شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ماذا يحصل داخل جدران مقاهي

ماذا يحصل داخل جدران مقاهي "للبنات وبس"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 21 يوليو 201710:22 ص

تجلس نسمة، طالبة جامعية، وسط صديقاتها، يتبادلن أطراف الحديث والضحك غير مباليات بالالتفات حولهن، خشية أعين وآذان المتلصصين من الرجال على حكاياتهن وضحكاتهن. فوجودها وسط كافيه نسائي، بحسب وصفها، جعلها أكثر حرية وشعوراً بالأمان والخصوصية. بينما تعتبر رضوى السيد، طالبة في التعليم الثانوي، وجودها في كافيه للنساء، تقييداً لحرياتها وتكريساً لثقافة العزل المجتمعي، الذي تلاقيه داخل كل ما هو للبنات فقط، في محيط مجتمعها المنغلق. فعلى أطراف متفرقة في عدد من شوارع المحافظات المصرية، من أقصى الجنوب لأقصى الشمال، باتت تطل علينا للمرة الأولى، لافتات وردية اللون، رافعةً شعار "ممنوع دخول الرجال، جميع العاملين من النساء، هنا تجدين راحتك وخصوصيتك أنت وصديقاتك"، في محاولة لخلق مساحة حرة للفتيات. إلا أن تساؤلات عدة أثيرت حول تلك الظاهرة، هل هي مساحة للحرية والمساواة أم آلية للعزل المجتمعي؟

رسم وقراءة داخل كيتي كافيه

البداية كانت بـ"صبايا" حنان ترك

كافيهات للبنات، ليست مشروعاً وليد اليوم، إنما بدأ في القاهرة بحي مصر الجديدة، حيث افتتحت الفنانة حنان ترك أول كافيه للفتيات فقط "صبايا" عام 2007، لتكون السابقة الأولى التي يتم فيها إقامة مساحة للطعام والشراب مقتصرة على الفتيات، تلاها كافيه "ترتر" في مدينة نصر بالقاهرة. قرابة العشرة أعوام مرت، قبل أن تعود تلك الفكرة للظهور مرة أخرى، وتنتشر في محافظات مصر، واحدة تلو الأخرى، بداية من الإسكندرية، وصولاً إلى الأقصر في أقصى جنوب مصر.

عام 2016، أفتتح في أحد الشوارع الجانبية لمنطقة أبو قير في الإسكندرية، كافيه للبنات فقط، حمل لافتة كتب عليها «قهوة البنات.. للبنات وبس». وفي العام نفسه، افتتح في محافظة الدقهلية في مدينة المنصورة كافيه «قعدة بنات» ليكون أول كافيه في المحافظة للفتيات، بمدخل مغطى بصور لسندريلا وعاملات جميعهن من الفتيات. وعام 2017، انتشرت الفكرة بشكل أوسع، إذ تم افتتاح «بينك كافيه» في مدينة العاشر من رمضان، في محافظة الشرقية بألوان زهرية pink، وعاملات من الفتيات، ليعلن عن مساحة للفتيات فقط. تقول إيمان السيد، مؤسسة المقهى والمديرة الإدارية: "راودتني فكرة إنشاء مقهى مخصص للسيدات فقط منذ عام ونصف العام، لبناء مجتمع آمن وحر يجمع الفتيات، وذلك لشعور كثير من الفتيات بعدم الارتياح للمكوث لفترات طويلة في المقاهي المختلطة، نظراً لتعرضهن لمضايقات أو تحرش، كما أن عنصر الحرية والخصوصية فى المقاهي المختلطة غير متوفر. فجلسات الفتيات للدراسة أو للتسلية كانت تحرمهن من الضحك، لأن الشباب يلتفتون إليهن وأحياناً يتطفلون عليهن، أو يضايقونهن بنظرات أو كلمات مؤذية".

صورة من داخل بينك كافيه

وفي العام نفسه افتتح مقهى «كيتي» في مدينة القناطر الخيرية، ليحمل ألواناً مشابهة وطابعاً مشابهاً، تلاه مقهى آخر يحمل اسم «بينك كافيه» في محافظة الأقصر، ليكون الأول في صعيد مصر، ويبدأ الطريق لمن بعده، فعقب ذلك، افتتح كافيه «بنات وبس» في محافظة قنا.

مساحات حرة للبنات للخروج دون "محرم"

الناشطة النسوية شيماء طنطاوي ترى أن مقاهي البنات تخلق مساحة داخل المجالات العامة المغلقة جداً، مثل المحافظات، بطريقة قد تكون الوحيدة المتاحة أمام السيدات في مجال عام مغلق جداً، مشبّهة إياها بالعربات المخصصة للسيدات في مترو الأنفاق. وتضيف طنطاوي: "في مجتمعات مغلقة جداً مثل الأقاليم يكون ذلك لطيفاً جداً، ويسمح بوجود السيدات في مساحات محظورة عليهن بحكم العادات والتقاليد هناك، وكوني من الصعيد، يمكنني القول إنني فعلاً آخر مرة كنت في محافظة المنيا لم أكن أعرف مكاناً للذهاب إليه يمكنني فيه أن أشعر بالراحة من دون الشعور أن كل العيون تراقبني، خصوصاً حين أريد الخروج وحدي من غير محرم".

فريق عمل كيتي كافيه

ورحبت أيضاً بالفكرة نرمين أشرف (23 سنة)، من محافظة القليوبية، والحاصلة على شهادة جامعية في اقتصاد وعلوم سياسية. قالت إنها لا تشعر بالراحة في ظل وجود رجال في أماكن التجمعات، مضيفةً: "لا أحب أن أكون متصنعة. أحب أن أشعر أني أجلس مرتاحة وحرة". وتقول شروق السيد، طالبة في الثانوية العامة، إن الفكرة غريبة، وإن من حقها أن تكون في أي مكان تريد، فالأجدر بالنسبة إليها حماية البنات، بدل إنشاء أماكن مخصصة لهن.

 كيف يراها الرجال

مقاهي الفتيات خلقت جدلاً بين النساء، فكيف رآها الرجال؟ يقول علي الخولي، موظف في الجمارك، إن الأمر بدأ كظاهرة في الأوساط المحافظة من الطبقات فوق المتوسطة، التي تريد ممارسة كل شيء، لكن بعيداً عن عيون الناس، وهي تسعى لجذب ذلك الجمهور. بينما يرى معتز نبيل، طبيب أسنان من محافظة الشرقية، أن مقاهي الفتيات لن تؤثر على التواصل، إلا إذا تحول الأمر إلى مقاهي للشباب فقط، وأخرى للفتيات فقط. وحول فكرة لجوء الفتيات إلى هذه المقاهي هرباً من التحرش، يقول نبيل: "لا أظن أن المقاهي فيها حالات تحرش، لكن الفكرة قائمة على أن مقاهي البنات تتيح لهن مساحة من الحرية، فتستطيع المحجبة أن تجلس من دون حجاب، وتستطيع المدخنة أن تدخن على راحتها. لكن بالنهاية فالأمر سيان، فهي كالمقاهي بالنسبة إلينا لكن المشكلة أن مقاهي البنات دائماً عليها العين ودائماً محل شائعات من قبيل المخدرات والدعارة، وهذه آليات لتشويهها".

غرضها التمرد على التقاليد

ترى الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، إن الفكرة مجرد تقليد لما يحدث في بعض الدول التي تفصل بين الذكور والنساء مثل السعودية، مضيفةً أن الاختلاط موجود في كل مكان، وههذه الظاهرة عملية ضحك على العقول غرضها تجاري لإقناع الفتيات بأنه مكان مخصص لهن ورفع الأسعار. وتقول الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، إن فكرة المقاهي المخصصة للبنات غير مفيدة، وهي آلية للتمرد على العادات والتقاليد عند بعض الفتيات والخروج عن الأطر الاجتماعية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard