شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
واشنطن تحذّر وموسكو تتحدث عن

واشنطن تحذّر وموسكو تتحدث عن "مسرحية" هجوم كيميائي... ماذا يجري حول سوريا؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 25 أغسطس 201805:36 م
بصورة مفاجئة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها اكتشفت "مؤامرة" تشارك فيها الاستخبارات البريطانية، هدفها تنظيم "مسرحية" هجوم كيميائي في إدلب، ثم استخدام هذه المسرحية لتوجيه ضربات غربية على أهداف تابعة للنظام السوري. فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف في 25 أغسطس أن عناصر من "هيئة تحرير الشام" يستعدون للقيام بعمل استفزازي من أجل اتهام دمشق باستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين في محافظة إدلب. وأضاف أن مسلحي التنظيم نقلوا ثماني حاويات مليئة بالكلور إلى مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب لتنظيم "مسرحية" هجوم كيميائي. وبحسب روايته، فإن "تنفيذ هذا الاستفزاز الذي تشارك فيه بنشاط المخابرات البريطانية، سيصبح حجة جديدة لقيام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بضربة جوية وصاروخية ضد دوائر الدولة والمنشآت الاقتصادية السورية". وقال إن معلومات وصلت إلى وزارته تفيد بأن مجموعة خاصة من المسلحين المدرّبين على استخدام المواد السامة، تحت إشراف خبراء من شركة "أوليفا" العسكرية البريطانية الخاصة، وصلت إلى منطقة جسر الشغور. وتابع أنه من المتوقع أن يقوم هؤلاء المسلحون مرتدين لباس "الخوذ البيضاء" بتقليد عملية إنقاذ المصابين في "الهجوم".

تحضير لعمل عسكري؟

لم يكتفِ كوناشينكوف بعرض هذه الرواية بل قال إن خطوات عسكرية عملية اتُّخذت لاستثمار الحدث الذي يجري التجهيز له. فقد أشار إلى أن المدمرة الأمريكية The Sullivans وصلت لهذا الغرض إلى الخليج قبل أيام وعلى متنها 56 صاروخاً مجنحاً، كما وصلت إلى قاعدة العديد الجوية في قطر القاذفة الاستراتيجية الأمريكية В-1В وعلى متنها 24 صاروخاً مجنحاً من طراز AGM-158 JASSM. وبحسب الخبير العسكري الروسي ورئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني الروسية إيغور كوروتشينكو، قد تستخدم واشنطن في هجومها الجديد على سوريا، غواصات نووية متعددة الأغراض مزودة بصواريخ توماهوك كروز، متواجدة في البحر الأبيض المتوسط، أو في المياه الدولية المجاورة. من جانب آخر، حذّر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف واشنطن وحلفاءها من اتخاذ أية "خطوات متهورة جديدة" في سوريا، متحدثاً عن احتمال تكرار سيناريو تنظيم استفزاز جديد في سوريا تليه ضربات تنفّذها دول أجنبية. بدورها، تحدثت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته في 24 أغسطس عن أن دولاً غربية وشرق أوسطية لجأت في مراحل سابقة إلى استفزازات شنيعة في سوريا نفّذها إرهابيون باستخدام السلاح الكيميائي لتحقيق مصالحها هناك. وجاء في البيان: "لا تتجنب مجموعة كبيرة من الدول الغربية والشرق أوسطية اللجوء إلى الاستفزازات غير الإنسانية مثل الهجوم الكيميائي الذي شنه الإرهابيون في الغوطة الشرقية بإملاء من مموليهم الخارجيين". وتابع البيان أن "هذه العملية البشعة (استخدام الكيميائي في الغوطة) وغيرها يقف وراءها داعش ومسلحو ما يسمى بالمعارضة المعتدلة والمنظمات غير الحكومية التي تعمل لخدمة مصالحهم، مثل الخوذ البيضاء الذين يحصلون على تمويل من الخارج". واعتبرت الخارجية الروسية أن "كل ما يحدث حول ملف الكيميائي السوري الذي بادرت إلى إبرازه الدول الغربية مرتبط بسعيها لتحقيق طموحاتها الجيوسياسية في الشرق الأوسط"، داعيةً إلى "وقف التلاعب بالموضوع الكيميائي من أجل الضغط على دمشق وحلفائها".

التحذيرات الغربية

يأتي السيناريو الذي رواه الروس بعد مجموعة تحذيرات غربية للنظام السوري من استخدام الأسلحة الكيميائية في العملية التي من المحتمل أن يطلقها لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب.
رواية رسمية روسية غريبة: عناصر من "هيئة تحرير الشام" نقلوا حاويات مليئة بالكلور إلى إدلب لتنظيم "مسرحية" هجوم كيميائي، بالتعاون مع المخابرات البريطانية، لتبرير عمل عسكري غربي ضد القوات السورية
وزارة الدفاع الروسية: المدمرة الأمريكية The Sullivans وصلت إلى الخليج قبل أيام، كما وصلت إلى قاعدة العديد الجوية في قطر القاذفة الاستراتيجية الأمريكية В-1В، تحضيراً لعمل عسكري ضد القوات السورية
وبدأت سلسلة التحذيرات الأخيرة في بيان ثلاثي أصدرته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، في 21 أغسطس، في الذكرى الخامسة للهجوم الكيميائي الذي استهدف الغوطة الشرقية وأودى بحياة المئات. فقد عبّرت الدول الثلاث عن "قلقها الكبير" من "احتمال استخدام آخر وغير قانوني للأسلحة الكيمائية"، مؤكدة تصميمها على التحرك في حال "استخدم نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد الأسلحة الكيمائية مرة أخرى". وفي مقابلة نشرتها وكالة "رويترز" في 22 أغسطس، حذّر مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون من أي استخدام للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية في سوريا. وقال بولتون: "نريد أن نوضح للأسد بما لا يدع مجالاً للشك أننا نتوقع عدم استخدام أية أسلحة كيميائية أو بيولوجية إذا ما كانت هناك أعمال عسكرية إضافية في إدلب"، محذراً من رد بلاده "بقوة" على ذلك. وفي لقاء جمعه بسكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، في جنيف، في 23 أغسطس، أكد بولتون أن واشنطن جاهزة لاتخاذ خطوات عسكرية "أعظم مما اتخذته في السابق" في سوريا إذا استخدم الأسد أسلحة كيميائية في عملية إدلب. هذا التحذير الأميركي كشفت عنه وكالة بلومبرغ في 25 أغسطس، نقلاً عن أربعة مصادر مطلعة على ما جرى في اللقاء المذكور. وقالت الوكالة إن المسؤولين الأمريكيين لديهم معلومات تفيد بأن الأسد ربما يجهّز لهجوم كيميائي في شمال شرق محافظة إدلب. وسبق أن شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في 14 أبريل 2017 هجوماً صاروخياً على أهداف تابعة للنظام السوري، على خلفية استخدام أسلحة كيميائية في الرابع من أبريل في مدينة دوما في الغوطة الشرقية لدمشق.

سيناريوهات

لا شك في أن السيناريو الذي طرحه الروس غريب. فما هي أسباب هذه الحملة "الوقائية"؟ يبدو أن روسيا متخوّفة من ردّ الفعل الغربي على إطلاق معركة استعادة إدلب، في ظل عدم توصلها مع واشنطن إلى تفاهمات حول مستقبل هذه المنطقة. وبحسب ريابكوف، لا تزال هوات شاسعة تفصل بين مواقف روسيا وأمريكا من أبرز القضايا المتعلقة بسوريا. وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد تحدّث عن إخراج الجنود الأمريكيين من سوريا، إلا أن ريابكوف عبّر عن قناعة روسيا بأن الولايات المتحدة تريد البقاء هناك في المستقبل المنظور. وتنشر واشنطن بضعة مئات من جنودها في منطقة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، كانت قد أرسلتهم إلى هناك منذ أن بدأ التنسيق مع القوات المذكورة في معركة استعادة الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش. وأشار ريابكوف أيضاً إلى ملف خلافي كبير بين الدولتين هو رغبة واشنطن في الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، وهو ما تعتبره روسيا مطلباً منفصماً عن الواقع.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard