شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
نحن من ذكريات.. ما هي قيمتنا الإنسانية لو فقدناها؟

نحن من ذكريات.. ما هي قيمتنا الإنسانية لو فقدناها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 19 أكتوبر 201803:58 م
من منّا لا يشعر بالقلق عندما ينسى موعداً أو مهمة أوكل بها؟ ومن منّا لا يخاف عندما لا يعرف أين وضع مقتنياته أو أغراضه الشخصيّة؟ ولكنّ كل هذه الحالات أمور طبيعيّة ، لأنّ النسيان مرتبط بتكوين البشر، غير أنّه يصبح مقلقًا عندما يتحوّل إلى "فقدان الذاكرة" وما له من تفرّعات. فما سرّ الذاكرة وكيف نحافظ عيلها ونطوّرها؟ الذاكرة هي عبارة عن تشفير للتجارب الماضيّة، وتخزينها، ثمّ استرجاعها، وتأتي نتيجة الإدراك، والتعلّم، والانتباه، وللذاكرة أنواع متعددة: الذاكرة الطويلة الأمد، وهي نظام لتخزين المعلومات لمدى الحياة، واستعمالها متى تقتضي الحاجة، كالحقائق، والأحداث؛ والذاكرة القصيرة الأمد، وهي نظام لتخزين المعلومات بشكل مؤقّت، وتنفيذ المهام المطلوبة آنيًاً؛ والذاكرة الحسيّة أو البصريّة. تجدر الإشارة إلى دراسة (2017) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) التي تراجع النظرية المتعارف عليها لعلاقة النوعين القصير الأمد والبعيد الأمد للذاكرة. ولا تُعتبر قوّة الذاكرة مسألة جينيّة وراثيّة، بحسب بعض الدارسين، بل إنّها مسألة تدريبيّة بحتة (محمود الشرقاوي، علاج النسيان، 2013)، يكتسبها الإنسان أثناء حياته، فالإنسان الذي يسعى كلّ يوم إلى استعمال ذاكرته يبقيها يقظة قادرة على استرجاع المواقف والأحداث وقتما يشاء. وقد حدّد العلماء مجموعة من أساليب تقوية الذاكرة مما يحول دون النسيان ومنها: 1. تدريب الدماغ على التذكّر، حيث أثبتت الدراسات ("M. Smith, "How to Improve Your Memory") بأنّ العقل البشري هو مثل العضلات؛ من الممكن تقويته، ويكون ذلك من خلال المواظبة على حلّ التمارين الرياضيّة، والألغاز، أو الكلمات المتقاطعة، أو الشنطرنج، أو محاولة حفظ أرقام الهواتف وغيرها من التمارين الذهنيّة. 2. تناول بعض الأنواع من الفيتامينات (كالزنك، والكروم، والمنغنيز وب6 وب9 وب12 والأوميغا3 والأوميغا6)، بالإضافة إلى تناول الأعشاب التي تساهم في تغذية خلايا المخ وتحسين القدرات الذهنيّة (كالشاي الأخضر، والأشواغاند أو ما يسمى بالجنسنغ الهندي) الذي يساعد على التخلص من التعب والقلق، مما ينعكس إيجاباً على سرعة التذكر. 3. الإكثار من شرب الماء لحماية الجسم من الجفاف الذي يؤثّر في أداء المخ. 4. ممارسة التمارين الرياضيّة لضمان ضخّ الدم في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك الدماغ. 5. النوم لساعات كافية أي ما لا يقلّ عن سبع ساعات كلّ ليلة. 6. الحرص على القراءة والتواصل مع الآخرين وتبادل الأفكار والمعلومات.
يعتقد الباحثون أن عقلنا مثل العضلات؛ من الممكن تقويته، ويكون ذلك من خلال المواظبة على حلّ التمارين الرياضيّة، والألغاز، أو الكلمات المتقاطعة، أو الشنطرنج، أو محاولة حفظ أرقام الهواتف وغيرها من التمارين الذهنيّة

النسيان لا يصيب فقط المتقدين في السن

كثيرون يعتقدون أن النسيان هو العلامة الأولى لمرض الألزهايمر، ولكن ليس كلّ الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الذاكرة لديهم هذا المرض، كما من الخطأ الاعتقاد بأنّ النسيان يصيب فقط المتقدمين في العمر. صحيح أنّ احتمال فقدان الذاكرة يواجهُ كبار السن باستمرار، ولكنّ هذهِ المُشكلة تصيب الشباب أيضاً (A. Rivas , Memory Loss Is Young Adults' Probem Too). ومن العوارض التي ترافق النسيان عند الشباب، عدم القُدرة على تذكُّر العناوين أو أماكن وضع الأشياء باستمرار، والصُداع أو الدوار وبالأخص أثناء مُحاولة تذكُّر أمرٍ ما. وقد أظهرت الأبحاث ("J. McIntosh, "Memory complaints in young adults linked to poor health and lifestyle factors) أنّ أسباب النسيان عند الشباب عائدة لمشاكل صحيّة واضطرابات نفسيّة

علاقة النسيان بالظروف الصحيّة

قد تسبّب بعض الحالات المرضيّة مشاكل خطيرة في الذاكرة. ولكن هذه المشاكل تختفي بمجرد حصول الشخص على العلاج ، ومن العوامل المؤدّية إلى النسيان: 1. العوارض الجانبية لتناول بعض الأدوية (ومنها مُضادّات الاكتئاب، والمُهدئات، ومُرخيات العضلات، والحبوب المنومة، والحبوب المُسكنة). 2. بعض اضطرابات الغدّة الدرقية والكلى والكبد. 3. الإدمان على المُخدرات والتبغ والكحول: وهي عوامل تُسبّب تغييراتٍ كيميائيّة في الدماغ، وتقلل من كميّة الأوكسجين التّي تصلُ إليه، وبالتالي تضعف الذاكرة. 4. عدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم. 5. الاكتئاب والتوتُّر 6. الخمول والكسل والاعتماد على الأجهزة الإلكترونيّة للقيام بأبسط العمليّات وغيرها. 7. نقص التغذية وعدم الحصول على كميّة كافية من العناصر الغذائيّة المُهمة 8. التعرُض لإصابة على الرأس. 9. السكتة الدماغيّة

علاقة النسيان بالاضطرابات النفسيّة

لفقدان الذاكرة علاقة مباشرة أيضًا بالعوامل والظروف النفسيّة التي يمرّ بها الإنسان، كالخيبات العاطفيّة، والإجهاد والتعب، والقلق والاكتئئاب، والحزن. إلّا أنّ الحالات الناجمة عن هذه الاضطرابات النفسيّة عادة ما تكون مؤقتة، وبالتالي تختفي عوارض النسيان عندما تتلاشي هذه الأزمات. كما أنّ بناء علاقات اجتماعيّة صحيّة واكتساب مهارات جديدة قد يساعد الشخص أيضاً على الشعور بتحسّن حالته وتحسين ذاكرته. 

ما هو النسيان المرضي ومن يصيب؟

تضعنا المعلومات التي ذكرناها أمام سؤال جوهري ما الفرق بين النسيان العادي، والنسيان المرضي؛ أي ما يسمى بالخرف أو الألزهامر؟ يتضمّن النسيان الطبيعي فقدان أجزاء من تجربة؛ مثل نسيان مكان ركن السيارة، أو نسيان حدث من الماضي البعيد، أو نسيان اسم شخص. ولكن غالبًا ما يمكن تذكّر هذه الأمور لاحقاً. ويكون النسيان الطبيعي ناجماً عن التوتّر أو انشغال البال أو تغيرّات في الذاكرة. أمّا النسيان المرضي فمرتبط بالتدهور الشديد في المهارات العقليّة كفقدان القدرة على أداء أعمال كان الشخص يتقنها سابقاً، مثل نسيان كيفيّة قيادة السيّارة أو قراءة الساعة أو نسيان شخص كان المصاب يعرفه جيداً. وقد يصيب النسيان المرضي أو فقدان الذاكرة أشخاصاً لا تتجاوز أعمارهم 30 عاماً، على الرغم من أن هذا نادر جداً. إلّا أنّ هناك حالة تسمّى "الخرف المبكر" أو "young onset dementia" قد يتعرّض لها الأشخاص الذين لا يزالون يعملون و تقل أعمارهم عن 65 عاماً. ففي عام 2010 أجري إحصاء في بريطانيا أظهر أن أربعة وستين ألف شخص دون سن 65 عاماً مصابون بالخرف في المملكة المتحدة، مقارنة بستة عشر ألف شخص عانوا من هذا المرض في هذه الفترة العمرية عام 1998. وذكرت نتائح الإحصاء أنّ 70 بالمئة من المصابين هم من الرجال. وبيّنت الأرقام أنّ الأشخاص الصغار بالسن (ما بين 30 إلى 50 عاماً) والمصابين بالخرف تبلغ نسبتهم 8 في المئة من إجمالي عدد المصابين. الأسباب الأكثر شيوعاً لإصابة الشباب بمرض فقدان الذاكرة هي العامل الوراثي ومتلازمة داون (Down's syndrome). إذ أثبتت الدراسات (C. Murray, D Evans, "Health Systems Performance Assessment Debates, Methods and Empiricism", 2003) أن ثلاثة أرباع الأشخاص المصابين بمتلازمة داون يعانون من فقدان الذاكرة في منتصف عمرهم (middle age)، كما تبيّن أنّ نقص المناعة قد يكون سبباً أساسياً لهذا المرض. إنّ بعض الدراسات أشارت إلى أنّ إصابة صغيري العمر بالخرف تكون أكثر حدّة، فيعاني المصابون من الهلوسة وأنماط النوم غير المنتظمة بالإضافة الى السقوط على الأرض بشكل متكرر. واللافت أنّهم أيضاً يشعرون بالوحدة وبعدم التعاطف معهم، لأنّ لا أحد يصدّق معاناتهم، فهناك اعتقاد بأنّ مرض "الخرف" لا يصيب إلّا الكبار في السنّ.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard