شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
استطلاع للرأي: شهر العسل بين إيران وشيعة العراق في طريقه إلى الزوال

استطلاع للرأي: شهر العسل بين إيران وشيعة العراق في طريقه إلى الزوال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأحد 18 نوفمبر 201812:09 م
بعكس الصور النمطيّة عن الشيعة التي تربطهم دوماً بفكرة "الولاء لإيران" تراجعتْ نسبة الشيعة العراقيين الموالين لطهران بشكل كبير وتقهقر النفوذ الإيراني بصفةٍ ملحوظةٍ، هذا ما كشفه استطلاع للرأي أُجري في العراق وكشف عنه رئيس مؤسسة "المُستقلة للأبحاث" في بغداد، مُنقذ داغر، في تقرير كتبه في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. داغر خلُص إلى أن "شهر العسل بين إيران وشيعة العراق في طريقه إلى الزوال". وأوضح الاستطلاع الذي شمل نحو 3500 عراقياً تمّتْ مُقابلتهم وجهاً لوجه على مدار العقد الماضي، أن نسبة الشيعة العراقيين الموالين لإيران، انخفضت من 88% في عام 2015 إلى 47% بحلول خريف 2018، في تلك الفترة  ارتفعت نسبة المُعارضين لإيران من 6% إلى 51%، ما يُشير إلى أن غالبية الشيعة العراقيين لديهم موقف سلبي تجاه إيران، وفقاً لداغر، وهذا ما ينسف الصورة النمطيّة عن الشيعة التي تربطهم دوماً بطهران. وقال داغر أن نسبة الشيعة الذين يعتقدون أن إيران شريك موثوق فيه للعراق، انخفضت من 76% إلى 43% في الفترة ذاتها، فيما ارتفعتْ أعداد من لا يثقون بإيران، فنسبة الذين يعتبرون إيران شريكاً غير موثوق به قفزت من 24% إلى 55%. أما الشيعة العراقيون الذين يعتقدون أن إيران تُشكّل تهديداً حقيقياً لسيادة العراق، فقد ارتفعت نسبتهم من 25% في 2016 إلى 58% في 2018. يقول داغر أنه مثلما استاء بعض السنّة العراقيين من الجماعات المُتشدّدة المحسوبة على السنّة منها تنظيم داعش الإرهابي وممارساته المتوحّشة في المناطق السنيّة التي احتلتها في العراق، بات بعض الشيعة يشعرون بالأمر ذاته تجاه إيران.

ما سبب التحوّل تجاه إيران؟

لفت داغر إلى أن شيعة العراق يُحمّلون إيران مسؤوليّة بؤسهم على ثلاثة مستويات: سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة. على المستوى السياسي، معارضو طهران من العراقيين الشيعة، يعتبرون أن إيران هي الداعم الرئيسي لجميع الحكومات العراقيّة منذ عام 2006، إذ سيطرت عليها الأحزاب الإسلاميّة الشيعيّة، بدعمٍ كاملٍ من إيران، التي فشلت بدورها في توفير مستوى معيشي مناسب للعراقيين بشكل عام والمناطق الشيعيّة بشكل خاص، وفقاً لداغر، ما أدّى إلى موجة احتجاجات، العام الماضي، جنوبي العراق. أما على المستوى الاقتصادي، فيقول داغر أن إيران استخدمت العراقَ لتتجاوز أثر العقوبات الاقتصاديّة المفروضة عليها، إذ أغرقت الأسواق العراقية -خصوصاً المناطق الشيعية، الأقرب إلى الحدود العراقية- بمنتجات رخيصة وذات جودة مُنخفضة، ما أثّر سلباً على الاقتصاد المحلي، ودّمر المشاريع الزراعية والصناعية العراقية الصغيرة والمتوسطة، قائلاً إنه "تمّ إيقاف إنتاج أكبر مجمع للبتروكيماويات، وآلاف مزارع الطماطم في البصرة بسبب هذه المنافسة غير العادلة". وأضاف أن الشيعة يُحمّلون إيران مسؤولية مشاكل المياه التي تُعاني منها البصرة وجنوبي العراق، موضحاً أن نتيجة لنقص المياه والكهرباء في إيران، اضطرّت الحكومة الإيرانية إلى قطع تدفّق الأنهار التي توفّر مياهاً نظيفة للعراقيين. كلّ هذه العوامل أدّت إلى احتجاجات كبيرة في الجنوب الشيعي، وخاصّة في البصرة، إذ حمّل شيعةُ العراقِ إيرانَ مسؤولية ما ألمّ بهم، بل  وأحرقوا قنصليتها في البصرة، حسب داغر.
بعكس الصور النمطيّة عن الشيعة التي تربطهم دوماً بفكرة "الولاء لإيران" تراجعتْ نسبة الشيعة العراقيين الموالين لطهران بشكل كبير وتقهقر النفوذ الإيراني بصفةٍ ملحوظة في العقد الأخير، هذا ما كشفه استطلاع حديث للرأي.
إيران استخدمت العراقَ لتتجاوز أثر العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، إذ أغرقت الأسواق العراقية -خصوصاً المناطق الشيعية، الأقرب إلى الحدود العراقية- بمنتجات رخيصة وذات جودة مُنخفضة، ما أثّر سلباً على الاقتصاد المحلي، ودّمر المشاريع الزراعية والصناعية العراقية الصغيرة والمتوسطة.
خيبة الأمل العراقيّة الشيعيّة هذه تجاه إيران قد تُفسح المجال بشكل أكبر للسياسة الوطنيّة غير الطائفيّة، التي يمكن أن تساعد العراق على المضي قُدماً، مع التركيز على المصالحة الوطنية، وفقاً لداغر. وكانت شعبيّة إيران في العراق قد ارتفعت بشكل ملحوظ عام 2003، بالتزامن مع الغزو الأمريكي، بعد أن كان الشيعة مهمّشين تحت حكم صدام حسين، واستغلّت طهران الانقسام الطائفي في العراق لزيادة شعبيتها وبسط نفوذها.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard