شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
غداً سيتظاهر المواطنون المصريون... ولكن أين القادة

غداً سيتظاهر المواطنون المصريون... ولكن أين القادة "الشعبيين"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 3 مايو 201606:20 م

ما فائدة أن تمتلك عوداً من الكبريت جرى استخدامه؟ لا شيء. سيكون مجرد عود غير صالح للاشتعال مرة أخرى. هكذا هو حال العديد من السياسين في مصر. فهنالك أشخاص كانوا قادة لبعض فئات الشعب، وأصبحوا الآن إما مؤيدين للسلطة، أو من أصحاب الشخصية الخجولة في انتقاد النظام.

بالعودة إلى ما قبل ثلاث سنوات، انحصرت أسماء أصحاب الشعبية اللافتة، بخلاف جماعة الإخوان المسلمين، بمحمد البرادعي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وحمدين صباحي، وأحمد شفيق. وكانت شعبية هؤلاء ترجع إلى أسباب عدة، من بينها ربما رفعهم راية الثورة والثوار (باستثناء شفيق ربما)، والقصاص للشهداء، وتوجيههم انتقادات لاذعة للسلطة القائمة متمثلة سواءً بالمجلس العسكرى أو بالإخوان المسلمين الذين خلفوه. وبطبيعة الحال، ما كانت هذه الشخصيات لتقوم بما قامت به بدون "صوت الميدان".

[br/]

اختفوا حين غضبت مصر

ما جرى في 15 أبريل 2016 أظهر الصورة على وجهها الحقيقي. أكدت تظاهرات الشباب المصريين رفضاً لـ"بيع" جزيرتي تيران وصنافير أن القادة ما هم إلا تابعين لحركة الشعب، ينتظرون أوامره، وبدونه هم "لا شيء".

ففي اليوم المذكور، خرجت أعداد كبيرة من المصريين رفضاً لتنازل النظام عن جزء من الأرض المصرية. رفع المتظاهرون صوتهم من الميدان مباشرةً لا عبر بيانات صحافية أو من خلف الشاشات. خرجوا غير آبهين بالتحذيرات من "البطش" والاعتقال. خرجوا دفاعاً عن وطن، لا بحثاً عن مكاسب شخصية.

15 أبريل كان اختباراً حقيقياً لقادة سابقين اتضح مدى فراغهم السياسي والثوري. فهؤلاء اكتفوا بإطلاق تصريحات خجولة تندد بالتنازل عن الجزيرتين، ثم صمتوا. لم يتظاهروا مع الناس أمام نقابة الصحافيين حيث ضاق المكان بآلاف المواطنين، ربما لضيق المكان وربما تحسباً لغضب سلطة "صديقة". بل إنهم لم يكتبوا حتى على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ما يحفّز الرافضين ويساندهم.

أما الإخوان المسلمون فقد شاركوا رافعين شعار "مرسي رئيسي"، في سلوك لا يساهم إلا في إثارة المزيد من الانقسام، وإعطاء الحجج للنظام لكي يمارس القمع.

كل الشخصيات السياسية تبحث عن مصالحها، ووحده الشعب يريد الكرامة. ولكن بعد وقت قد يعودون إلى ترداد الكلمات الرنانة من نوعية "الثورة مستمرة".

[br/]

الإخوان... تخاريف "جريح"

"مرسي رئيسي" هو شعار إخواني لا يزال يسيطر على عقول مؤيدي الجماعة، وربما أحلامهم، دون فائدة. مرت ثلاثة أعوام تعرضوا خلالها للعديد من الأزمات. خرجوا لبعض الوقت في مسيرات لم تجدِ سوى في إعطاء الحجج للنظام لكي يقمع الآخرين أيضاً.

ومع مرور الوقت انطفأت شرارة الجماعة إلى حين ظهور أزمة "تيران وصنافير" واصدارهم بياناً يعلّق على القضية. فعقب ظهور "انتفاضة" على مواقع التواصل الاجتماعي، غضباً من التنازل المصري عن الجزيرتين، أعلنت الجماعة نيتها المشاركة في التظاهرات، وقد رفض معظم الناشطين ذلك بل نددوا به، ليس رفضاً لوجودهم كأشخاص، ولكن رفضاً لاستغلال أزمة وطن وتحويلها إلى أزمة شخصية تتمثل في شعار "مرسي رئيسي".

[br/]

صباحي... المعارض "المؤيد"

قبل خمس سنوات، ظهر حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق والأسبق، كقائد وطني يبحث عن حقوق الفقراء ويتمسك بمبادئ الناصرية، بالإضافة إلى رفضه حكم "العسكر". وظهرت معارضته جلية، في عام حكم الإخوان. لكن بعد أحداث 3 يوليو ظهر بوجه آخر مرتدياً قناع البطل الأوحد الذي سيواجه حكم العسكر وينافس مرشحه في انتخابات رئاسية كان هو والجميع يعلمون سلفاً نتيجتها قبل أن تبدأ. واللافت أنه بعد ذلك انتقل إلى الوقوف بجانب النظام الحاكم حتى ينجح في إدارة البلاد، على حد تبريره.

تعرّض صباحي، بعد تحوّله الأخير وعقده اجتماعات مع قادة محسوبين على النظام، إلى هجوم شديد من كثيرين من مؤيديه السابقين. وبرغم ذلك لا يزال يظن أنه قائد لكتيبة المعارضة في مصر.

موقف صباحي من قضية الجزر تدرّج من انتقاد الحكومة ومطالبتها بالتراجع عن الخطوة التي اتخذتها إلى إعلانه رفض التنازل. ثم، وعلى إيقاع آلاف الأصوات المتظاهرة صار أكثر غضباً، وأقام مع سبعة آخرين دعوى قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، ضد الرئيس السيسي ورئيس مجلس الوزراء، للمطالبة بوقف تنفيذ العمل باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

وتحت غطاء "التحالف الديمقراطي" الذي يضم حركات سياسية تقود حملة شعبية بعنوان "مصر مش للبيع"، أعلن صباحي عن نيته المشاركة في تظاهرات 25 أبريل.

بعض المتابعين رأوا أن موقف صباحي الأخير جاء نتيجة ضغوط تعرض لها من أعضاء التحالف الذي يضم شخصيات شبابية ثورية قادت مسيرة الغضب الأولى، وعلّقوا أن مشاركته من عدمها لن تؤثر لا سلباً ولا إيجاباً.

في حوار تلفزيوني، رأى صباحي أن الدولة في حاجة إلى سياسات جديدة تحقق أهداف الشعب، كاشفاً عن مبادرة "لا تسعى لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ولا إسقاط الرئيس"، ومؤكداً أن النخبة فشلت في تلبية مطالب الثورة وأن أزمة النخبة في مصر تتمثل في أنها لا تقدم بدائل في السياسات ولا الشعارات. كان صباحي مصيباً في تشخيصه.

[br/]

أبو الفتوح... انتهت الصلاحية

عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، كان الأكثر جدلاً عند ظهوره الأول أمام الشعب وخروجه من كنف جماعة الإخوان المسلمين. كسب تعاطف أغلبية الشباب التي رأت فيه أملاً بدولة مدنية. حتى مَن اختلفوا معه كانوا يبادلونه التقدير، ربما لشخصه، أو لسياسته.

ولكن ماذا بعد رحيل الإخوان عن الحكم؟ ظل أبو الفتوح بعيداً عن الأضواء في انتظار حدث هام أو أزمة تمر بالبلاد. كان يخرج من حين إلى آخر ببيان صحافي يرفض فيه ممارسات النظام ثم يختفي من جديد. هكذا كانت معارضة أبو الفتوح.

وأخيراً، وصف أبو الفتوح حصول السعودية على جزيرتي "تيران وصنافير" بـ"الخطة الصهيونية"، متحدثاً عن دور إسرائيلى لإتمام الصفقة.

[br/]

البرادعي... الخجل لا يفيد

محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، لم يفقد في واقع الأمر كثيراً من شعبتيه لدى الشباب الثوري، ولكن طاله الكثير من اللوم، على مدار عامين مضيا، مع بعض التشكيك الذي وصل إلى حد التخوين واتهامه والعمالة، وذلك لأنه قبل بأن يكون جزءاً من السلطة التي تشكلت بعد 3 يوليو.

وبعد قراره الانسحاب من السلطة الانتقالية التي تشكلت بعد إقصاء الإخوان، صار مؤيدو السلطة الجديدة يخوّنونه أيضاً. عامان من التخوين اضطرا البرادعي إلى مغادرة البلاد.

العديد من الأزمات، والأحداث، واعتقالات الشباب، وانتهاكات حقوق الإنسان، وقمع الحريات... جميعها أحداث اكتفى البرادعي بالتعليق عليها بكلمات قليلة، عبر تويتر، وهي كلمات يراها الكثيرون ملهمة وتعبّر عن روح الثورة فيما يرى آخرون أنها "خجولة" إذا ما قورنت بمواقف النظام.

ومع أحداث "تيران وصنافير"، آثار البرادعي الجدل من جديد بعد نشر موقع "سي أن أن عربية" نسخة من وثيقة كتبها عام 1982 ويقول فيها إن الجزيرتين تقعان تحت الاحتلال المصري، والسعودية تدعي أنهما جزء من أراضيها.

هذا الخبر استخدمه الفريق المؤيد للتنازل عن الجزيرتين كحجة لتدعيم موقفه. ولكن الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية فسّر ما كان قد كتبه بطريقة مختلفة عمّا عرضع موقع "سي أن أن"، ثم اقترح حلاً لإنهاء الجدل بقوله: "بعيداً عن السياسة والعواطف، قد يكون المخرج اتفاق البلدين على تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة من الخبراء تسميها جهة محايدة لتبدي الرأي القانوني". ولكن الشباب المقتنعين بوجود صفقة لـ"بيع" الجزيرتين لم يعجبهم أن يأتي أحدهم ليتحدث عن حلول قانونية كأنّه يميّع قضيتهم.

[br/]

شفيق... "قائد" غير معارض

أحمد شفيق، المرشح الرئاسي ضد محمد مرسي، يعتبره كثيرون رجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. فشل في الانتخابات ولجأ إلى الإمارات منذ أربع سنوات، برغم أنه أثبت أنه صاحب شعبية كبيرة كشفت عنها الانتخابات الرئاسية لعام 2012.

قد تكون شعبية زائفة وما هي سوى أصوات التأييد للدولة العميقة التي تتكوّن من رجال الحزب الوطني ونظام مبارك، وهذا هو الأرجح. ولكن شفيق يرتدى قناع المعارض أحياناً ثم يخلعه سريعاً. وصف الانتخابات الرئاسية لعام 2014 بأنها "مسرحية" معروفة نهايتها مسبقاً، ثم تراجع سريعاً نافياً أن يكون قاصداً هذا المعنى.

وأخيراً، انتقد التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"، ليعود من جديد ويؤكد ملكية السعودية لهما. وبحسب تسريبات صحافية، قيل أنه تلقى تعليمات من قيادات إماراتية في "أبو ظبي" طالبته بالتراجع عن تصريحاته.

في الواقع لم يلتفت كثيرون إلى تصريحاته ولم تأخذ حجماً يؤدي إلى التأثير على غضب الرافضين، أو تحويل قبلة المؤيدين.

[br/]

مكاسب للمستقبل

أتت "جمعة الأرض" لتؤكد مجدداً أن المحرّك الحقيقي للأحداث لم يعد الإعلام التقليدي بل شاشات الموبايلات والكمبيوترات ومواقع التواصل الاجتماعي. كثيرة هي وسائل الإعلام لتي تجاهلت التظاهرات أو لم تعطها حقها ولكن المعلومات جرى تناقلها عبر الإعلام الاجتماعي.

أغلبية الذين قرروا النزول رفضاً لـ"بيع مصر" لم يشيروا إلى تصريحات أيّ من النخب لإثارة حماسة الشعب. في الحقيقة ما يحدث هو العكس. الجميع يحاول اللحاق بالشعب. الغاضبون من التنازل المصري حددوا هدفهم دون انتظار قائد أو ملهم يأتي لتوجيههم. نزلوا إلى الشارع وأوصلوا رسالتهم.

[br/]

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard