شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هل حوّل مكرم محمد أحمد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر إلى شرطة أخلاقية؟

هل حوّل مكرم محمد أحمد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر إلى شرطة أخلاقية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 17 سبتمبر 201805:45 م
في بيان وصف البعض لهجته بأنها تحتوي على تهديد ووعيد واضحين، قال رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد في 17 سبتمبر: "سنواجه خروج أية قناة عن المعايير الإعلامية بإجراءات حازمة"، مضيفاً أن المجلس سيواصل رصد أية مخالفات مهنية في الأداء الإعلامي المصري، وكذلك أية مخالفات لقرارات المجلس. ولوّح أحمد في بيانه بأنه "سوف يواجه أي خروج عن تلك المعايير بإجراءات حازمة"، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات ليس المقصود منها العقاب ولكن "الحرص على عودة الإعلام المصري إلى مستوى الريادة المهنية والالتزام بأخلاقيات المهنة". ويقول حقوقيون مصريون إن أحمد حوّل المجلس الأعلى للإعلام (حكومي) إلى شرطة أخلاق لا تتوقف عن تهديد وسائل الإعلام في بلد تشير منظمات حقوقية عدة إلى أنه لا يحترم حرية التعبير، ولا يوفّر مناخاً حراً للعمل الإعلامي. ومنذ توليه رئاسة المجلس الأعلى للإعلام في أبريل 2017، لا يتوقف الصحافي المصري الذي كان مقرباً بشدة من نظام الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك عن إصدار قرارات تستهدف حرية التعبير، منها منع بث قنوات، حذف مشاهد، أو إصدار أوامر للعاملين في المجال الإعلامي اعتبرها البعض تهديداً لحرية التعبير، ووصل الأمر به إلى تحديد شكل الملابس التي يجب على كل صحافي ارتداؤها.

ممنوع... ممنوع... ممنوع

على سبيل المثال، طالب أحمد القنوات المصرية بحذف ستة مشاهد من أربعة مسلسلات عُرضت في رمضان الماضي، بحجة أنها لا تتناسب مع أخلاقيات المجتمع. ورغم أن المشاهد عُرضت بالفعل، إلا أن المجلس طالب القنوات بعدم عرضها حين تتم إعادة بث الحلقات. وفي مايو من العام الجاري، في محاولة لفرض الرواية الرسمية للدولة على جميع وسائل الإعلام المصرية، أصدر المجلس قراراً بمنع نشر أية أخبار مجهلة المصدر، معتبراً أنه من "ضمن الواجبات الأساسية لوسائل الإعلام التحقق من جدية الأخبار قبل بثها أو نشرها مع الالتزام بكافة القوانين واللوائح المعمول بها والمنظمة للنشر". واعتبر المجلس في قراره المذكور أن نشر الأخبار مجهولة المصدر "يمكن أن تضر بالصالح العام والاقتصاد الوطني أو الأمن القومي أو تمس مصالح مصر السياسية والاقتصادية العليا وعلاقتها الدولية". وفي نفس الشهر أيضاً، أصدر أحمد قراراً أثار سخرية الكثيرين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، طالب فيه جميع القنوات التلفزيونية والشبكات الإذاعية والخاصة والعامة، وكذا الصحف القومية والخاصة، بمنع ذكر اسم شيخ الأزهر من دون أن يسبقه لقب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، ومنع ذكر اسم البابا من دون أن يسبقه لقب قداسة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وتظهر لغة التهديد في أغلب تصريحات مكرم محمد أحمد. على سبيل المثال، قال في التاسع من سبتمبر إن المجلس "مستمر فى بحث الشكاوى التى تصل له بشأن القنوات الإعلامية"، دون أن يوضح مَن الذي يرسل للمجلس هذه الشكاوى، ومضيفاً أن القانون سيُطبّق على الجميع، ومعتبراً أن "هناك حالات أساءت لمهنة الصحافة والإعلام، ومنابر تحولت لأماكن ‘ردح وشرشحة’". واعتبر أحمد أن "هناك التزاماً من جميع وسائل الإعلام بكافة القرارت الخاصة بالمجلس، ونحن نقدّر كل هذا الالتزام" خاتماً بأن مجلسه لا يستهدف العقاب لأجل العقاب، "ولكن نعمل للصالح العام"، على حد تعبيره. وفي يناير من العام الجاري، قرر المجلس تحميل الإعلامي مسؤولية تجاوزات ضيوفه، وذلك في القرار رقم 2 لسنة 2018 الذي ينص على أنه "على مقدم البرنامج حال وقوع أية تجاوزات من ضيفه أن ينذره، وإذا استمر فإن مسؤوليته وقت الحلقة تبرير ذلك للمشاهدين".
تضييق على المثليين ومنع مشاهد في مسلسلات وطلب عدم ارتداء الصحافيين للجينز... المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام صار "أقرب إلى شرطي أخلاق منه إلى مجلس يُفترض به دعم حرية التعبير"
كما أصدر في ديسمبر الماضي قراراً بمنع عرض وإذاعة إعلان لشركة الاتصالات "فودافون" قامت ببطولته الدمية الشهيرة "أبلة فاهيتا"، وذلك "نظراً لما يحتويه من مشاهد وألفاظ لا تليق بالذوق العام، وتجافي كل القيم وتحض على السلوك السيئ، فضلًا عن هبوط مستوى الذوق العام له"، حسبما جاء فيه. وفي يوليو الماضي، أجاب أحمد على سؤال يعتبر أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والذي كان وقتها مجرد مشروع مطروح أمام البرلمان، يعطي للمجلس الذي يترأسه صلاحيات كبيرة في ما يتعلق بسلطة حجب المواقع، بالقول: "إيه يعني؟ أمال مين اللي يحجب؟ لما إحنا نحجب أحسن ما أي حد تاني يحجب". وفي شهر أكتوبر من العام الماضي، قال أحمد إن ارتداء الصحافي لبنطال جينز أو "بناطيل مقطعة" أمر خارج عن الذوق وأصول المهنة، مشدداً على أن حسن المظهر يجب أن يكون شيئاً أساسياً عند الصحافيين. وأضاف أنه "لا يمكن أن يكون صحافي محترم و يرتدي بنطلون جينز مقطع، عيب صحافي يقابل مصدر أو مسؤول ببنطلون جينز"، مشيراً إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يعمل الآن على دراسة كيفية الحد من ذلك.

تضييق على المثليين

وقبل يومين، أيّدت محكمة القضاء الإداري التي يقع مقرها في القاهرة قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمنع بث قناة "LTC"، ورفضت الشق العاجل وأحالت الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة. وكان مكرم محمد أحمد قد أصدر قراراً في الثالث من سبتمبر بمنع بث قناة "LTC"  لمدة أسبوعين بعد عدة قرارات بعقوبات ضد برامج القناة المختلفة لوقوع "تجاوزات مهنية وأخلاقية بها"، ما جعل إدارة القناة تلجأ إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذ الحكم وإعادة البث مرة أخرى. والتجاوزات المهنية والأخلاقية التي قصدها مكرم محمد أحمد من بينها ظهور مثليين في برامجها، إذ عرضت القناة في أغسطس فقرة ضمن برنامج "صح النوم" الذي يقدمه الصحافي المقرّب من السلطة المصرية، محمد الغيطي، تناولت ما وصفه مقدم البرنامج بأنه "كشف تنظيمات الشواذ في مصر". ومثلها مثل أغلب وسائل الإعلام المصرية، استخدمت القناة كلمة "شواذ" لوصف المثليين جنسياً، في محاولة لتحقيرهم. لكن هذا لم يشفع لها عند رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي اعتبر أن ما قامت به مخالفة صريحة لقرار المجلس "بمنع ظهور الشواذ أو ترويج شعاراتهم". ولم يكتفِ المجلس بذلك بل قال إنه سيقوم "بمتابعة برامج القناة بعد عودتها للبث مع التأكيد على أن هناك عقوبات أشد ستصدر بحال استمرار المخالفة". وبرر مكرم مطالبته بوقف القناة بأنه لا علاقة له بحرية التعبير بل إن الهدف منه الحفاظ على أخلاقيات المجتمع المصري.

"شرطي أخلاق"

وبحسب الحقوقي المصري جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تقيّد الحريات وتسعى لفرض سيطرة المجلس على المؤسسات الإعلامية داخل مصر. وقال عيد لرصيف22 إن المجلس يستخدم في قراراته تعابير مطاطة مثل الحفاظ على أخلاقيات المجتمع، ما يجعله أقرب إلى شرطي أخلاق منه إلى مجلس يُفترض به دعم حرية التعبير. وأضاف أن المجلس قرر أن يضع الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية تحت تهديد مستمر، مطالباً إيّاه بالقيام بدوره الدستوري والحقيقي في ضمان وحماية حرية الإعلام والعمل على الحفاظ على استقلاله وحياده، والتوقف تماماً عن ممارسات الرقابة والتضييق على وسائل الإعلام المختلفة.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard