شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
فصول من الرعب لا تنتهي في تونس... كواليس الحياة تحت رحمة حكم الطوارئ

فصول من الرعب لا تنتهي في تونس... كواليس الحياة تحت رحمة حكم الطوارئ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 17 فبراير 201708:04 م

الفصل الأول: اقتحام المنازل وتفتيشها عشوائياً

"لقد دُمرّت حياتي، وثمة مثلي الكثير. كلنا ضدّ الإرهاب ونريد المساعدة في هذا الأمر، لكن مكافحة الإرهاب لا تبرّر الاعتداء على الناس. هذا ظلم. ماذا تتوقعون من الناس أن تفعل؟ ستهرب أو تنتحر". سفيان، معتقل سابق.

"حضر العديد من عناصر الشرطة حوالي الساعة الثالثة أو الرابعة بعد الظهر. حاولت أمي إعطاءهم المفاتيح لكنهم كسروا الأبواب. أتلفوا المفروشات في المنزل. كسروا كل الأبواب الداخلية ومن بينها الذي يؤدي إلى شقة أخي المنفصلة. لم يكن في المنزل لكنهم اعتقلوه لاحقاً. ساقوا زوجته معهم وهددوه بأن يأخذوا بناته أيضاً للضغط عليه في التحقيق". محمد، شاهد عيان.

"كان زوجي نائماً وكنت خائفة على ولديّ عندما سمعنا ضجة في الخارج، طلبت منهما عدم إشعال الضوء والاقتراب من النوافذ. وفي حوالي الساعة الثانية فجراً، سمعنا صوتاً قوياً أقرب إلى صوت القنبلة. دخل رجال مسلحون، شعرنا بالرعب ظناً أنهم إرهابيين. سألتهم عن هويتهم فلم يجيبوا، وتوجهوا مباشرة إلى غرفة ولديّ. كانوا حوالي العشرة، وجهوا السلاح إلى زوجي وبدأوا بالبحث. أجبروا ابني على الركوع وهم يهددونه ويهددوني بالسلاح. أنهوا البحث وقالوا إنهم سيتوجهون إلى منزل الجيران. قبل رحيلهم أخذوا هواتف الولدين وساقوهما معهما واعدين بإعادتهما قريباً إذا ثبتت براءتهما. بعد ربع ساعة، عاد ابني الأول وتبعه الثاني بعدما سجلوا اسميهما ورقميهما وجميع الأرقام الموجودة على هاتفيهما". سيدة من منطقة حلق الوادي.

الفصل الثاني: مداهمة منازل مشتبه بهم واعتقالات

"أخبروني مراراً أن ولدي قد مات لكنهم يستمرون بالقدوم إلى المنزل والسؤال عنه. يأتون في أوقات مختلفة من الليل والنهار. في بعض الأحيان، يأتون ليلاً ويأخذوني للإجابة عن أسئلة حول ابني. في إحدى المرات، داهموا المنزل ووجدوا لدينا خبزاً فاتهمونا بأننا نطعم الإرهابيين. ساقوا زوجتي معهم إلى مركز فرقة مكافحة الإرهاب (العوينة) للسبب نفسه. أخذوها لاحقاً إلى المحكمة لكن القاضي أطلق سراحها. هي سيدة عجوز ولم تكن تعرف ماذا تفعل فجلست تبكي في الشارع، إلى أن وجدتها سيدة عابرة وساعدتها في العودة إلى المنزل". محمد صحراوي سليمي، والد مشتبه به.

"أتوا للبحث عن أحمد، شقيقي، وهو إمام مسجد معروف في المنطقة. أمروني بالركوع مصوبين أسلحتهم إلى رأسي، سألوني عن أحمد فقلت لهم إنني لا أعرف مكانه الآن. لم يصدقوني واقتحموا غرفته، فتشوها ثم فتشوا المنزل بأكمله. ساقوني مع شقيق آخر لنا إلى التحقيق في مركز الشرطة في بنقردان، بدأوا بالتهديد وأودعونا في السجن لمدة يومين. لم يسمح لنا بإجراء أي اتصال. ضربوني وسكبوا علي سائل تنظيف بعدما قالوا إنني وسخ وبحاجة للغسيل". شقيق أحمد، إمام المسجد.

الفصل الثالث: اعتقالات بسبب المظهر

"أتى الشرطي إلى مكان عملي، ناداني وطلب مني أن أحضر بطاقة هويتي معي. اتهمني بأنني كنت فظاً معه وساقني إلى مركز الشرطة في بن عروس. هناك سألني عن لحيتي وعن سبب ارتدائي لقميص. بعدها اتهمني بالمشاركة في الاعتداء على حرس الرئيس واضعاً إصبعيه في عيني. لم أتحمل ذلك، قاومت فحضر شرطي آخر وضربني. وضعوني على الأرض وبدأوا الضرب على رأسي. في المساء، نقلوني إلى المستشفى وحققوا معي لمدة ساعة من الوقت، وانتهوا إلى اتهامي بالانتماء إلى خلية إرهابية. بقيت خمس أيام رهن الاحتجاز قبل أن يطلقوا سراحي بعدما رأى القاضي أن أسباب إدانتي غير مقنعة". نورالدين عياري، 29 عاماً، موظف في معمل رخام في بن عروس.

"أنا أتعرض دائماً للإهانة. في بعض الأحيان، يوقفوني في الشارع مرتين خلال اليوم نفسه. أتى عناصر الشرطة إلى مكان عملي وحاولوا إجبار السيدة التي أعمل لديها في محل بيع السندويشات على طردي. كل ذلك ولم يجدوا أي شيء ضدي، سوى شكلي الخارجي". محمد رزقي.

"حضروا في المساء ولم يجدوني. فتحت أمي الباب لكنها طلبت منهم الانتظار كي تستر نفسها، لم يردوا عليها واقتحموا المنزل. في المرة الثانية كنت في المنزل، أخذوني معهم، وحققوا معي حول قراءاتي والبرامج التي أشاهدها على التلفاز وعما إذا كنت أصلي وأي مسجد أرتاد. لم يسمحوا لي بقراءة محضر التحقيق ثم ألزموني بالتوقيع على إفادتي وأنا معصوب العينين". سفيان، اسم مستعار.

000_IE657_AFP000_IE657_AFP

الفصل الرابع: التعذيب

"الحيوانات تعامل بشكل أفضل. كنت أتعرض للضرب حتى أفقد الوعي، بعدها يصبون علي الماء ويعاودون الكرة. عندما كانوا يتوقفون عن ضربي، كانوا يجبرونني على الوقوف لفترة طويلة من دون أن يسمحوا لي بالنوم أو الأكل والشرب. كنا حوالي 13 أو 14 موقوفاً. كانوا يسألونني مراراً عما إذا كنت أعرف أحداً منهم. وعندما أقر بمعرفتهم لأنهم جيراني، يعاودون ضربي بحجة أنني أعرف إرهابيين. في إحدى المرات، ساقوني وحدي إلى مكتب للتحقيق كان فيه حوالي التسعة منهم، أجبروني على خلع ملابسي وربطوني في وضعية الدجاجة. ضربوني مجدداً وصعقوني بالكهرباء على خصيتي. ضربوني باستمرار بكل ما توفر من عصي وأسلاك وغيرها على أسفل ظهري وخاصرتي. لم يدعوني أرتاح أبداً". عمر، اسم مستعار.

"بدأ عناصر الشرطة بضربي في السيارة بعدما اعتقلوني، لكن الضابط أمرهم بالتوقف كي لا يلاحظ الناس ذلك، ووعدهم بإمكانية القيام بما يشاؤون عند الوصول إلى المركز… هناك ضربوني حتى فقدت الوعي".

"في إحدى المرات، غرزوا لي عصا في فتحة الشرج، بقيت عاجزاً عن الوقوف لمدة أسبوع بعد ذلك. ضربوني على رجلي ويدي، صبوا الماء البارد على رأسي. ما زالت الكوابيس تراودني حتى الآن". أحمد، أطلق سراحه في مايو 2016، لكن قضيته لا تزال مفتوحة.

"كل مرة كان يحين موعد زيارة عائلتي في المعتقل، كانوا يخبروني وأنا متوجه للقائهم أن عقوبتي ستكون الموت. أرادوا تدميري معنوياً".

"في الاعتقال، شعرنا أننا حيوانات. بالكاد كنا نحصل على الطعام، وعندما نحصل عليه كانوا يمنحوننا دقيقة من الوقت للأكل، بعدها يبدأون بإهانتنا، لا سيما المتهمين بالإرهاب ومن طالت لحيتهم. ثم يبدأون بشتم الله، وعندما يطلب أحد منهم التوقف كانوا يعلقونه بثيابه الداخلية في رواق السجن لمدة ثماني ساعات، يضربونه خلالها ويسكبون عليه الماء". أحد المساجين السابقين.

"منظمة العفو الدولية": نريد نهاية للخوف

كلّ هذا وأكثر حصل ويحصل في تونس، منذ إعادة إعلان حال الطوارئ التي تبعت الاعتداء على حافلة للحرس الرئاسي في نوفمبر 2015، والذي أدى إلى مقتل 12 عنصر منهم.

تحت ستار مكافحة الإرهاب، يحصل "التعذيب" و"الاعتقالات التعسفية" و"المداهمات الليلية" (أحياناً كثيرة بدون أمر) و"القيود على تحركات المشتبه بهم" و"المضايقات لأقربائهم" وأكثر.

أعادت "منظمة العفو الدولية" واقع العيش وسط حال الطوارئ في تونس إلى الواجهة، في ظلّ الصورة الإيجابية التي اكتسبتها كونها البلد الوحيد "الناجي" من "فوضى الربيع العربي".

لكن التقرير، الذي حمل عنوان "نريد نهاية للخوف"، سلّط الضوء على "أحداث تقشعر لها الأبدان"، رأى فيها مؤشراً إلى "ارتفاع مقلق لاستخدام أساليب قمعية ضد المشتبه بهم في قضايا إرهاب".

عن كثب، تابع التقرير قصص أكثر من 23 حالة تعذيب وسوء معاملة، وخلص إلى وجود آلاف الأشخاص الذين اعتقلوا، و5000 على الأقل تم منعهم من السفر، منذ إعادة العمل بحال الطوارئ في البلاد والتي تعيد التذكير "بشكل قاتم" بعهد زين العابدين بن علي، وتضع "التقدم الذي أحرز منذ ثورة 2011" في خطر محدق.

في النهاية، علّقت المنظمة على منح الهيئات المكلفة حفظ الأمن سلطة استثنائية للتصرف فوق القانون قائلة إنه "لن يتيح ضمان الأمن"، ومؤكدة أن بعض الحقوق الإنسانية، كحظر التعذيب، لا يمكن تعليقها مهما كانت الظروف.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard