شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
المصري ينفق 40 مليار جنيه على الشيشة… مجلس النواب يقترح إغلاق المقاهي قبل منتصف الليل

المصري ينفق 40 مليار جنيه على الشيشة… مجلس النواب يقترح إغلاق المقاهي قبل منتصف الليل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 14 أكتوبر 201812:02 م
اقترح عددٌ من أعضاء مجلس النواب المصري، غلقَ المقاهي قبل منتصف الليل لاعتقادهم أن القرار لو نُفّذ "سيوفرُ الأيدي العاملة، ويقضي على البطالة، ويساعدُ على عدم استنفادِ طاقة الشباب، وتحسين الحياة الزوجية"، مطالبين بضرورة مناقشةِ المقترح في أقرب وقت. المقاهي "الشعبية" المصريةُ لا تقتصرُ على شرب كوبِ "شاي بلبن"، ولا على لعبة "كوتشينة" على أنغام "هو صحيح الهوى غلاب" أو "في يوم  وليلة"، في مساءات القاهرة، والإسكندرية، وبورسعيد، بل تخطَّت ذلك لتكون "تجمّعاً" لنشاطاتٍ سياسيةٍ وثقافية، كان ولا زال لها تأثيرٌ على الرأي العام. هي كذلك ملاذُ المصريين بعد يومٍ شاقّ في العمل، أو يوم شاقّ في سبيل العثور على عمل، كما تُعتبر الخيارَ الأنسب لـ"قعدة الرجالة"، أو "قعدة الستات" منتصفَ الليل، بدلاً من اللقاء في المنازل، مما قد يُشكل إزعاجاً للزوجة أو الزوج والأطفال النائمين. من يجهل تجربةَ قهوة "الفيشاوي"، أو قهوة "الحرية" أو غيرهما من مجموع المليونيْ مقهى المنتشرة في مصر، 150 ألفَ مقهى منها موجودةٌ في القاهرة وحدها، عليه أن يستحضرَ تلك المشاهد التي نقلها المخرجون المصريون في أفلامهم ومسلسلاتهم عنها، تفاصيلُ المكان المنمنمة، ودخانُ الشيشة الكثيف، وقرقعةُ أكواب الشاي على صينية النحاس المحمولة بخفة على كف "صبي القهوة"، الأغاني التي تصدحُ من آلة التسجيل وتُطرب الزبائن، أصواتُهم المرتفعة التي تتقاطع بين طاولةٍ وأخرى معجونةً بالضحكات أو العتاب. كل هذه التفاصيل مهددةٌ بالخمود قبل حلولِ منتصف الليل في القاهرة، فلقد جاء مقترحُ بعض أعضاء مجلس النواب المصري بغلق المقاهي حين تدق الساعة صفر، لاعتقادهم أن غلقَ المقاهي "باكراً" سيعود بالنفع على المجتمع، خاصةً بعد التقارير الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بشأن "إنفاق 40 مليارَ جنيهٍ سنوياً (نحو 2.2 مليار دولار) على الشيشة والسجائر، ما يُشكل 40% من راتب الزبون الذي يذهب إلى المقهى بشكلٍ يومي". وبيّنت الإحصاءات أن "متوسطَ ساعاتِ الجلوس في المقاهي تتراوح يومياً بين ساعتين وتسع ساعات". وقال أمين سرّ لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب عصام الفقي، إن "العديدَ من دول العالم المتقدمة تغلقُ المقاهي في هذا التوقيت ولا يوجد دولةٌ تعمل فيها المقاهي 24 ساعة يومياً". وفي هذا السياق، قال عضو مجلس النواب سمير البطيخي، إنه سبق وتقدم بـ "مقترح قانونٍ بشأن فرض ضريبةٍ على المحلات العامة التي تظل تعمل بعد الساعة الحادية عشر ليلاً، عدا بعض المحلات التي تقدم الخدماتِ العامةَ للجمهور". وتساءل في حديثه مع صحيفة "الفجر" المصرية "ماذا كان سيحدث لو الصين من 20 سنة كانت عملت قهاوي بدل ما يعملوا مصانع، وإن مصر من 20 سنة لو كانت عملت ورش ومصانع بدل القهاوي، كان الوضع هيكون عامل ازاي؟". بينما قال وكيلُ لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، عبد الفتاح محمد عبد الفتاح، إنه يؤيد المقترحَ، لكن ليس في الوقت الحالي، لما يسببه من آثارٍ على المواطن المصري بالسلب، موضحاً أن "أعدادَ المقاهي كبيرةٌ للغاية، وأن هذا المقترح يحتاج إلى دراسةٍ حقيقيةٍ جيدة، حتى لا يطبَّق، ويتم التراجعُ فيه فيما بعد"، لافتاً إلى أن "المقاهي تعتبر الملجأَ الوحيدَ للمواطن لتفريغ طاقته السلبية، وغلقها قد يؤدي به إلى احتقان.
إن كان "الرِجَال" يرتاحون من "الستات" عند نزولهم إلى المقهى، والستات كذلك يرتحن عند نزول الرجال إلى المقهى، (أو العكس)، ما الحلّ مع اقتراح مجلس النواب بغلق "القهاوي" قبل الساعة 12؟
لا تقتصرُ المقاهي "الشعبية" المصرية على شرب كوبِ "شاي بلبن"، ولا على لعبة "كوتشينة" على أنغام "هو صحيح الهوى غلاب" أو "في يوم وليلة"، في مساءات القاهرة، والإسكندرية، وبورسعيد، بل تخطت ذلك.. والآن يريدون إغلاقها قبل الساعة 12
"ماذا كان سيحدث لو الصين من 20 سنة كانت عملت قهاوي بدل ما يعملوا مصانع، وإن مصر من 20 سنة لو كانت عملت ورش ومصانع بدل القهاوي، كان الوضع هيكون عامل إزاي؟" النائب سمير البطيخي يتساءل
لكن هُناك العديدُ من الأسئلة التي تطرح نفسَها: إن أقفلت "القهاوي"، هل يتحمل الشارع المصري المزيدَ من "التجمعات"؟ وكما علّق الإعلامي عمرو أديب عبر برنامجه "الحكاية"، سيتسبب إغلاق المقاهي باكراً في المزيد من "إنتاجية" الشعب المصري، مثلما جرى في ثورة الربيع العربي المصري، في يناير 2011. فهل تتحمل دولةُ مصر ومؤسساتُها هذه الزيادة السكانية إلى جانب الـ 96 مليون نسمةً "المسجلة" في مصر حالياً؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard