شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الفيسبوك... ملاذ الملحدين واللادينيّين العرب

الفيسبوك... ملاذ الملحدين واللادينيّين العرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 7 أغسطس 201612:34 ص

لم يكن للملحدين واللادينيّين العرب أن يحلموا بيوم يستطيعون فيه التعبير عن أفكارهم بجرأة قبل ثورات الاتصالات، لاسيما وسائل التواصل الاجتماعي. فبعد أن كانت المنتديات الحوارية متنفسهم الوحيد للتعبير بحرية عن شريحة مهمشة منبوذة قانونياً واجتماعياً، أصبح اليوم بإمكانهم، من خلال فيسبوك وغيره من مواقع التواصل، التعبير بسهولة والتنسيق في ما بينهم، كما عرض قضيتهم على مجتمعاتهم.

من الصعب جداً إحصاء الصفحات والمجموعات اللادينية العربية على فيسبوك، أو إحصاء عدد متابعيها، لكنه يبلغ مئات الآلاف على أقل تقدير. تتنوع هذه الصفحات في طريقة عرضها للأفكار، بين صفحات ساخرة ناقدة، وأخرى علمية ذات مشروع فكري يهدف إلى التنوير ونشر الثقافة لعموم المتابعين.

من أكبر هذه التجمعات الفيسبوكية شبكة الملحدين السوريين الخاصة Private syrian atheists Network التي تضم حوالي 23 ألف مشترك، ويشير مؤسسوها إلى أهدافهم المتمثلة في إعلان تواجدهم بقوة ضمن مجتمع متعدد الأطياف والإثنيات والمذاهب، وإتاحة التواصل والتعارف بين الأعضاء، وإطلاق مشروع مجلة تنويرية اجتماعية علمية، مؤكدين أن الشبكة لا تمثل حزباً أو حركة سياسية، بل هي منتدى تنويري ثقافي يهدف إلى الانتقال من حالة التواصل الافتراضي إلى الوجود الفاعل على أرض الواقع في محاولة التأسيس لنواة مجتمع مدني علماني ديموقراطي، يكفل قيم المواطنة ويحافظ على حقوق المرأة ومثليي الجنس، وينبذ الطائفية والتطرف الديني.

أما صفحة الملحدين السوريين الناطقة باللغة الانكليزية Syrian atheists فتضم نفس العدد من الأعضاء تقريباً، وتتخذ موقفاً داعماً للثورة السورية، إذ تتبنى شعارات العدالة والمساواة وحرية التفكير والتعبير، مع احترام حق التدين وعدم التمييز بين المواطنين بناءً على الجنس أو الدين أو العرق.

من الصفحات ذات الأعداد الكبيرة من المشتركين أيضاً، صفحة الأديان من صنع الإنسانوالمرتد الحر les Apostats libres والملحدون التونسيون Athées tunisiens ويتابع كلّ منها أكثر من 10 آلاف شخص، إضافة إلى صفحات خاصة بكل الدول العربية تقريباً، مثل توانسة لاأدريّون Tunisiens agnostiques، مغاربة لادينيّون Marocains irréligieux، سعوديون لادينيّون Saudi athiests، إضافة إلى سودانيون لادينيّون Irreligious Sudanese وغيرها.

تقتبس معظم هذه الصفحات في منشوراتها عبارات لمشاهير الملحدين من فلاسفة وأدباء وعلماء، كما تنشر نسخاً إلكترونية لكتب في العلوم والفلسفة، إضافة إلى أعمال في نقد الفكر الديني لكتاب عرب علمانيين، كمحمد آركون، عبد الله القصيمي، سيد القمني، فرج فودة، ونوال السعداوي. بالمقابل، ليس لدى الكثير من الصفحات اللادينية الأخرى مشروع فكري هادف، بل تمتلئ بمنشورات وتعليقات متطرفة تتعرض للمتدينين بالشتائم وتحتقر عقائدهم الإيمانية وطقوس عباداتهم، ويتستر كاتبوها خلف أسماء وهمية غالباً، أو يلجأون إلى المجموعات المغلقة والسرية.

تتعرض معظم هذه الصفحات على اختلاف منهجياتها، إلى حملات من التبليغات لإدارة الفيسبوك بهدف إغلاقها، كما حدث لصفحة "العقل دين" التي وصل عدد معجبيها إلى أكثر من 60 ألفاً قبل إغلاقها، بينما يتابع حوالي 12 ألف مشترك الصفحةَ الحالية My Mind Is My Religion التي تتعرض أيضاً لمحاولات إغلاق، في سياق "حرب فيسبوكية" مستمرة بين الطرفين على الدوام.

إضافة إلى ذلك، أنشأ متدينون صفحات عديدة للرد على صفحات الإلحاد، كصفحة مكافحة الإلحاد التي تضم حوالي 23 ألف شخص، وصفحة تشريح دماغ الملحد Brain anatomy of atheist، و"أنا مسلم أنا ضد الإلحاد"، و"أساطير وخرافات الملحدين"، وغيرها الكثير. تختلف هذه الصفحات أيضاً في طريقة عرضها، فمنها ما يأخذ بأسلوب الجدل العلمي والمنطقي، وأخرى تكتفي بالتهجم على الملحدين بالشتائم وتخوينهم واتهامهم بـ"الماسونية" وقبض أموال من جهات غربية بهدف إشاعة الانحلال الأخلاقي في المجتمعات العربية المتدينة.

صحيح أن الانترنت، وخصوصاً فيسبوك، يشكل ملجأ للملحدين واللادينيين العرب، هرباً من الاضطهاد القانوني والاجتماعي الخانقين، لكنّ تكتلهم بهذه الطريقة قد يكرّس وضعهم الافتراضي، فيبقون بعيدين عن الواقع، ما يوسّع من حجم الهوة بين أهدافهم وبين مجتمعاتهم.

نشر هذا المقال على الموقع في تاريخ 25.02.2014

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard