شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل حان الوقت ليوم عالمي لمكافحة عنف المرأة ضد الرجل؟

هل حان الوقت ليوم عالمي لمكافحة عنف المرأة ضد الرجل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 10 أغسطس 201610:53 ص
"تعرفت إليها بعد أن أمضيت أعواماً طويلة محطم القلب. كنت خارجٍاً من علاقة حب أفقدتني الأمل بالحياة الثنائية، إلى أن أتت واحتضنتني في حياتها. تزوجنا وأنجبنا فتاةً، والآن هي بانتظار صبيٍ، وما زلت متردداً في شأن الاسم الذي أرغب بإعطائه له. القصة أنني لم أعد أدري من أنا، فكيف لي إذاً أن أحدد هوية كائنٍ آخر. لم أعد أدري كيف وصلنا إلى هنا، إلى مرحلة لم تعد تسمح لي أن أفسخ عقد الزواج، رغم أنني معنّف. المرة الأولى التي رفعت يدها بوجهي، كنت عائداً من السوق، مع لوازم مختلفة عن تلك التي طلبتها مني. فشدت شعري، وضغطت على أذني حتى سالت احمراراً بين يديها. وتطورت الأمور إلى أن أصبحت تصفعني على وجهي، وتعضني، وتركلني، إذا لم أتابع إرشاداتها اليومية". هذه هي قصة هيثم على لسانه. هيثم غير القادر على ترك زوجته رغم العنف الجسدي والنفسي اليومي الذي يتعرض له لأنه يخاف على أولاده منها. هو رجل كئيب ومنعزل، يمضي وقته داخل مكتبه ويتجنب الرجوع إلى المنزل قبل نوم الأولاد، كي لا يشهدوا صفع والدتهم لوالدهم. منطو على نفسه، يتجنب أصدقاءه، كي لا يروا آثار الكدمات على يديه ووجهه، فيسألوا. حال هيثم حال كثر من الرجال العرب، الذين يتعرضون للعنف من قبل زوجاتهم، ويسكتون. "الزوجة المصرية، الأولى عالمياً في ضرب الأزواج". عنوان تصدر العديد من الصحف العربية أخيراً، حتى تحدث البعض عن نسب مخيفة، وصلت إلى 50.6% من إجمالي عدد المتزوجين في مصر، وفق دراسة أجريت في جامعة جنوب الوادي - مصر.
كيف ولماذا تلجأ المرأة إلى تعنيف زوجها وما الذي يجعله يسكت عن تعرضه للعنف من قبلها؟
مجرد القول إن الرجل ليس صاحب السلطة في البيت يعتبر فضيحة في المجتمعات العربية. فكيف إذا كانت زوجته تضربه؟
أن يضرب رجل زوجته أمر مرفوض ومدان، وتعمل على الحد منه العديد من الهيئات والجمعيات المعنية بحقوق المرأة في العالم العربي التي تنشط في حماية المرأة وإنصافها. في حين يبقى الرجل محط حذر وخوف غير محتاج إلى حماية أحد. فأن نرى امرأة تضرب زوجها، وأن يكون هو الضحية، أمر ما زال بعيداً عن تقاليد مجتمعاتنا. الرجل العربي هو "المتسم بالعنف والذكورية"، والمرأة "رمز للاحتواء وأنوثة التصرف". والغريب في الأمر أنه رغم الإحصاءات والدراسات، التي تثبت صحة تلك الظاهرة، التي يجهلها الكثيرون ويعتبرونها مزحة، قلما نسمع في الإعلام، عن رجل اشتكى من تعنيف زوجته له. فكيف ولماذا تلجأ المرأة إلى تعنيف زوجها وما الذي يجعله يسكت عن تعرضه للعنف من قبلها؟

هل الخضوع للتعنيف أرحم من التشهير؟

حين يكون الرجل ضحية تعنيف المرأة الجسدي، فهو لا يخاف من تهديدها هي فقط، بل من نظرات المجتمع التي لن ترحمه ويمكن أن لا تتعاطف معه. فتعتبره منقوص الرجولة، يستحق الضرب، لأنه لم يفلح في "ترويض" شريكته. مجرد القول إنه ليس صاحب السلطة والقرار في البيت، يعتبر فضيحة في المجتمعات العربية. كيف بالأحرى إذا كانت تضربه؟ يسكت الرجل حينها عن العنف والتعذيب الذي يتعرض له، لأنه إذا باح بذلك سخر منه الأصدقاء والأهل. أن تكون رجلاً حسب الدكتور في علم النفس دافيد فونتس، فيعني أن تكون لديك القدرة على تحمل الصعاب من دون أن تتذمر، ومن دون أن تظهر أي ضعف أو ألم. تفسير للرجولة يعتبر سبباً أساسياً خلف بقاء ظاهرة العنف ضد الرجال طي الكتمان. ففسر فونتس في مقال بعنوان "الرجال لا يبوحون"، أن سكوت الرجل وخوفه على كرامته نقطتا ضعف تستغلهما المرأة العنيفة للتسلط عليه مدركة أنها لن تعاقب.

تعنيف حتى القتل

عقوبات الضرب والتعنيف شديدة في دول العالم المتقدم، لكن ذلك لم يؤثر على النسب التي بقيت مرتفعة، كاسكتلندا، حيث أظهرت دراسة أجرتها جامعة جلاسكو على مجموع 200 امرأة شملهن الاستطلاع أن 60% من النساء يؤيدن ضرب الزوجة لزوجها. بينما اعترفت 35% منهن بضرب أزواجهن، و8% اعترفن بأنهن سببن جروحاً للشريك خلال المشاجرات الزوجية. وأشارت الدراسة إلى أن الجروح التي يصاب بها الرجال تتمثل في الرضوض والجروح وتكسير العظام. أما في بريطانيا فأكثر من 40% من حوادث العنف المنزلي أبطالها من النساء. تلك نتائج دراسة نشرتها صحيفة The Guardian منذ بضعة أعوام، مشيرةً إلى أن ارتفاع تلك النسب يعود أساساً إلى شبه التجاهل الذي تمارسه الشرطة والإعلام، إزاء شكاوى الرجال. إذ يعتقد أن الرجل هو المعتدي الأول في كل الأحوال، والمرأة ترد دفاعاً عن النفس وليس تهجماً. في الولايات المتحدة الأمريكية، أشارت صحيفة The Telegraph في تقرير أعدته أنه حان وقت تسليط الضوء على مسألة تعنيف الزوجة لزوجها، الذي ما زال يعتبر تابو، بعد الأحداث التي هزت البلد عامي 2014-2015. حينها توفي 19 رجلاً على أيدي شريكاتهم الحاليات أو السابقات. وتعرض 500 ألف رجل لشتى أنواع العنف من قبل الزوجة أو الشريكة، حسب مركز الإحصاء الوطني، أي ما يقارب 2.8% من الرجال. أما في العالم العربي فالحال ليس أفضل. إذ نشرت صحيفة سبق السعودية نقلاً عن الشيخ عادل المطوع، المشرف العام على مركز "واعي" للاستشارات الاجتماعية في السعودية، أن المركز تلقى أكثر من 557 ألف شكوى خلال الفترة الماضية من أزواج تعرضوا للضرب من قبل زوجاتهم. مشيراً إلى أن أهم الأسباب تعود إلى تحكم الزوجة بالمال والإنفاق على المنزل. في الكويت أكدت دراسة نشرتها صحيفة القبس أن 35% من نساء الكويت شعرن بالمتعة بعد ضربهن وتعذيبهن لأزواجهن. وعند بحثها عن الأسباب، توقعت الدراسة أن تكون إما ردة فعل على سيطرة الرجل وأفكاره الذكورية فتضربه انتقاماً، وإما "لوجود غريزة شر متأصلة في شخصية المرأة وتنفسها في زوجها. فتقوم بتعنيفه إما معنوياً، أو بالتعنيف المادي من خلال حرمانه من التحكم بالمصروف المنزلي، أو التعنيف الجسدي من خلال الضرب الذي يمكن أن يصل إلى القتل".

خط رفيع بين المازوشية والتعنيف

بين مازوشية الرجل المعنف والتحريض العلني أو المبطن الذي تقوم به بعض الجمعيات المولجة حماية المرأة وتحفيزها على تحصين حقوقها، أصبح الرجل ضحية. المازوشية خلل نفسي يتميز بالتلذذ بالألم خلال ممارسة العلاقة الجنسية، وقد يمتد إلى الحياة العملية والعاطفية. يشعر الشخص بالنشوة حين يتعرض للعنف، فيصبح اللاوعي لديه طالباً للضرب والإيذاء حتى يصل الحد به إلى استفزاز الآخر ليؤذيه، فينتشي. يختار الشخص المازوشي شريكاً سادياً يستلذ بتعذيب الآخرين فتصبح العلاقة سادية مازوشية. هذا بالنسبة إلى الرجل الذي يتعرض للضرب ويسكت متلذذاً. أما ذلك الذي لا يستمتع بالضرب، بل يضطر للسكوت خوفاً من الفضيحة، فحاله أصعب، لأنه يشعر أنه يواجه العنف وحيداً، ما يمكن أن يوصله إلى الاستسلام والاكتئاب، وينعكس على مستقبل العائلة بأكملها. وهنا تقع المسؤولية على الجمعيات النسائية التي تزرع أفكاراً تحريضية أحياناً من دون وعي في ذهن النساء، اللواتي يلجأن إليها طلباً للحماية. فتتوارث أفكار الانتقام حتى تصبح لدى المرأة رغبة باستباق عنف الرجل، سواء كان متوقعاً أو غير موجود في الأصل، وتلعب هي دور الجلاد. إضافة إلى ذلك، فإن العالمين الغربي والعربي يخلوان من جمعيات لحماية حقوق الرجل من العنف المنزلي، معتبرين أن الرجل يستطيع أن يأخذ حقه بيده، وليس بحاجة إلى مساندة أحد.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard