شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لماذا استعجل وليّ العهد السعودي إجراء التغييرات في مناصب الجيش الحسّاسة؟

لماذا استعجل وليّ العهد السعودي إجراء التغييرات في مناصب الجيش الحسّاسة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 28 فبراير 201807:19 م

تغييرات في السعودية. أصبحت تلك العبارة مرادفة لذكر اسم محمد بن سلمان الذي أصبح في يونيو الماضي ولياً للعهد وكاشف العالم برؤيته للسعودية 2030.

تغييرات عسكرية جديدة هذه المرة، بطلب مباشر من وليّ العهد الذي يتولّى وزارة الدفاع في الوقت عينه، بناء على "وثيقة لتطوير وزارة الدفاع المشتملة على رؤية واستراتيجية للتطوير"، حسب ما علّقت القيادة السعودية.

طالت التغييرات، الذي أعلن عنها بن سلمان قبل يومين، ثلاثة من أبرز قادة الجيش. أُحيل رئيس هيئة الأركان العامة عبد الرحمن بن صالح البنيان إلى التقاعد ليتولى نائبه فياض بن حامد الرويلي الرئاسة، بينما أُعفي قائد قوات الدفاع الجوي محمد بن عوض سحيم من منصبه ليتولاه تركي بن بندر. وأصبح فهد الله عبد الله المسير قائداً للقوات البرية بدل فهد بن تركي الذي تولى قيادة القوات المشتركة.

في مقابلة لبن سلمان مع ديفيد إغناسيوس، نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، دافع الأمير عن سياساته باعتبارها "علاجاً بالصدمة" كانت تحتاجه السعودية. وعن التغييرات في القيادة العسكرية، قال إنها "كانت قيد التخطيط منذ سنوات بهدف تحسين النتائج المرصودة من الإنفاق الدفاعي، لا سيما وأن المملكة تُعدّ رابع أكبر منفق على قطاع الدفاع في العالم".

في الظاهر، لا تخالف الإجراءات السعودية النهج الذي ترسم أي دولة على أساسه خططها الأمنيّة، فـ"تلك التغييرات اعتياديّة، لكن الأزمة تكمن في توقيتها"، حسب ما كتبت الباحثة السعوديّة مضاوي الرشيد.

مشكلة التوقيت ليست وحدها ما أشارت إليه الرشيد، بل الشكل أيضاً. "الهزات هي الطريقة التقليدية التي يعتمدها الحاكم السعودي لتوزيع المناصب بين أفراد العائلة المالكة داخل بيروقراطية الدولة، لكن لا يمكن أن تكون دليلاً على إصلاح فعليّ"، حسب الرشيد.

فكيف يمكن قراءة ما وُصف بضخّ الدماء الجديدة في مناصب عسكريّة حساسة، في ظلّ ظروف خاصة تعيشها المملكة على المستويين الداخلي والخارجي؟

الحرب على اليمن

تقترب الحرب في اليمن من دخول عامها الثالث، في ظل استمرار التحالف العسكري الذي تقوده السعودية بدعم من الرئيس عبد ربه منصور هادي ضد الحوثيين.

التطوّر العسكري الذي أظهره الحوثيون بقدرتهم على استهداف العمق السعودي، مقترناً بالتنديد الواسع بالأزمة الإنسانية التي تسببت بها الحرب، جعل المملكة في مرمى الانتقادات لجهة الفشل في تحقيق أهدافها من تلك الحرب، لا بل التسبّب بكارثة إنسانيّة كبيرة.

مؤخراً أعلنت السعودية عن مساعدات مالية جديدة لليمن بقيمة 1.5 مليار دولار، بينما تأتي التغييرات العسكريّة كمحاولة ضخ روح جديدة من أجل كسب الحرب، وتحقيق أهداف السعودية منها، والتي تمحورت حول ضمان العُمق الاستراتيجي لليمن ومواجهة النفوذ الإيراني هناك، فضلاً عن تحييد خطر الحوثيين عن المملكة.

ورأى الباحث سايمون هندرسون أن الجواب الأساسي عن سبب التغييرات العسكريّة هو اليمن، وقد وجد أنها تدل على تخبط السعودية في الحرب اليمنية، لكنه قال "لا أعرف ما إذا كانت تعني تغييراً في سياسة السعودية في الملف اليمني أم أن هؤلاء سيصطدمون بجدار الفشل نفسه".

كيف يمكن قراءة ما وُصف بضخّ الدماء الجديدة في مناصب عسكريّة حساسة في السعودية؟

الزيارة الأوروبيّة

"لم تعد الحرب تحظى بشعبية في الشارع السعودي فحسب، بل شوّهت صورة بن سلمان في الخارج"، يقول ريتشارد سبنسر في صحيفة "التايمز"، لافتاً إلى أن "تعيين أمراء جدد في مواقع حساسة داخل الجيش قد يعطي للأمير ثقة إضافيّة قبل مغادرته البلاد".

وتأتي هذه التغييرات قبل أيام قليلة على زيارة وليّ العهد بريطانيا للمرة الأولى، ضمن جولة له تشمل باريس وواشنطن، في حين "يشعر مستشارو الأمير بالتوتر والقلق من الطريقة التي سيتم فيها استقبال ولي العهد، خاصة في بريطانيا، حيث تخطط جماعات لاحتجاجات تنتقد تدخل السعودية في اليمن"، حسب سبنسر.

يُشار كذلك إلى وقوع خلافات بين السعودية وبعض الدول الغربية، خاصة ألمانيا التي علّقت تصدير أسلحتها للسعودية احتجاجاً على طريقة إدارة الحرب في اليمن، وهو ما جعل بن سلمان يعوّل على زيارته للعواصم العالميّة من أجل عرض سياسته الجديدة في المؤسسة العسكرية السعودية، كي لا يتكرّر ما حصل مع ألمانيا.

الصورة المناسبة... والقويّة

"يبدو النظام السعودي يائساً من أجل بثّ شعور جيّد حول كلّ ما يقدم عليه، لا سيما وأن المراقبين يشككون في استقرار المملكة وفي الحكمة وراء العديد من التغييرات الأخيرة التي حصلت، مثل الجدوى من محاربة الفساد والوعد بإنهاء اعتماد المملكة على النفط"، وفقاً لوصف الرشيد.

تندرج التغييرات الأخيرة ضمن سعي وليّ العهد، ومعه الملك، لرسم صورة إيجابيّة عن السعودية، وتأتي في سياق داخلي يتحوّل باستمرار. بدءاً من الحديث عن نقلة نوعية في الاقتصاد، وصولاً إلى البدء بانفتاح اجتماعي على أصعدة مختلفة جديدة على السعوديين.

"لا يعني فتح باب العسكر أمام النساء أن نراهن يتجولن على الحدود السعودية اليمنية بالزيّ العسكري، ولا يعني بطبيعة الحال إيكالهن حراسة القصر الملكي أو المنشآت النفطيّة الحيويّة" تقول باحثة السعودية

تجلّى ذلك بشكل أساسي في ما يتعلق بالنساء، من السماح لهن بالقيادة، إلى فتح ملاعب كرة القدم وصالات السينما أمامهن، وصولاً إلى تعيين امرأة في منصب مهم، وهي تماضر بنت يوسف الرماح التي أصبحت نائبةً لوزير العمل والتنمية الاجتماعية، وهو أمر وصفه المحللون بـ"نادر الحدوث" في السعودية.

وتزامناً مع التغييرات العسكرية، أعلنت مديرية الأمن العام السعودية فتح باب القبول والتسجيل لعدد من الوظائف العسكرية النسائية برتبة جندي في سبع مناطق في المملكة، في إطار سياسات تحرير المرأة السعودية وإشراكها في الوظائف العامة والخاصة.

"اللعب على العامل الجندري يبدو مهماً للسعودية التي تضعها وكالات الأمم المتحدة والمستثمرون الأجانب ووسائل الإعلام الغربيّة تحت المجهر في موضوع تمكين المرأة"، حسب الرشيد.

ومع ذلك، كما تقول الباحثة السعودية، لا يعني فتح باب العسكر أمام النساء أن نراهن يتجولن على الحدود السعودية اليمنية بالزيّ العسكري، ولا يعني بطبيعة الحال إيكالهن حراسة القصر الملكي أو المنشآت النفطيّة الحيويّة.

على صعيد آخر، نقلت وكالة أنباء "أسوشييتد برس" عن المحلل المتخصص في أمن الخليج في مجموعة "راند" بيكا واسر قوله إن التغييرات ليست متعلقة فقط بحرب اليمن وإنما بمحاولة تحسين أداء الجيش وتدريبه وتغيير قياداته واستبدالها بأشخاص مستعدين لسماع أفكار جديدة".

وربط البعض بين الرؤية الجديدة لمحمد بن سلمان كوزير للدفاع وبين تعزيز مكانته وقوته في السعودية وداخل العائلة الملكية تمهيداً لوصوله إلى سدة الحكم رسمياً في المستقبل. ولفتت صحيفة "الغارديان" إلى سعي بن سلمان إلى تعزيز قبضته على السلطة في الاشهر الاخيرة، عبر إجراءات مختلفة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard