شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!

"المنع من السفر" عصا النظام لقمع معارضيه

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 28 يونيو 201606:49 م
يحمل حقائبه، يستقل سيارته متجهاً إلى المطار، يتقدم بجواز سفره، ينظر في ساعته، يتحدث إلى المسؤول: "أرجوك هتأخر الطائرة هتفوتني"، يأتي رجل في زي مدني ويقول له: "لو سمحت اتفضل معانا"، فين؟ "هتعرف الآن"، يدخل حجرة ويبدأ استجوابه: "رايح فين؟. وفي النهاية: "إنت اسمك مدرج ضمن قائمة الممنوعين من السفر من دون ذكر أسباب". وقائع وأحداث ضمن مسلسل لا تنتهي حلقاته، يرويها أبطالها لرصيف22. في الأيام الأخيرة تم منع من السفر حسام الدين علي، رئيس مجلس إدارة المعهد الديمقراطي، والناشط الحقوقي جمال عيد، والصحافي حسام بهجت، وأبو بكر خلاف نقيب الإعلام الإلكتروني، والصحافي عبد الحليم قنديل، والناشطة إسراء عبدالفتاح، والشيخ محمد جبريل، وغيرهم، وسط إدانات حقوقية ودولية.

الخوف والقلق

قال حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، إن السلطة القائمة تسعى من خلال قرار المنع من السفر إلى خلق حالة من الخوف المستمر لدى أي معارض، لتؤكد رسالة مفادها "الجميع معرضون للحبس والاعتقال". وأضاف بهجت: "الإجراءات التي يتبعها النظام الحالي لا تبدأ بالمنع من السفر ولا تنتهي بالاعتقال، بل تمتد إلى أكثر من ذلك"، موضحاً أننا أمام سلطة تمارس كل أنواع تقييد الحريات.

تشوية صورة النظام

وأكد بهجت أن منع النظام للمعارضين من السفر يقلل من نقل الصورة الحقيقية لما يجري في مصر، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات تشوه صورة النظام في الداخل والخارج. وأوضح أنه حتى الآن لم يتضح سبب منعه من السفر، لافتاً إلى أنه ذهب يوم 23 فبراير إلى مطار القاهرة متجهاً إلى الأردن للمشاركة في اجتماع للأمم المتحدة حول العدالة في العالم العربي، لكنه أبلغ أن اسمه مدرج في قائمة الممنوعين من السفر، بناء على طلب من النائب العام من دون أي تفاصيل. وتابع: "سافرت من قبل مرتين بعد تخلية سبيلي من مقر المخابرات الحربية، والنيابة العسكرية، في نوفمبر الماضي، فكيف سمح لي بالسفر، وبعد ذلك يجري منعي؟". واحتجزت النيابة العسكرية بهجت في نوفمبر الماضي بتهمة نشر أخبار كاذبة، على خلفية تقرير كتبه في موقع "مدى مصر"، لكن تم إطلاق سراحه بعد ثلاثة أيام.

إجراء بوليسي

وأوضح الناشط الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، أن منعه من السفر هو أحد الإجراءت البوليسية التي يلجأ إليها النظام الحالي، وتشبه الحبس العشوائي الذي شمل الكثيرين خلال الأيام الماضية

مش هديك معلومة روح أشتكي

وأضاف أن النظام يحاسب المختلفين معه في الرأي، لافتاً إلى أنه لم يتلقَّ رداً واضحاً عن أسباب منعه من السفر، رغم أنه تقدم بطلب إلى إدارة الجوازات والهجرة للاستفسار عن السبب، وكان الرد من ضابط الإدارة: "مش هديك معلومة روح اشتكي". وأكد أن هناك كوارث انتهاك لحقوق الإنسان تحدث كل صباح أسوأ من المنع من السفر. وقال: "حين توجهت إلى المطار في 4 فبراير أبلغت شفهياً أنني من ضمن الممنوعين من السفر، بدون أي معلومة إضافية". وشدد عيد على أن هناك حقائق وأرقاماً تؤكد أنه منذ عام 2011 حتى الآن، يوجد أكثر من 500 حالة منع من السفر، منها 250 حالة في عهد النظام الحالي". واعتبر أن النظام الحالي يذهب بتلك القرارات في ثلاث خطوات: "الانتقام من المختلفين معه سياسياً، والمنع بأمر قضائي لكنه أحياناً يكون مخالفاً ﻷنه يخرج من دون تحقيق، وآخرهم بلطجة من جهات الأمن لعدم وجود مساءلة قانونية من مؤسسات الدولة".

إسراء عبدالفتاح

أعلنت الناشطة السياسية إسراء عبدالفتاح أنها سلكت جميع الطرق القانونية، لكنها بعد مرور 14 شهراً حتى الآن لم تتلقَّ رداً صريحاً على قرار منعها من السفر. وقالت: "هذا يمثل نوعاً من البلطجة وفرض الرأي بالقوة، وانتهاكاً واضحاً من الدولة للنشطاء السياسيين والحقوقيين، من دون أي تبرير". وأكدت أن المنع من السفر ليس عقاباً بمفهومه القانوني، لكنه ضد حرية منصوص عليها في الدستور والقانون والمواثيق الدولية، لافتةً إلى أن تلك الإجراءات طالت العديدين، ولا تتوقف على فصيل بعينه معارضاً كان أو حقوقياً وناشطاً أو حتى صحافياً. وأشارت إلى أنها تلقت دعوة لحضور مؤتمر بيروجيا الدولي للصحافة، للتدريب على حرية الإعلام في إيطاليا في أبريل 2016 ، وقامت الجهة المنظمة بإرسال الدعوة إلى وزارة الخارجية المصرية، وأضافت: "وأنا في انتظار ردها أو رد أي جهة أخرى رسمية للإفصاح عن سبب منعي من السفر، الذي أجهله حتى الآن".

انعدام الشفافية وقمع للحريات

"انعدام الشفافية وقمع للحريات"، هكذا يرى أبو بكر خلاف نقيب الإعلام الإلكتروني واقعة منعه من السفر في 15 فبراير الماضي. وأكد أنه تم منعه من مغادرة البلاد على رحلة الخطوط العُمانية المتجهة إلى مسقط، إذ كان متجهاً إلى ماليزيا مروراً بسلطنة عمان، لإقامة دورات تدريبية عدة في الإعلام الإلكتروني، بناءً على دعوات من جهات تدريبية هناك.

احمد ربنا أنك هتروح بيتك

وقال خلاف: "أمن المطار أبلغني بإدراج اسمي في قائمة الممنوعين من السفر، وحين اعترضت كان الرد: ليس من اختصاصنا.. احمد ربنا أنك هتروح بيتك غيرك بناخده معانا في جهة غير معلومة وأنت عارف الباقي". مشيراً إلى أن قرار المنع هذا جاء من دون أي إنذار، ما يفسر الحالة الأمنية التي نعيشها حالياً، والتي تتسم بالضبابية وعدم الشفافية حتى في إبلاغ الممنوعين من السفر قبل التوجه إلى المطار. ولفت إلى أنه اتجه بعد ذلك إلى مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية لمعرفة السبب، خصوصاً أنه سافر من قبل إلى 14 دولة، لكنها الرحلة الأولى بعد تبرئته وخروجه من السجن الذي قضى فيه 178 يوماً، بتهمة نشر أخبار كاذبة. في مصلحة الجوازات شاهد عدداً كبيراً من الممنوعين من السفر، ليس لشخصهم بل لأن أحد أقاربهم ينتمي لجماعة الإخوان  المسلمين.

حقوقي"انتهاك"

وأكد الناشط الحقوقي حسن الشامي أنه ضد أي انتهاك لحقوق الإنسان، في التعبير عن الرأي أو السفر، مشيراً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت مبالغة من قبل الدولة في انتهاك حقوق الإنسان. وأضاف: "المادة 62 من الدستور تنص على أن حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أى مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه، ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون"، لافتاً إلى أننا نضرب بمواد الدستور، الذي وافق عليه الشعب، عرض الحائط. ورأى أن السلطات المصرية منعت، بلا سند قانوني، العشرات من المواطنين من السفر  طوال العام الماضي، بالتزامن مع تزايد إجراءات التضييق والترهيب من قِبل أجهزة الأمن، لإسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان ." وعن الأرقام الحقيقية لعدد الممنوعين من السفر، قال: "المنظمات الدولية والمصرية تتحدث عن عشرات الحالات، لكن لا يوجد إحصاء حقيقي ومنظم لعددها".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard