شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
يهود البحرين الذين فضّلوها على إسرائيل

يهود البحرين الذين فضّلوها على إسرائيل

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 24 يونيو 201605:54 م

استوطنت عائلات يهودية عدة البحرين منذ القرن التاسع عشر، أصولها تعود إلى العراق وإيران والهند وبلدان أخرى، جاء أفرادها بحثاً عن فرص أفضل. ووجدوا تقبلاً لهم وتعايشوا مع البحرينيين منذ ذلك الوقت، ورغم أن الأحداث في فلسطين أدت إلى بعض التوتر في العلاقات، وهجرة الكثير منهم، فإنهم ظلوا مواطنين يعملون في التجارة، وأخيراً في الشأن العام.

عائلة خضوري العراقية الأصل، هي أقدم العوائل اليهودية التي استوطنت البحرين، كما جاء في دراسة لتاريخ اليهود في البحرين للكاتب البحريني علي الجلاوي، الذي أشار فيها إلى عدد من العائلات اليهودية التي هاجر بعض أفرادها، فيما بقي الآخرون حتى يومنا هذا.

يهود البحرين - NANCY-ELLY-KHEDOURINANCY-ELLY-KHEDOURI

حفيدة هذه العائلة، نانسي دينا إيلي خضوري، هي عضو في مجلس الشورى البحريني، قالت لرصيف22: "البحرين بلد منفتح يحترم جميع الديانات منذ قديم الزمان، فشعب البحرين معروف بالتسامح والتعايش وقبول الآخرين من الديانات المختلفة، من دون أي تفرقة أو تمييز".

وتضيف: "أولى العوائل اليهودية جاءت البحرين في نهاية ثمانينيات القرن التاسع عشر من العراق، واستقروا بحثاً عن حياة أفضل، ومنهم من جاء من إيران والهند، ومعظمهم تجار قرروا الاستقرار في بلد مثالي لتقديم خدماتهم للناس، وعاشت غالبيتهم في العاصمة المنامة".

عبرت خضوري عن السعادة والرضا للعيش في البحرين: "من دون شك نحن محظوظون لأننا نعيش بخير، وفي مجتمع منفتح، تربطنا به علاقات حقيقية، فهذا الاندماج يعكس المثال الأصلي للمواطن البحريني".

تعيش حالياً في البحرين سبع عائلات يهودية، وأبقت بعض العائلات التي هاجرت على تجارتها قائمة في البلاد. ويلفت الجلاوي إلى غياب إحصاء رسمي لتعداد الجالية اليهودية: "كما لا يقدم أبناء الجالية رقماً محدداً، لكن لصغر الجالية وشهرتها في الوسط التجاري، يمكن حصر العدد بالعشرات، ولا يتعدى المئة".

وعن ممارستهم طقوسهم الدينية، تقول خضوري: "مع أن البحرين تمنح الحرية الكاملة للعبادة، فاليهود هنا ليسوا شديدي التدين، ويميلون إلى ممارسة شعائرهم وإقامة صلواتهم والاحتفال بأعيادهم ومناسباتهم الدينية في منازلهم، فلا يتوافر النصاب الشرعي في الدين لحضور عشرة رجال للصلاة ثلاث مرات في اليوم، الجميع يمارسون الطقوس الدينية في المنزل".

وتضيف: "بني المعبد اليهودي في ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت تقام فيه الشعائر حتى عام 1948 إذ وقعت بعض الحوادث، فأغلقه يهود البحرين، ثم رمّم في السنوات الأخيرة، ليرحب بالزوار اليهود من مختلف البلدان، الذين يبدون عند زيارتهم للبحرين اهتماماً شديداً بلقاء الجالية اليهودية، ويطلبون زيارة مواقع دور العبادة والمقبرة".

يهود البحرين - معبد يهوديIMG_4241[1] ويذكر الجلاوي في كتابه حادثة الاعتداء على الكنيس اليهودي، في 3 ديسمبر 1947، حينذاك خرجت مسيرات غاضبة على تقسيم فلسطين، واقتحم المتظاهرون المعبد اليهودي في المنامة، واعتدوا على دكاكين تابعة للجالية اليهودية، وتكررت الحادثة مطلع عام 1948.

وعن انتمائهم وقدرتهم على التعايش في المجتمع البحريني المسلم في مجمله، قالت خضوري: "خلال حياتي في البحرين، لم تصادفني أي مواقف سيئة، بل على العكس، ترعرعت وتعاملت مع أصدقائي البحرينيين من مختلف الأديان، ولا تزال تربطنا علاقات صداقة، تجمعنا الأفراح والأحزان، وأشكر الله على هذه النعمة".

وتضيف: "في البحرين تجد الناس من كل الأديان والطوائف يعيشون في حرية ومساواة، ونحن يهود البحرين نفتخر بأننا عرب خليجيون، وأننا نحمل صفتنا المميزة لقيمنا التقليدية وثقافتنا بعد أن استوطنّا الشرق الأوسط عبر الأجيال، فنحن هنا منذ العام 1880، والحمد لله لم تواجهنا أي مشاكل، ولم نشعر بأي اضطهاد، فالبحرين وطننا الغالي الذي نعتز به".

وقال الجلاوي لرصيف22 إن هناك أسباباً كثيرة وراء بقاء اليهود في البحرين، جزء منها صرح به أبناء الجالية، مثل كون البحرين لا تفرض الضرائب، ونسبة الأمان عالية، ومشاريعهم الناجحة والقائمة، وارتباطهم بالأرض، وعلاقاتهم الاجتماعية الجيدة، حتى في مقارنتهم بإسرائيل لا يخفي أبناء الجالية أن إسرائيل ليست مكاناً آمناً، والدول الأوروبية وأمريكا ترهقهم بالضرائب والقيود التجارية، ومن خلال تتبع لقاءات وتاريخ الجالية، تبدو هذه الأسباب منطقية ومقنعة إلى حد كبير".

تشير خضوري إلى أن "رجال اليهود يعملون في التجارة، كتجارة الأقمشة، والصرافة وبيع سبائك الذهب والسجاد، والأسطوانات والتبغ وغير ذلك، كما عملوا في السابق معلمين في مدارس البحرين وفي شركة البحرين للبترول (بابكو)، وشركة الاتصالات (بتلكو)، والبنك الشرقي (ستاندرد تشارترد)، أما النساء اليهوديات فقد امتهن التدريس، وعملت بعضهن ممرضات، وكانت من بينهن قابلة شهيرة، تدعى (أم جان) وهي من أصول تركية، تدربت على التمريض وامتهنت التوليد في العراق قبل مجيئها إلى البحرين مع زوجها ذي الأصل الهندي".

وعن مشاركتهم في الحياة السياسية في البحرين تقول خضوري: "شغلت ابنة خالتي هدى نونو منصب سفيرة البحرين في واشنطن فترة من الزمن، كما عيّنني جلالة الملك عضواً في مجلس الشورى منذ العام 2010، وهذا فخر لي لأعمل مع زملائي في المجلس من مختلف الديانات على تشريع القوانين لمصلحة البحرين، والمواطن البحريني بغض النظر عن ديانته".

إلا أن الجلاوي يعتبر أن تعيين بحرينيين من الجالية اليهودية في مناصب عامة، لم يقدم نتائج فارقة عملياً"، مضيفاً: "تقدم المدونات والوثائق التاريخية نظرة قريبة لعلاقة الدولة في البحرين بالجالية اليهودية، منها الوثائق البريطانية، فتفاوتت علاقة هذه الجالية بالنظام في البحرين، بين استخدامها في الوظائف والتجارة، وإعطائها مكانة في عضوية المجلس البلدي خلال بدايات القرن الماضي، إلى إبرازها في عهد ما أطلق عليه إصلاحات العهد الجديد، فتم إدخال عضوين من اليهود في المشهد الحكومي".

ويضيف الجلاوي: "سبقت مرحلة تعيين سفيرة يهودية في واشنطن، تعيين سفيرة مسيحية في بريطانيا، إذ تقدم الدولة مشروعها من خلال توظيف عنصر الدين، كواحد من أكثر العناصر الإعلامية الفاعلة في المجتمعات الغربية، في حين عملت على تغييب شريحة الشيعة، بسبب مواقفها المعارضة".

يهود البحرين - الجالية اليهودية في البحريناجتماع-الجالية-اليهودية-مع-ملك-البحرين

وعن علاقة يهود البحرين بإسرائيل يوضح الجلاوي: "مع قيام إسرائيل كانت البحرين أحد الخطوط لتزويد إسرائيل بالحديد المستعمل، لتصنيع الأسلحة، وذلك عن طريق الطيران، خط كلومبو - بحرين - إسرائيل، كما تم تسويق البضائع المصنعة في إسرائيل في دول الخليج، عبر البحرين، لدرجة إعلان بنك "الاندوشين" في العربية السعودية منع فتح اعتمادات لتوريد بضائع إسرائيل عن طريق مؤسسات وشركات في البحرين. أما في الوقت الراهن فقد عملت السفيرة البحرينية في واشنطن هدى نونو على جمع مسؤولين إسرائيليين مع ولي عهد البحرين، ووزير خارجيتها، كما تواصلت عبر سفارة البحرين في الولايات المتحدة لربط صلات باللوبي اليهودي".

ويرى الجلاوي أن هذه العلاقات الحديثة لم يحاول من خلالها أبناء الجالية تطبيع علاقة النظام في البحرين مع إسرائيل، "بل على العكس، إذ استعمل النظام في البحرين أبناء الجالية لفتح علاقات مع إسرائيل، ويمكن الاطلاع على تصريحات ولي العهد البحريني في صحيفة الواشنطن بوست: نحن العرب، لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل مباشرة مع الشعب الإسرائيلي".

ويختم الجلاوي: "تتضح الصورة أكثر من خلال تسريبات وثائق يكيليكس، التي عبر خلالها وزير الخارجية البحريني عن استعداده للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فور تسلم الأخير مهمات منصبه، كما كتبت صحيفة هآرتس عن علاقات سرية، على مستوى عال، بين إسرائيل والبحرين في السنوات الأخيرة، وعن مسؤولين من الدولتين التقوا مرات عدة في أوروبا، وعلى هامش الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة”.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard