شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"إخلال بالتوازن الديموغرافي"... ظاهرة تعدد الزوجات بين بدو النقب تثير الجدل في إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 10 يوليو 201805:58 م
في التاسع من يوليو، هاجم أعضاء في حزب الليكود الحاكم تصريحات منسوبة لوزيرة القضاء الإسرائيلية آييلت شاكيد حول ظاهرة تعدد الزوجات. منشأ الجدل هو كلام لشاكيد عن تقرير حكومي أُعدّ حول تعدد الزوجات. فبعد مقابلة إذاعية أجرتها الوزيرة التي تنتمي إلى حزب "البيت اليهودي" المتطرّف مع 103Fm ، نقلت صفحة الإذاعة على تويتر عنها قولها: "بالرغم من معارضة الوزراء، التقرير سوف يسمح في حالات استثنائية للزواج من امرأة ثانية، من منطلق تفهّم أن الحديث يدور عن ظاهرة اجتماعية واقتصادية". ورداً على ما فهمه من كلامها، أوضح حزب الليكود أن "تعدد الزوجات ليس ظاهرة اجتماعية واقتصادية. هي أولاً وأخيراً غير قانونية، وتشكل استغلالاً للمرأة وتضرّ بمكانتها، إضافة إلى إخلالها بالتوازن الديموغرافي في إسرائيل"، قاصدةً أن عدد الرجال غير المتزوجين سيصير أكبر من عدد النساء غير المتزوجات. وأشار بيان الليكود إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أبدى لشاكيد معارضته بشدة لأي قرار يشرّع ظاهرة تعدد الزوجات. وقال نتانياهو: "لا يمكنني بأي حال من الأحوال السماح بتعدد الزوجات في إسرائيل. هذه هي تعليماتي للجنة الوزارية التي تناقش الموضوع. يوجد هنا مساس بمكانة المرأة، استغلال للنساء، إضافة الى الخلل الديموغرافي الذي يحدثه. هذا غير مقبول". ورداً على الهجمة الليكودية، اتهم الناطق الإعلامي باسم شاكيد الليكود بـ"التلاعب الكاذب" بأقوالها، مضيفاً: "الليكود لم يكلفوا أنفسهم عناء قراءة قرار اللجنة الوزارية. هذا كبير عليهم. حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء سماع المقابلة. هذا الأمر سيأخذ من وقتهم الثمين. هم يستندون إلى منشور مشوه على تويتر". وبحسب الناطق الإعلامي فإن شاكيد تعارض تعدد الزوجات الذي أوصى التقرير الحكومي بالسماح به في حالات محددة.

قصة التقرير

في يناير 2017، تشكّلت لجنة وزارية تضم ممثلين من وزارات مختلفة لدراسة ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمع البدوي في النقب، بهدف وضع آليات للحد منها. وفي الثالث من يوليو 2018، صدر تقرير اللجنة التي ترأسها المديرة العامة لوزارة القضاء المحامية إيمي بلمور، وشمل 84 توصية. وذكر التقرير أن هناك 6200 عائلة فيها تعدد زوجات في المجتمع العربي البدوي في النقب، أي 18.5% من العائلات البدوية. وكشف التقرير أنه في 76% من حالات تعدد الزوجات، تزوّج الرجل من امرأتين، وفي 18% منها تزوّج من ثلاث نساء وفي 6% منها تزوّج من أربع نساء أو أكثر، وأظهر أن تركيز هذه العائلات غالباً ما يكون في القرى غير المعترف بها. وأورد التقرير أنه في الأشهر الأخيرة، حوكم لأول مرة 12 رجلاً بسبب زواجهم من أكثر من امرأة. ولمواجهة الظاهرة، أوصى التقرير بمضاعفة الجهود لإنفاذ القانون الجنائي والمدني ضد مخالفة تعدد الزوجات. ويحظر القانون الإسرائيلي تعدد الزوجات، ولكنه لا يلغيها بعد إقامة مراسم الزواج. وأوصى التقرير بالعمل على إحداث تغيير توعوي تقوده المحاكم الشرعية ضد الظاهرة وبإنشاء 800 حضانة خلال أربع سنوات، وتطوير مناطق صناعية، وبعدم ترقية عاملين وموظفين في القطاع العام لديهم أكثر من زوجة، وبعدم قبول عاملين وموظفين جدد متزوجين من أكثر من امرأة، وبإقامة برامج جديدة لتعزيز الاستقلال الاقتصادي للنساء في الأسر متعددة الزوجات، وبوضع برامج خاصة للنساء المتضررات من تعدد الزوجات. ولكن التقرير يقترح وضع اتفاق مؤقت لفترة تستمر عدة سنوات يتم بموجبه السماح بالزواج من امرأة ثانية في ظروف استثنائية. ففي إحدى توصياته، يقترح التقرير توسيع صلاحيات المحاكم الشرعية بتشريع زواج ثانٍ في أربعة حالات استثنائية: مشاكل عقم، مرض شديد بما في ذلك الأمراض النفسية، زواج أخ من أرملة أخيه، وزواج بَدَل، وذلك بشرط أن تكون هنالك موافقة من الزوجة الأولى. وفي هذه الحالات، يُعفى الرجل متعدد الزوجات من المحاسبة الجنائية.

أسباب الظاهرة

كشف تقرير اللجنة الوزارية أن ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمع البدوي منتشرة لأن الإسلام يسمح بها، كما أنها مرتبطة بالمكانة الاجتماعية للرجل، وبالرغبة في زيادة حجم العائلة والقبيلة، وخضوع النساء للرجال، إضافة إلى ظاهرة الزواج المتبادل خوفاً من الطلاق وخسارة الأطفال. وتلد النساء البدويات في المتوسط 5.5 أطفال. ويكون عدد الأطفال في العائلات متعددة الزوجات أكبر بكثير.
الحكومة الإسرائيلية تقرر محاربة ظاهرة تعدد الزوجات بين بدو النقب "لأسباب سياسية في الوقت الذي بدأت فيه هذه الظاهرة في التراجع"
تعدد الزوجات بين بدو النقب يعني التخلي عن المرأة الأولى وعن أطفالها، إلى درجة أنهم يعانون أحياناً من الفقر المدقع... ولكن الحكومة الإسرائيلية قررت محاربتها الآن "لأسباب سياسية"
ولدى 56% من عائلات بدو النقب 10 حتى 19 طفلاً، أي نحو 10 أطفال لكل امرأة، وهناك عائلات مؤلفة من 20 حتى 25 طفلاً، وهذه العائلات هي الأكثر فقراً وضعفاً وجهلاً. ويعني الزواج من امرأة أخرى التخلي عن المرأة الأولى وعن أطفالها، إلى درجة أنهم يعانون أحياناً من الفقر المدقع، ويتعرضن للعنف الجسدي، ويعانين من مشاكل نفسية خطيرة. فالنساء البدويات مستضعفات ويعتمدن على الرجال ومخصصات التأمين الاجتماعي في إسرائيل. ويشير التقرير إلى أن وضع الزوجات الثانيات صعب أيضاً، فالكثيرات منهن فلسطينيات لا يمتلكن الجنسية الإسرائيلية، ولا يستطعن معارضة الزوج، ويتم التعامل مع بعضهنّ كخادمات.

رأي الناشطات العربيات

في جلسة عقدتها اللجنة البرلمانية للنهوض بمكانة المرأة والمساواة الجندرية برئاسة النائبة عايدة توما-سليمان (عن الجبهة – القائمة المشتركة) في التاسع من يوليو، نوقش تقرير اللجنة الوزارية، بمشاركة شاكيد وبلمور وآخرين. وأوضحت توما-سليمان أن "الجمعيات النسوية العربية قادت نضالاً طويلاً منذ التسعينيات ضد ظاهرة تعدد الزوجات"، ولكن "حكومات إسرائيل رفضت على مدار هذه السنوات التعاون مع الجمعيات النسائية والنسوية التي وضعت خطط وآليات لمحاربة هذه الظاهرة". وبرأيها، فإن الحكومة الإسرائيلية الحالية "اختارت أن تقرر محاربة الظاهرة الآن لأسباب سياسية في الوقت الذي بدأت فيه هذه الظاهرة في التراجع". ودعت إلى التعامل مع أسباب انتشار الظاهرة وعدم "استعمال القضية لمآرب سياسية". ورفضت تجاهل التقرير للسياق السياسي الذي يعيشه المجتمع البدوي في النقب، والسياق السياسي الذي يحرك وزراء اليمين، وقالت: "المجتمع البدوي في النقب يعاني منذ عشرات السنين من سياسات التهميش وعدم الاعتراف وتبعيات هذا الأمر على جميع المناحي الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، لهذا على أيّ حل أن يتعامل بشكل جدي مع التمييز البنيوي الذي عانى منه المجتمع البدوي عامة والنساء البدويات خاصة". من جانبها، أبدت رئيسة لجنة العمل من أجل المساواة في قضايا الأحوال الشخصية آية زيناتي رفضها لـ"أية توصيات تتطرق إلى توسيع صلاحيات المحاكم الشرعية لإتاحة تعدد الزوجات مهما كانت المسببات". ووافقتها توما-سليمان على ذلك مضيفةً أن "الجمعيات النسائية والنسوية في المجتمع العربي ككل والمجتمع البدوي يرفضن التوصية بشأن توسيع صلاحيات المحاكم الشرعية بتشريع زواج ثانٍ في بعض الحالات". وأقرت إيمي بلمور بأن تجاهل الحكومات الإسرائيلية على مدار أجيال للظاهرة جعلت مكانة المرأة البدوية في النقب الأضعف في المجتمع الإسرائيلي كله. وكانت الناشطة البدوية راوية أبو ربيعة قد نشرت مقالاً في صحيفة "هآرتس"، انتقدت فيه توصيات اللجنة الوزارية بتخويل المحاكم الشرعية السماح بالزواج من امرأة ثانية في حالات استثنائية. واعتبرت أن هذه التوصيات "ستحول هذا الزواج إلى شرعي وقانوني بشكل كامل وستضاعف من انتشار الظاهرة أيضاً داخل المجتمع العربي كله في إسرائيل وليس بين البدو فقط، ما يضعف من مكانة المرأة بدلاً من تعزيزها وتقويتها".
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard