أمومة مع وقف التنفيذ
أمومة مع وقف التنفيذ
المحاكم الجعفرية تحرم مطلقات لبنانيات من أطفالهن
خيارات أحلاها مر: الحرمان من الأطفال، السجن أو اللجوء

تحقيق : سجى مرتضى

الخميس 28/3/2019

بصوت متهدج تخالطه لوعة الاشتياق تشكو سارة*: "غصبًا عني تنازلت عن بنتي مش برضاي". دموعها الغزيرة كانت تتساقط فتُبلل قطع ملابس صغيرة هي كل ما تبقى من ذكريات طفلتها زهراء* البالغة ست سنوات الآن.

قبل خمس سنوات، خضعت سارة لشرط زوجها مقابل موافقته على الطلاق، بالتوقيع على تنازل رسمي عن حقوقها الشرعية لدى محكمة صيدا الجعفرية، بما في ذلك حضانة رضيعتها حين كان عمرها سبعة أشهر. كان ذلك الخيار حلّها الوحيد للخلاص من معاناة وعنف في منزل الزوجية استمرا ثلاث سنوات.

بعد أن رضخت سارة لقرار المحكمة الجعفرية يبيح لها رؤية طفلتها لمدة ثماني ساعات فقط أسبوعيًا في غرفة صغيرة داخل منزل خال طليقها، اضطرت للتوقف عن الذهاب هناك "بسبب حضور طليقي ومحاولته التحرش بي واهانتي"، حسبما تستذكر. وحرمها أيضا من رؤية طفلتهما مرارًا، حسبما توثق لائحة جوابية (شكوى) قدمّها محاميها عام 2016.

تضمّن الطعن طلب سارة زيادة حق الرؤية من ثماني ساعات إلى يومين أسبوعيًا مع حق المبيت. بعد سنة، أصدرت المحكمة قرارها الشرعيّ بالموافقة على مبيت الطفلة ليلة واحدة فقط؛ من السبت إلى الأحد. ومع ذلك "لم أتمكن من رؤية طفلتي، لأن طليقي طعن بالقرار الأخير، بينما عجزتُ عن توفير نفقات المحاكم والمحامين لظروفي المادية القاسية"، تقول سارة وهي تمسح دموعها مجددًا.

قانون الحرمان

للطوائف في لبنان 15 قانونًا للأحوال الشخصية ومحاكمها الخاصة، فيما يتفاوت سن الحضانة من طائفة إلى أخرى.

سن الحضانة بحسب قوانين الأحوال الشخصية لدى الطوائف اللبنانية

الطائفة الشيعية
العمر للطفل الأنثى
7
العمر للطفل الذكر
2

بعض مواد الحضانة في دليل القضاء الجعفري:

المادة (348): الأم أحق بحضانة ولدها ذكراً كان أم أنثى في مدة حولي الرضاعة، فإذا انقضت مدة الرضاع فالأب أحق بولده الذكر، والأم أحق بابنتها حتى تبلغ سبع سنين من عمرها. ثمّ يكون الأب أولى بها من الأم.

المادة (349): لا يسقط حق الأم بالحضانة قبل مضي السنتين في الولد الذكر، أو قبل مضي سبع سنوات في الأنثى، إلا إذا تزوجت الأم بغيره أثناء المدة المذكورة. فلو تزوجت سقط حقها في الحضانة وكانت الحضانة للأب.

المادة (354): الحضانة هي تربية الولد وحفظه وتنظيفه والإشراف عليه.

المادة (355): إذا بلغ الولد رشيداً فليس لأحد عليه حضانة ولا ولاية حتى الأبوين، ويصبح مالكاً أمره، وله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما ذكراً كان أم أنثى.

المادة (357): لو شك في انتهاء مدة الحضانة يبنى على بقائها واستمرارها.

المادة (358): تثبت الحضانة للأم بشروط:
-أن تكون مسلمة إذا كان الولد مسلماً حكماً، فلا حضانة لغير المسلمة على ولدها المسلم.
-أن تكون عاقلة، فلا حضانة للمجنون ولو كان جنونها ادوارياً.
-أن تكون فارغة من حقوق الزوج غير أبي الولد كما سبق.
-أن تكون أمينة مستورة، لا يتعرض ولدها معها لضرر خلقي أو ديني، أو للتفريط في حفظه وتربيته.
-أن لا تكون مريضة مرضاً معدياً ساريًا كالسل والجذام ونحوهما.
-أن لا تسافر بولدها سفراً يحول دون ممارسة الأب حقه في ولايته عليه وإدارة شؤونه.

المادة (359): إذا انقضت مدة الحضانة أو أسقطت الأم حقها فيها، أو تزوجت، فليس للأب منعها من رؤية ولدها أو الاجتماع فيه، بل عليه أن يمكنها من ذلك.

الطائفة السنية
العمر للطفل الأنثى
12
العمر للطفل الذكر
12
الطائفة الدرزيّة
العمر للطفل الأنثى
14
العمر للطفل الذكر
12
الروم الأرثوذوكس
العمر للطفل الأنثى
15
العمر للطفل الذكر
14
الأقباط الأرثوذوكس
العمر للطفل الأنثى
13
العمر للطفل الذكر
11
الطائفة الإنجيليّة
العمر للطفل الأنثى
12
العمر للطفل الذكر
12
الأرمن الأرثوذوكس
العمر للطفل الأنثى
9
العمر للطفل الذكر
7
السريان الأرثوذوكس
العمر للطفل الأنثى
9
العمر للطفل الذكر
7
الطائفة الآشورية
العمر للطفل الأنثى
9
العمر للطفل الذكر
7
الطائفة الكاثوليكية
العمر للطفل الأنثى
2
العمر للطفل الذكر
2

ملاحظة: يمكن تجاوز القانون لصالح الأم أو الأب إذا قرر القاضي أن المصلحة الفضلى للطفل تقتضي ذلك.

المحاكم الجعفرية (محكمة عليا و20 محكمة ابتدائية) تطبق برعاية المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى - المرجعية الرسمية للطائفة الشيعية في لبنان- أحكام "دليل القضاء الجعفري"، النافذ منذ عام 1994، في ظل غياب قانون للأحوال الشخصية خاص بالطائفة. البند المتصل بشروط الحضانة في الدليل ينص على حق الأب في حضانة ابنه من عمر سنتين (مع انتهاء فترة الرضاعة) وابنته حين تبلغ السابعة من عمرها.

لكن فوق التعسف الواقع على المرأة في إطار القانون تضطر مطلقات للتخلي عن أبنائهن حتى قبل السن المحدّدة فيه، كما حدث مع سارة، ما يترك آثارًا نفسية على الأم والأطفال.

فبالاستناد إلى استبيان غير علمي شمل عينة من 54 سيدة منفصلة، وجدت معدّة التحقيق أن سبعًا من كل عشر نساء على عتبة الطلاق اضطررن للتخلي عن أبنائهن تحت الضغط. وتوصلت أيضًا إلى أن ثماني من كل عشر لم تطعنّ بقرار نزع الحضانة منهنّ "لأنهنّ يدركن أن المحكمة لن تمنحهنّ الحضانة قط". كما أكدت سبع من كل عشر استطلعت آراؤهن أنهن تعرضن لـ"ابتزاز" تراوح بين اشتراط التنازل عن الحقوق كافة وبين التهديد بالقتل.

نتائج استبيان استهدف 54 امرأة خسرنّ حضانة أطفالهنّ في المحاكم الجعفرية بلبنان:

ويخلو دليل القضاء الجعفري من ضمانات لحماية الأم في حال وقوع ضغوط عليها لمقايضة أطفالها مقابل الطلاق. وهكذا تُحرم مئات الشيعيات من أطفالهن في سن الطفولة المبكرة، وهم بأمس الحاجة إلى رعاية الأم وحنانها بسبب اشتراط الزوج تخلّي المرأة عن الحضانة مقابل الطلاق.

تباين بين النظرية والتطبيق

السيد علي فضل الله يرفض أن تصل "المرأة إلى مرحلة التنازل عن هذا الحق". لذلك يدعو المحاكم الجعفرية إلى حماية الزوجة من تعسف الزوج وشروطه أو "منحها حق الطلاق بنفسها". السيد فضل الله هو نجل المرجع الشيعي الراحل السيد محمد حسين فضل الله – من أهم رجال الدين الشيعة في لبنان – والذي تقضي الفتوى الدينية الخاصة به بأن "الأم أحق بحضانة الولد، ذكرًا كان أو أنثى، إلى عمر سبع سنين".
من جانبه، يرفض عضو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي بحسون تغيير الأحكام الشرعية. "ماذا نفعل؟ هل نأتي بشريعة جديدة؟ أم أن نؤمن بأن هذه الشريعة جاءت لمصلحتنا باعتبار أن من شرعها هو خالق البشر". ويرى الشيخ بحسون أن الحل يكمن في أن "تتمسك الأم المظلومة من زوجها بأسرتها، وتبقى مع أطفالها إذا خيّرت بينهم وبين الطلاق".
الشيخ محمد كنعان رئيس المحاكم الجعفرية في لبنان، رفض التعليق على مظالم المطلقات، وذلك في اتصال هاتفي أجرته معدّة التحقيق معه يوم 14 آذار/ مارس 2019، "الظرف غير مناسب للحديث في الموضوع، ولن أدخل في أيّ معمعة"، جاء ردّ الشيخ كنعان مقتضباً. وقبل ذلك أرسلت له معدّة التحقيق رسالة في 1 آذار/ مارس تتضمن طلبًا لإجراء مقابلة صحفية.
وفي الوقت الذي تصرّ فيه المحاكم الجعفرية على حرمان الأم من أطفالها بسن مبكر، عدّلت طوائف أخرى قوانينها حفاظًا على حق الأم في رعاية أطفالها، كالطائفة السنيّة التي رفعت سن الحضانة إلى 12 سنة للذكر والأنثى، والطائفة الدرزية التي رفعته إلى 14 عاماً للأنثى و12 عاماً للذكر. أما طائفة الروم الأورثوذوكس فعدّلته من 7 إلى 14 عاماً للذكر، ومن 9 إلى 15 عاماً للأنثى.

تعليق الطوائف على مسألة الحضانة

Trulli
القاضي الشيخ محمد عساف رئيس المحاكم السنيّة

الأم أحق بالحضانة من الأب لأنها هي من تستطيع التربية والتدريس والإشراف على أطفالها. ولو تجاوز الطفل 12 عامًا ورأى القاضي أن مصلحته في البقاء مع والدته، يبقيه معها، كما حدث في حالات كثيرة. وكنّا نتمنى على بعض الأخوة في المحاكم الجعفرية أن يجتهدوا لرفع السن، ولكن لديهم خصوصيات لا نتدخل فيها.

Trulli
الشيخ غسان الحلبي، مستشار مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز

لو لم تر الطائفة أنّه من الأسلم رفع سن الحضانة لما فعلته، وذلك استجابةً للمطالب الكثيرة دعمًا لحقوق المرأة والأم. وقضية الحضانة لدى بعض الطوائف، بحاجة إلى تفهم نفسي وعاطفي واجتماعي، ومعالجة حديثة، فالدين إذا لم يعزز المقاربة الانسانية وجعل الانسان يشعر بالعدل، يكون فيه أخطاء رهيبة في التطبيق.

دون المحاكم الطائفية

يستثني قانون الحق في الوصول إلى المعلومات في لبنان، المحاكم الطائفية من تقديم المعلومات إلى المواطنين؛ أي أن المحاكم الجعفرية غير ملزمة قانونًا بتقديم أيّ معلومات لمعدّة التحقيق، وهو ما يؤكده غسّان مخيبر النائب السابق ومقدّم مشروع القانون إلى مجلس النواب.

يُذّكر مخيبر بأن استثناء المحاكم الطائفية لم يكن موجودًا وإنما أضيف لاحقًا حين نُوقش القانون في مجلس النواب بدعوى أن "للمحاكم الطائفية صلاحيات دستورية مستقلّة بمعزل عن الإدارات الأخرى بما فيها المحاكم المدنية".

الأم.. الوطن الأوّل

في عام 2016، اضطرت كوثر* أم شيعية للهرب بطفلتها الوحيدة (خمس سنوات آنذاك)، إلى ألمانيا بعد أن منحت المحكمة الجعفرية طليقها حق الحضانة. "تعرضّت للكثير من الظلم والضرب على يد طليقي"، تقول كوثر، التي تخشى من وصوله إلى طفلتها حتى لا يمنعها من رؤيتها.

وبالإضافة إلى انتزاع الأب حضانة الرضع، غالبًا ما تمنح المحاكم الجعفرية حق رؤية للأم لا يتعدّى 24 ساعة أسبوعيًا، كما يَحرمُ العديد من الرجال الأم من رؤية أطفالها، في مخالفة للمادة (359) من دليل القضاء الجعفري: "ليس للأب منعها من رؤية ولدها، بل عليه أن يُمكنها من ذلك".

"لا أحد يحلّ مكان الأم، فهي التي يعي الطفل على رائحتها، صوتها، عينيها، شكلها وضحكتها"، هكذا يصف اختصاصي التقييم والعلاج النفسي دومينيك رومية، أهمية الأم في حياة الطفل. ويؤكد على احتياجه لـ"وجود أمّه الدائم معه إلى عمر السبع سنوات كحد أدنى".

ويلفت روميّة إلى أنه عالج أطفالاً يعانون من مشاكل نفسية أو سلوكية، نتيجة فصلهم عن أمهاتهم وانشغال آبائهم عنهم. إذ أن "الأب في هذه الحال لا يرى أطفاله كثيرًا أو أنهم يعيشون مع الجدين أو مع زوجة الأب التي من المستحيل أن تحلّ مكان الأم"، حسبما يشرح، مشيرًا إلى أن الأم تعيش في الأثناء "صدمة وظلمًا، قد تتحوّل معهما لشخص كئيب، أو ثائر ومتمرد". كما أن منح الأم حق رؤية أطفالها لساعات فقط، "لن يعالج المشكلة، أو يحلّ مكان وجودها في حياتهم".

جميع النساء الـ 54 الذي شملهنّ الاستبيان أكدن على أن حالتهنّ وحالة أطفالهم النفسية تأثرت بسبب الحرمان المتبادل.

الأضرار التي يتعرض لها الطفل

  • صدمة نفسية
  • عدائية أو عنف
  • اهمال الدراسة
  • عدم معرفة والدتهم

الأضرار التي تتعرض لها الأمهات

  • صدمة نفسية
  • اكتئاب
  • تأثير سلبي كبير على الحياة العملية والاجتماعية
  • نفور من المذهب الشيعي

الأمومة ليست جريمة

وواجهت عديد نساء الحبس في السابق بسبب رفضهنّ التخلي عن أطفالهنّ، وذلك بموجب المادة 496 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على "معاقبة الأب أو الأم أو كل شخص لا يمتثل لأمر القاضي فيرفض أو يؤخر إحضار قاصر بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من 50 إلى 200 ألف ليرة" (بين 33 و133 دولارًا).

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر عملية دهم لمنزل المحامية فاطمة زعرور زوجة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. استهدفت مهمة القوة الأمنية تمكين الزوج من حضانة طفله ذات العامين والنصف، بعد أن امتنعت الأم عن تسليمه، تنفيذًا لقرار المحكمة الجعفرية.

تكرّرت تلك الحادثة مرّات عديدة. وبحسب الاستبيان، فإن واحدة من كل عشر نساء خسرن حضانة أطفالهنّ في المحاكم الجعفرية، تعرض منزلها لدهم من قوى الأمن لفرض تسليم أطفال إلى والدهم.

انتشر حينها عبر "فيس بوك" و"تويتر" وسم #الأمومة_مش_جريمة، انتقادًا لمحاولة تفريق أم عن طفلها بالقوّة. بعدها مباشرة طلب وزير العدل السابق سليم جريصاتي من النائب العام لدى محاكم التمييز القاضي سمير حمود، ضرورة استعانة القوات الأمنية بمندوب اجتماعي أثناء تنفيذ الدهم لتفادي أيّ تداعيات نفسية على الأطفال. حاولت معدّة التحقيق التأكد من القاضي حمود فيما إذا نفذت هذه التوصية على أرض الواقع، إلا أنه رفض الرد.

احتجاجا على تلك الواقعة، اقترحت النائب بولا يعقوبيان أواخر 2018، مشروعيّ قانون لإلغاء الفقرة الثانية من المادة 845 من "قانون أصول المحاكمات المدنية" التي تبيح لقوى الأمن دهم المنازل لضمّ الأطفال قسرًا، وكذلك تعديل المادة 1003 حول حبس الأم. على أن المشروعين لا يزالان قيد النظر لدى مجلس النواب.

لن نغيّر ديننا

عندما توجهت زينة إبراهيم إلى المحكمة الجعفرية طلبًا للطلاق أواخر 2012، اكتشفت امكانية خسارة طفلها بسبب أحكام الحضانة. تلك المفاضلة دفعتها إلى إطلاق "الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة عند الطائفة الشيعية"، لمساعدة النساء اللاتي يُظلمن في المحاكم الجعفرية، وللمُطالبة برفع السن إلى سبع سنوات للذكر وتسع سنوات للأنثى، على أن تصبح بعدها الحضانة مشتركة بين الوالدين.

لكن عضو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي بحسون يرى أن "المرأة بشكل عام تدّعي أنها مظلومة عند كل الطوائف"، مضيفًا أن "الناس بحسب طبيعتهم يرغبون في أن يُشرّع لهم الدين بحسب أهوائهم".

وتُعقب زينة إبراهيم على رأي بحسون بالإشارة إلى أنّه "بسبب القانون، يُحرم الأطفال من أمهاتهنّ"، مؤكدة أنّ باب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى "كان موصداً لدرجة مخيفة، كأننا نطلب منهم أن يغيّروا دينهم". ويرد بحسون ليقول: "إذا توهم البعض أننا سنغيّر ديننا لأجل أن نُرضي الناس، فلن نغيّر ديننا". وتعتقد إبراهيم أن سبب عدم التجاوب مع مطالب النساء يعود إلى أنهم "سيفقدون الكثير من الصلاحيات أبرزها ورقة ضغط تُمارس على المرأة بشكل يومي داخل المحاكم الجعفرية". ‎

التنوع الفقهي

تتجاهل المحاكم الجعفرية بعض الآراء الفقهية المختلفة عند الطائفة الشيعية في مسألة الحضانة؛ منها فتوى المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، التي تنص على أحقية الحضانة للأم إلى عمر السبع سنوات، وهو رأي ديني جوهريّ في لبنان لا تلتزم به المحاكم الجعفرية، حسبما يؤكد الشيخ بحسون.

الأم أحق بالذكر إلى السنتين، والأنثى إلى السبع سنوات.
السيد علي السيستاني

ويؤكد السيد علي فضل الله، نجل المرجع الراحل، أن "الأم أكثر عاطفة وحرصًا واهتمامًا، والله مودع عندها الجانب العاطفي الذي يحتاجه الطفل. وبعد السبع سنوات لا بد أن تُلحظ مصلحته، لأنه أحيانًا قد لا تكون مصلحته أن يكون عند الأب".

يتساءل السيد فضل الله إذا كانت من تعاني بموضوع الحضانة هي ابنة أحد القضاة الجعفريين "فهل سيتصرف كما يفعل الآن مع الناس"؟. وفيما يؤكد أنّه "لا ينتقد بل يحاول أن يصلح"، يدعو المحاكم الجعفرية إلى "عدم الأخذ برأي دينيّ واحد، بل بالمصلحة، وهذا ما يجعلها أكثر حرية، لأنها الآن غير حرة بل مقيدة وجامدة".

لا مساس بالدين

في استبيان ثان أنجزته على عينّة قوامها 642 إمرأة متزوجة حاليًا في المحاكم الجعفرية، توصلت معدّة التحقيق إلى أن نسبة 97.2 % منهنّ تؤيد رفع سن الحضانة من سنتين إلى سبع للذكر ومن سبع إلى تسع سنوات للأنثى.

استبيان شمل عينة من 642 سيدة متزوجة في المحاكم الجعفرية في لبنان

ورغم المطالب برفع سن الحضانة وانفتاح باب الاجتهاد الديني عند الطائفة الشيعية، يصرّ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى - ومعه المحاكم الجعفرية، على عدم تعديل القانون.

وتبقى الأم والأطفال رهينة مزاج الأب ونصوص الدليل الجعفري. فبينما يؤكد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بحسب الشيخ علي بحسون، رفضه رفع سن الحضانة لدى الطائفة الشيعية، تُجادل السيدة زينة إبراهيم، بأنّ "مطالبنا لا تعني أننا نمسّ بالدين أو برجال الدين، بل نطالب بحقوقنا فقط". وهي تأمل - كما العديد من النساء- بأن "يأتي وقت التغيير"، متسائلةً: "كم سيستمر الظلم بعد؟ لا يمكنهم إسكات الناس أكثر من ذلك".

*اسم مستعار