شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
مؤشر حرية المعتقد في الدول العربية: تمييز شديد وانتهاكات جسيمة

مؤشر حرية المعتقد في الدول العربية: تمييز شديد وانتهاكات جسيمة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 29 أكتوبر 201602:25 م

أفاد تقرير "مؤشر حرية المعتقد 2014" The Freedom of Thought Report الصادر أخيراً عن "الاتحاد الدولي الإنساني والأخلاقي" International Humanist Ethical Union بأنّ البلدان العربية لا تحترم حرية المعتقد، وأنها تمارس انتهاكات جسيمة ضدّ الأقليات واللادينيين والملحدين المقيمين فيها.

يركّز التقرير على التهميش الذي تلاقيه الأقليات واللادينيون والملحدون في دول العالم عبر الإشارة إلى الثغرات في تطبيق القوانين التي تمنح حرية المعتقد في هذه الدول، أو عبر تسليط الضوء على الحالات والحوادث التي تبرز مدى احترام السلطات حرية المعتقد. يرتّب التقرير الدول نسبة لحرية المعتقد لديها وفق التصنيفات التالية: "انتهاكات جسيمة"، و"تمييز شديد"، و"تمييز منتظم"، و"وضع مرضٍ غالباً" و"دول حرة ومتساوية". يوزّع التقرير البلدان العربية على أسوأ فئتين ضمن التصنيفات أي إنه يقسمها إلى دول تمارس "التمييز الشديد" ضد الأقليات واللادينيين والملحدين لديها، وأخرى تمارس انتهاكات جسيمة بحقهم. يحلّ لبنان مع عمان وفلسطين والجزائر وتونس بين البلدان التي تمارس "تمييزاً شديداً" ضد الملحدين والمجموعات اللادينيّة، فيما تحصل "انتهاكات جسيمة" ضد المجموعات اللادينية أو الأقلوية في قطر والسعودية وسوريا والإمارات واليمن والكويت والأردن والعراق والبحرين ومصر وليبيا والمغرب والسودان. الإمارات

يشير التقرير إلى أن الإمارات تفرض قيوداً عدة على حرية التعبير، ومنها وجوب حصول أي مجموعة تنوي تنظيم تجمع في مكان عام على إذن من الحكومة. ويضيف التقرير أن القوانين في الإمارات تحدّ من حرية تكوين الجمعيات السياسية والأحزاب والنقابات العمالية. وفيما تسمح السلطات للجماعات الدينية غير المسلمة بتعليم دياناتهم، السماوية منها فحسب، تمنع الحكومة تعليم أي دين غير الإسلام في الأماكن العامة وفي المدارس. وتصل عقوبة أي مدرسة "تشهّر بالدين أو تتعرّض للآداب العامة في البلاد" إلى حدّ إغلاقها في حين تلزم الحكومة تعليم الدين الإسلامي في مدارسها.

مصر 

تقول المنظمة في التقرير إنّ بداية عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي أثار مخاوف في شأن ممارسات التمييز والاضطهاد في مصر، والتي تستهدف الأقليات الدينية والملحدين. ويعيد التقرير هذا التمييز إلى الدستور الذي يبقى دينيّ إلى حدّ كبير بحيث تؤكّد مقدمته على أنّه مستمدّ من مبادىء الشريعة الإسلامية. ويقيّد قانون تنظيم الأسرة الزيجات المختلطة، ويظلم المرأة ويمنح المسلم امتيازات على حساب الأفراد المنتمين إلى طوائف أخرى، فيما يفرض التعليم الديني (الإسلامي أو المسيحي حسب دين الطالب) في المدارس الرسمية. وقد قامت السلطات المصرية بحملات ضد الملحدين، الأمر الذي يثير القلق ويضيّق على حرية المعتقد. كذلك يلفت التقرير إلى عدد من الأمثلة على تقييد حرية المعتقد في البلاد، ومنها الحكم بالحبس ثلاث سنوات مع أشغال شاقة على أحمد يوسف منصور لـ"إهانة" الإسلام عبر فيسبوك بدون توضيح ما هي المادة المنشورة على الموقع التي دفعت إلى محاكمة ابن الـ24 عاماً.

قطر 

مع أنّ الدستور القطري يمنح المقيمين حرية المعتقد والتجمع العام والعبادة، تبقى ممارسة هذه الحريات مقيّدة في أطر ضيّقة، بالاستناد إلى ما تنصّ عليه الشريعة الإسلامية وبالالتزام بـ"الأخلاق العامة"، كما ورد في التقرير. وحسب القوانين القطرية، يواجه مواطنو البلاد أو المقيمون فيها عقوبات قد تصل إلى سبع سنوات في السجن في حال التشهير بأي دين سماوي. ويشير التقرير إلى أنّ القانون القطري يعاقب بالسجن من "يبشّر" بدين غير الإسلام بشكل شخصي أو من خلال مؤسّسة. غير أنّ السلطات القطرية تعتمد ترحيل الأجانب في هذه الحالات. في عام 2013، اعتقلت السلطات المدرس النيبالي دورجي غورونغ Dorje Gurung واحتجزته بتهمة "إهانة الإسلام" بناء على أقوال نسبها إليه طلابه في "أكاديمية قطر" قبل إطلاقه بعد عريضة جمعت 14,000 توقيع عبر الإنترنت.

المغرب 

على الرغم من اعتماد المغرب دستوراً ينصّ على احترام الحرية الدينية، لم ينعكس القانون على الواقع. يؤكّد التقرير في هذا الإطار أنّ أتباع الأقليات الدينية مثل البهائيين والشيعة والذين لا ينتمون لأيّ ديانة يتعرّضون إلى الملاحقة والتحقيق. ويتحدّث التقرير عن التناقض في مسودة الدستور الذي يضمن حرية المعتقد المنصوص عليها في المواثيق الدولية "على ألا تتعارض هذه المواثيق مع الهوية الوطنية". ويلفت التقرير إلى أن الجمعيات الداعية إلى علمانية الدولة "تتعرّض لمنع أنشطتها وملاحقة أعضائها والتحقيق معهم". ويضيف أنّ الإسلام في المغرب ينتقل بالوراثة،  ولا يُسمح للفرد أن يغيّر دينه ولو قرّر ذلك لأن الأحكام الإسلامية تطغى على القانون في المغرب. هذا مع العلم أنها ممزوجة ببعض القوانين التي خلّفها الاستعمار الفرنسي، ومنها المادة التي تمنع المجاهرة بالإفطار خلال شهر رمضان المعاقب عليها بالسجن. وتشهد حادثة ملاحقة المدوّن الملحد قاسم الغزالي في عام 2010 على قسوة السلطات والمجتمع المغربي، حينما اتهمه مدير مدرسته آنذاك بأنه يخالف القانون لأنه "يزعزع إيمان" الطلاب المسلمين ونبذته عائلته ورفضت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مساعدته. وهذا ما حثّه على اللجوء إلى سويسرا.

السعودية

يستخلص التقرير أن لا حرية دينية أو حرية معتقد في السعودية التي لا تفصل بين الدين والدولة. ويشير إلى المادة الأولى في الدستور التي تنص على أن السعودية دولة عربية وإسلامية تعتمد على القرآن والسنة النبوية لتشكيل دستورها. يُعاقب من يزدري الدين الإسلامي على أنه مرتد، وتُنفّذ بحقه عقوبة الإعدام. يُمنع بناء دور العبادة غير الإسلامية على الأراضي السعودية وينال أي منتقد لسياسات الحكومة الإسلامية أو لأحد أفراد العائلة المالكة عقاباً شديداً. ويلفت التقرير إلى سلسلة من الإجراءات غير العادلة في هذا الإطار وعلى رأسها حبس الشاعر أشرف فياض في يناير من العام الجاري بعدما تم الإشارة إلى "أفكار ملحدة" في قصائده. وفي مارس الماضي، عدّلت الحكومة في تشريعاتها لمحاربة الإرهاب، معرّفةً الإلحاد كنوع من أنواع الإرهاب.

لبنان 

كما كل البلدان العربية الواردة في التقرير، يعاني لبنان من هوّة ما بين قوانينه التي تنصّ على احترام حرية المعتقد وتطبيقها الفعلي. فالنظام المستند إلى المحاصصة الطائفية يشجّع على التمييز الديني ويصعّب من تغيير الفرد دينه، كذلك يجبر غير المتديّنين على التقيّد بهويّتهم الدينية. ولا تعترف الدولة ببعض الجماعات الدينية مثل البهائيين والبوذيين والهندوس وبعض الجماعات البروتستانتنية. لذا ليس بمقدور أتباع هذه الديانات أن يتولوا مناصب حكومية. ولكن التقرير يسجّل نقطة إيجابية للبنان، هي امتناع السلطات عن تطبيق المادة 473 التي تنزل العقوبة على من يشهّر بالديانات السماوية. ويشير إلى خطاب ألقاه الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في مارس 2014 قال فيه إن السلام سيهزم الحرب والإيمان سيهزم التطرف والإلحاد، في موقف يبرز نظرة منتشرة في المجتمع اللبناني تعادل بين التطرف والإلحاد.

السودان 

تلاحظ الجمعية استمرار الحكومة السودانية في ممارسة الانتهاكات الفادحة والمنهجية لحرية الفكر والبقاء في سياسة التمييز الديني، وتجريم الردة والتجديف. ويشير التقرير إلى التضييق على حرية المعتقد من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى إنزال العقاب على "الفحشاء" و"الفجور" من دون تعريف دقيق وواضح للأعمال التي تقع تحت هذين العنوانين. تصل العقوبة بتهمة ازدراء الدين إلى الحبس ستة أشهر مع غرامة مالية في بعض الأحيان. ويعطي القانون السوداني "المرتد" فرصة العودة إلى الإسلام، ولكن، بحسب التقرير، فغالباً ما يُحكم على المرتد بالإعدام. والمثل على ذلك المسيحية مريم يحيى إبراهيم التي حُكم عليها بالإعدام في السنة الجارية لأنها ارتدت على دين والدها المسلم. علماً أنها من أمّ مسيحية. وبعد جهود دولية أُطلق سراحها وسُمح لها بالسفر للعيش في إيطاليا.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard