شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
رحلة تطور الإنسان من

رحلة تطور الإنسان من "ساحل تشاد" إلى "هومو سابينس"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201703:12 ص
بحسب علماء الحفريات، ينحدر الإنسان من جنس الهومو، الذي انتهت كل فصائله ولم يتبق منه سوى نحن. فصيلة البشر الحاليين تسمى "هومو سابينس"، وهناك فصائل عديدة للهومو سبقتها في العيش على هذا الكوكب. آخر كشف في هذا المجال كان في 10 سبتمبر 2015، حين أعلن فريق من العلماء بقيادة لي روجرز بيرجر، اكتشاف حفرية جديدة لجنس الهومو، في كهف جنوب إفريقيا، وسميت بـ"هومو ناليدي". ذكر روجرز بيرجر، أنه فحص 15 جسداً، عبارة عن بقايا عظمية، ومنها اكتشف جسداً بشرياً طوله 150 سم، ورأسه بحجم ثمرة البرتقال. مشيراً إلى أنه لم يحدد بعد عمر هذا الإنسان المنقرض، إنما توقع أن يراوح بين 2.5 إلى 3 ملايين عام.
وبحسب مجلة Nature العلمية البريطانية، فإن أقدم حفرية للإنسان العاقل "هومو سابينس"، كانت تعيش في إثيوبيا منذ 160 ألف عام. ونقلت إذاعة ألمانيا "دويتشه فيله"، في فبراير الماضي، عن دراسة نشرت نتائجها "Nature"، أن "هومو سابينس"، انتقل من إفريقيا إلى شمال الكرة الأرضية مروراً بالشرق الأوسط، منذ 100 ألف عام، وتزاوج بإنسان نياندرتال "آخر فصيلة بشرية قبل هومو سابينس". وقال عالم الوراثة في معهد ماكس بلانك لأنثروبولوجيا التطور بألمانيا، سيرجي كاستيلانو لـ"دويتشه فيله"، إن بحوثاً سابقة أكدت حدوث تزاوج داخلي بين نوعي الإنسان العاقل وإنسان النياندرتال منذ نحو 50 إلى 60 ألف عام. لكن الدراسة الحديثة أثبتت أن تزاوجاً داخلياً آخر حدث قبل ذلك بعشرات آلاف السنين. فمتى حطت أقدام الإنسان على وجه الأرض، وهل كان شكله كما يبدو الآن؟ وإذا كنا نحن البشر لم نكن على شكلنا الحالي، فما مراحل التطور التي طرأت علينا حتى وصلنا إلى هيئتنا هذه. وهل ما أطلق عليه علماء الحفريات إنسانا قبلنا كان بشراً بالفعل، أم أن العظام التي عُثر عليها كانت لكائنات شبيهة بنا؟ إذا صدقت فرضية التطور، فإليكم أهم مراحل تطور جنس الهومو، والتي تنتهي بالإنسان الحالي، نسردها في السطور التالية:

إنسان ساحل التشادي Sahelanthropus

في يوليو 2001 اكتشف فريق بحثي يقوده البروفيسور الفرنسي، ميشيل برونيه، أستاذ الأنثربولوجيا في"كوليدج دي فرانس"، عظام جمجمة تعود إلى 6 ملايين عام، في صحراء تشاد وسط إفريقيا. ونشرت مجلة Nature نتائج بحثه، الذي ذكر فيه أن الجمجمة التي جمّعها قريبة من حجم وشكل جمجمة الإنسان، وشكل المخ الذي يمكن أن تحويه، والأسنان والوجه قريب جداً للشكل البشري. كما رجح البحث أن Toumaï "الاسم الذي أطلق على إنسان ساحل تشاد" كان يمشي على قدمين فقط. هاجم بعض العلماء الكشف، وقالوا إن الجمجمة كانت مشوهة لدرجة لا يمكن معها الجزم بأنها تخص الإنسان. ونقلت BBC، عن مارتن بيكفورد، الخبير بالمتحف الوطني في فرنسا، أن الجمجة ربما تعود لقردة لا تمشي على قدمين، لكن يجوز أنها تطورت فيما بعد وأصبحت كما نبدو الآن.

استرالوبيسكوس Australopithecus

استرالوبيسكسوس، هو نوع من القردة العليا شبيه بالبشر الحاليين، وعثر على حفريات له في أكثر من دولة إفريقية، كجنوب إفريقيا وكينيا وإثيوبيا وتشاد. لهذا النوع أكثر من فصيلة، ضمنها أنامنسيس Anamensis، التي تم اكتشافها في كينيا "شرق إفريقيا"، على يد فريق من جامعة هارفارد الأمريكية سنة 1965، ويجوز أن تكون أول الكائنات التي مشت على قدمين في الكون، بحسب مجلة العلوم الأمريكية Science. أما الفصيلة الأشهر والأهم في هذا النوع فكانت أفارينيسيس Afarensis، التي اكتُشف منها حفرية لـ40% من هيكل عظمي عام 1974 في إثيوبيا، على يد دونالد جونسون وموريس تاييب وتوم جاري، وأطلقوا عليها "لوسي". سميت لوسي، تيمناً بأغنية فريق البيتلز البريطاني "لوسي في السماء مع الماسات". وقال العلماء إن الهيكل العظمي المكتشف يعود لطفلة عمرها 3.2 مليون سنة، طولها 1.1 متر، ووزنها 29 كيلوجراماً. لوسي في تكوينها التشريحي تشبه الشمبانزي إلى حد كبير، ورغم صغر حجم مخها بالنسبة للإنسان العاقل، فإن عظام الحوض والأطراف السفلية تتطابق وظيفياً مع نظيرتها عند الإنسان. وتوضح بجلاء أن شبيه البشر هذا استطاع المشي منتصباً على قدمين. ونشرت Nature نتائج بحث يفيد أن "حادثة سقوط عمودي" وراء موت لوسي، أدت إلى كسر في مفصل الكتف، كما وجد العلماء كسوراً في الكاحل وعظام الساق والحوض والأضلاع، والفقرات الظهرية والذراع والفك والجمجمة. وقال جون كابلمان من جامعة تكساس، الذي كان رئيس فريق الباحثين الذين نشرت لهم Nature: "لم نكن هناك لنشهد الحادثة، لكن الكسور التي تعرفنا عليها متوافقة تماماً مع كل ما يرد في مجلدات أبحاث الجراحة العظمية، التي تصف إصابات ضحايا السقوط من مرتفع".

الإنسان العامل Homo ergaster

تطور منذ مليوني عام نتيجة تقلبات جوية عنيفة في النصف الشمالي من إفريقيا، من البرد والجفاف والثلوج إلى الأمطار، ما أدى إلى خلق بيئة صحراوية في تلك المنطقة. وهي أجواء تضطر من يعيش فيها إلى تطوير آدائه ليصمد. هذا النوع اكتُشفت أول حفرية له عام 1984 في كينيا، على يد ألان والكر، وكامويا كيمي. وكانت ترجع إلى مليوني عام تقريباً، وهي لمراهق عمره بين 11 و13 عاماً، يبلغ طوله 160 سم. واكتشفوا بجانبه بعض الأدوات التي تمكنه من العيش، كالفأس الحجرية، التي ينسب له اختراعها. ويعتقد أنه الكائن الذي تفرع منه الإنسان منتصب القامة بعد ذلك. ويشار إلى أن الفأس التي اخترعها بقيت على حالها لمدة مليون سنة، يستخدمها من جاؤوا بعده.

الإنسان المنتصب Homo erectus

يتوقع أن يكون انحدر من الإنسان العامل، وهناك آراء تؤكد أنه كان منتصب القامة. لكن المرجح أن الإنسان المنتصب هو أول من هاجر من قارة إفريقيا إلى آسيا منذ 1.9 مليون سنة. وتدل على ذلك، الحفرية التي عثر عليها في الهند الشرقية "إندونيسيا حالياً" عام 1891 على يد العالم الألماني أوجين دوبويس، أطلق عليها "إنسان جاوة"، وتنتمي إليه أنواع أخرى كإنسان بكين، وغيره. وبحسب NatureATURE، الإنسان المنتصب، كانت أطرافه العلوية "ذراعيه" أقصر من أطرافه السفلية "ساقيه". وطوله بين 145 سم إلى 185 سم، ووزنه بين 40 إلى 68 كيلوغراماً. وهناك أدلة على أن هذا النوع من أشباه البشر الحاليين، كان يقدم الرعاية للمسنين والمرضى والضعفاء من أبناء جنسه. وأثبتت بعض الدراسات أن هذا الإنسان استمر وجوده على الأرض نحو 50 ألف عام، أي يجوز أن يكون قد عاصر الإنسان الحالي. Picture2Picture2

الإنسان الماهر Homo habilis

عاش في مناطق شرق إفريقيا بين 2.5 إلى 1.6 مليون سنة مضت، واكتُشف على أيدي ماري ولويس ليكي، اللذين عثرا على أول أحافيره في شمال تنزانيا بين 1962 و1964. وبحسب مجلة العلوم Science، فإن الإنسان الماهر كان قصيراً، ذراعاه طويلتان من دون تناسب مقارنة مع البشر الحاليين. وبلغ حجم رأسه 630 سنتيمتراً مكعباً، كما أن أسنانه كانت ضعيفة، فكان ماهراً في صنع أدوات حجرية. وكان يأكل لحوم الحيوانات والحشرات، ما ساهم في تطوير عقله.
إذا صدقت فرضية التطور، إليكم مراحل تطور جنس الهومو التي تنتهي بالإنسان الحالي...
وفي مارس 2015 نشرت National geographic اكتشاف علماء لعظام فك تعود إلى هذا النوع من الهومو، وترجع إلى 2.8 مليون عام. وذكر رئيس الفريق البحثي، بريان فيلمور، أن هذا الاكتشاف يوضح أهم المراحل الانتقالية في تطور البشر، ويبين الصلة بحفرية لوسي. لكن لا يتوفر تاريخ للحفريات في الفترة ما بين الزمن الذي تعود إليه "لوسي" وفصيلتها، وظهور الكائنات الأولى الأشبه بالانسان.

بارانثروبوس " Paranthropus"

كان منتصب القامة، وقيل إنه ينحدر من جنس استرالوبيثيكوس، وتم اكتشافه لأول مرة عام 1938، بعثور تلميذ يدعى جيرت تيربلانش، في جنوب إفريقيا، على أجزاء من جمجمته، تعود إلى 2.7 مليون عام. ومنه فصائل مختلفة، كبارانثروبوس بويزي، الذي يعد أهم أنواعه، والمُكتشف في تنزانيا عام 1959 على يد العالمة البريطانية ماري ليكي. واكتشف ريتشارد ريكي، جمجمة أخرى من النوع نفسه عام 1969. ويعود "بويزي" إلى 2.6 مليون عام، وانقرض قبل 1.2 مليون عام، أي أنه عاش أكثر من مليون عام، وتبين أن انقراضه كان بسبب النمل الأبيض، الذي ظهر نتيجة تغيرات كبيرة في البيئة التي كان يعيش فيها، فلم يستطع مقاومته. ويعتقد أن بويزي هو أول من استخدم الحجارة في تصنيع أدواته المعيشية.

إنسان هايدلبيرغ Homo heidelbergensis

يرجح أن يكون أول شبيه إنسان، يُعثر على حفرية له في أوروبا. اكتشفها علماء من جامعة هايدلبيرغ في ألمانيا، عام 1907. وجاء في موسوعة التطور Encyclopedia of Evolution أن هذا النوع من فصيلة الهومو عاش بين أوروبا منذ 650 ألف سنة تقريباً، وامتاز بقدرته على صناعة أدوات للصيد كالرماح من الخشب والزجاج، واستطاع من خلالها صيد الحيوانات. وذكرت أنه ربما يكون أول نوع بشري يدفن موتاه. وكانت جمجمته أكبر من الجمجمة البشرية، ومتوسط قامته بلغ 180 سم تقريباً. كما يعتقد أنه كان الأصل الذي انحدر منه إنسان نياندرتال، الذي سبق الإنسان العاقل بمرحلة بسيطة.

نياندرتال Homo neanderthalensis

هو أقرب الأجناس للإنسان الحالي. وذكرت مجلة العلوم science، أن الحمض النووي الخاص بـ"نياندرتال" يتشابه مع الحمض النووي للإنسان الحالي بنسبة 99.7%. عاش منذ 350 ألف عام، في منطقة جغرافية امتدت من إسبانيا إلى أوزبكستان. كان يستطيع الكلام لكنه لم يكن يجيد المصطلحات المركبة. ونشرت دورية "وقائع الجمعية الملكية البريطانية"، أن أعين نياندرتال الواسعة، تسببت في انقراضه منذ 24 ألف سنة. إذ كانت تجعل جزءاً كبيراً من تركيز المخ موجهاً إلى العين على حساب أنشطة عقلية أخرى. وجاء ذلك في ظل صراع نيادرتال مع الإنسان الحالي الذي عاصره لمدة 150 ألف سنة تقريباً. كان نياندرتال قوي البنية، لكنه قصير القامة بالنسبة للإنسان الحالي. ولم يتوصل العلماء حتى الآن إلى سر انقراضه، لكن الإنسان الحالي "هومو سابينس" هاجر من إفريقيا إلى شرق أوروبا، وحدث تزاوج بينه وبين نياندرتال، وكان أكثر ذكاءً وقدرةً على مواجهة الحياة فاستمر، في حين ظل نياندرتال ينزح إلى غرب أوروبا، حتى انقرض في كهوف جبل طارق، شمال المغرب وجنوب إسبانيا. Tim-Evanson_flickrTim-Evanson_flickr

إنسان الهوبيت Homo floresiensis

عاصر الإنسان الحالي، واندثر منذ 15 أو 18 ألف عام، وأُعلن اكتشافه عام 2003. بحسب تقرير لـBBC، فإن الهوبيت كان قزماً لا يتجاوز طوله 110 سم، وعثر على حفريات له في جزيرة فلوريس الإندونيسية. لكن علماء أعلنوا في مارس الماضي، أن الهوبيت انقرض منذ 50 ألف عام. وقال الباحثون إنه لم ترد بعد أدلة مباشرة على أن سلالة الهوبيت قابلت سلالة هومو سابينس "الإنسان العاقل"، لكنهم أشاروا إلى أن جنسنا البشري كان يعيش على جزر أخرى بالمنطقة، في الوقت نفسه تقريباً، إذ وصل إلى استراليا منذ نحو 50 ألف سنة. وذكر بيرت روبرتس عالم الأزمنة الجيولوجية بجامعة ولونجونج في أستراليا، أن الإنسان العاقل ربما يكون قد لعب دوراً في انقراض سلالة "الهوبيت". مشيراً إلى أن هذه القضية ستصبح محور تركيز في الأبحاث المقبلة. وقال مات توتشيري عالم السلالات البشرية بجامعة ليكهيد الكندية، والخبير ببرنامج أصل الإنسان بمؤسسة سميثونيان، إن عدداً كبيراً من الحيوانات اختفى على جزيرة فلوريس في الوقت نفسه مثل صغار الفيلة وطيور اللقلق العملاقة من نوع مارابو وسحالي الكومودو الشبيهة بالتنين. وعقب الاكتشافات والحفريات الجديدة، التي تمت بين عامي 2007 و2014 والتي أسهمت في تحسين فهم العلماء لموقع الكهف وتاريخه، أعاد الباحثون تقييم عمر الصخور الرسوبية التي عثر على عظام وحفريات سلالة "الهوبيت" بها. وقال توماس سوتيكنا عالم الأحياء القديمة في جامعة ولونجونج الاسترالية والمركز الوطني الإندونيسي لبحوث الآثار في الدراسة التي وردت في Nature، إن بقايا الهيكل العظمي لسلالة "الهوبيت" ترجع إلى فترة تراوح بين 60 ألفاً و100 ألف عام، بينما يرجع عهد أدواته الحجرية إلى 50 ألفاً و190 ألف عام.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard