شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
التفحيط في السعودية: جهاد مرح بين السيارات

التفحيط في السعودية: جهاد مرح بين السيارات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 2 أكتوبر 201609:26 ص
ظاهرة التفحيط موجودة منذ الثمانينات في السعودية، ومستمرة بقوة حتى اليوم. تعتبر أكثر ظاهرة تثير جدلاً واسعاً في المجتمع السعودي، وقد تعدى الأمر الإطار المحلي ووصل للقنوات العالمية، التي تنقل بعض اللقطات الخطيرة للحركات التي يمارسها المفحطون، وما يعرف أجنبياً بـCar Drifting. علماً أن للمفحطين جمهور واسع حول العالم، ينبهرون دوماً بالأداء السعودي المجنون. ما يجعل تلك الظاهرة مختلفة في المملكة عن الدول الأخرى، هو أن ممارستها غالباً مخالفة للقانون، مع رواج فكرة أن بعض ممارسي التفحيط منخرطون في نشاطات أخرى مرتبطة بالجرائم، مثل السرقات وترويج المخدرات، وغيرهما. لكن رغم ذلك، يرى البعض من ممارسي هذه الظاهرة أنها مجرد هواية وتنفيس. هل قمت بالتفحيط أو التشفيط سابقاً؟ هل يعجبك ذلك الشعور المتأتي منه؟ تعرّف معنا على عالم التفحيط، عالم الشباب السعودي، بمشاكله وتحدياته وجنونه. saudi-drifting-1saudi-drifting-1

ما هو التفحيط؟

التفحيط هو باختصار إيصال سرعة المركبة إلى نحو 200 كلم في الساعة، ثم الانحراف يميناً ويساراً بشكل متواصل. والتخفيف من السرعة تدريجياً حتى التوقف تماماً، ثم العمل بالطريقة نفسها مرة أخرى. يرى أبو كاب، وهو مفحط من الرياض، ويرفض كشف اسمه لأسباب أمنية واجتماعية، أن السبب الرئيسي لممارسته هواية التفحيط، هو أن فيها مخاطرة ومغامرة بشكل يجعله مدمناً عليها. بينما يجد طارق، وهو مفحط سابق، أن الفراغ هو السبب الرئيسي لممارسته لهذه الظاهرة، قبل أن يعتزلها في السنوات الأخيرة بسبب عمله الحالي. maxresdefaultmaxresdefault يسمي البعضُ المفحطين بالدرباوية وتعني مهجول، أو مفحط متهور وغير مبالٍ. ويسمى المرافقون الذين يجلسون بجانب السائق، في اللهجة المحلية "معززين" أو "معزز"، وهم الأشخاص الذين يقومون بتشجيع أو "تعزيز" السائق ليقوم بالتفحيط بشكل أكثر إثارة وتهوراً. ولعالم التفحيط مصطلحات كثيرة خاصة به، منها "هجولة"، وهي قيادة السيارة بدون هدف، لمجرد القيادة. و"نطلة"، وهو وصف للمركبة وهي تنزلق على الجانب الأيمن أو الجانب الأيسر. و"شطفة" عندما توشك المركبة على الاصطدام بمركبة أخرى، ولكن تنجو في اللحظات الأخيرة. ظاهرة التفحيط للجمهور ليست مخصصة فقط للشباب، بل نجد بعض الشابات في السعودية مهتمات بتلك الممارسات، فيقفن مع جمهور التفحيط، أو حتى يشاركن مع المفحطين من خلال القيام بمهمة المعزز والمشجع للسائق.
يخفي غالباً ممارسو التفحيط أسماءهم الحقيقية خوفاً من ملاحقة السلطات لهم، ورغم تلك المخاطرة، يحرص معظمهم على توثيق ممارسة التفحيط بكاميرات فيديو، غالباً تكون احترافية، وأحياناً بكاميرات مع زوايا مختلفة. ويمارس غالبية المفحطين هوايتهم بمركباتهم الشخصية، ولكن منهم من يعتمد على سرقة مركبة يملكها آخرون للحفاظ على سيارته الشخصية.
للمفحطين جمهور واسع حول العالم، ينبهرون دوماً بالأداء السعودي الذي لا يضاهى في هذا المضمار
عن التفحيط، واحدة من الظواهر الأكثر خطورة والأكثر إثارة للجدل في المجتمع السعودي
ممارسو التفحيط في السعودية هم من سن 17 حتى منتصف العشرين. ويمارسونه غالباً في شوارع المدن الكبرى في السعودية، خصوصاً الرياض، التي تتميز بشوارعها الواسعة، ومساحتها الكبيرة، ولبعدها عن أعين السلطات الأمنية.
تمارس هذه الظاهرة بكثرة أثناء فترة الامتحانات الدراسية، فيخرج الطلاب مبكراً من المدارس، لتكون لديهم فرصة مشاهدة التفحيط قبل العودة لمنازلهم. في السنوات الأخيرة قامت بعض المؤسسات السعودية بتأسيس أندية مخصصة للتفحيط تتوفر فيها جميع وسائل السلامة. وتتم عملية التفحيط في مكان آمن بحضور جماهيري كبير، ولكن ذلك لم يقض على الظاهرة تماماً. إذ يجد بعض المفحطين المشهورين أن ذلك يحد من موهبتهم، ومن المساحة المطلوبة لممارسة التفحيط بشكل فيه من المغامرة الشيء الكثير، وربما التهور الذي يؤدي أحياناً إلى حوادث مميتة. وقد أظهرت الإحصاءات، بحسب صحيفة عكاظ، أن عدد المصابين سنوياً نتيجة الحوادث المرورية في المملكة، ومن بينها التفحيط، 40 ألفاً، 30% منها إعاقات دائمة، أي ما يعادل 35 متضرراً يومياً، و1000 شهرياً، بينما يخسر الاقتصاد السعودي، بحسب الدراسات، نحو 21 مليار ريال سنوياً، تتوزع بين الرعاية الصحية والتعويضات الطبية وفقدان لعناصر منتجة، وساعات عمل وقوى عاملة، ناهيك بالمعاناة الاجتماعية والاقتصادية لذوي المتضررين.
وتتناقل القنوات والصحف السعودية باستمرار هذه الظاهرة، ويعدّ برنامج داوود الشريان الشهير على MBC الأفضل في مقاربتها، إذ استضاف مجموعة من المفحطين، محاولاً التعرف على الأسباب ووجهات نظر الممارسين أنفسهم.

هل العقوبات هي الحل؟

قامت السلطات، ممثلةً بالمرور، بوضع قوانين صارمة وعواقب وخيمة لمن يمارس هذه الظاهرة خارج الأندية المخصصة لذلك. وساعدت تلك القوانين على تخفيف الظاهرة، لكن لم تقض عليها بشكل كامل. وفي حين يرى المحللون أن الفراغ هو أحد الأسباب الرئيسية وراء استمرار الظاهرة، يجد البعض أن السبب هو أن العقوبات غير كافية، ويجب أن تكون أكثر صرامة ورادعة للمفحطين. 483401_144984165649138_928042815_n483401_144984165649138_928042815_n مؤخراً أصدرت وزارة الداخلية السعودية عقوبات جديدة لممارسي التفحيط، تتوزع على 3 مراحل: الأولى ممارسة التفحيط للمرة الأولى، وتتمثل العقوبة بحجز المركبة مدة شهر، مع غرامة مالية 10 آلاف ريال (2600$)، والسجن مدة لا تزيد عن 6 أشهر. وفي المرة الثانية، تحجز المركبة لمدة 3 أشهر مع غرامة 20 ألف ريال (5300$)، وسجن المفحط مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن سنة. وفي المرة الثالثة، يسجن من قام بجريمة التفحيط مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على 5 سنوات مع غرامة 40 ألف ريال (10600$)، بالإضافة إلى مصادرة المركبة المفحط بها، أو إلزام المفحط دفع قيمتها إذا كانت ليست ملكه. لا تسري عقوبتا الحجز والمصادرة في المرتين الأولى والثانية، إذا كان المفحط لا يملك المركبة. ويعترض المتحفظون على هذه القوانين، من كون العقوبات متدرجة. في حين يشدد بعض متخصصي علم النفس على أن الحلول ليست بالعقوبات المتشددة، بل بالتعليم وإيجاد وسائل ترفيه للشباب، وزيادة التثقيف، وحصر العقوبات بأعمال متعلقة بخدمة المجتمع، والدخول في برامج تأهيل وتثقيف من يمارس تلك الهواية الخطيرة. في السنة الجارية، انخفضت الظاهرة بشكل ملحوظ، ويرجع البعض السبب للأنظمة الأمنية والقوانين الجديدة، بينما يرى البعض الآخر أن الأسباب تتمثل بإيجاد الشباب وسائل ترفيه أخرى، خصوصاً هذا العام مع إنشاء هيئة الترفيه، وعودة الحفلات الفنية في المملكة، وقيام بعض المدن بعرض أفلام من خلال مهرجانات سينمائية، كذلك رواج الأنشطة الفنية، والثقافية، والمسرحية، التي تقوم بها هيئة السياحة السعودية، والجهات الأخرى.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard