شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"البحر غضبان مابيضحكش"... حواجز حاجبة لرؤيته على كورنيش الإسكندرية تُثير غضب المصريين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 14 سبتمبر 201804:55 م
قبل نحو 29 عامًا، طلّت جارة القمر، فيروز، في سهرة مفتوحة على مسرح "الصوت والضوء" تحت سفح أهرامات الجيزة في العام 1989. وعندما أرادت أن تغازل جمهورها اختارت أغنيتها الشهيرة  "شط إسكندرية". https://www.youtube.com/watch?time_continue=2&v=c_ho90SfZCc ظلت الأغنية حية في ذهن المصريين وعالقة بكل شيء يرمز إلى الحياة النابضة على شواطىء المدينة الساحلية، التي كانت محل غزل فنانين آخرين أيضًا. لكن هنالك شيئًا لا يعتبر جديدًا تمامًا يجري في العاصمة الثانية لمصر. منذ سنوات يسري الحديث عن خطط حكومية لإعادة تطوير الكورنيش وتدشين مشروعات سياحية، إلا أن صورًا جديدة تم تناقلها على شبكات التواصل الاجتماعي أثارت حالة من الاستياء والغضب، بسبب ما ظهر من أسوار خرسانية من شأنها منع المواطنين من رؤية البحر كما المعتاد منذ نشأة المدينة التي كانت كوزموبوليتانية ذات يوم.

من "خصخصة" الشواطىء إلى حواجز وأسوار حجب الرؤية

وكثيرًا ما تقترن الأغاني العديدة التي تتغنى بعروس البحر الأبيض المتوسط كما اعتاد أهلها أن يسموها، والمنشورة على "يوتيوب"، بصور من مناطق مختلفة لكورنيش الإسكندرية، فضلًا عن صوت و"زمَارة" بائع الجيلاتي، وصوت وصندوق  بائع الفريسكا، ورائحة الذرة المشوية مع نسيم يود البحر وقت الغروب"، هذه كلها يراها أهل المدينة بواعث للبهجة على كورنيش " اسكندرية المارية". في وقت تثار التساؤلات عن مصير الكورنيش مع اكتمال خطط الحكومة بالنسبة له، إذ في العام 2015، قال مدير الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، اللواء أحمد حجازي، إن الإسكندرية بها 43 شاطئًا ممتدًا بطول كورنيشها (من أبو قير شرقًا إلى العجمي غربًا)، منها 3 مجانية متاحة للجمهور، لكنه عاد ليعلن زيادة عددها إلى 10 خلال العام الجاري. ومن أجل إنشاء مجمع سياحي ترفيهي في قلب البحر، اسمه "تيوليب سي سكوير"، الذي أُعلن عنه في العام 2016 وتقوم بأعماله الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، تم اقتطاع نحو 70% من حارات طريق الكورنيش في سيدي جابر على نحو يشوه مشهد المنطقة ويتسبب في أزمات مرورية، بحسب مواطنين كثر.
من أجل إنشاء مجمع سياحي ترفيهي في قلب البحر، اسمه "تيوليب سي سكوير"، الذي أُعلن عنه في العام 2016 وتقوم بأعماله الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، تم اقتطاع نحو 70% من حارات طريق الكورنيش في سيدي جابر على نحو يشوه مشهد المنطقة ويتسبب بأزمات مرورية، بحسب مواطنين كثر
مع تصاعد مشاعر الغضب تجاه التغييرات الجارية، قرر نائب الإسكندرية في مجلس النواب، هيثم الحريري، عضو ما يُعرف بـ"تكتل نواب 25/30"، التقدم بطلب إحاطة للمجلس بشأن ما اعتبره "تعديًا على حقوق المصريين وخاصة أهل الإسكندرية وحجب رؤية البحر".
وفي يونيو الماضي، أعلنت الحكومة خطة جديدة تتضمن إنشاء شواطىء خاصة للسياح الأجانب. إضافة إلى توسيع مطار برج العرب لتنظيم رحلات مباشرة إليه، ليصل عدد المسافرين فيه إلى 4 ملايين بحلول 2022، وذلك كجزء من إستراتيجية زيادة التدفق السياحي إلى المدينة، بحسب علي المنستيرلي، رئيس غرفة الإسكندرية لوكالات السفر. وفي الساعات الماضية، انتشرت سريعًا صور يبدو أنها التقطت حديثًا لجانب من الأعمال الجارية على كورنيش الإسكندرية، فيما توالت تعليقات ذات نبرة مستاءة مما يجري، والغالبية يسألون "من المسؤول عن ذلك؟" ويطلبون: "رجّعوا لنا كورنيش زمان". من بين التغريدات الأكثر تداولًا ما بثته الفتاة الاسكندرية إيمان بشير، التي نشرت صورًا في حسابها على تويتر، وكتبت "كورنيش اسكندرية بعد التطوير".
ومثلها، انضم آخرون للجدل الدائر، ونشروا صورًا مماثلة، أظهرت أسوارًا حديدية تم تدشينها في مناطق مختلقة بطول الكورنيش، وقالوا إن الوصول إليها بات ممنوعًا سوى بموافقة الأمن بعدما كانت مفتوحة للعامة في أي وقت.
"ليه بتدمروا كل حاجة حلوة؟!"، هكذا تساءل حساب في تويتر يحمل اسم الإسكندرية، قائلًا: "لسان جليم اتقفل!! وبقى ممنوع أي حد يدخل جوا !! وبقى في بوابة حديد وأمن. لسان جليم دا أجمل مكان في إسكندرية .. الصخور بتاعته كانت شاهدة على تفاصيل كتير في حياة معظم الإسكندرانية.. كان ملجأ الهموم والأحزان.. وكان نعم الونيس والصديق".
بينما دافع آخرون عن "تطوير الكورنيش"، وقالوا إن الأماكن التي تجرى فيها هذه الأعمال ليست شاسعة، في حين رفض إسكندريون يعيشون في المدينة التقليل من ذلك، وكتبوا أنهم حاليًا غير قادرين على رؤية البحر بشكل جيد.

أول رد فعل "برلماني"

ومع تصاعد مشاعر الغضب تجاه التغييرات الجارية، قرر نائب الإسكندرية في مجلس النواب، هيثم الحريري، عضو ما يُعرف بـ"تكتل نواب 25/30"، التقدم بطلب إحاطة للمجلس بشأن ما اعتبره "تعديًا على حقوق المصريين وخاصة أهل الإسكندرية وحجب رؤية البحر". "منذ أن بدأ بناء كوبري سيدي جابر على طريق البحر في نوفمبر 2016، هناك حالة من الغضب الشديد بين الكثير من أهالي الإسكندرية، وبعد أن تم الانتهاء منه لم يشعر أهل الإسكندرية بتحسن في السيولة المرورية"، يقول الحريري. وأشار النائب إلى أن التحركات الجارية في سيدي جابر ليست الأخيرة، إذ سبقتها تحركات منطقة جليم وتخصيص شواطئ لمجموعة من الفنادق، وأصبح البحر مقصورًا على فئات بعينها دون فئات أخرى "غير قادرة". وطالب الحريري بوقف فوري لهذه الأعمال لحين انعقاد لجنة الإدارة المحلية في البرلمان لمناقشة تفاصيل هذه المشروعات والإطلاع على التراخيص الممنوحة ودراسة الأثر البيئي للمشروع. كما دعا إلى تشيكل لجنة فنية من المتخصصين لدراسة الآثار السلبية على البيئة والمجتمع من هذه التعديات الصارخة على حقوق كل المصريين، حسب تعبيره.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard