شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل قتلت الكنيسة أيرين نزيه؟

هل قتلت الكنيسة أيرين نزيه؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 24 مايو 201612:45 ص

أنا قتلت مراتي إيرين في الغرفة 902 وجثتها في الغرفة وأنا الآن مسافر إلى أمريكا، ومعي الجنسية الأمريكية وماحدش حيعرف طريقي أو يعمل معايا حاجة والحمد لله أنا بقيت أرمل ويمكنني الزواج في أي مكان في العالم، وسلم لي على القانون المصري". هذا كان نص كلمات رزق لمعي، قاتل أيرين، وهو على سلم الطائرة متجهاً إلى أمريكا في مايو 2010. قتلها لأنه لا يستطيع أن يطلقها، فقد أصبحت قدره الذي لا يمكن الخلاص منه إلا بالموت، بحسب عقيدة الكنيسة، التي تحرم الطلاق، لذا لمعي قرر التعجيل بموتها ليحصل على حريته.

أرسى البابا شنودة الثالث (1939-2012) قاعدة "لا طلاق إلا لعلة الزنا"، فسارت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية على هذا المبدأ، متجاهلة معاناة منكوبي الأحوال الشخصية كما يسمون أنفسهم، وهم آلاف الأقباط الراغبين في الطلاق والزواج مرة أخرى. هذا المبدأ يعني أن لا طلاق لعلة التعاسة أو الضرب أو الإيذاء مهما كان شديداً.

وقد اعتادت الكنيسة أن تقول إن من لا يوافق على عقيدتنا، فليذهب ويتزوج زواجاً مدنياً بعيداً عنا، علماً أن ذلك شبه معدوم قانوناً. منذ أسابيع تحدى مواطن مسيحي الوضع، وحصل على حكم طلاق من ألمانيا. ثم تزوج في مصر زواجاً مدنياً ووثق العقد في المحكمة بعيداً عن الكنيسة تماماً.

لكن الكنيسة تطوعت من تلقاء نفسها ووصفته بالزنا ورفعت قضية ضده لإبطال الزواج. فالكنيسة لا تريد أن تطلق وتزوج مرة ثانية آلاف الأقباط العالقين في زيجات فاشلة، وترفض أن يلجأ الأقباط للقانون المدني للحصول على حقوقهم.

باختصار تفرض الكنيسة بالتواطؤ مع الدولة، رؤيتها الدينية بقوة القانون، منتهكة فكرة مدنية الدولة التي يفترض أن تعامل المواطن على أنه حر بالغ له حقوق غير مرتبطة بموافقة المؤسسة الدينية.

تستند الكنيسة في موقفها إلى آية من الإنجيل تقول: "مَن طلَّق امرأته لغير علة الزنا وتزوج بأخرى فهو يزني". لكن من يدافعون عن هذا الموقف يتجاهلون آية أخرى تقول: "الحرف يقتل ولكن الروح يحيي".

من المعروف أن بابا الكنيسة يكون راهباً، والبابا شنودة كان راهباً، فكيف يشرع من لم يلمس امرأة في حياته قوانين الزواج والطلاق؟ وكيف يشعر من رفض الزواج بمعاناة زوج تعيس أو زوجة محرومة، وبأي منطق يتحكم من أدار ظهره للجنس والعاطفة واختار الانعزال عن العالم في حياة ملايين المتزوجين؟

لكن الأمر لم يكن على هذا النحو حتى عام 1971، حين تولى البابا شنودة الثالث منصبه. قبل ذلك كان هناك لائحة سنة 1938 أباحت حق طلب الطلاق لتسعة أسباب:

  1. الزنا
  2. تغيير الدين
  3. إذا غاب أحد الزوجين خمس سنوات متوالية بحيث لا يعلم مقره ولا تعلم حياته من وفاته
  4. السجن لمدة تزيد عن سبع سنوات
  5. إذا أصيب أحد الزوجين بجنون مطبق أو بمرض معدٍ يخشى منه على سلامة الآخر أو أصيب الزوج بالعجز الجنسي لمدة ثلاث سنوات وكان غير قابل للشفاء.
  6. إذا اعتدى أحد الزوجين على حياة الأخر أو اعتاد إيذاءه إيذاء جسيماً
  7. إذا ساء سلوك أحد الزوجين وفسدت أخلاقه
  8. إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً مما أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما واستمرت الفرقة ثلاث سنين متوالية
  9. إذا ترهبن الزوجان أو ترهبن أحدهما برضى الآخر.

فهل سمح البابا كيرلس السادس (البابا السابق لشنودة)، الذي يؤمن الأقباط الأرثوذكس أنه قديس معاصر، بالزنا تحت مسميات الطلاق المتعددة وتالياً بزواج ثان؟ وهل تعيش كثير من الطوائف المسيحية الأخرى التي تبيح الطلاق والزواج الثاني في انحلال ديني، بما فيها كنيسة الروم الأرثوذكس؟ أم أن الكنيسة القبطية تتعنت ضد منكوبي الأحوال الشخصية لتضاهي محيطها الاجتماعي الزاخر بالأفكار المتشددة؟

وبالرغم من أن البابا الحالي، تواضروس الثاني الذي تولي منصبه قبل نحو 4 سنوات، صرح أن الكنيسة تحاول أن تتعامل مع هذه الأزمة، إلا أن تصريحاته لم تغير شيئاً. فالكنيسة تستمر في المماطلة وآلاف من الأقباط حياتهم متوقفة، ينتظرون لسنوات على أمل الحصول على الطلاق وتصريح الزواج الثاني.

وللكنيسة وجهة نظر في رفض الطلاق، فهي لا تعترف بمصطلح استحالة العشرة أو النفور. وتفترض أن المحبة كفيلة بتغيير الشريك المسيىء أو الأناني أو البخيل. ودائماً ينصح الكهنة الشريك التعيس بتحمل الزوج المسيىء.

الدكتورة أيرين مثلاً كانت تركت زوجها بالفعل بعد تكرار إساءته لها، ثم تدخل أحد القساوسة لإقناعها بالرجوع إليه. فعادت ثم حدث ما حدث.

إن حل هذه الأزمة بسيط. هو أن تخرج الكنيسة عن دائرة التشريع وتكتفي بالوعظ والتعليم. والسؤال هو لماذا تصر الكنيسة على تحويل معتقدها إلى قانون مدني؟ ولماذا لا تترك الحرية للأشخاص ليعيشوا الدين كما يفهمونه ولا تفرض تفسيرها بقوة القانون؟ أليس المسيحي مواطناً له حقوق على الدولة، منها أن تسهل له الزواج والطلاق متى اختار ذلك؟ وكم إيرين أخرى يجب أن تُقتل حتى ترفض الدولة وصاية الكنيسة على المسيحيين وتتعامل معهم كمواطنين أحرار وليس كرعايا؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard