شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"ثقوب في الرداء العربي" تحاول إسرائيل استغلالها لتغيير شكل الشرق الأوسط

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 30 يونيو 201701:32 ص
تشهد المنطقة العربية العديد من التحوّلات السياسية والإستراتيجية المرتبطة سواء بالأوضاع الداخلية في تلك البلاد، أو بتغيّر قواعد اللعبة الدولية، وتبدل أدوار القوى الدولة الفاعلة في المنطقة. هذه التطورات وتبادل الأدوار خلقا لدى الجانب الإسرائيلي ما وصفه محلل الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، جاكي حوجي، بـ"الفرصة التاريخية" السانحة لإسرائيل من أجل إعادة تغيير شكل منطقة الشرق الأوسط.

وضع مريح

يقول حوجي إن إسرائيل منذ أن وُجدت، لم تكن في مثل هذا الموقف. ويوضح أن كل الجيوش العربية المجاورة لا تريد وغير قادرة على استئصالها. وأضاف أن إسرائيل لديها اتفاقات سلام مع مصر والأردن، وأن الإرهاب الذي يواجه تلك الدول خلق نوعاً من التلاقي بين الطرفين العربيين وإسرائيل. في هذا السياق، يقول محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في موقع "والا" الإسرائيلي، أمير بوحبوط، إن صعود تنظيم داعش أدى إلى زيادة "التعاون" الأمني بين عمان وتل أبيب. ونقل الموقع عن مصادر أردنية مسؤولة قولها إن الجانبين يتعاونان في حماية حدودهما بهدف الحفاظ على الاستقلال الإقليمي. وأوضح بوحبوط أن صعود تنظيم داعش وانتشاره عند الحدود السورية - الأردنية، وعبور اللاجئين السوريين إلى الأردن، عززا التعاون الأمني بين الأردن وإسرائيل، وجعلا المصالح الأمنية للبلدين تلتقي في النهاية. وفي ما يتعلق بالجانب المصري، تؤكد إسرائيل على التعاون الأمني الوثيق بين الجيش المصري وبين أجهزة الأمن الإسرائيلية، على الرغم من تحذيراتها من تعاظم قدراته العسكرية خلال الفترة الماضية، خاصة أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" أنشأ وحدة متخصصة في مجال مكافحة الإرهاب الذي ينطلق من شبه جزيرة سيناء. ويذهب الباحث الإسرائيلي في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يورام شفيتسر، إلى أن كل معلومة استخباراتية تقدمها إسرائيل لمصر، وكل جندي وعتاد عسكري تسمح بإدخاله إلى سيناء يعزز المصالح الأمنية الإسرائيلية.

حماس وإيران وسوريا

الأمر الآخر الذي ترى إسرائيل فيه فرصة تاريخية لتغيير شكل المنطقة، وخلق شرق أوسط جديد هو حالة الاستنزاف التي يعيشها الجيش السوري، الذي أنهك في الحرب السورية، وفقد أكثر من ثلثي عدد طائراته، بالإضافة إلى انشغال حركة حماس بالمشاكل الداخلية في قطاع غزة، وانغماس حزب الله وإيران في الحرب السورية. وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية والإسلامية، مردخاي كيدار، في مقال بموقع "ميدا"، إن التطورات الأمنية التي تشهدها المنطقة حوّلت إسرائيل من "مشكلة" إلى "حل" بالمنطقة. وأضاف أن الوضع الصعب الذي يعيشه العالم العربي يمكن أن يمنح إسرائيل تقارباً إقليمياً أكثر من أي وقت مضى.
تعتبر إسرائيل أنها أمام "فرصة تاريخية" من أجل إعادة تغيير شكل منطقة الشرق الأوسط، وهي تغتنمها
تستغل إسرائيل كل ما يحدث في العالم العربي من كوارث لتقدم نفسها بصورة جديدة...
وأوضح الخبير الإستراتيجي بمركز "بيغن السادات" للدراسات السياسية والإستراتيجية "بيسا"، ياكوف عميدرور، أن التحالف الجديد الذي تبلور في سوريا خلال السنوات الماضية، ما بين حزب الله وإيران وروسيا، كان من شأنه أن يضع إسرائيل في مأزق، ما دفع في النهاية إلى التقاء مصالح تل أبيب مع مصالح دول عربية أخرى مثل السعودية، التي لا تربطها علاقات رسمية مع إسرائيل.

واقع جديد

يقول محلل الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، جاكي حوجي، إن كارثة كبيرة تمر اليوم على العرب، فالنظم مهددة، بينما تتعرض الأقليات للذبح أو الاقتلاع من منازلها، كما حدث انهيار في النظام الأسري، وفقد الأب سطوته على العائلة، بينما يسعى الأطفال الذين ليس لديهم مأوى للبحث عن ملجأ لهم، ويعثرون على هذا الملجأ في إسرائيل. الأقليات التي تحدث عنها حوجي، ضرب مثالاً عنها الأيزيديين في العراق، فقد أجرت صحيفة يديعوت أحرونوت لقاءً مع إبراهيم لقمان المتحدث باسم قوات الدفاع عن "سنجار"، وهي مدينة عراقية ومركز قضاء يقع في غرب محافظة نينوى شمال العراق وتسكنها أغلبية من الأيزيديين وأقلية من العرب والتركمان، وقال لها: "أهم شيء بالنسبة لنا في هذه المرحلة، هو بناء علاقات مع إسرائيل، أو حتى بناء مركز ثقافي يساهم في تعزيز العلاقات بين شعبينا". وتابع: "حتى عام 1946 كان يعيش في سنجار نحو 500 يهودي، ونحن حافظنا على ممتلكات هؤلاء اليهود، وهي موجودة حتى اليوم"، مضيفاً "لو كنا نعيش على الحدود عند إسرائيل، لما حدث لنا كل ما حدث هنا في سنجار".

فرصة تاريخية

يقول أستاذ السياسة الدولية والخبير في الشؤون السياسية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط وعضو شبكة مراكز الأبحاث الإستراتيجية بواشنطن، د. طارق فهمي، إن إسرائيل ترى حالياً أن هناك فرصة تاريخية لتغيير شكل المنطقة. وأضاف لرصيف22 أن هذه الرؤية يتم طرحها في إسرائيل بواسطة فريقين، الأول هو المحللون السياسيون وبيوت الخبرة مثل مراكز الأبحاث، والفريق الثاني يقوده بعض الوزراء من داخل الحكومة الإسرائيلية. وبيّن أن الإستراتيجية الإسرائيلية تقوم في هذا الخصوص على تقديم إسرائيل للمنطقة العربية بصورة جديدة، تعتمد على فكرة "السلام الاقتصادي" الذي يسبق أي سلام آخر، من خلال استغلال المناخ العام الذي تمر به المنطقة العربية، والمخاطر المشتركة التي تتطلب مراجعة السياسات القديمة، وبناء سياسات جديدة تعتمد على مساحات من التواصل، وهو ما اتضح في العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وبعض دول الخليج الأخرى. وفي ما يتعلق بقضية التواصل مع الأقليات في المنطقة العربية مثل الأيزيديين والأكراد، وبعض أطياف المعارضة السورية، أشار فهمي إلى أن تاريخ إسرائيل طويل في التواصل مع الأقليات، وغالباً ما تستخدمها لخدمة أهدافها الأمنية والسياسية. وأوضح فهمي أن نجاح إسرائيل في انتهاز تلك الفرصة التاريخية، يتوقف على قدرتها على اختراق الموقف العربي والانفتاح على الدول العربية من خلال إظهار الاستعداد لحل القضية الفلسطينية وفق المقررات الدولية. من جهته قال المحلل السياسي والخبير في شؤون الشرق الأوسط، عميد كلية روبرتاج، الدكتور حسن مرهج، إن هدف إسرائيل الأساسي هو جعل نفسها آمنة لـ100 سنة قادمة، وقد تحقق جزء من هذه الخطة من خلال تدمير الجيوش العربية القوية بدءاً من الجيش العراقي، والسوري، واليمني، والليبي، وإشغال الجيش المصري في محاربة الإرهاب. وأوضح مرهج لرصيف22 أنه في ما يتعلق بالقضية الإيرانية، فقد تم تصعيدها وجعل إيران الخطر الأكبر في المنطقة والعمل على التوتير الطائفي والتقارب مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، لأنه بعدما زرعت  أمريكا الخوف والرعب من إيران في قلوب دول الخليج والسعودية، بدأت هذه الدول تطلب الحماية والوصاية من إسرائيل وأمريكا. وفي ما يتعلق بالعلاقة مع الأقليات، قال مرهج إن الأكراد على تواصل مع  إسرائيل منذ الستينيات وتم  تدريب البيشمركة على أيدي خبراء عسكريين من إسرائيل، ولن يكون هناك أي جديد.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard