شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"على الفلسطينيين أن يفاوضوا أو يصمتوا ويكفّوا عن التذمّر"... تصريحات منسوبة إلى بن سلمان تثير الجدل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 2 مايو 201811:43 ص
"منذ 40 عاماً، والقيادة الفلسطينية تفوّت الفرص، إذ رفضت جميع المقترحات التي قُدّمت لها. لقد حان الوقت كي يقبل الفلسطينيون الاقتراحات والعروض، وعليهم العودة إلى طاولة المفاوضات، أو فليصمتوا ويكفوا عن التذمّر"... هذا ما نسبت القناة العاشرة الإسرائيلية إلى وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان قوله خلال اجتماعه مع بعض القيادات اليهودية في الولايات المتحدة أواخر مارس الماضي خلال جولته الأمريكية. الاجتماع، الذي كشفت عنه وسائل الإعلام في حينها، بقي ما دار خلاله سرياً، إلى أن خرجت القناة الإسرائيلية برواية لما قاله بن سلمان خلاله، مشيرةً إلى أنه هاجم القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس. وبحسب القناة، توجه ولي العهد للقادة اليهود بالقول إن "القضية الفلسطينية ليست الأولوية القصوى للمملكة ولا للرأي العام بل هناك قضايا أكثر أهمية وأكثر إلحاحاً كالصراع مع إيران"، مستدركاً: "على الرغم من ذلك، لا بدّ من تحقيق تقدم حقيقي نحو اتفاق مع الفلسطينيين قبل أن يصبح ممكناً تعزيز التطبيع بين السعودية والعالم العربي مع إسرائيل".

"مفاجأة" بين القيادات اليهودية

وفق ما أفادت به القناة، فإن تصريحات بن سلمان تركت القيادات اليهودية التي اجتمعت معه "تحت وطأة المفاجأة" نظراً إلى ضراوة انتقاده للفلسطينيين. ويعود تاريخ الاجتماع إلى السابع والعشرين من مارس الماضي، وفق تقرير القناة التي لم تذكر أسماء مَن حضروا الاجتماع، لكن الصحافة الإسرائيلية كشفت أن من التقى بهم بن سلمان كان من بينهم رؤساء لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك) والاتحادات اليهودية لأمريكا الشمالية ورابطة مكافحة التشهير والمنظمة العالمية للدفاع عن اليهود ومنظمة "بناي بريث" الإسرائيلية.
لقد حان الوقت كي يقبل الفلسطينيون الاقتراحات والعروض، وعليهم العودة إلى طاولة المفاوضات، أو فليصمتوا ويكفوا عن التذمّر"... هذا ما نُسب إلى محمد بن سلمان قوله خلال اجتماعه مع بعض القيادات اليهودية
أثارت تصريحات بن سلمان ردود فعل مختلفة، لا سيما وأنها ليست المرة الأولى التي تُنقَل عنه تصريحات من هذا القبيل بشأن القضية الفلسطينية وإسرائيل
ونسبت القناة العاشرة معلوماتها إلى دبلوماسي إسرائيلي يعمل في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، قال إنه سمع ملخصات الاجتماع ممن حضروه، وإلى مصادر أخرى اطلعت على مجرياته. وقد نقل أحد المصادر عن المجتمعين أنهم تفاجأوا بشدة من كلام بن سلمان، مستخدماً عبارة "سقطوا عن كراسيهم" للتعبير عن وقع الكلام السعودي عليهم. وفي الثامن والعشرين من مارس، التقى بن سلمان باثنين من قادة الكنيسة الكاثوليكية وثلاثة من قادة الديانة اليهودية. وقالت السفارة السعودية في بيان آنذاك إن "اللقاء شدّد على الرابطة المشتركة بين جميع البشر، بما يؤكد أهمية التسامح والتعايش والعمل معاً من أجل مستقبل أفضل للبشرية جمعاء". وضمت المجموعة التي التقاها ولي العهد رئيس اتحاد اليهودية الإصلاحية الحاخام ريتشارد جاكوبس ورئيس الكنيس المتحد لليهودية المحافظة الحاخام ستيفن ويرنيك ونائب رئيس الاتحاد الأرثوذكسي آلان فيغن.

ردود فعل بين منتقد ومشكّك

أثارت تصريحات بن سلمان ردود فعل مختلفة، لا سيما وأنها ليست المرة الأولى التي تُنقَل عنه تصريحات "صادمة" بشأن القضية الفلسطينية وإسرائيل. وأتت العناوين العريضة في وسائل الإعلام الإسرائيلية على شاكلة "ولي العهد السعودي ضد الفلسطينيين" ويتهم قيادتهم بإضاعة الفرص لأكثر من 40 سنة، لتستبق انطلاق أعمال الدورة العادية لـ"المجلس الوطني الفلسطيني"، وهي الأولى منذ العام 1996، ويدور حولها الكثير من الجدل والمناكفات. واعتبر الكاتب والخبير في الشأن الصهيوني حسن لافي أن "أخطر ما جاء في حديث ولي العهد السعودي هو تخطيه حتى للمواقف الفجّة التي تتبناها حكومة الاحتلال، وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في ما يخص الصراع الممتد من عقود". وأضاف قائلاً: "الإسرائيلي اليوم قلق بسبب المتغيرات الحاصلة في المنطقة، وما حصل في نيويورك هو عبارة عن رسالة طمأنة من جانب السعودية للكيان الغاصب ومَن يقفون خلفه، مفادها أن المنظومة الرسمية العربية ستصطف إلى جانب الرؤية الأمريكية الخاصة بمستقبل المنطقة، وحتى لو عارض الفلسطينيون صفقة القرن فإنه بالإمكان تجاوزهم". وأشار لافي إلى أن بن سلمان سبق أن اقترح بلدة "أبو ديس" الفلسطينية كعاصمة بديلة عن القدس المحتلة، فضلاً عن أنه تحدث غير مرة حول جدوى الانفتاح بين الرياض وتل أبيب، وبات ينشط لأجل تسريع حدوث ذلك. وانتقدت الإعلامية غادة عويس، بدورها، تصريحات بن سلمان، بينما يستعد ترامب لتمرير صفقة القرن.
في المقابل، شكّك عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني في صحة التسريبات، محذراً من "خطورة" التعامل مع الأنباء الواردة من الإعلام الإسرائيلي بهذا الخصوص. وقال مجدلاني إن "مثل هذه الأنباء ما هي إلا محاولة للدسّ والتشويه والتأثير على العلاقات الفلسطينية السعودية، لخدمة أغراض الاحتلال الإسرائيلي الساعي إلى خلق حالة تشكيك وعدم ثقة بين الفلسطينيين والعرب"، موضحاً أن القيادة الفلسطينية "تتعامل مع الأشقاء في السعودية من موقع الثقة الدائمة واستناداً إلى ما تبلغ به رسمياً في اللقاءات الثنائية أو ما تبديه المملكة من التزام عالٍ تجاه القضية الفلسطينية في اجتماعات الجامعة العربية".

رسائل متعدّدة

كان وليّ العهد السعودي قد أكد بعد أيام من لقائه القيادات اليهودية، في حوار مع مجلة "اتلانتيك" الأمريكية، أن بلاده تتقاسم المصالح مع إسرائيل، لافتاً إلى أنه في حال التوصل إلى سلام في المنطقة، فسيكون هناك "الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي". كما نقل جيفري غولدبرغ، الذي أجرى المقابلة، أن بن سلمان قام بـ"الاعتراف بحق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة قومية خاصة به إلى جانب دولة فلسطينية…"، وهو "حق لم يعترف به أي زعيم عربي أبداً"، حسب وصف غولدبرغ. وتأتي التصريحات التي نسبتها القناة العاشرة إلى بن سلمان في وقت تقترب فيه ذكرى النكبة وموعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، على وقع إعلان ترامب الأخيرة عاصمةً لإسرائيل. وبينما كانت القمة العربية الـ29 قد حملت عنوان القدس كرسالة رمزية، مع أن الأزمة مع قطر طغت عليها، إلا أن الإشارات على التقارب السعودي مع إسرائيل لم تتوقف في المرحلة الماضية، ومنها السماح للخطوط الهندية بمباشرة أولى رحلاتها إلى إسرائيل عبر الأجواء السعودية، في خطوة أنهت عقوداً من الحظر السعودي لاستخدام المجال الجوي للمملكة في مثل تلك الرحلات. وكان بن سلمان قد قال في المقابلة مع "أتلانتيك" إن "إسرائيل تملك اقتصاداً كبيراً مقارنة بحجمها، وهذا الاقتصاد متنام، وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard