شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل تفضّلون الكأس أم الجوينت؟

هل تفضّلون الكأس أم الجوينت؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 16 أكتوبر 201710:12 ص
ربما لا يخرج المزاج العام عن هذا أو ذاك. ولكن، لماذا نشرب الخمر؟ ولماذا نلجأ إلى الحشيش؟ لكل واحد منا أسبابه الخاصة. أما المبدع فقد تختلف أسبابه عن أسبابنا تماماً. تعالوا نتعرف على الفرق بين شارب الخمر ومدخن الحشيشة. وعن علاقتهما بالإبداع.

ما قاله الروائي عن الحشيش

يحكي الروائي المصري (ح. ج 48 عاماً)، عن بداية تجربته مع الحشيشة: "تعرفت على الحشيش لدى أستاذي خيري شلبي الذي كان عاشقاً لتلك النبتة الساحرة، ربما ذلك ما دفعه لأن يطلق على  روايته "زهرة الخشخاش" هذا المسمى، تخليداً لهذا النبات العجيب". يعترف أنه في البداية كان تأثير الحشيشة قوياً جداً عليه، فتدخين جوينت واحد كان كفيلاً بأن يجعله ينتشي ويغمره بسعادة طاغية، ولكن أغرب ما لاحظه حينها أن الوقت، والمسافة أيضاً، يبدوان في غير حقيقتهما، وكأن الوقت يمر ببطء والمسافة تبدو أطول، لذا كان يتجنب القيادة في تلك الفترة خوفاً من الحوادث. via GIPHY يضيف: "ولكن مع الوقت، ومع كثرة التدخين بانتظام، اختفت تلك الأعراض، فبات بإمكاني فعل كل شيء بمنتهى المهارة وأنا أدخن: قيادةالسيارة (لا ينصح لمدخني الحشيش أن يقودوا السيارة عند الانتشاء، فالحشيش قد يؤثر على المهارات الحركية)، القراءة، مراجعة المقالات العالقة، لا عائق أبداً،بالعكس أكاد أجزم أنني أقوم بمثل تلك الأفعال على نحو أفضل بكثير". يجيب (ح.ج) عن سؤالنا هل الحشيشة إدمان أم لا؟ وما هي الأعراض التي يشعربها حين يتوقف عن تدخينها؟: "لا أعتقد أن تدخين الحشيش إدمان بالمعنى المتعارف عليه، لعل أبرز دليل على ذلك أنني حين أسافر إلى دولة عربية تخلو من الحشيشة تماماً كالإمارات مثلاً، لا أشعر هناك أنني بحاجة إليها. ربما تصاحبني بعض الأعراض الطارئة، والتي يمكن التغلب عليها، مثل اضطراب المعدة أو النوم المتقطع أو فقدان الشهية، غير أنها تزول جميعاً بعد يوم أو اثنين على الأكثر". via GIPHY ويضيف: "لم أصدق أنني اشتري "مزاجي"من السوبر ماركت دون الحاجة إلى التعامل مع (ديلر) ربما يخدعني بقطعة مضروبة أو ملاحقات أمنية تهددمستقبلي". يتساءل (ح. ج): "هل مدخن الحشيش مجرم؟ هل الحشيشة تساعد على ارتكاب الجرائم؟". يرد أن التدخين يخلق حالة مزاجية خاصة لا تضر أحداً غير من يدخنها، فإذا كانت الحكومات العربية تخشى على صحة المواطن إلى هذه الدرجة، فلماذا تسمح ببيع السجائر، وتُرخص للبارات وتستورد الخمور؟ ثم لكم أن تتخيلوا دولة رئيسها اشتهر بولعه بالحشيش، يقصد الرئيس الراحل أنور السادات، ثم تأتي الشرطة لتطارد من يفعل المثل. ألا يبدو الأمر مضحكاً؟

ما قاله الشاعر عن الخمر

يروي الشاعر المصري (ع. م، 33 عاماً)، لرصيف22 أنه بدأ بتجربة الحشيشة غير أنها لم تعجبه على الإطلاق. يوضح: "شعرت بدوار شديد، وارتخاء في الأطراف، وضيق تنفس حتى أيقنت أننيميت بلا شك". لكن تجربته مع الخمر كانت مختلفة تماماً، أحس بعد تجرعه الخمر أنه أصبح روحاً خفيفة، وكأن بينه وبين الأرض شبراً. via GIPHY ويضيف: "كأنني كنت أطير، أحلق في السماء وحدي، ربما هذا ما يحتاجه الشاعر، وربما لذلك أيضاً أدمنت الخمر". بعكس الروائي، فإن الشاعر يؤكد أنه لا يستطيع أن يفعل أي شيء وهو تحت تأثير الكحول، باستثناء الكتابة، حتى الحديث، مجرد الكلام يتحول إلى صياح مزعج، ومع ذلك فهو يُفضل تناولها عن أي شيء آخر. هل هو مدمن؟ يجيب: "لا أعرف، أنا أشرب بشكل يومي تقريباً، ولكن في المساء فقط، الحصول على الكحول بمصر أمر في غاية السهولة، فالبارات منتشرة في كل مكان، وبعضها يعمل حتى الصباح، وكذلك البازارات. حتى الدول العربية التي سافرت إليها لم تخلُ من المسكرات". via GIPHY يتساءل: "إلى الآن لا أعرف ماذا سيحدث لي إن أقلعت عن الخمر". يذكر دعابة كان يرددها دوماً الشاعر أحمد فؤاد نجم أمام أصدقائه: بحشش من 40 سنة كل يوم وعمري ما أدمنت الحشيش. يعترف الشاعر أن لشرب الكحول أضراراً تصاحبه مع الإفراط فيه، مثل التقيؤ أوالصداع الشديد عند الاستيقاظ من النوم. ولكنه يؤكد أنه اعتاد مثل تلك الأعراض ولم تعد تشكل له مشكلة. يعلق: "أعترف أنها عادة مُضرة. ولكن، ما الذي لا يمكن أن يكون مُضراً بهذا البلد؟التدخين، عادم السيارات، الخضروات والفاكهة المرشوشة بالمبيدات القاتلة؟". يعتقد أن المرء إذا أراد أن يعيش حياة صحية، فعليه تجنب كل شيء حتى الإبداع الذي يرهق العقل والروح.

هل التعاطي يساعد حقاً على الابداع؟

يستعرض الروائي (ح. ج) تاريخ المبدعين وارتباطهم بالحشيش، ابتداءً من شكسبير، الذي كان يدخنه عبر غليونه الشهير، مروراً بنجيب محفوظ الذي اعترف في كتاب لرجاء النقاش، تحت عنوان "في حب نجيب محفوظ" بحبه للحشيش، ثم جيل الستينيات كخيري شلبي وإبراهيم أصلان وصولاً إلى الكُتاب الشباب اليوم. يضيف: "أما عن كُتاب العالم الغربي فلا يمكن حصرهم، وتكفي الإشارة إلى الشاعر بودلير الذي كتب ديوانه الأشهر "أزهار الشر" تحت تأثير هذا المخدر، وكذلك "إدغار آلان بو". ولا يمكن أن ننسى أيضاً نادي الحشاشين الذي أسسه الشاعر آرثر رامبو، وصديقه الروائي تيوفيل غوتيه، في منتصف القرن التاسع عشر بفرنسا. تلك النماذج توضح مدى ارتباط المبدع بالحشيشة. ودورها في تنشيط تلك المنطقة المجهولة بالدماغ على حد قول الروائي. يعترف الروائي المصري أنه كتب أفضل أعماله الروائية تحت تأثير الحشيشة، ويرجح أن سبب ذلك يكمن في أن هذه المادة قادرة على فصله عن الواقع، وأنها تجعله أكثر اقتراباً من الخيال. يستعير الروائي مقولة صديقه ممثل كوميديا مصري في وصفه للحالة المزاجية للحشيشة بأنها "تخيّل الواقع، وتوقع الخيال"، أي تجعله في مرتبة منعزلة بين الخيال الصرف والواقع الفعلي. ويتفق معه الشاعر في ذلك، ويشير إلى تجربة نجيب سرور، موضحاً أن تناوله للمسكرات تخلق له فضاءات مختلفة، وهو ما يحتاجه الشاعر فعلاً. يؤكد الشاعر أنه حاول الكتابة دون تناول الخمر فخرجت القصائد كئيبة ودون المستوى الفني الذي اعتاده.

لماذا يُفضل أحدهم الحشيشة والآخر الخمر؟ العلم يجيب

محمد السيد، اختصاصي نفسي ومعالج للإدمان بمركز الأمل بمنطقة كرداسة، يبيّٰن لرصيف22 أن هناك اختلافاً بين ما يشعر به شارب الخمر ومدخن الحشيشة، ولكي نعرف الفرق علينا أولاً أن نتبع العملية التي تحدث لكل منها. فـعند تناول الخمر يفرز الجسم مادة تُسمى "نازعة الكحول" وهي المسؤولة عن تحويل الكحول إلى حمض الأسيتيك، الذي يتفاعل مع الدهون والماء، مع الاستمرار في الشرب يبدأ الكبد في ضخ تلك المادة بالدم، فيشعر الشخص أنه ثمل، ما يعطي الإحساس بالسعادة والخفة، ولكن أحياناً ترفض المعدة الكحول ظناً منها أنها مادة سامة فتجبر الشخص على التقيؤ. via GIPHY هنالك أشخاص لا تتحمل معدتاهم الكحول، لذا يتقيأون على الفور فتنعدم عندهم الرغبة في تناول المزيد. البعض الآخر لا تتم بداخل جسده تلك العملية فيكتشف أن الخمور ليست الوسيلة الأمثل لإمتاعه. أما الحشيش فدورته تختلف تماماً، وهي أسرع بلا شك، إذ ينتقل الدخان المشبع بمادة تتراهيدروكانابينول THC عبر الرئة إلى الدم، ومنها إلى المخ، ليحدث التأثير المتعارف عليه بين مدخني الحشيش. البعض لا تتحمل رئته تلك العملية فيداهمه ضيق التنفس، ما يدفعه للقلق المتزايد على نفسه، فينصرف عن الحشيش إلى نوع آخر من المخدرات أو ربما إلى الكحوليات. من هنا يتضح لنا لماذا يُفضل البعض الكحوليات بينما البعض الآخر يحب الحشيشة. عن علاقة الإبداع بالكحوليات والحشيشة يفسر السيد لرصيف22: "هناك دراسة حديثة أجرتها جامعة ليدن الهولندية تكشف أن لا علاقة بين الحشيش والإبداع. غير أنها من وجهة نظري دراسة تحتمل الخطأ". يوضح السيد أن الإبداع أو الموهبة ميزة لا تزال غامضة حتى على علماء النفس، فلا أحد يعرف مكانها في المخ، ولا أسبابها. لماذا هذا موهوب؟ سؤال لا إجابة عنه. ولكن من المؤكد أن المبدع يحتاج للخيال أكثر من أي شخص آخر، فهو ينطلق من الواقع ليخلق عالمه الخاص. تلك الميزة ربما تكون مقتصرة على المبدع فحسب. ينهي السيد حديثه: "الإبداع في كل الأحوال رفيق المبدع الحقيقي والموهوب بصدق، وقد لا يحتاج إلى أي مساعدات خاصة إن كان تأثيرها على المدى البعيد مهلكاً فعلاً".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard