شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
أوقعتها أرضاً، شدّتها من شعرها، جذبتها إلى الحبل وخنقتها... WWE نسائي عربي

أوقعتها أرضاً، شدّتها من شعرها، جذبتها إلى الحبل وخنقتها... WWE نسائي عربي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 4 أكتوبر 201711:18 ص
حول حلبة داخل ناد أو مدرسة أو حتى في الشارع، يتابع المتفرجون في شغف عروضاً لم يشهدها المجتمع من قبل. تتصاعد هتافات التشجيع ولا يمل الجمهور من الاستمتاع. هذه ليست فقرات من سيرك هذه المرة، بل "مصارعة نساء" في الشارع المصري. هي فقط بضعة أيام يصرفها أشرف محروس "كابونجا"، مؤسس الفريق – الذي يضم لاعبين من كلا الجنسين، لتدريب أبنائه – كما يحلو له وصفهم - في معسكر بمحافظة الإسماعيلية، قبل تقديم أنفسهم للجمهور، آملين في انتشار اللعبة في جميع أرجاء الجمهورية.

صحافيات وليدي جارد وبطلات منتخب: المصارعة لنا

اعتادت سارة خالد أحمد، ابنة الـ16 ربيعاً اللعب أمام الجمهور، فهي بطلة القاهرة في الكونغ فو والكيك بوكسينغ والملاكمة، إلا أن الجمهور هذه المرة كان مختلفاً، واللعبة التي تمارسها على الحلبة جديدة، ورغبتها الجامحة في خوض التجربة سهلت عليها عقبات البداية. بدأ "كابونجا" تكوين فريقه منذ 5 أعوام تقريباً، بـ7 شباب وفتيات، إلى أن وصل عددهم إلى 50، بينهم لاعبون من العراق والهند، و13 لاعبة، منهن 4 صحافيات، دينا، وأحلام، وسامية، ولمياء، جميعهن يمارسن المهنة، ونظموا معاً 18 عرضاً حتى الآن في القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والإسماعيلية، والشرقية، والبحيرة. INSIDE_WomenWrestlers2INSIDE_WomenWrestlers2 ويشمل معسكر الفريق تدريب الفتيات على جر عربات النقل بأسنانهن وشعورهن، ثم يخضن مباريات ثنائية على الحلبة تحضيراً للعروض المقبلة، وعقب استراحة قصيرة، يستكمل برنامج التدريب مجدداً إلى حين انتهاء فترة المعسكر، حسب ما تؤكد سارة. ويحكي المدرب أنه استطاع تحويل الفتيات إلى مصارعات قويات يستطعن التحمل والدفاع عن أنفسهن في أي مكان وضد أي شخص، ليصبحن في ما بعد بطلات مميزات، حتى أن أفراد أسرهن كثيراً ما يعبرون لهن عن فرحتهم بالتطور الذي لمسوه في شخصياتهن، وأنهم لم يعودوا يخافون عليهن كما في السابق. منذ سنة، سمعت دينا عماد محمد، 20 سنة، الطالبة في الفرقة الثالثة من كلية الإعلام بجامعة عين شمس، عن تأسيس فريق لمصارعة المحترفين المصريين، على يد الكابتن أشرف كابونجا. تابعت المعسكرات والعروض التي يقيمونها في المحافظات، وذهبت إلى مؤسس الفريق لإجراء حوار صحفي معه، حينها وجدت لديها رغبة في الانخراط داخل هذا الكيان الجديد على مصر والوطن العربي، خصوصاً بعدما وجدت الروح الطيبة السائدة بين أعضائه، ومن هنا بدأت القصة. "أنا أهوى المصارعة منذ الصغر، وحين احتككت بالفريق وجدت فرصة لتحقيق هذا الحلم، لذا سارعت بالانضمام إليه، بجانب دراستي الصحافة التي أنوي العمل بها أيضاً، فكلا المجالين يكملان جزءاً من شخصيتي"، تقول دينا. وتضيف: "شاركت في أحد عروض الفريق في شارع المعز بالقاهرة، وأهم ما تعلمناه هو كيفية حماية أنفسنا وتكوين هوياتنا الخاصة". INSIDE_WomenWrestlers3INSIDE_WomenWrestlers3 بخلاف سارة ودينا، كانت لممارسة الرياضة لدى سلمى جمال محمد بُعد آخر. فكانت تعاني أزمة كبيرة بعد زيادة وزنها الذي وصل إلى 105 كيلوغرامات، إلا أن إصرارها ساعدها على إنقاصه إلى 66 كيلوغراماً، مستعينة بنظام غذائي حاد وماراثونات جري وتمارين لياقة بدنية متواصلة، قبل الانضمام إلى فريق "مصارعة المحترفين".

مواجهة الضرب والرفض لتحقيق الحلم

سلمى التي كانت "ليدي جارد" في "كايرو فيستيفال" وتعمل الآن في شركة حراسات، لم تتحدث مع أسرتها كثيراً بشأن انضمامها لفريق المصارعة، فقط أخبرتهم برغبتها في ممارسة اللعبة فتركوا لها حرية الاختيار والتجربة. وعلى العكس من سلمى، واجهت فاطمة عطا شندي "بيبو" صعوبة كبيرة في إقناع أهلها بممارسة اللعبة، حتى أنها دخلت في العديد من المشاكل مع أشقائها. ووصل بهم الأمر إلى حد ضربها، حسب تأكيدها، فبينما كان يشجعها أحد إخوتها الأربعة، كانت تعليقات الثلاثة الآخرين على شاكلة "أنتي فرحانة بنفسك أنك بتتضربي قدام الناس"، "أنتي فاكرة نفسك هتبقي حاجة"، "دي مش رياضة ده لعب شوارع"، إلا أنها كانت دائماً تجد التشجيع من والدتها، التي دعمت إصرارها على تحقيق حلمها، آملةً أن تراها بطلة عالمية للعبة في المستقبل. وواصلت عضوة الفريق، ولاعبة الكونغ فو في اتحاد الشرطة، والمصارعة والملاكمة في نادي المؤسسة العسكرية، والتي شاركت في "عرض الأحلام"، الذي أقيم في محافظة الشرقية في منتصف سبتمبر الحالي: "للأسف، الفتاة في مصر لا تأخذ حقها في ممارسة الرياضة، فحتى من يشجعونها في البداية يعترضون لاحقاً على إكمال مشوارها لأنها قد تسافر إلى الخارج للمشاركة في بطولة، أو من أجل إعدادها لعريسها المستقبلي، أو حرجاً من لعبها أمام جمهور من الرجال، أنا واحدة من قليلات يجدن التشجيع من أمهاتهن على استكمال أحلامهن، إلا أن هناك أخريات يواجهن ضغوطاً أسرية لقتل أحلامهن". INSIDE_WomenWrestlers4INSIDE_WomenWrestlers4 في البداية، عارضت أسرة دينا أيضاً فكرة مشاركتها في رياضة عنيفة، خوفاً من تعرضها لإصابة، ناصحين إياها بممارسة ألعاب تتلاءم مع طبيعتها كفتاة، إلا أنهم في النهاية رضخوا لرغبتها بعد إصرارها على تحقيق هدفها، وبعد ذهابهم معها لمشاهدة التدريبات والعروض. توضح حنان عبد المنعم، والدة دينا: "كنا نخاف عليها لأنها بنت ونحن تحكمنا تقاليد المجتمع، فضلاً عن خوفنا من إصابتها، إلا أننا وافقنا بعد إلحاحها، لكن ما شجعنا على قبول طلبها هو انتشار ظاهرة التحرش في الشوارع خلال الفترة الأخيرة، فرأينا أن هذه الرياضة وسيلة لحماية نفسها من المضايقات". وتتابع: "آراء الناس متباينة، لكن الواحد لو هياخد بكلامهم مش هيعمل حاجة، إحنا كنا مقفلين على دينا شوية، وكانت لازم تاخد والدها في أي مكان، لكن دلوقتي بقت عندها ثقة في نفسها، وبتعرف تتعامل مع أي موقف، علشان كده معنديش مانع إخواتها التلاتة يمشوا في نفس طريقها، لأن الرياضة كلها إيجابيات".

كيف تشق الفتاة طريقها نحو الرياضة

تقول سلمى جمال: "الرياضة عموماً أساس كل شيء جيد في حياتي، فهي منحتني الثقة في نفسي وشكلي، وغيرت إيجابياً من نظرة الآخرين لي، وطريقة تعاملي معهم، أما المصارعة تحديداً فمنحتني القوة والقدرة على الدفاع عن نفسي، فضلاً عن تطوير طريقة تفكيري". وتضيف: "غالبية الفتيات يتمنين ممارسة الرياضة للخروج من حالة الانطواء ونقص الثقة، إلا أن سلوكيات الشارع تجعل الأمر يكاد يكون معدوماً، فأنا لا أستطيع ركوب الدراجة وحدي بسبب المضايقات التي تحدث بين الحين والآخر، حتى عندما كنت أدير مركز لياقة بدنية كانت الفتيات يرفضن الخروج للجري خوفاً من الشباب". INSIDE_WomenWrestlers1INSIDE_WomenWrestlers1 هذا الرأي تؤكد عليه فاطمة "بيبو"، التي تشير إلى أنه على الرغم من ممارستهن رياضة مشهورة في جميع أنحاء العالم، واجهن انتقادات "غير مبررة". في اليوم الثاني من عرض الأحلام كانت ذاهبة لحضور أحد الدروس الخصوصية - فهي ما تزال في مرحلة الثانوية – هاتفها مدربها، قائلاً: "افتحي فيسبوك وشوفي المصايب"، توقعت أن يكون الانتقاد لطريقة ممارستها الرياضة، لكن الأمر تخطى ذلك، ووصل إلى حد شتمها هي وعضوات الفريق. "لست محجبة، وأرتدي مايوه خلال مشاركاتي في بطولات الجمهورية للمصارعة، وصور المنافسات موجودة في موقع الاتحاد المصري دون أي انتقاد من أحد، لكن على الجانب الآخر واجهتُ سباباً شديداً لمجرد مشاركتي في عروض مصارعة المحترفين على الرغم من ارتدائي ملابس محتشمة. انتقادنا الدائم للفتيات والرياضة سبب رئيسي لتأخر بلدنا عن البلدان الأخرى"، توضح فاطمة.

تجاهل محلي وإغراءات خارجية

تتحدث "بيبو" وهي تحضر حقيبة سفرها للمشاركة في بطولة المصارعة الحرة بالإسماعيلية، قبل خوضها بطولة العالم أوائل العام المقبل، شاكية من تجاهل المسؤولين نشاطهم على حساب رياضات شعبية أخرى. تقول: "كنا نتدرب في أحد مراكز الشباب بالقاهرة، لقاء 50 جنيهاً يومياً من كل منا، ثم طلبت إدارة المركز 15 ألف جنيه (850$) شهرياً على الرغم من تحملنا تكاليف إقامة العروض بالجهود الذاتية ودون مقابل من الجمهور، وهو ما يشكل عبئاً مادياً كبيراً علينا، لذا إذا لم ينظر لنا المسؤولون بنوع من الدعم فلن نستطيع الإكمال". حجم الأزمة بحسب ما توضحه دينا، يظهر في حديث أحد المسؤولين في قطاع الرياضة لمؤسس الفريق، عندما طلب الأخير مقابلة الوزير لطلب الدعم، فقال له المسؤول: "اعملوا فريق كورة، وإحنا هنقدم لكم التمويل تحتاجوه". خاطب "كابونجا" جهات حكومية ورجال أعمال وسياسيين للمساهمة في تحمل تكاليف العروض، إلا أن رد الجميع كان التجاهل التام، على الرغم من توسع نشاط المجموعة التي تلقت دعوة لإقامة عرضين لدعم السياحة في شرم الشيخ والغردقة. وتسافر المجموعة قريباً إلى الأردن وفلسطين لتعريف الجمهور العربي على نشاطها، ويركز المدرب في الوقت الحالي على توسيع قاعدة اللعبة في الأوساط الشعبية، ويسعى لتأسيس شركة رسمية لممارسة هذه اللعبة، "ساعتها الدعم هييجي هييجي"، يقول بشيء من الحسرة. INSIDE_WomenWrestlers6INSIDE_WomenWrestlers6 الشهرة التي نالها فريق المصارعة المصري جذبت إليه الأنظار، فالتقى رجل أعمال - عرف نفسه بأنه فلسطيني من عرب 48 - كابونجا، عارضاً عليه الحصول وفريقه على الجنسية الإسرائيلية والمال، واللعب باسم تل أبيب، إلا أن طلبه قوبل بالرفض الشديد. لم يكن هذا الإغراء الوحيد، بحسب كابونجا، الذي عرض عليه رجل أعمال مصري يعيش في الإمارات الحصول على عقد احترافي لإعداد فريق للعبة في ملعب مجهز بجميع الإمكانات هناك، مقابل ترك أعضاء فريقه الحاليين، إلا أنه رفض العرض أيضاً. فاقترح عليه رجل الأعمال السفر والتعرف على أجواء اللعبة، على أن يحضر فريقه في ما بعد. لم يندم مؤسس الفريق على رفض العرضين، إذ لا يزال يأمل أن تمده الدولة بالدعم والتشجيع لاستكمال مشواره ونشر اللعبة في مصر والعالم العربي.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard