شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
من هو رجل الأعمال الأثيوبي الذي لا يزال معتقلاً في السعودية؟

من هو رجل الأعمال الأثيوبي الذي لا يزال معتقلاً في السعودية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 21 مارس 201806:22 م

صحيح أنّه تمّ إطلاق سراح الكثير من المعتقلين الذين احتجزتهم السعودية في نوفمبر الماضي في فندق "ريتز كارلتون" على خلفية تهم بالفساد، إلّا أنّ مصير الآخرين لا يزال مجهولا.ً ومن بين هؤلاء اسم تداولته الصحافة مؤخراً واصفة إيّاه بمالك معظم أثيوبيا.

"أنا مستثمر سعودي، وُلدت في أفريقيا لأم أثيوبية أفتخر بها، لديّ علاقة خاصة بالبلد الذي ولدت فيه، لذلك أقوم بالاستثمار في كل أفريقيا، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً"، هكذا عرّف هو عن نفسه في أحد خطاباته عام 2014، ولكنّ من هو هذا الرجل بالتحديد؟ وما علاقته بالسلطة السعودية؟

اسمه محمد حسين العمودي من مواليد أثيوبيا عام 1946. ابن رجل أعمال يمني وأم إثيوبية، هاجر إلى السعودية في سن المراهقة حيث صار مواطناً سعودياً في ستينيات القرن الماضي.

تُقدّر ثروته بنحو 13.5 مليار دولار ويعمل في شركاته نحو 40 ألف شخص، كما صُنّف كثاني أغنى رجل عربي حسب مجلة فوربس الأمريكية عام 2008.

لا يوجد معلومات دقيقة عن كيفيّة تحوّل هذا الرجل إلى ملياردير، لكن ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" يوضح أنّه على الرغم من أنّ العمودي ليس من سلالة الأمراء السعوديين، إلا أنّه كان لاعباً أساسياً في المملكة وله علاقات وطيدة بحكام سعوديين سابقين.

في السعودية حيث صار مليارديراً

انتقل العمودي إلى السعودية عندما كان في الرابعة عشر وعمل هناك على تكوين علاقات مؤثرة، قد يكون أهمها علاقته الوطيدة مع الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان وزيراً للدفاع وولياً للعهد قبل وفاته عام 2011. ومن هناك أدار العمودي، حسب الصحيفة الأمريكيّة، أعمالاً اعتمدت على أموال الأمير ومنصبه.

INSIDE_SheikhMohammedHusseinAlAmoudi2

وعلى خط آخر، كوّن العمودي علاقات وطيدة مع الملياردير السعودي الشهير خالد بن محفوظ، الذي ارتبط اسمه بـ"بنك الاعتماد والتجارة" الذي انهار عام 1991.

وفي بداية الثمانينيات، أسَّس العمودي شركات "محمد الدولية للبحوث والتنظيم" وهي مجموعة معروفة باسم "ميدروك"، بينما كان أكبر صفقاته مشروع بمليارات الدولارات لتخزين النفط تحت الأرض في المملكة، لتصبح الهندسة والبناء من الأعمال الرئيسية لمجموعة "ميدروك" التي تُعنى أيضاً بأعمال أخرى مثل الصيدلة ومصانع الأثاث في المنطقة.

بالإضافة إلى هذه المجموعة، يمتلك العمودي نصف شركة للحديد تسمى "ينبع" وسلسلة كبيرة من محطات الوقود تُعرف بـ"نفط".

وكان الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز من الداعمين لشركة العمودي المسماه "سعودي ستار"، وهي عبارة عن مشروع زراعي مترامي الأطراف في أثيوبيا تمّ إنشاؤه خصيصاً لمدّ السعودية بالأرز.

نفوذه وصل إلى الولايات المتحدة

مثله مثل الوليد بن طلال، امتدّ نفوذ العمودي إلى الولايات المتحدة الأميركية عن طريق مؤسسة كلينتون إذ تبرَّع لها بملايين الدولارات، وقدّم طائرته الخاصة لتنقل بيل كلينتون إلى أثيوبيا عام 2011، الأمر الذي أثار جدلاً داخل المؤسسة الأمريكيّة.

كوّن علاقات مميّزة مع الأمير سلطان بن عبد العزيز، تبرّع بملايين الدولارات لمؤسّسة كلينتون ومقرّب من الحزب الحاكم في أثيوبيا التي يملك معظم أراضيها...من هو رجل الأعمال الذي لم يُفرج عنه مع معتقلي "ريتز كارلتون"؟
مع أن العمودي قام ببناء مستشفى في أديس أبابا وتمويل برامج خاصة لعلاج الإيدز، لكنّ الناس تراه كمتموّل سعودي أكثر منه مواطناً داعماً لشعبه، وقد احتفت المعارضة باعتقاله في السعودية

وكان اسم العمودي ظهر إلى العلن بعد ثلاث سنوات من هجمات 11 سبتمبر، وتحديداً في الدعوى قضائية التي رفعها مالك مركز التجارة العالمي واصفاً فيها العمودي بأنَّه راعٍ مادي للإرهاب الدولي بسبب تمويله جمعيات خيرية إسلامية مثيرة للجدل.

لاحقاً، أُسقطت الدعوى بعدما اتفق الطرفان على حلّها بعد عام، حين قال متحدث باسم العمودي بأنَّ الأمر ليس إلا خطأ في تحديد الهوية.

مقرّب من الحزب الحاكم في أثيوبيا

يصفه حلفاؤه في أثيوبيا بالخيّر والبطل والداعم للتنمية في أفريقيا، فيما يعتبره المعارضون داعماً للسلطة ومستغلاً لثروات البلاد وتحديداً في مشاريعه التعدينيّة.

يُعتبر العمودي شخصيّة نافذة في أثيوبيا، حتى أنّ موقع "ويكيليكس" نشر عام 2008 برقية مسربة تؤكد أنَّ كل مؤسسة تقريباً ذات قيمة نقدية أو استراتيجية كبيرة جرت خصخصتها منذ عام 1994 انتقلت من ملكية الحكومة الأثيوبية إلى إحدى الشركات التي يمتلكها العمودي.

ويقول سيماهاغن غاشو أبيبي، أستاذ مساعد في الدراسات الدولية، إن سجن العمودي قسَمَ الرأي العام، وفي حين أفرح الاعتقال المعارضة على اعتبار أن ذلك سيُضعف النظام بقوة، كان الأمر خسارة بالنسبة للحزب الحاكم.

وكان دعم العمودي للجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الأثيوبية، التي حكمت البلاد على مدى أكثر من ربع قرن، أكثر الأمور التي تغضب المعارضة. ومع أنه قام ببناء مستشفى في أديس أبابا وتمويل برامج خاصة لعلاج الإيدز، لكنّ الناس تراه كمتموّل سعودي أكثر منه مواطناً داعماً لشعبه، لاسيّما بسبب عمليات التعدين في إقليم أوروميا الإثيوبي والتي أثارت استياء السكان وأدّت إلى احتجاجات انتهت بحملات اعتقال.

INSIDE_SheikhMohammedHusseinAlAmoudi

ويرتبط اسم العمودي كذلك بسدّ النهضة الأثيوبي باعتباره أحد الداعمين له. وقد أعلن رسمياً، في سبتمبر 2011، تعهده بدفع نحو 88 مليون دولار لصالح السدّ، واصفاً إياه بأنه "مشروع بنيوي وطني". ونتيجة لدوره في تحريك الاقتصاد الإثيوبي والتنمية المستدامة من خلال شركاته، كان أن كرمته جامعة أديس أبابا بمنحه درجة الدكتوراه الفخرية في الفلسفة عام  2011.

"بالتأكيد، ستفتقده الحكومة والأشخاص المحيطون بها. لكنَّني متأكد أنَّ الناس في إقليم أوروميا لن يفتقدوه أبداً، لأنَّهم يشعرون بأنَّه سلبهم مواردهم الطبيعية"، هذا ما يقوله هينوك غابيسا وهو زميل أكاديمي زائر بكلية الحقوق في جامعة واشنطن، مضيفاً:"حرفياً، يصنع وجوده أو غيابه فارقاً هائلاً في أثيوبيا".

أين هو اليوم؟

حين جاء اسمه من بين المعتقلين ضمن حملة مكافحة الفساد، قيل إن العمودي يواجه تهماً بالتورط في الفساد والحصول على اعتمادات بلغت قيمتها 4 مليارات دولار من صندوق الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي لأجل تمويل مشاريع زراعية للأرز في إثيوبيا، وبناء رصيف مينائي في إريتريا لتصدير هذا الأرز إلى السعودية، في وقت لم يتم الوفاء بإنجاز هذه المشاريع، حسب مصادر سعودية.

لا أحد يعرف مكان العمودي حالياً لكنه بالتأكيد في الإعتقال، حسب ما نقلت "نيويورك تايمز" عن مكتبه الإعلامي الذي أكد أنه كان في "ريتز كارلتون"، موضحاً أن"عائلته قالت إنه تم نقله إلى جانب آخرين إلى فندق آخر ...لسوء الحظ نحن لا نعرف أين هو ولكنّه على اتصال دائم بأسرته ويُعامَل بشكل جيد".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard