شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
التحرش بالرجال: يخفيه الجميع خوفاً من المجتمع

التحرش بالرجال: يخفيه الجميع خوفاً من المجتمع

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 23 يناير 201812:01 م
خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت حالات التحرش بالرجال في الانتشار، لكن المؤسسات والجمعيات الأهلية لا تعتبرها ظاهرة، لعدم وجود إحصاء لعدد المتحرش بهم. فالمتعارف عليه هو التحرش بالنساء وليس بالرجال، كما يرفض أي رجل بالغ الإفصاح عن تعرضه لهذا النوع من الاعتداء، الذي يندرج في خانة العنف الجنسي، نظراً لحساسية القضية وخوفاً من الوصم المجتمعي.

أحمد: تركت العمل بسبب التحرش

أحمد عبدالرحيم (26 عاماً)، لا يعمل حالياً، لكنه كان موظفاً في إحدى شركات العلاقات العامة في القاهرة، تعرض لتحرش جنسي من مديره. يقول أحمد: "كنت في منتجع سياحي في الساحل الشمالي مع مديري في العمل، الذي يتجاوز الثلاثين من العمر، انتهينا من العمل وأثناء عودتنا في الطريق الصحراوي إلى القاهرة، بدأ يسألني من أين اشتريت البنطلون، ثم وضع يده على رجلي، وهو يدعي أنه يستعلم عن نوع خامة القماش". كان الأمر بالنسبة لعبدالرحيم غير مألوف، "قلت لنفسي قد أكون أسأت النية وهو لا يقصد ذلك. لكن الأمر تكرر، ووضع يده على عضوي وهو يبتسم. حينها لم أتمالك أعصابي ودفعت يده بقوة بعيداً عني". يقول: "نزلت من سيارته واستقللت أخرى بعد أن استعدت اتزاني وقررت أن اترك هذه الوظيفة". مضيفاً: "الأمر ترك لدي أثراً سلبياً على مدار الأسابيع والشهور التي تلت، كنت أتجنب أن يلامس جسدي أي شخص، وبدأت بمراقبة نظرات من حولي، ربما أصبح الأمر يمثل عقدة لي حتى الآن".

نور: ضربت المتحرش وفضحته بين الناس

نور واكد (24 عاماً)، يعمل في إحدى شركات اتصالات الهواتف كمُدخل بيانات، وله عمل آخر بعد انتهاء دوام العمل كمندوب بيع ملابس. يقول إنه كان يوصل دفعة من ملابس إلى محل تجاري، وخلال التسليم طلب منه مدير المحل أن يساعده لنقل الملابس إلى حجرة صغيرة داخل المتجر، تستخدم كمخزن. لم يكن الأمر بالنسبة إليه غريباً، لأنه يلاحظ منذ فترة، أن سلوك صاحب المتجر تجاهه حميمي أكثر من اللازم، ما جعله يشك أنه يرغب في إقامة علاقة معه. ويضيف: "بعد أن دخلنا إلى المخزن الصغير، طلب أن أتقدمه، وأنا أحمل حقيبة كبيرة في يدي، وبدأ بملامسة جسدي من الخلف. استدرت سريعاً ودفعته في صدره، وهو يهدئني ويطلب مني أن التزم الصمت، لكنني بادرته بالسباب والشتائم". لم يتوان واكد عن إخبار أكثر من صاحب مصنع ما حدث معه، ليمنع التجار من إرسال البضائع لهذا المتجر، فمن وجهة نظره، لا يوجد ما يجعله يخجل من ذلك.

إبراهيم: الهاتف أنقذني

إبراهيم مجدي (21 عاماً)، تعرض لتحرش من جارته، وكان الأمر سيتطور إلى إرغامه على إقامة علاقة جنسية معها، إلا أن هاتفه المحمول أنقذه. مجدي يسكن في حي فيصل بالقاهرة، حيث واجهات المباني متلاصقة. تصنف المنطقة على أنها شعبية. يقول: "ذات يوم لم أذهب إلى الجامعة، كنت أشرب القهوة على الشرفة، فخرجت جارتي وهي تتجاوز الثلاثين من العمر، ومتزوجة ولديها طفل، وطلبت أن أصلح لها جهاز الريسيفر، رحبت بطلبها وذهبت إليها". ويقول: "جاءني اتصال قبل أن أنزل وأخذت الهاتف معي، وبعد أن وصلت إلى شقتها، أنهيت المكالمة، وألقيت نظرة على جهاز الاستقبال، فوجدته يعمل وليس به عطل، وأنا أتحدث معها وجدتها تقترب وتضع يدها على رأسي من الخلف وتحاول احتضاني. لكنني ابتعدت عنها سريعاً.
الاعتراف بالتحرش أكثر قسوة للرجل من المرأة...
يتابع: "تداركت الموقف وطلبت منها أن تسمح لي بالخروج، لكنها رفضت ووقفت بباب الشقة، وقالت إذا لم تقم علاقة معي الآن، فسأصرخ وأقول إنك تريد اغتصابي". عن رد فعله حينها، يروي إبراهيم: "للحال أخرجت هاتفي وفتحت مسجل الفيديو وبدأت أصورها، وقلت أنا الآن في الشقة، وهي عايزاني أنام معاها، ومنعاني من إني اخرج. وقلت لها لو عايزة تصوتي صوتي براحتك بقى".

الاعتراف بالتحرش أكثر قسوة للرجل من المرأة

"يعتبر التحرش الجنسي بالذكور البالغين من المواضيع والقضايا المسكوت عنها في المجتمع، لأن وصم العنف الجنسي، إذا اعترف به الرجل، أكثر قسوة عليه من المرأة"، تقول داليا عبد الحميد، مسؤولة برنامج النوع الاجتماعي وحقوق النساء في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وأضافت: "النسبة الأكبر من التحرش بالرجال تتمركز في أماكن الاحتجاز التابعة للجهات الأمنية، سواء بالتحرش أو الاعتداء أو الاغتصاب، ويكون ذلك للترهيب ولانتزاع الاعتراف. ويحدث التحرش أيضاً في الأماكن العامة والمواصلات". وتؤكد: "لا يوجد حملات تساعد الرجال على الحديث عن أي نوع من التحرش أو الاعتداء الجنسي، لأن المجتمع يعتبر ذلك جرحاً لصورة الرجل". واعتبرت أن المتحرش به يتعرض لثقافة "لوم" من المجتمع، وتتلخص في: "أنت كنت لابس إيه، كنت ماشي بلليل، استرجل وأنت واقف، شايف شعرك عامل ازاي"، ليتم تبرير التحرش.

نقص الرجولة هو أكبر مخاوف الاعتراف

وتقول ميرفت جودة، استشارية الطب النفسي: "رجولتك نقصت"، هذه هي الكلمة التي توجه إلى الرجل بعد أي تحرش، وهذا ما يمنعه من الحديث عما حصل له، ولفتت إلى أن غالبية الرجال تعرضوا ل لفتحرش لفظي أو بدني خلال حياتهم. "وعلى الجانب الأخر، إذا حدث لرجل تحرش جنسي من امرأة، يعتبر هذا دليلاً على رجولته أو قوته، ويحبذ ذلك، لذا لا يكون له رد فعل مدافع عن جسده، ولا تترك له آثار نفسية"، بحسب الأخصائية النفسية.

هكذا يتم تأهيل ضحايا التحرش الجنسي

وتشير جودة إلى أن جلسات التأهيل في الجمعيات والمنظمات المتخصصة يتم على عدة مراحل متوازية، سواء كان المرض عضوياً أو نفسياً، ويجري من خلالها التأكيد مراراً أن هذا الشخص يعتتر "ناجي" من التحرش، ولا يد له في هذا الفعل، ويتم تجنب ملامسته جسدياً.

9% من الرجال تعرضوا للتحرش جنسي

سجلت وحدة الدراسات الاجتماعية لمركز حماية المجتمع، التابعة للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، في بحث ميداني في القاهرة الكبرى على ألف رجل، أن نسبة 9% من الرجال تعرضوا لتحرش جنسي من نساء. وأشار البحث نفسه إلى أن 4% من الرجال اضطروا لإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج بناءً على ضغط من سيدات كن معظمهن مديرات أو مالكات للشركات، التي يعمل بها الرجال. ولفتت الدراسة، التي نشرت عام 2013، إلى أن 23% من العينة من الرجال، أشاروا إلى أن معظم النساء اللواتي تحرشن بهم جنسياً، كن من المطلقات أو من غير المستقرات في حياتهن الزوجية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard