شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
حين يجذب الحجاب الموضة والمال

حين يجذب الحجاب الموضة والمال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 21 يونيو 201610:54 م

لطالما كانت المرأة العربية محطّ أنظار المصممين العالميين، الذين أرادوا مواكبة أذواق المنطقة، لوجود قدرة شرائية كبيرة لدى نسائها، خصوصاً بعد حقبة السبعينيات التي شهدت التنقيب عن النفط، والميل إلى البذخ وشراء القطع المترفة، من بينها الأزياء. فعمدت الماركات العالمية مذاك إلى إطلاق تصاميم تميل إلى الذوق العربي، من دون التعمق فعلاً في هوية المرأة العربية. ولكن ذلك كان قبل أن يظهر الحجاب بكل جرأة في الآونة الأخيرة على رؤوس العارضات العالميات، وممهور بأكثر من ماركة.

التحفظ على الحجاب

الماركة الفرنسية Lanvin مثلاً، كانت إحدى دور الأزياء التي أطلقت تصاميم يتخللها الشكّ والتطريز العربيان بطريقة تحافظ في الوقت نفسه على أسس الدار وخطوطها، التي تمثل تاريخها العريق. فقد تحفّظ عالم الموضة على الانخراط بشكلٍ واضح في تصاميم تمثل المرأة العربية بأزيائها المحافظة والتقليدية. وهذا لم ينحصر في منطقتنا، بل كان هذا العالم المترف بعيداً عن متتبعيه. ليطلق النزعات ويفرضها بدلاً من أن تلبي مجموعاته متطلبات المرأة وذوقها.

لكن هذا التعاطي الذي يتّسم ببعض الفوقية، والبعد عن جمهور الماركة، تبدل مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، التي فرضت على دور الأزياء العريقة، مواكبة متتبعيها، والتواصل معهم بطريقة أقرب إليهم. في الوقت نفسه يتطور مفهوم الجمال، خصوصاً في عالم الأزياء من ناحية تقبل الأجسام بأحجام مختلفة، والنساء من شتّى الحضارات والأعراق.

ومع هذا التطور، أصبحت الماركات العالمية أقرب إلى متتبعيها وأكثر تلبية لرغباتهم ومعتقداتهم، وانطبق هذا الأمر أيضاً على الحجاب، الذي ظهر واضحاً ضمن مجموعات هذه الدور بتصاميم مبتكرة، والعمل أيضاً مع سيدات متنفذات في عالم الموضة تعتمد الحجاب.

الموضة والحجاب - امرأة محجبة 33

تأشيرة الدخول إلى السوق العربية

منذ مدة وStefano Gabbana مؤسّس ماركة Dolce & Gabbana إلى جانب Domenico Dolce، يعرض على صفحته الخاصة على Instagram وجوهاً عدة لشخصيات عربية، كالممثل والمنتج محمد التركي، وفيديو مضحك يظهر صاحب الـ318 ألف متتبع، ومهند الحطّاب وهو يذكر اسم الماركة في إطارٍ فكاهي. أما أكثر ما يلفت هو صور لنساءٍ محجبات مرفقة بهاشتاغ #DGFamiy، كأن غاية الماركة توطيد العلاقة مع العالم العربي، فتصبح النساء العربيات من ركائز الدار.

الموضة والحجاب - امرأة محجبة 25

أما آخر مجموعات الماركة فهي قطع كاملة مصممة للحجاب خصوصاً للمرأة العربية. لا يقتصر نشر هذه المجموعة في البلاد العربية فقط، فحين يدخل الشاري متاجر "هارودز" العالمية في لندن، تلفته مجموعة الماركة الإيطالية المخصصة للمرأة العربية التي ترتدي الحجاب، بتصاميم ونقشاتٍ وأسلوبٍ يشبه الماركة ومجموعاتها السابقة، من رسمات الحامض من جزيرة صقلية، وأشكال الورود المختلفة من الأبيض والأصفر. ليست Dolce & Gabbana الماركة الوحيدة التي أدركت أهمية العالم العربي  وخصصت له مكانة مهمة، فماركة Burberry العالمية مثلاً، تشتهر بوشاحها الأيقوني الذي يمكن أن يستخدم حول الرقبة، وبطريقة الحجاب. لذلك سعت الماركة بالتعاون مع العديد من الشخصيات العربية من مختلف المجالات، التي اشتهرت بإنجازاتها وطريقة عيشها الفريد، ومن ضمنها نساء عربيات محجبات، لم يحكمهن حجابهن ليكوّن أسلوباً خاصاً في ارتداء الملابس. نذكر منهن منسقة الملابس هلا الحريذي، والشيخة القطرية رايا الخليفة صاحبة إنجازات عديدة في مجال إبراز الثقافة العربية في العالم. وقد اختارت دار Burberry أسلوب لباس قطعة الـTrenchcoat الأيقونية بطريقة متمازجة مع الحضارة العربية، وعرّفت المنطقة إلى كيفية مزج الأسلوب البريطاني بامتياز مع الأسلوب العربي.

الموضة والحجاب - امرأة محجبةBurberry

لا تقتصر الملامح العربية على دور الأزياء العالمية، فهي أيضاً مصدر وحيٍ للعديد من المصممين الناشئين. فبرزت ضمن أسبوع العالمي في مدينة نيويورك، مجموعة دار Christian Siriano بتصاميم مستوحاة من الحضارة المغربية ومن الحجاب. فمشت العارضات مغطاة الرؤوس بطريقة فنية. إلّا أن المصمم أكّد على كون المرأة العربية هي الممثلة في المجموعة إلى جانب المظاهر الطبيعية من البلاد العربية، خصوصاً شمال أفريقيا. مزج المصمم الحجاب بطريقة متباينة مع تصاميم عصرية أخرى، كالفستان القصير والأقمشة المنسدلة التي تكشف عن جسم المرأة بدلاً من أن تخبئه.

ملهمات الحجاب

أكثر ما تمّ تداوله أيضاً أخيراً اسم ماريا إيدريسي، إحدى العارضات المحجبات التي تصدّر اسمها عناوين مواقع وصفحات مجلّات الموضة العالمية، حين اختيرت من ضمن العارضات في حملة ماركة H&M، لتشجيع النساء المختلفات البعيدات عن المقاييس الجمالية التقليدية. وظهرت إيدريسي، وهي ترتدي حجابها في حملة عالمية نشرت صورة المرأة المحجبة وأسلوبها العصري والخاص في ارتداء الملابس. ولاقت الصورة كمّاً كبيراً من التعليقات المشجعة والداعمة والشاكرة للماركة، التي تسعى إلى التمثيل الحقيقي للمشتريات من مجموعاتها. أما في نهاية الحملة، فأكّدت H&M أنه مهما كان اختيارك لملابسك يظل الأهمّ تفانيك لإعادة التدوير والمحافظة على البيئة.

[caption id="attachment_46218" align="alignnone" width="350"]الموضة والحجاب - ماريا إدريسيMariah-Idrissi ماريا إدريسي[/caption]

تعتبر إيدريسي من المؤثرات في عالم الموضة، المرتبط أكثر من أي وقتٍ مضى بأولئك النساء. وفي حين كانت النساء المحجبات ممثلات بخجلٍ في هذا المجال، كسرت العديدات منهن هذه الصبغة التقليدية، التي تبعد الحجاب عن الموضة، فأصبح لديهن جمهور كبير من المتتبعين الذين يتطلعون إليهن بإعجاب، لشجاعتهن وجرأتهن في تقديم ما هو مختلف. نذكر منهن آسيا الفرج، التي تشتهر بتصاميم التوربين المبتكرة، ودينا توركيا التي تخلت عن وظيفتها لإطلاق مدوّنتها الخاصة، والمهندسة سحر فؤاد، التي مزجت حبها للموضة بطريقة مبتكرة مع حجابها.

[caption id="attachment_46217" align="alignnone" width="700"]الموضة والحجاب - آسيا الفرجAsia-AlFraraj آسيا الفرج[/caption]

الرأسمالية المحجبة

لا شكّ أن المنطقة العربية هي مصدر وحيٍ جديد للمصممين في أنحاء العالم وأن المرأة المحجبة هي من ركائز الحملات، التي تستقطب النساء بمختلف أعراقهن وإنتماءاتهن، عدا أن المنطقة العربية مصدر أرباحٍ طائلة للماركات المعروفة. فبحسب صحيفة Fortune، أنفق الشباب المسلم 266 مليار دولار أميركي على الملابس والأحذية عام 2013، أي أكثر من مجموع ما أنفق الشباب الياباني والإيطالي. وتتوقع الصحيفة أن يصل هذا المبلغ إلى 419 مليار دولار عام 2019. فلم توّفر الدور العالمية جهداً في نسج علاقات وطيدة مع المنطقة، من خلال عروض أزياء لـChanel عام 2014 وعرض مجموعة الـResort 2016 لماركة Stella McCartney في مدينة دبي. ونتوقع أن نرى المزيد من التصاميم المخصصة للمنطقة التي أوشكت أن تصبح من ركائز عالم الموضة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard