شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
تسببت في موت وإصابة 16 مواطناً.. القصة الكاملة لأزمة جلسات الغسيل الكلوي في مصر

تسببت في موت وإصابة 16 مواطناً.. القصة الكاملة لأزمة جلسات الغسيل الكلوي في مصر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 16 سبتمبر 201803:49 م
"أجهزة الغسيل الكلوي معطلة.. تعالوا في يوم آخر" جملة اعتادَ بعضُ المصريين المصابين بالفشل الكلوي، خاصةً الفقراء منهم، أن يسمعوها من مسؤولين في المستشفيات الحكومية، لكن تعطلَ تلك الأجهزة المتكرر ليس الأزمةَ الوحيدة التي قد يواجهونها الفترةَ القادمة. بحسب وزارة الصحة المصرية فقد توفي في الـ15 من سبتمبر 3 مصريين وأصيب 13 آخرين بعد حصولهم على جلسات غسيلٍ كلوي في مستشفى ديرب نجم المركزي الحكومية، الواقعة بمحافظة الشرقية التي تبعد نحو ساعةٍ ونصف عن محافظة القاهرة. مساء يوم السبت صرحت نيابة منطقة ديرب نجم، بدفن جثث رجلين وامرأةٍ ماتوا أثناء قيامهم بالغسيل الكلوي، بوحدة الغسيل الكلوي بالمستشفى. بعد انتهاءِ فريق الطب الشرعي المصري من إعداد تقرير يحوي الصفة التشريحية للوفيات الثلاث، وتسليم الجثث لذويهم تمهيداً للدفن. من جانبها قررت وزارة الصحة المصرية غلقَ قسم الغسيل الكلوي بالمستشفى، وتحويل مدير ورئيس القسم للنيابة العامة للتحقيق.

ما الذي حدث في مستشفى ديرب نجم؟

"منذ ساعاتٍ توجهت لجنةٌ مكونة من متخصصين إلى مستشفى ديرب نجم المركزي، لمعرفة الأسباب التي أدت لوفاة وإصابة الحالات، وتحققُ هذه اللجنة بكل شفافيةٍ لمعرفة حقيقةِ ما حدث" يقول لرصيف22 الدكتور علاء عيد، رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة المصرية. اللجنة التي يتحدث عنها عيد مشكلةٌ من متخصصين من قطاع الطب الوقائي، مسؤوليتهم سحبُ عيناتٍ من محطة مياه شرب ديرب نجم الرئيسية، التي تغذي المستشفى بالمياه، ومسؤولين من إدارة الكلى الصناعي بوزارة الصحة، بهدف مراجعة تقاريرِ الصيانة الخاصة بماكينات الغسيل الكلوي، وفريقٍ آخر من التفتيش الفني لمراجعة الأمور الفنية والإدارية الخاصة، بتذاكر دخول المرضى. تتضمن اللجنةُ كذلك اثنين من أساتذة الكلى من جامعة الزقازيق في محافظة الشرقية، واستشاريي كلى من الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، التابعة لوزارة الصحة. وبحسب عيد فالمؤكد حتى اللحظة هو أن "وفاةَ المرضى وإصابة آخرين حدثت بسبب حصولهم على جلسةِ غسيلٍ كلوي في المستشفى، لكن تفاصيل السبب هو ما نحاول جاهدين التوصل إليه" بحسب تعبيره. وبحسب وسائل إعلام مصرية أكدت التحريات الأولية للمباحث الجنائية أن أجهزة الغسيل الكلوي الموجودة في مكان الواقعة كان مفترضاً أن تكون قيد الصيانة، ما يعني أن المرضى حصلوا على جلساتهم من أجهزةٍ معطلة. "لا يمكنني تأكيد ذلك، ما زلنا نحقق في الأمر، وفي النهاية سيعاقب كل مخطئ" كان ردَ عيد حين سألناه إذا كان لدى الوزارة معرفةٌ أن أجهزة الغسيل الكلوي معطلةٌ في المستشفى. وبعد وفاة الحالات الثلاث مباشرةً أصيب 13 مريضاً آخرين بالفشل الكلوي بغيبوبة، ومعظمهم نقِلوا من مستشفى ديرب نجم إلى مستشفى "الزقازيق" الجامعي الواقعة بنفس المحافظة، بينما نُقِلَ اثنان من المصابين إلى مستشفى "التيسيير". وتتراوح أعمار المصابين الثلاثة عشر من 30 إلى 62 عاماً، وجميعهم من سكان الشرقية التي تعدُّ ثاني أكبر محافظةٍ مصريةٍ من حيث عدد السكان بعد القاهرة الكبرى. ومن بين المصابين اثنان في حالة حرجة، وموضوعان على أجهزة تنفسٍ صناعي.

تعويضات وطلب برلماني

من جانبها قررت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية صرف 10 آلاف جنيهٍ مصريّ (حوالي 570 دولار) لعائلةِ كلّ حالة. وعندَ محاولة رصيف22 التواصل عبر الهاتف مع الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، لم يُسهِّل مكتبها الأمر، قائلاً إنها ستصدر بياناً بعد ساعات، وأنها سافرت مساء السبت إلى محافظة الشرقية بناءً على طلب رئيس الوزراء المصري. لم تقابَل زيارةُ زايد المستشفى بالترحاب، فكان في انتظارها أمامه أهالي المتوفين والمصابين، وهتفوا ضدها، ما جعلها تغادر المستشفى مسرعة إلى القاهرة. وفي محاولةٍ للسيطرة على تظاهرة الأهالي انتشرت عرباتُ أمنٍ حول المستشفى. الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، قال إنه تقدم بطلبٍ برلماني لعقد جلسةٍ طارئة مع وزير الصحة لبحث الواقعة، مضيفاً أن وزارة الصحة في حاجة لمزيدٍ من التمويل الحكومي، والرقابة من الجهات المعنية. ويؤكد أبو العلا أن وزارة الصحة هي من يتحمل المسؤولية كاملةً عن الواقعة، وأن على الحكومةَ المصرية إجراءُ صيانةٍ دوريةٍ لجميع مراكز الغسيل الكلوي، معبّراً عن حزنه من ضعفِ مبلغ الصيانة الموجه لمراكز غسيل الكلى.

11 مليون جلسة غسيل كلوي بمستشفيات الوزارة شهرياً

رفض المتحدث باسم وزارة الصحة خالد مجاهد تعميمَ الواقعة، معتبراً أنها حادثةٌ فردية، وأضافَ في تصريحاتٍ له أن ماكينات الغسيل الكلوي والمحاليل والمستلزمات في باقي المستشفيات الحكومية آمنةٌ. وأكد أنَّ 11 مليون جلسةِ غسيلٍ كلوي تُجرَى في مستشفيات وزارة الصحة على مستوى الجمهورية شهرياً. وبحسب مجاهد فإن الوزارة تشرف على الصيانة الدورية لماكينات الغسيل الكلوي بجميع مستشفياتها في الجمهورية.
صرحت نيابة منطقة ديرب نجم، بدفن جثث رجلين وامرأةٍ ماتوا أثناء قيامهم بالغسيل الكلوي، بوحدة الغسيل الكلوي بالمستشفى، بعد انتهاءِ فريق الطب الشرعي المصري من إعداد تقرير يحوي الصفة التشريحية للوفيات الثلاث
التحريات الأولية للمباحث الجنائية أكدت أن أجهزة الغسيل الكلوي الموجودة في مكان الواقعة كان مفترضاً أن تكون قيد الصيانة، ما يعني أن المرضى حصلوا على جلساتهم من أجهزة معطلة.

ما هو مرض الفشل الكلوي؟

يقول الطبيب المصري إسلام عمار "في الحالات العادية تقوم الكلى بتصفية الدم وإفراز الفضلات وفائض السوائل إلى البول. لكن الأمر لا يتم بهذه السهولة عند مرضى الفشل الكلوي، حيث تتراكم الفضلات وفائض السوائل داخل أجسامهم، ما يشكل خطراً على حياتهم". وأكد أن تدهور أداء الكلى يتم ببطءٍ، ما يؤخر ظهورَ أعراض المرض خصوصاً في بدايتهِ، لكنها تتضح في آخر مراحله. ومن الأعراض المحتملة للفشل الكلوي بحسب عمار حدوثُ انخفاضٍ واضحٍ للمريض في كمية البول، وتعبٌ وضعفٌ عام وصعوباتٌ شديدة في النوم وانقباضُ العضلات. ويختم الطبيب المصري بأن غسيل الكلى هو العلاج الأمثل للفشل الكلوي في مراحله المتقدمة، مؤكداً أن ماكينات الغسيل الكلوي تقوم بشكلٍ أساسي بتنظيف الدم من السموم عوضاً عما كانت تفعله الكلى. وكثيراً ما يشكو مصابون بالفشل الكلوي من عدم وجود أماكن تستقبلهم في المستشفيات الحكومية المصرية بسبب قلة ماكينات الغسيل الكلوي مقارنةً بعدد المرضى، أما تعطل هذه الأجهزة فهي شكوى متكررةٌ منهم.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard