شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
السياحة الدينية في مصر: عطرة بيت النبوة ومسار المسيح والعذراء

السياحة الدينية في مصر: عطرة بيت النبوة ومسار المسيح والعذراء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 17 يناير 201709:12 م
يحج الآلاف كل عام إلى مغارة ماسابيال للقديسة "برناديت سوبيرو" في فرنسا، لرؤية المكان الذي يقال إن مريم العذراء ظهرت فيه 15 مرة، أولاها في 25 مارس 1856، أي منذ 150 عاماً. ومنذ ذلك الحين، يتوافد الحجاج سنوياً لتقديم التوبة. في المقابل، تمتلك مصر مساراً كاملاً قطعته العائلة المقدسة (السيد المسيح والسيدة العذراء ويوسف النجار)، إبان هروبهم من هيردوس في فلسطين، لكنه يفتقر إلى الترويج والدعاية. ويتجه أصحاب المذهب الشيعي إلى كربلاء بالعراق كل عام، لإحياء ذكرى عاشوراء ومقتل الإمام الحسين. ولكن بالتزامن مع ذلك، تغلق مصر بعض مساجد آل البيت خشية من انتشار التشيع بين العامة. "يوجد اهتمام حالياً بتنشيط السياحة الدينية، من خلال مشروع مساجد آل البيت"، قال سعيد حلمي رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في وزارة الآثار لرصيف22. والهدف وضع مصر على خريطة السياحة الدينية في العالم الإسلامي، خصوصاً تلك المتعلقة بآل بيت الرسول.

مساجد آل البيت

الشارع الذي يقع في حي الخليفة وسط القاهرة، يضم أشهر من جاءوا إلى مصر من آل بيت الرسول، بدايةً من مسجد السيدة نفيسة، مروراً بمسجد السيدة زينب والسيدة سكينة ومسجد الشيخ صالح الجعفري، والإمام علي زين العابدين، ومسجد حسن الأنور والسيدة رقية، ومسجد أم كلثوم، بالإضافة إلى مسجد الإمام الحسين.

مسجد الإمام الحسين

Kairo_Al_Hussein_Mosque_BW_1Kairo_Al_Hussein_Mosque_BW_1 هو الأهم، فالإمام الحسين حفيد الرسول، بالإضافة لاعتقاد الزوار أن رأسه دفن في هذا المكان، بعد أن ذبح في موقعة كربلاء. وبحسب بعض الروايات، حملته امرأة قادمة من باب الفراديس في دمشق، إلى القاهرة، يوم 10 من شهر جمادي الآخرة سنة 548 هجرياً هرباً من الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. كما أطلق الأهالي اسم الإمام "الحسين" تيمناً وتباركاً به، على المنطقة. وفي أي مولد لآل البيت، يأتي الناس إلى هذا المسجد من مختلف المحافظات لطلب العون. Raous-us-Husain,CairoRaous-us-Husain,Cairo

الإمام علي زين العابدين

ولا يفصل هذا المسجد إلا دقائق عن سابقه. هو ضريح الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الذي توفي عام 95 هجرياً، وكان حينها في نهاية عقده السادس. بالرغم من عدم إثبات دفن "زين العابدين" في هذا الضريح، إلا أن الجميع يتهافت على زيارته والدعاء من داخل المقام، والبعض يقبل مدخل الضريح "العتبة المقدسة".

مسجد السيدة زينب

Zainab55Zainab55 وأشار حلمي إلى أن هذا الحي أطلق عليه أيضاً اسم السيدة زينب، بعد أن توفيت في مصر، عقب مجيئها من العراق إبان موقعة كربلاء، وهو من أهم المزارات الدينية، سواء لمحبي آل البيت أو لأتباع المذهب الشيعي. فالجميع يتباركون بصاحبة المقام ويتقرب إلى الله بالدعاء في حضرتها.

مسجد السيدة نفيسة

مسجد_السيدة_نفيسة_بالقاهرةمسجد_السيدة_نفيسة_بالقاهرة عاشت السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، في مصر من 193 حتى 208 هجرياً، ودفنت في القاهرة وأطلق اسمها على المنطقة، احتفاءً بذكراها.

مسجد السيدة سكينة

مسجد-السيدة-سكينةمسجد-السيدة-سكينة يضيف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية: "دقائق معدودة من المشي تصل إلى مقام السيدة سكينة، ابنة الإمام الحسين". المقام الذي كان زاوية صغيرة في البداية، بعد وفاتها عام 117 هجرياً، ثم تحول إلى مسجد ومقام كبير، خصوصاً في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. علماً أن أهمية المقام تنبع من أن السيدة سكينة أول من جاء إلى مصر من بيت النبوة.

مسجد عمرو بن العاص

Mosque_of_Amr_ibn_al-AsMosque_of_Amr_ibn_al-As يشير حلمي إلى أن الإقبال ينصب أيضاً على جامع عمرو بن العاص، لأنه مزار إسلامي عالمي. وترجع أهميته لأنه أول مسجد في مصر وفي إفريقيا، فهو بني عام 20 هجرياً، 642 ميلادياً، إضافة إلى المساحة الواسعة التي بني عليها.

جامع الأزهر

Al_Azhar_Mosque_and_UniversityAl_Azhar_Mosque_and_University من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، وكان منارة العلم في عصور سابقة. هو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، وقد أنشئ على يد جوهر الصقلي، عندما تم فتح القاهرة عام 970، بأمر من المعز لدين الله، أول الخلفاء الفاطميين بمصر.
مصر تستطيع أن تكون وجهة أساسية على خريطة السياحة الدينية في العالمين العربي والإسلامي
بين المقامات الشيعية والمسار الذي قطعته السيدة مريم والمسيح.. في مصر مقومات سياحة دينية مزدهرة جداً
وبعدما أسس مدينة القاهرة، شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله، حجر أساس الجامع، في 14 رمضان سنة 359 هجرياً، 970 ميلادياً، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هجرياً، 972 ميلادياً. اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والمرجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمناً بالسيدة فاطمة الزهراء ابنة نبي الإسلام محمد.

أكبر متحف إسلامي مفتوح

مسجد-الحاكم-بأمر-اللهمسجد-الحاكم-بأمر-الله وبخلاف الأماكن الإسلامية السابقة، يوجد في مصر أكبر متحف إسلامي مفتوح داخل شارع المعز لدين الله الفاطمي في القاهرة. فيجمع أكثر المساجد والمدارس التي بنيت في تاريخ الحكم الإسلامي لمصر. ويمتاز بظهور الصبغة المملوكية والفاطمية على المساجد يميناً ويساراً. وأشهر المساجد هنا مسجد الحاكم بأمر الله، وبيت السحيمي، وجامع سليمان أغا السلحدار، وجامع الأقمر، وسبيل عبد الرحمن كتخدا، وسبيل محمد علي.

السياحة القبطية.. رحلة العائلة المقدسة

وأوضح حلمي أنه من الجانب القبطي، تم توثيق رحلة العائلة المقدسة التي وردت في الأناجيل المختلفة، وتحديد أهم 13 مكاناً مكثت بها السيدة العذراء، والسيد المسيح، والقديس يوسف النجار خلال رحلتهم، بداية من رفح والعريس بسيناء، حتى درنكة بصعيد مصر. "العائلة المقدسة استقرت 3 سنوات و6 أشهر داخل مصر، ما يؤهل مصر لتكون مزاراً للسياحة المسيحية في العالم، وأشهر المعالم المرتبطة بتلك الرحلة كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبانوب في سمنود، بمنطقة وسط الدلتا. وفي القاهرة شجرة مريم، وفي أسيوط دير جبل درنكة، وكنيسة المحرق، وفي المنيا دير جبل الطير"، بحسب ما أكد حلمي، مضيفاً أن وزارة الآثار تعمل حالياً مع وزارة السياحة على إبراز هذه الأماكن على خريطة السياحة العالمية. [caption id="attachment_85104" align="alignnone" width="700"]بركة شجرة مريمبركة-شجرة-مريم بركة شجرة مريم[/caption]

كنيسة العذراء

تقول منة محمد، مرشدة سياحية، لرصيف22 إن العائلة المقدسة استقرت في منطقة بابليون بحي الفسطاط حالياً، أثناء رحلتها في مصر، لفترة غير قصيرة. وكانت السيدة العذراء تتعبد داخل المغارة، وأثناء الإقامة التي قدرها البعض ببضعة أسابيع، شربت العائلة من بئر ماء بجوارها، وغسلت السيدة مريم بها ملابس السيد المسيح، الأمر الذي جعل الناس حتى الآن تتبارك بمياه البئر، فتأتي المرأة العقيمة والمرضى للشرب منها، وللتبارك وطلب الشفاء.

دير مار جرجس

دير-مار-جرجسدير-مار-جرجس وتتابع محمد أن شخصية "مار جرجس" تعتبر رمزاً للتبارك وللعظمة التي يمثلها الشهيد مار جرجس في العقيدة المسيحية، فيوجد بقايا رفات جسده وآثار للسلاسل التي عذب بها، ويأتي المحبون للتبارك من ذكراه. يرجع بناء كنيسة القديس جرجس إلى القرن العاشر الميلادي، لكن شبَّ حريق فدمر الهيكل الأصلي، وأعيد ترميمها عام 1904.

كنيسة أبو سرجة

كنيسة-أبو-سرجةكنيسة-أبو-سرجة وفي المنطقة السابقة يوجد كنيسة أبو سرجة، التي استراحت بها العائلة المقدسة، والكهف الذي اختبأوا به موجود، حتى هذه اللحظة، بالإضافة إلى السلالم الأصلية، التي مشى عليها السيد المسيح، وكل هذا متاح لجميع الزوار. كنيسة-أبو-سرجة23كنيسة-أبو-سرجة23

بركة شجرة مريم

في منطقة المطرية في شرق القاهرة، تقع شجرة "مريم" التي استظلت تحتها السيدة العذراء، والتفت حولها وحول السيد المسيح والقديس يوسف غصونها وأخفتهم عن جنود حاكم مصر، بعد أن أمر الملك هيرودس الأول بقتل المسيح. "عندما جاع سيدنا عيسى، خرجت العذراء تطلب من أهل المكان الطعام فرفضوا المساعدة، الأمر الذي أغضبها فلعنتهم ومن وقتها يوجد منازل معينة لا يختمر بها عيش" بحسب منة محمد. وتأتي الكثير من المسيحيات للتبارك بالمكان الذي لامس جسد السيد المسيح والسيدة العذراء.

جبل درنكة بأسيوط

يقول رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية إن الموكب المقدس استقر في هذا الجبل قرابة الشهرين في درنكة بأسيوط، وكان ذلك في شهر أغسطس. وخلال كل عام يحتفل المسيحيون بهذه الذكرى. وترجع أهميتها إلى استقرار العائلة المقدسة وتعبدها داخل المغارة، وكانت نهاية رحلتهم داخل مصر. [caption id="attachment_85105" align="alignnone" width="700"]جبل درنكة بأسيوطجبل-درنكة-بأسيوط جبل درنكة بأسيوط[/caption]

السياحة الدينية قد تنقذ مصر

لعل السياحة الترفيهية انخفضت في السنوات القليلة الماضية، بسبب عدم الاستقرار الأمني في الداخل. ولم يأت الانخفاض بشكل مفاجئ، لكنه بدأ تدريجياً مع كل حادث أو تفجير. فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء انخفاض عائدات السياحة، بواقع النصف في السنة المالية 2015-2016، لتصل إلى 3 مليارات و770 مليون دولار، بينما كانت تجاوز 12 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير 2011. وذكر بيان صحفي للجهاز أن عدد السياح الوافدين هبط بنسبة 41% خلال شهر سبتمبر الماضي إلى 473 ألفاً، بواقع ثلاثة ملايين و100 ألف ليلة، مقابل 6 ملايين و900 ألف ليلة خلال سبتمبر 2015، بانخفاض نسبته 55.6%. في هذا السياق، يقول عبد الرحمن محمد، وهو مرشد سياحي، إن مصر تستطيع زيادة الإقبال على السياحة الدينية، إذا أنشأت فنادق في الأماكن القريبة من المعابد والكنائس والمساجد الأثرية، ومهدت الطرق بشكل أيسر، حتى يستطيع السائح المشي عليها، وروّجت لهذا التراث الديني في الدول الخارجية. ويضيف لرصيف22: "الجميع يهتمون بالجوانب الروحية أياً كان دينهم".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard