم ينل موافقة الملك". ويتفق الدكتور الشويعر مع آل زلفة، ويضيف لرصيف22: "كان الملك فيصل يدرك التحوّل السريع الذي يعيشه المجتمع السعودي في ذلك الوقت. كان يحاول أن يُحدث تغييرات كثيرة، سواء اجتماعياً أو سياسياً أو حتى اقتصادياً. الملك فيصل هو مَن بدأ الخطط الخمسية الاقتصادية، والتي كانت سبباً في ازدهار البلاد بشكل كبير وفي بناء بنيتها التحتية، وسار الملوك عليها حتى أواخر عهد الملك عبد الله". [caption id="attachment_174287" align="alignnone" width="700"] الملك فيصل والزعيم الليبي معمر القذافي عام 1970.[/caption] ويشير الدكتور آل زلفة إلى أنه "كانت هناك ظروف إقليمية وسياسية، كحرب اليمن والمد الناصري الشيوعي، ونجح الملك فيصل في التصدي لكل هذا من خلال خطة اقتصادية دقيقة، حوّل فيها أموال البترول لبناء المجتمع، فبنى الجامعات والمدراس، وأسس بنية صحية قوية، خاصة مع بدء تحسن أسعار النفط في السبعينيات"، ويتابع: "كان الملك فيصل حريصاً في إدارة المال". ولكن لم تكن الحالة الاجتماعية للسعوديين كما هي الآن، ولم تكن التقنية قد فتحت أعينهم على ما يدور من حولهم، الأمر الذي جعل تقبّل المجتمع لإصلاحات الملك فيصل الليبرالية أكثر صعوبة، فلم تجد القبول الذي وجدته إصلاحات الأمير محمد بن سلمان.

إلغاء العبودية

واجهت السعودية ضغوطاً دولية كبيرة لكي تتخذ قرار إلغاء الرق الذي كان واحداً من الأسس التي قام عليها المجتمع لقرون طويلة. ونقل الدكتور محمد علي الحربي عن الأمير خالد الفيصل أن قرار إلغاء العبودية كان من أّهم القرارات التي اتخذها الملك فيصل، وأنه "كان قراراً جريئاً ومهماً بالنسبة لمجتمع السعودية، لأن كثيرين من الناس كانوا يتاجرون بالرق بطريقة غير شرعية، وكانت مؤذية للإنسانية"، وبالتالي "كانت جرأة الملك فيصل في أن يتخذ القرار ويلغي الرق جرأة كبيرة وموقفاً كسب التأييد داخلياً وخارجياً". يؤكد الدكتور آل زلفة أن الملك فيصل واجه أثناء عمله كوزير للخارجية الكثير من الضغوط الدولية بسبب العبودية في السعودية. ويضيف: "القضية كانت تطارده كثيراً في كل اجتماع دولي، وكان هناك ضغط دولي على السعودية لأنهاء هذا الوضع". ويقول لرصيف22: "هذه القضية كانت قديمة منذ عهد الملك عبد العزيز الذي اكتشف أن هناك مَن يسرق أبناء العائلات خاصة من المناطق الجنوبية، ويبيعهم على أنهم رقيق، وأنا لدي وثائق وبرقيات من الملك عبد العزيز مرسله لشيوخ قبائل المناطق الجنوبية، يسألهم عن بعض الأشخاص هل هم رقيق فعلاً، أم تم خطفهم. كان يريد التأكد من مصدر الرقيق الذي يتم اهداؤهم له". [caption id="attachment_174286" align="alignnone" width="700"] الملك فيصل والحاج أمين الحسيني.[/caption]

تعليم النساء

سعى الملك فيصل لتطوير التعليم العام، وفتح العديد من الجامعات، في مختلف المناطق. في البداية ووجهت فكرة خروج المرأة للتعليم بمعارضة حادة. لعقود طويلة، كان التعليم في السعودية حكراً على الرجال، وكان بعض رجال الدين يعتبرون أن تعليم المرأة بداية فساد المجتمع، وأن لا فائدة ستعود على النساء جراء تعلّمهن القراءة والكتابة. وذهب بعض المتشددين إلى القول إن المرأة إذا تعلمت الكتابة والقراءة فسوف تبدأ في مراسلة الرجال! غير أن موقف الملك فيصل كان حازماً، ورفض كل الاعتراضات، وقال لوفد من رجال الدين زاره محاولاً ثنية عن قراره: "إن الدولة ستفتتح مدارس لتعليم الفتيات، لكنها لن تجبر أحداً على ذلك". يقول الدكتور الشويعر: "عندما قرر الملك فيصل السماح للنساء بالتعلم، كانت هناك ردة فعل من المجتمع... كان هناك رفض قوي ولكن الملك فيصل أصر على المضي قدماً في ذلك، مشدداً على أن تعليم النساء ليس إجبارياً ولكن اختياري، ومع مرور سنوات قليلة بدأ الناس يتقبلون ذلك ويرضون به". في الاتجاه ذاته، يقول الدكتور آل زلفة: "قضية تعليم البنات كانت قضية حساسة، غير أن الملك فيصل كان يتكئ على قاعدة شعبية كبيرة، ما عدا منطقة نجد"، وهي منطقة واسعة وسط السعودية تضم مناطق الرياض والقصيم وسدير والزلفي وشقراء. ويروي: "خلال دارستي لم أجد أحداً يعترض على تعليم البنات في السعودية عدا في نجد. ولكن الملك كان صريحاً وواضحاً معهم. قال إنه لن يجبر أحداً على إدخال بناته إلى المدارس، وأكد أنه سيحمي هذه المدارس"، وتابع: "فتح الملك فيصل باب التعليم والابتعاث، وواجه المعارضين بشدة".
قصة ملك السعودية فيصل وتجربته التحديثية التي بدأت قبل 60 عاماً... برأي مؤرخين، كانت تلك التجربة في طريقها نحو "تحرير" المجتمع السعودي لو لم تعقها ظروف أعادت المتشددين إلى الواجهة بقوة، بعد الثورة الإيرانية
يختصر كثيرون إصلاحات الملك فيصل في ثلاث نقاط أساسية: تحرير العبيد، تعليم المرأة وفتح باب الفنون والتلفزيون، لأنها أمور شكلت تحدياً كبيراً لطبيعة المجتمع المحافظ، ويتجاهلون الدور الكبير الذي لعبه في نقل السعودية نحو مجتمع أكثر تسامحاً
ويؤكد الباحث العتيق أن الملك فيصل كان ينظر للمرأة نظرة مختلفة عن السائد في ذلك الوقت، ذاكراً أن زوجته الأميرة عفت الثنيان "التي كانت أنموذجاً حقيقياً في العمل النسائي" ساندته ومضيفاً: "لم تغب عن المشهد أيضاً بعض بناته".

الإذاعة والتلفزيون

كان للملك فيصل دور كبير في استحداث أمور جديدة منها افتتاح مبنى التلفزيون، وتوظيف مذيعات، والسماح بإحياء الحفلات الغنائية، وبثها للمشاهدين. ولكن كانت هناك ممانعة كبيرة من المتشددين في المجتمع. يقول الدكتور آل زلفة: "الأمر ذاته تكرر مع التلفزيون. النجديون فقط هم مَن اعترضوا عليه، لهذا فُتح التلفزيون في بداية الأمر في جدة، ثم لاحقاً نُقل إلى الرياض، ولم يعترض على ذلك مفتي السعودية الرسمي". ولكن الملك فيصل كان ضحية للتشدد الذي حاول مواجهته، بحسب الدكتور الشويعر. لم يُعجب المتشددون فتح مبني التلفزيون، ولا تواجد مذيعات نساء فيه، ولا عرض الأغاني والمسلسلات الفنية. ويضيف أستاذ التاريخ: "دفع الملك فيصل حياته ثمناً لذلك. حاول بعض المتشددين احتلال مبنى التلفزيون لوأد المشروع، ونتيجة لذلك قُتل الأمير خالد بن مساعد الذي كان من مهاجمي المبنى، وثأر الأمير فيصل بن مساعد لمقتل شقيقة، واغتال الملك فيصل (في 25 مارس 1975) بعد أن أوهم الديوان الملكي أنه يريد السلام على عمه الملك. لم تكن الإجراءات الأمنية مشددة في ذلك الوقت. وحدث الاغتيال بحضور عدد من الوزراء من بينهم وزير البترول أحمد زكي يماني". [caption id="attachment_174289" align="alignnone" width="1000"] الملك فيصل والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وزوجته بات، عام 1971.[/caption]

عودة إلى الوراء

بعد سنوات قليلة من وفاته، راح مسار الإصلاح يتعثر ويسير القهقرى، مع استعادة القوى المحافظة لقوتها ونفوذها، على خلفية بروز تحدي نموذج الثورة الإيرانية. أعيدت عقارب الساعة إلى الوراء. ويقول أستاذ التاريخ الدكتور الشويعر: "أثّرت حادثة جهيمان واحتلال الحرم، على الإصلاح الثقافي الفكري في السعودية، تحوّل المجتمع بعدها إلى التشدد المبالغ فيه، ونشأت فيه حركة الصحوة الإسلامية. أوقفت الدولة الأغاني في التلفزيون، وظهور المرأة في الصحف، ودعمت تيار الصحوة". وكان جهيمان العتيبي، ومعه عدة مئات من أتباعه، قد احتلوا عام 1979 الحرم المكي، لقرابة الأسبوعين احتجاجاً على فساد الدولة، حسب زعمه، وأعلن أن صهره عبد الله القحطاني هو المهدي المنتظر الذي سيعيد الدين الحقيقي. وبعد فشل محاولات إخراجه وجماعته بالمفاوضات، تدخل الجيش السعودي واقتحم الحرم بعد معركة استمرت طوال الليل وقبض على جهيمان وعدد كبير ممن كانوا معه، وتم الحكم عليه وعلى 61 من أتباعه بالإعدام وسُجن الباقون فيما قُتل القحطاني خلال عملية المداهمة. ويلخّص هذا التراجع خالد العضاض في كتابه "الإصلاح الديني في السعودية/ الظروف والموجبات" بقوله: "مكنت حادثة جهيمان من سيطرة المتشددين على المناخ الديني والمناخ الاجتماعي للبلد تدريجياً، وتعطيل أي حركة إصلاح أو تحرر ديني". يتفق مع هذا الرأي الدكتور الشويعر. يقول: "علينا أن نأخذ في الاعتبار أن المجتمع السعودي يتميز بمسحة دينية، دائماً ما يكون متعاطفاً مع ما يطرحه المتدينون"، ويتابع: "كان لرجال الدين تأثير كبير على المجتمع، مع دعم رسمي"، مضيفاً: "كنا نتعرض للأحراج عندما يقوم أحد ما بنقاش المتشددين ومجادلتهم، المجتمع كان يقف ضد كل مَن يتكلم ضد عالم أو رمز من رموز الصحوة".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard