شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
هل تخوض إسرائيل حرباً ضد حزب الله كرمى لعيون السعودية؟

هل تخوض إسرائيل حرباً ضد حزب الله كرمى لعيون السعودية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 18 نوفمبر 201712:21 م
في اليوم نفسه الذي أعلن فيه رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من الرياض، عبر كلمة متلفزة وجّه فيها انتقادات شديدة لإيران متوعداً بقطع أياديها في المنطقة، اعترضت السعودية صاروخاً أُطلق من اليمن باتجاه مطار الملك خالد. هذان الحدثان كانا كفيلين بسكب المزيد من الوقود على العلاقة المتوترة بين الرياض وبين طهران وحزب الله في لبنان. سارعت المملكة على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير إلى القول إن الصاروخ صناعة إيرانية، هُرّب إلى اليمن حيث جمع أجزاءه خبراء في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. وانبرى وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، للقول إن بلاده ستتعامل مع الحكومة اللبنانية على أنها "حكومة إعلان حرب". دفعت هذه التطورات الدراماتيكية السابقة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى القول إن لديه معلومات تفيد بأن السعودية طلبت من إسرائيل ضرب لبنان. تلك التصريحات أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الإسرائيلية ودفعت إلى التساؤل حول احتمال تورّط إسرائيل في حرب مع حزب الله بسبب السعودية. وانبرى المحللون الإسرائيليون إلى تفكيك منظومة المصالح المتشابكة في المنطقة، والتي يمكن أن تقود تل أبيب إلى عمل عسكري أو تحول دون وقوعه.

جدل إسرائيلي

علّق الباحثان الإسرائيليان بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يوئيل جوزنسكي وإلداد شابيت، في ورقة تقدير موقف حول التطورات الأخيرة بالقول إن حزب الله لن يتخلى عن خطواته الحذره تجاه إسرائيل في الوقت الحالي، وأضافا أن الحزب لا يرغب حالياً في تدهور الأوضاع بينه وبين إسرائيل. جدلية العلاقة بين المصالح السعودية والإسرائيلية وارتباطها بالإدارة الأمريكية دفعت المحلل الإسرائيلي في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إلى القول في مقال له تحت عنوان "صراع السعودية مع إيران من شأنه توريط إسرائيل في حرب مع لبنان"، إن إسرائيل وجهت سفراءها في الخارج بضرورة دعم وجهة النظر السعودية في ما يتعلق باستقالة الحريري، لافتاً إلى أنها والسعودية تعتبران إيران عدواً مشتركاً، وهما محبطتان من الضغف الغربي في مواجهة تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. وتطرق هرئيل إلى مقال كتبه السفير الأمريكي السابق لدى تل أبيب، دان شابيرو، في النسخة الإنكليزية من صحيفة هآرتس، طرح فيه سؤالاً هو: "هل تدفع السعودية إسرائيل إلى حرب مع حزب الله وإيران؟". وأشار شابيرو إلى أن نجاح الرئيس السوري بشار الأسد في البقاء بالسلطة، جعل المملكة العربية السعودية تحاول نقل ميدان القتال من سوريا إلى لبنان. وتابع شابيرو أن السعودية كانت تتوقع أن تسير الأمور على النحو التالي: "تجبر استقالة الحريري حزب الله على مواجهة انعكاسات الأزمة سياسياً واقتصادياً في لبنان، ما يدفعه نحو المبادرة إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل من أجل توحيد الشعب اللبناني حوله". وحذّر شابيرو من أن تتحول إسرائيل إلى أداة مناورة في يد المملكة العربية السعودية من أجل مواجهة مبكرة للغاية.
محللون إسرائيليون: المصالح الإسرائيلية والسعودية تلتقي عند نقطة مواجهة حزب الله وإيران. فهل تخوض تل أبيب حرباً ضد حزب الله نيابةً عن الرياض؟
تحليلات إسرائيلية: تل أبيب لن تذهب للحرب في سوريا أو لبنان من أجل السعوديين، لكنها يمكن أن تنجرّ إليها
وألمح المحلل الإسرائيلي إلى احتمال وجود تحالف أمريكي - إسرائيلي - سعودي، إذ أشار إلى مقال كتبه دوف زاخيم في مجلة "فورين بوليسي" قال فيه إنه إزاء القادة الثلاثة، محمد بن سلمان وبنيامين نتنياهو ودونالد ترامب، كل الاحتمالات مفتوحة. وأضاف: "الثلاثة يخططون لشيء ما، وعلى ما يبدو خطة للضغط على إيران". وأكد هرئيل أن إسرائيل تتحرك حالياً في ظل ظروف حساسة للغاية في منطقة الشرق الأوسط، فنجاح الأسد في الحرب بسوريا، والوجود الروسي المتزايد هناك، بالإضافة إلى النفوذ المتزايد لإيران، خلقت وضعاً جديداً غير واضح الملامح، ولذلك ترى هيئة الأركان الإسرائيلية أن هناك حاجة ملحة إلى تحديد أدوات اللعبة التي تحافظ على حرية العمل العسكري الإسرائيلي في الجبهة الشمالية. لكن تلك الأوضاع تعزز أيضاً بشكل دراماتيكي من خطر تدهور غير مخطط له في الأوضاع نتيجة خطأ بسيط في الحسابات يُخرج الأمور عن السيطرة، وإذا ما قامت السعودية بتذكية النار بين الطرفين عن عمد، فإن هذا من شأنه أن يخلق خطراً ملموساً، كما قال. المخاوف الإسرائيلية من انجرار تل أبيب إلى مواجهة غير محسوبة مع حزب الله، جعلت الكاتب عوديد غرانوت يؤكد في مقال له بصحيفة "يسرائيل هايوم" أن تل أبيب ليست طرفاً في المواجهة السنية -الشيعية التي تقسم العالم الإسلامي، على الرغم من أن مصلحتها في كبح جموح حزب الله وإيران تتلاقى مع مصلحة السعودية. وأضاف أن الحريري ما هو إلا إحدى أدوات الحرب المريرة التي تدور في الشرق الأوسط بين قوتين إقليميتين، السعودية السنية وإيران الشيعية وأذرعهما، حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والمعارضة في سوريا. وتابع أنه على الرغم من تلاقي المصالح السعودية والإسرائيلية في ما يتعلق بمواجهة إيران وحزب الله، فإن تل أبيب لن تذهب للحرب في سوريا أو لبنان من أجل السعوديين، لكنها يمكن أن تنجرّ إليها إذا ما ظهر تهديد حقيقي على أمنها مثل زيادة ترسيخ الوجود الإيراني في كلتا الدولتين. في السياق ذاته، دفع التقاء المصالح الإسرائيلية والسعودية الكاتب عوده بشارات للقول إن نتنياهو وآل سعود يجمعهما الفساد: نتنياهو دعم الموقف السعودي في اختطاف رئيس وزراء دولة بالمخالفة للأعراف الدبلوماسية وهو وحكومته غارقان في الفساد، وآل سعود اعتادوا شراء كل شيء بالمال. علّق نتنياهو على استقالة الحريري بقوله إنها تمثل صيحة يقظة لمواجهة العدوانية الإيرانية، وتبيّن في النهاية أن السعودية هي التي تتعامل بعدوانية بحسب قول بشارات.

كيف تفاعلت الصحافة الإسرائيلية مع التطورات الأخيرة بين السعودية ولبنان؟ بحث في منظومة المصالح المتشابكة في المنطقة والتي يمكن أن تقود تل أبيب إلى عمل عسكري ضد حزب الله أو تحول دون وقوعه

لكن ما قاله بشارات قد يتعارض مع رأي رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية "أمان"، عاموس يادلين، الذي قال في معرض تعليقه على أزمة استقالة الحريري، إن لإسرائيل حسابات الخاصة في ما يتعلق بهذا الأمر، وأضاف :"علينا أن نعمل بهدوء". يفسّر عاموس هرئيل في مقال بصحيفة "هآرتس" تحت عنوان "إسرائيل ليست متعجلة للقيام بالعمل القذر للمملكة السعودية" ما ذهب إليه يادلين، إذ أشار إلى أن إسرائيل، بخلاف هجومها العلني على إيران، لم تتطرق إلى الحديث عن التقديرات والاتهامات بعمل مشترك بين السعودية وإسرائيل ضد إيران وحزب الله. في المقابل، لم يتم اتخاذ أية إجراءات لتعزيز الاستعدادات العسكرية عند الجبهة الشمالية، والتي يمكن أن تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لعمل ما في الوقت الحالي. وبرأيه، السعوديون فقط هم المهتمون بهذا الأمر، أما إسرائيل فليس لها مصلحة مباشرة في المواجهة العسكرية. ولفت هرئيل إلى أن السعودية عوّلت على عمل عسكري إسرائيلي مرتين في ما مضى، الأولى حين كانت تأمل بقيام تل أبيب بقصف المنشآت النووية الإيرانية، والثانية حين أملت بالتدخل الإسرائيلي في الحرب بسوريا، لكنها خذلت في المرتين. وحذّر البروفيسور يارون فريدمان من أن إسرائيل ستدفع ثمن أي عمل عسكري ضد لبنان. وكتب في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن ضربة عسكرية للبنان قد تتم عن طريق البحر، لكن الأمر سيقابل بمعارضة شديدة من الروس، وهي عملية معقدة للغاية، وإذا تمت فإن إسرائيل هي التي ستدفع الثمن، لأن رد فعل حزب الله سيكون بلا شك إطلاق نيران كثيفة جداً على إسرائيل. لكن محلل الشؤون العسكرية بموقع "والا" الإسرائيلي، آفي يسخاروف، استبعد قيام حزب الله بالهجوم على إسرائيل، وكتب في مقال له بالموقع "هل قصف الطيران السعودي لحزب الله سيؤدي إلى رد من حزب الله على إسرائيل؟" وأجاب: "من الصعب قول ذلك في الوقت الراهن، حزب الله غير مستعجل للدخول في مواجهة مع إسرائيل، وخاصة عندما تكون السعودية هي التي تقود التصعيد وليس تل أبيب". خلاصة الجدل الإسرائيلي هي أن المصالح الإسرائيلية والسعودية تلتقي عند نقطة مواجهة حزب الله وإيران، وترتبط بشبكة أوسع من المصالح مع حلفاء إقليميين ودوليين من أجل إعادة رسم الشرق الأوسط، لكن التقاء تلك المصالح لن يدفع إسرائيل إلى الدخول في مواجهة مع إيران أو حزب الله من أجل عيون السعودية، ما لم تقم الأخيرة عن عمد بإذكاء التوتر بين إسرائيل وحزب الله أو إيران، وتجبر إسرائيل على الانجرار رغماً عنها إلى مواجهة عسكرية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard