شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
سيكولوجية جمع الأشياء: بين الهواية والاضطراب النفسي وفرويد

سيكولوجية جمع الأشياء: بين الهواية والاضطراب النفسي وفرويد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 25 يونيو 201806:12 م
من الألعاب وصولاً إلى الطوابع والأحجار الكريمة والأشياء التذكارية.. لكل شخص رغبة في افتناء أشياء معيّنة، يتمسك بها ويرفض التخلي عنها حتى لو ضاقت بها الأمكنة، فيحاول جاهداً العثور ولو على بقعة صغيرة لوضع الكولاكشن التي يتفقدها بين الحين والآخر، ويتأملها وهو يشعر بغبطة كبيرة. لكن متى يصل الأمر إلى حد الإدمان والاضطراب النفسي؟

إشباع الرغبات

يتمتع الناس في العادة بحب امتلاك بعض الأشياء من أجل إشباع رغباتهم وإرضاء أذواقهم، ففي حين أن الكثيرين يهوون جمع الطوابع والعملات، من خلال اللهاث وراء شراء أندر الإصدارات والاحتفاظ بها في ألبومات خاصة، هناك في المقابل فئة من الناس تهوى جمع بعض الأمور "الغريبة" وتكديسها بغض النظر عن قيمتها الفعلية، إذ رغم علمها بأنها من دون فائدة، يصعب عليها التخلص منها أو الاستغناء عن مثل هذه الأشياء القديمة. فما هي الأسباب التي تدفع البعض إلى السعي لتجميع الأشياء وعدم الإفراط بها؟ اعتقد فرويد أن حاجتنا لتجميع الأشياء تعود في جذورها لأيام الطفولة، مشيراً إلى أنه عندما كنا صغاراً واظبنا على جمع الألعاب، وإذا خسرنا لعبة من ألعابنا نشعر وكأننا فقدنا السيطرة على شيء كان في يوم من الأيام لنا.
"قيامنا بجمع" الأشياء هو امتداد لهويتنا ولجذب بعض الأصحاب المحتملين، خاصة أن هذه الأشياء على اختلافها تصبح ذات قيمة أكبر عندما نمتلكها.
يجد البعض لذة في الشروع في المطاردة المشوقة بهدف العثور على الشيء الذي يرغب به، بغض النظر عن السعر والقيمة الفعلية.
مما يعني أن الأطفال يبحثون عن الشعور بالراحة من خلال جمع بعض الأشياء التي يحبونها مثل الألعاب والدمى وغيرها، وعند الانتقال إلى مرحلة المراهقة ينمي الأفراد هذه العادة، وحتى مع بلوغ سن الرشد فإن هواية "جمع الأشياء" ترافقهم والسبب قد يعود إلى شعورهم بأنهم أنجزوا شيئاً ما وتمكنوا من العثور على أشياء من مصادر مختلفة بطريقة فريدة من نوعها. وقد قال أحد هواة جمع الأشياء إن الغرض سرعان ما يتحول إلى مصدر رغبة، وبالنسبة إلى البالغ، فإن الفائدة من ورائها ليست مادية بل عاطفية. INSIDE_Collectors أما صحيفة الغادريان البريطانية، فقد أشارت إلى إن "قيامنا بجمع" الأشياء ما هو سوى امتداد لهويتنا ولجذب بعض الأصحاب المحتملين، خاصة أن هذه الأشياء على اختلافها تصبح ذات قيمة أكبر عندما نمتلكها.

سيكولوجية الاحتفاظ بالأشياء

تحدث موقع "MD" عن "سيكولوجية الاحتفاظ بالأشياء"، مشيراً إلى أنه بالرغم من أن جميع الهواة يبحثون عن المتعة عند جمع الأشياء، هناك اختلاف في محفزات كل شخص. ومن العوامل التي تدفع الأشخاص إلى البحث عن بعض الأشياء وجمعها: ندرة القطعة: أحد العوامل التي تساهم في تغذية الشعور بالمتعة جراء جمع الأشياء، هو الفخر الذي يشعر به الأشخاص عند العثور على قطعةٍ معيّنةٍ، وتزداد الأمور إثارةً حين تكون القطعة نادرة مما يجعلها مختلفة عن سائر المجموعة. تقدير الذات: لا يأبه بعض الأشخاص لمسألة ندرة القطعة بقدر ما يطمحون إلى الحصول عليها بسعرٍ متواضعٍ، مما يثير فرحتهم ويجعلهم يشعرون بتقدير أكبر لذاتهم، خاصة أنهم يعتقدون أنه بفضل ذكائهم تمكنوا من الحصول على هذا الغرض بواسطة حفنة من المال مما يجعل هذا الأمر "مدعاة" فخر. المطاردة المشوقة: يجد البعض لذة في الشروع في المطاردة المشوقة بهدف العثور على الشيء الذي يرغب به، بغض النظر عن السعر والقيمة الفعلية. العودة إلى الماضي: يشعر بعض الأشخاص بالتقرب من الماضي حين يقومون بجمع الأشياء التي تعود لفترةٍ زمنيةٍ معيّنة، فمن خلال امتلاك قطع قديمة يشعرون أنهم باتوا أقرب إلى أيام العز أو حتى إلى أسلافهم الذين غادروا هذه الدنيا أو إلى بعض الأشخاص الذين كان لهم أثر مهم في فترةٍ زمنيةٍ ما. التطلع إلى المستقبل: بخلاف النقطة السابقة، فإن بعض الأفراد يتطلعون من خلال جمعهم للأشياء إلى بناء إرثٍ لنفسهم عن طريق الاحتفاظ ببعض الأغراض وجعلها في متناول الأجيال القادمة.

إدمان وإضطراب نفسي

قد نصادف أشخاصاً يدمنون جمع أشياءٍ غريبةٍ ومن دون فائدة، بحيث أنهم قضوا سنوات من عمرهم وهم يحتفظون بهذه الأشياء رافضين التخلي عنها رغم علمهم بأنها من دون جدوى أو أن الاحتفاظ بها يشكل خطراً على حياتهم. وفي هذا الصدد، نذكر قصة الأخوين هومر ولانغلي كولير، اللذين لقيا حتفهما عام 1947 بسبب إصابتهما باضطراب الاكتناز القهري، بحيث وجدت جثتيْهما تحت أطنانٍ من أوراق المجلات والصحف والقمامة التي كانا يجمعانها في منزلهما. فلماذا يسعى البعض إلى جمع أشياء لا حاجة لهم إليها كقصاصات الورق أو الصحف القديمة أو الثياب البالية وبعض الأمور الأخرى التي يعتبرها سائر الأفراد "مجرد قمامة" تشيع حالة من الفوضى في المنزل؟ اعتبر موقع AOL أن العديد من الأشخاص يترعرعون على فكرة جمع الأشياء ومع الوقت يتخلون عن هذه العادة تماماً، ولكن بالنسبة إلى البعض يتحول "هاجس" المجموعة إلى شغف قد يصل إلى حدّ التطرف وإلى حالةٍ نفسيةٍ تعرف باضطراب الاكتناز القهري Compulsive Hoarding. via GIPHY فقد أوضح الطب النفسي أننا نجمع الأشياء لأسبابٍ مختلفةٍ: تحقيق مكاسب مالية، الشعور بالفرح، تعزيز فرص اللقاء مع أشخاصٍ لديهم نفس الاهتمامات، الحفاظ على التاريخ. ولكن هناك خطاً رفيعاً بين السلوك الصحي والسلوك الخطير الذي يدل على اضطراب على مستوى الصحة العقلية، لأن عادة جمع الأشياء قد تتحول إلى خللٍ خاصة إذا كانت تؤثر على سلوك البعض وعلى حياتهم اليومية، كأن يهمل هؤلاء حياتهم والتزاماتهم اليومية بغية جمع الأشياء التي يحبونها. فما هي المؤشرات التي تدل على أن هواية جمع الأشياء تحولت إلى مرض نفسي؟ -إيجاد صعوبة مستمرة في التخلص من الممتلكات الشخصية بغض النظر عن قيمتها الفعلية. -تعود هذه الصعوبة إلى دوافع قوية للاحتفاظ بهذه الأشياء أو الانزعاج من فكرة التخلص منها. -تؤدي الأعراض إلى تشوش في المنزل أو في مكان العمل مما يعرقل تصرفات الأفراد. -يعاني الفرد من اضطرابات في المجالات الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة التي قد تشمل الحفاظ على بيئة آمنة. -ليس هناك من رابط بين الذي يقوم بجمع الأشياء بصورة مبالغ بها وبين مرض الخرف. -لا يعود هوس جمع الأشياء إلى اضطرابات نفسية مثل اضطراب اكتئابي رئيسي أو اضطراب الوسواس القهري.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard