شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
الأنوثة المبكرة.. رحلات المراهقات الخطرة نحو الوصول إلى الجسد المغري للرجال

الأنوثة المبكرة.. رحلات المراهقات الخطرة نحو الوصول إلى الجسد المغري للرجال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 19 يونيو 201810:33 ص

"البنت لسه صغيرة.. على الحب لسه صغيرة".. هذه الكلمات كانت مقدمة الأغنية لفيلم "صغيرة على الحب" بطولة سعاد حسني ورشدي أباظة من إنتاج عام 1966، وتدور قصته حول مخرج يبحث عن مراهقة عمرها 16 سنة لتمثل وتغني في أحد عروضه، فتضطر سعاد حسني ابنة الـ 25 عاماً أن تتنكر بشكل فتاة عمرها 16 عاماً كي تحصل على فرصتها في التمثيل والغناء، وهو الأمر الذي نجحت فيه قبل أن يكتشف رشدي أباظة أنها كبيرة وليست المراهقة التي كان ينتظرها بطلة لأعماله ومع ذلك حبها وتزوجها في النهاية.

الأنوثة المبكرة

في الفيلم حلمت سعاد حسني أن تكون صغيرة حتى تحقق حلمها وتصبح نجمة، وهو الأمر الذي لا يتكرر هذه الأيام إذ تحلم الفتيات الصغيرات بأن يكبرن سريعاً ويصبحن مكتملات الأنوثة، ولو كلفهن ذلك التضحية بصحتهم، وهذا ما عكسه فيلم مصري آخر هو فيلم الساحر من إنتاج عام 2001 بطولة النجم الراحل محمود عبد العزيز، والفنانة الشابة منة شلبي. وتدور أحداثه على أساس أن محمود عبد العزيز يرى بنته ابنة 16 عاماً لا تزال صغيرة ويرفض خطبتها أو زواجها في حين ترى البنت "منى شلبي" نفسها مكتملة الأنوثة وترغب في الخطبة والزواج وتدخل في علاقة جنسيه مع ابن الجيران الذي يريد خطبتها، وكان هناك مشهد مشهور في الفيلم لمنة شلبي تشير فيه إلى أحد أعضائها الأنثوية وتقول: "كل ده ولسه صغيرة" كاعتراض منها على معاملة والدها معها.

عقاقير الأنوثة

ولهذا تبذل الفتيات الصغيرات محاولات كبرى للوصول إلى مرحلة الأنوثة الكاملة في أسرع وقت ممكن ومهما كلفهن الأمر، وهو ما كشفه الدكتور مصطفى عسر، استشاري أمراض النساء والتوليد، الذي يعمل بأحد المستشفيات في القاهرة، الذي فوجئ بفتاة في الـ 14 من عمرها تعاني من اضطرابات شديدة في جسدها وفي ميعاد دورتها الشهرية مما أثر على صحتها بشكل عام.
هذه الأدوية التي تأخذها الفتيات في سن مبكرة بهدف الحصول على جسم أنثوي قد تتسبب في كوارث كبرى على المدى البعيد مثل انهيار النظام الهرموني.
مراهقات يتناولن أدوية منع الحمل فيه كمية كبيرة من "الاستروجين" وهو هرمون الأنوثة الشهير وأخريات يدمنّ على الكورتيزون، بهدف أن يتخلصن من جسدهن الطفولي والحصول على جسد أنثوي مثير.
وبعد فحوص طويلة اكتشف أن الفتاة التي تدرس في الصف الثالث الإعدادي تناولت أحد الأدوية الطبية، وبالتحديد أحد أنواع أدوية منع الحمل وذلك لاحتواء الدواء كمية كبيرة من "الاستروجين" وهو هرمون الأنوثة الشهير، بهدف أن تتخلص من جسدها الطفولي في سبيل الحصول على جسد أنثوي مثير، كالذي تمتلكه بعض صديقاتها في نفس مرحلتها السنية، واللواتي حصل بعضهن على هذا الجسد الأنثوي بصورة طبيعية. في حين أن أخريات سرن على درب الفتاة وحصلن على دواء منع الحمل مثل صديقتهن أو حصلن على جرعات من مادة الكورتيزون الشهيرة داخل بعض الأدوية الأخرى رغم الأثار السلبية الكبيرة التي قد تؤثر على صحتهن. الدكتور مصطفى عسر قال لرصيف22: «هذه الأدوية التي تأخذها الفتيات في سن مبكرة بهدف الحصول على جسم أنثوي قد تتسبب في كوارث كبرى على المدى البعيد مثل انهيار النظام الهرموني الذي قد يكون سبباً في أمراض السرطان، هذا بالإضافة إلى مشاكل على المدى القريب مثل عدم انتظام الدورة الشهرية ووجود قروح في الجسم غير معلومة السبب واحتمال زيادة الوزن بصورة كبيرة يصعب السيطرة عليها». وأكد عسر على ضرورة حديث الأمهات مع بناتهن في مرحلة المراهقة وخاصة في الفترة التي تنظر فيها الفتاة لجسدها وتعرف فيه آلية عمل كل عضو وخاصة الأعضاء التناسلية، حيث تفهم الأم ابنتها أن هذه الأعضاء لا تزال في مرحلة النمو ولا داعي أن تقلق إذا كان هناك خلل ظاهري فيها تلحظه الفتاة حتى لا تتجه نحو بعض الأدوية المضرة التي قد تكون سبباً في أمراض خطيرة كأمراض السرطان المختلفة.

السبب النفسي

"بالطبع يوجد سبب نفسي وراء قيام بعض الفتيات الصغيرات بأخذ عقاقير طبية من أجل الحصول على الأنوثة الكاملة المبكرة"، هكذا بدأ الدكتور توفيق ناروز، استشاري الطب النفسي كلامه، ثم قال لرصيف 22: «المراهقة مرحلة من العمر تنقلنا من الطفولة إلى مرحلة البلوغ التي تبدأ من سن 12 إلى سن 19 حسب التعريف الأكاديمي، ولكن بالخبرة العملية فقد تراجعت سن المراهقة وبخاصة عند البنات إلى سن 9 و 10 سنوات إذ في هذه السن بدأن يتحدثن عن قصص الحب والتعلق بالشباب الصغار والرغبة في القفز إلى مرحلة الأنوثة ومحاكاة الأم، وهذا كله بسبب تأثير الانترنت والانفتاح المبكر على العالم والرغبة في التقليد وخوض التجربة وحب الفضول». وأضاف: «وبسبب هذا الاحتكاك بالعالم الذي ليس من المفترض أن تراه الفتاة بهذا الشكل في هذه المرحلة العمرية، تبدأ المراهقة الصغيرة في البحث عن أنوثتها كي تواكب ما تراه وتتباهى بجمالها، الأمر الذي يدفعها لفعل أي شيء للوصول إلى ما تصبو إليه، من عمليات تجميل أو أخذ عقاقير طبية تنفخ الجسد فتجعل الفتاة الصغيرة أشبه بالآنسات الكبيرات". ويكمل ناروز "عاينتُ حالة لفتاة عمرها 12 عاماً لجأت إلى مثل هذه العقاقير للفوز بقلب شاب يكبرها بـ 8 سنوات أحبته وكانت النتيجة أنه رفضها بعد أن فعلت المستحيل لتعجبه فانهارت نفسياً وأقدمت على الانتحار، الأمر الذي دفع والدها لإحضارها لي لمعالجتها. أدعو الأمهات لمصادقة بناتهن والتعرف على صديقاتهن لمنع أي فكرة سيئة ومميتة قد تمرر لبناتهن فيحدث ما لا يحمد عقباه».

مجنونة أنجلينا

الرغبة في الأنوثة المبكرة، والسعي لحصول على جسم رائع وجمال آخاذ، شائعان ليس في مصر فحسب بل في العالم أجمع، ففي إيران مثلاً قامت فتاة تدعى "سحر تبر"، 19 عاماً، بإجراء نحو 50 عملية تجميلية حتى تكون شبه أنجيلينا جولي الممثلة الأمريكية الشهيرة، وكانت النتيجة تحولها لهيكل عظمي وتشوه وجهها تماماً وخسرت 50 كلغم، وقد أصبحت حديث العالم العام الماضي.

من صفحة سحر تبر على إنستغرام

إحصاءات

ليس في العالم العربي فقط ترغب المراهقات الصغيرات  في سرعة الوصول إلى الأنوثة الكاملة بل في أمريكا وأوروبا أيضا مع اختلاف وسيلتهن عن الوسيلة العربية. وهذا ما كشفته الجمعية الأمريكية للجراحين التجميليين ASPS في تقرير لها، أكدت فيه أن هناك إحصائيات أجرتها تكشف وجود رغبة قوية من المراهقات في إجراء عمليات تجميلية متنوعة للوصول إلى الأنوثة والجمال، إذ هناك ما يقرب من 236 ألف عملية تجميل أجراها أطباء الجمعية لمراهقات أقل من سن 19 عاماً 2012، وفي 2015 وصل عدد العمليات إلى نحو 225 ألف عملية لفتيات من 13 حتى 19 سنة. وأكدت الجمعية أن العمليات التي أجريت مختلفة، منها ما هو مخصص للثدي غير المتناسق، ومنها علاج الندبات الناتجة عن حب الشباب الذي يظهر في تلك الفترة في جسد المراهقين، ومنها عمليات شفط دهون للحصول على جسد جميل... وأشارت الجمعية إلى أن تلك العمليات لا تتم إلا باستشارة أولياء أمر المراهقات وخاصة إذا كنّ دون 18 سنة، مؤكدةً أن تلك العمليات تلعب دوراً إيجابياً في تعزيز ثقة المراهقات بأنفسهن، وتجعلهن يقبلن على الحياة بشكل أكبر بعد حصولهن على المظهر المرتجى.

تقرير

موقع "تينز ويبمد" المتخصص في شؤون المراهقين كان له رأي في سعي المراهقات الدائم نحو الأنوثة المبكرة حتى لو كانت من خلال عمليات جراحية صعبة كجراحات التجميل، وأكد أن المراهقات تحديداً لديهن دوافع تحركهن لعمل أي شيء للوصول إلى الجمال الذي يردنه.

مخاطر

وحذر الدكتور نبيل محيي عبد الحميد، طبيب الأورام المصري ومؤسس كلية الصيدلة جامعة كفر الشيخ، من استخدام المراهقات للعقاقير الطبية التي تحتوي على هرمون الاستروجين أو مادة الكورتيزون، مؤكداً لرصيف22 أن تناول مثل هذه العقاقير دون إشراف طبي قد تتسبب في أمراض القلب والعظام وأمراض السرطان المختلفة. وحذر أيضاً من إجراء المراهقات عمليات تجميل في عمر أقل من 19 عاماً مؤكداً أن هذه العمليات في السن المبكرة قد تتسبب في حدوث تغير كبير في الهرمونات الأنثوية للفتاة مما قد يتسبب لها بأمراض خطيرة كالسرطانات. لذلك فإن هذه العمليات تحتاج إلى عمر مناسب وهو من 19 عاماً وما فوق حتى تكون آمنة بنسبة كبيرة.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard