شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الرسائل التي يحملها قرار حجب أمريكا المساعدات عن مصر...

الرسائل التي يحملها قرار حجب أمريكا المساعدات عن مصر...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 24 أغسطس 201701:38 م
أثار الخبر الذي نشرته وكالة رويترز حول قرار الولايات المتحدة الأمريكية بوقف مساعدات مقدارها 290 مليون دولار لمصر، جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية، ولكن ما هي الرسائل التي يحملها هذا القرار الصادم للحكومة المصرية؟ بحسب ما نشرته رويترز أمس الثلاثاء، فإن مصدرين وصفتهما الوكالة بالمطلعين قالا إن الولايات المتحدة قررت حرمان مصر من مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار بالإضافة إلى تأجيل صرف 195 مليون دولار أخرى. السبب الكامن وراء ذلك بحسب المصدرين اللذين لم تسمِهما رويترز هو أن مصر لم تحرز تقدماً ملموساً في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية. ووصف المصدران القرار بأنه يدل على رغبة لدى واشنطن في مواصلة التعاون الأمني، لكنه يبين أيضاً أن هناك إحباطاً من تعامل النظام المصري الحاكم في ما يتعلق بالحريات المدنية. ويبدو أن موافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون الجمعيات الأهلية الجديد في مايو الماضي، والذي وصف في وسائل إعلام عدة بالمثير للجدل، كان سبباً رئيساً وراء موقف الإدارة الأمريكية.

رسالة خطيرة

يرى المحلل السياسي المصري محمد حامد أنه رغم أن العلاقات المصرية الأمريكية تطورت بدرجة كبيرة في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، فإن ملف حقوق الإنسان الذي وصفه حامد بالملف الثقيل يحتاج من القاهرة مزيداً من الجهد. ويقول حامد لرصيف22 إن العمل على ملف "محاربة الإرهاب" الذي تقوم به الحكومة المصرية يجب ألا يتعارض مع ملف حقوق الإنسان. ويصف حامد قرار الولايات المتحدة بأنه "قرار طبيعي يأتي في إطار العلاقات الدولية المبينة في الأساس على المصالح، فمن مصلحة مصر الحصول على مساعدات ومن مصلحة أمريكا أن يكون هناك تحسن في حقوق الإنسان في المنطقة". والرسالة التي يحملها هذا القرار "خطيرة للغاية" بحسب حامد، فهي إشارة للنظام المصري بحاجته لعمل توازن بين محاربة الإرهاب وحقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة باعتبارها دولة مؤسسات لن تقبل التهاون في ما يتعلق بهذا الملف. وكان مسؤولون أمريكيون قد عبروا عن عدم رضاهم على موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دخول قانون الجمعيات الأهلية حيز التنفيذ. ويرى حقوقيون ونشطاء أن القانون يصعّب من عملهم، ويهدف لوقف عمل المنظمات التي يقوم الكثير منها بالكشف عن انتهاكات حكومية، ومنها جميعات تعمل على محاربة التعذيب في أقسام الشرطة. ويرى حقوقي مصري –لم يرغب في ذكر اسمه- أن الرسالة الأهم التي يحملها القرار هي أن أمريكا لن تقبل بحليف يدوس حقوق الإنسان. والرسالة الأهم، بحسب الحقوقي، هي أن العالم لن يصمت طويلاً على كل التجاوزات التي يقوم بها النظام المصري بحجة "محاربة الإرهاب". ويقصر القانون المثير للجدل نشاط المنظمات الأهلية على العمل التنموي والاجتماعي بينما يفرض عقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات على المخالفين له. وبحسب رويترز، فإن الإدارة الأمريكية ستحجب المساعدات عن مصر لأنها غير قادرة على إثبات إحراز الحكومة المصرية أي تقدم في مجال حقوق الإنسان.
يبدو أن موافقة السيسي على قانون الجمعيات الأهلية الجديد في مايو كان سبباً وراء موقف الإدارة الأمريكية
ما الرسائل التي يحملها قرار حجب أمريكا المساعدات عن مصر؟
بحسب رويترز، ستحجب الإدارة الأمريكية المساعدات عن مصر لعدم إحراز الأخيرة أي تقدم في حقوق الإنسان

مصر "تأسف" للقرار

في موازاة ذلك، قالت الحكومة المصرية في بيان رسمي خرج من وزارة الخارجية (مقرها القاهرة) اليوم الأربعاء أنها تشعر بالأسف لتخفيض برنامج المساعدات الأمريكية لها. ووصف البيان الذي اطلع رصيف22 على نسخة منه القرار بأنه "يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الإستراتيجية التي تربط البلدين على مدار عقود طويلة، واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها". ووصف البيان القرار بأنه "خلط للأوراق بشكل قد تكون له تداعياته السلبية على تحقيق المصالح المشتركة المصرية الأمريكية". وأضاف البيان أن مصر تأمل في أن تتعامل الولايات المتحدة في ما يتعلق ببرنامج المساعدات المقدم لها "من منطلق الإدراك الكامل لأهميته لمصالح البلدين". وبعد البيان مباشرة، تم إلغاء اجتماع كان مقرراً عقده اليوم بين جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي وبين وزير الخارجية المصري سامح شكري. ويقول بعض المراقبين إن هذا القرار من الممكن أن يعيد تشكيل العلاقات المصرية الأمريكية من جديد.

العلاقة القوية بين السيسي وترامب لا تكفي

من وجهة نظر هشام عوف وكيل مؤسسي الحزب العلماني المصري، فإن القرار الأمريكي قد لا يكون مؤثراً بشكل مباشر بسبب أن الجزء الذي سيتم حجبه من المساعدات كان موجهاً في الأساس لدعم المجتمع المدني. لكن التأثير الحقيقي للقرار، بحسب عوف، هو وضع مصر في خانة الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان أو على الأقل التي لا تقوم بمجهود حقيقي لتحسين سجلها فيه. ويرى عوف أن هذا القرار قد تترتب عليه قرارات أوروبية مماثلة في الاتجاه نفسه، وهو ما سيؤدي إلى ترسيخ صورة ذهنية عن مصر باعتبارها دولة لديها مشاكل وهذا سيؤثر بالتدريج على قرارات الاستثمار، وربما قرارات السفر للسياحة، وهو بصفة عامة دعاية سيئة لمصر. "الفكرة أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وصناعة القرار فيها معقدة ولديها دستور ومبادئ حاكمة، وهو ما يعني أن مجرد العلاقة القوية بين السيسي وترامب لا يعني أن هناك علاقة قوية بين البلدين"، يقول عوف. وبحسب عوف فإن المطلوب من مصر هو تواصل أكبر مع الكونجرس ومع المؤسسات السياسية والمراكز والإعلام في أمريكا، والأهم أن تقوم بتحسين وضع حقوق الإنسان والحريات المنتهكين من قبل الدولة والمجتمع وبعض القوانين. 

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard