شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"حتى حفاضات الأطفال اختفت"... "أسوشيتدبرس" ترصد كيف تحطّمت آمال الإيرانيين مع انهيار الريال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الجمعة 7 سبتمبر 201803:43 م

في وقت كان سكان طهران يصطفون خارج مكاتب الصرافة هبط الريال الإيراني إلى مستوى قياسي جديد ضمن تراجع كبير في قيمة العملة بنسبة 140% في 4 أشهر فقط منذ انسحاب الولايات المتحدة من صفقة الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى.

ووجد أولئك الذين ذهبوا إلى العمل في بداية الأسبوع الإيراني أن أموالهم قد انخفضت قيمتها بنسبة الربع، وذلك بحلول وقت مغادرة مكاتبهم أمس الأربعاء.

في تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس"، قالت إنه يمكن رؤية علامات الفوضى النقدية في كل مكان في طهران، حيث يقدم وكلاء السفر أسعار العطلات بالعملة الصعبة فقط، فيما اختفت حفاضات الأطفال من أرفف المتاجر، وهو أمر اعترف به المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي.

لكن هذه المرة تبدو مختلفة: "تحطمت الآمال والجميع مُتوتر"

العديد من محالّ الصرافة في وسط طهران أوقفت ببساطة لوحاتها الإلكترونية التي تُبين السعر الحالي للدولار الأمريكي مقابل الريال.

وبينما بحث بعض الإيرانيين عن العملة الصعبة من خلال تجار نقود غير رسميين في زوايا الشوارع، أتاحت متاجر الصرافة التي بقيت مفتوحة الدولار الأمريكي مقابل 150 ألف ريال.

مصطفى شهريار (40 عامًا)، الذي كان يسعى للحصول على دولار، قال لـ"أسوشيتدبرس": "الجميع متوتر". في حين لم تكن هناك أخبار فورية بشأن الانخفاض الجديد في العملة من قبل وسائل الإعلام الحكومية.

وواجه الاقتصاد الإيراني أوقاتاً عصيبة في الماضي من خلال إنفاق الشاه (محمد رضا بهلوي) على الأسلحة العسكرية في السبعينيات أو عبر العقوبات الغربية عقب الثورة الإسلامية في العام 1979 وسيطرتها على السفارة الأمريكية في طهران. كما أدت التقلبات الحادة في أسعار النفط إلى خسائر فادحة.

"لكن هذه المرة تبدو مختلفة"، قال صحافي "أسوشيتدبرس"، جون جامبريل، موضحًا في تقريره: "لقد تحطمت العملة مثلما تحطم الأمل الذي شعر به الكثيرون عقب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي أبرمته إيران مع القوى العالمية، بما في ذلك إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما".

إبان الاتفاق، وافقت إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم مقابل رفع بعض العقوبات. وكان الغرب يخشى من أن تستخدم إيران موادها النووية في صنع قنابل ذرية بينما تصر طهران دائمًا على أن أنشطتها سلمية بحتة.

وفي مايو الماضي، ورغم اعتراف الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا بأن إيران قد استوفت شروط الاتفاقية، انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية.

وقال ترامب إنه يريد فرض شروط أكثر صرامة على إيران تتضمن الحد من برنامج الصواريخ الباليستية ومن نفوذها الإقليمي ومن أنشطتها النووية إلى الأبد.

في المقابل، تسعى الدول الأوروبية للحفاظ على استمرار الصفقة، لكن ضغوط واشنطن ونفوذها الهائل في الأسواق المالية العالمية دفعا شركات النفط وتصنيع الطائرات إلى الانسحاب بسرعة من العمل في إيران.

وتلوح في الأفق عقوبات أمريكية أكثر حدة في أوائل نوفمبر المقبل، تستهدف صناعة النفط الإيرانية، وهي مصدر رئيسي للعملة الصعبة.

وتنفي إدارة ترامب أنها تسعى للإطاحة بحكومة إيران من خلال الضغوط الاقتصادية، لكن المسؤولين الإيرانيين يقولون إن الصلة واضحة.

خامنئي: "تخيل أن حفاضات الأطفال أصبحت فجأة نادرة في طهران وغيرها من المدن الكبرى"

في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وصف آية الله علي خامنئي، القائد الأعلى لإيران، تحركات الولايات المتحدة الاقتصادية ضد طهران بأنها "تخريبية". وذكر على وجه التحديد أزمة نقص الحفاضات.

ويتم استيراد حوالى 70% من مواد صناعة الحفاضات. ومع انخفاض قيمة الريال، أصبح شراء هذه المواد من الخارج أكثر تكلفة.

"تخيل أن حفاضات الأطفال أصبحت فجأة نادرة في طهران أو غيرها من المدن الكبرى. هذا يحدث، هذا حقيقي، هذا ليس تخمينًا. حفاضات الأطفال!"، قال خامنئي، وفق ما نُشر في موقعه الرسمي على الإنترنت.

وأضاف: "هذا يجعل الناس غاضبين. وعلى الجانب الآخر، يريد العدو أن يُغضب الناس من الحكومة والنظام. هذه إحدى طرقهم".

وقال رئيس إدارة الميزانية والتخطيط في الحكومة للمشترعين أمس الأربعاء، إن السلطات خصصت 13 مليار دولار للسلع والأدوية، و 6 مليارات لمساعدة الفقراء، وفقًا لموقع البرلمان على الإنترنت.

وأوقف أعضاء البرلمان خطة لتوزيع البضائع المدعومة مباشرة على الناس بعدما حذر محمد باقر نوباخت، مدير الميزانية، من أنه ستكون هناك طوابير طويلة أمام المحال التجارية، مثل مكاتب الصرافة، وهو ما "يمكن أن يخلق مشهدًا قبيحًا في أزقة المدينة وشوارعها".

"تخيل أن حفاضات الأطفال أصبحت فجأة نادرة في طهران أو غيرها من المدن الكبرى. هذا يحدث، هذا حقيقي، هذا ليس تخميناً. حفاضات الأطفال!" يقول آية الله علي خامنئي
"لقد تحطمت العملة مثلما تحطم الأمل الذي شعر به الكثيرون عقب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي أبرمته إيران مع القوى العالمية، بما في ذلك إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما".

"لا يوجد بصيص من الأمل في تغيُر الوضع"

"أسوشيتدبرس" رصدت مثل هذه الطوابير أمام متاجر الصرافة بالقرب من ميدان فردوسي في وسط العاصمة طهران.

وتطلب المتاجر من أولئك الذين يشترون العملات الأجنبية إظهار تذاكر سفرهم إلى الخارج حتى يمكنهم الحصول عليها. وتم إبعاد أولئك الذين لا يملكون تذاكر، إذ كان الكثيرون يبحثون عن شرائها من مكاتب صرافة غير رسمية، يلوّح أصحابها برُزم من العملة الأمريكية للإشارة إلى أنها متاحة.

في غضون ذلك كان أولئك المنتظرون في الطوابير يتحدثون إلى صحافي الوكالة الأمريكي، في حين لا تزال رسوم جرافيتي على الجدران تقول "تسقط أمريكا".

من بين هؤلاء، شاب وفتاة يعتزمان الزواج قريبًا، ويريدان الحصول على عملة صعبة لحماية نفسيهما من انهيارات عملة بلادهما.

"لدينا بعض المدخرات، و(قيمة) أموالنا تتراجع كل يوم بينما يستمر سعر الدولار في الارتفاع"، يقول الشاب سعداد (25 عامًا) الذي لم يذكر اسمه الأول خشية كشف هويته. وأوضح: "فكرنا في أننا يجب أن نشتري بعض الدولارات لحماية أصولنا (المالية)".

قطعت حديثه خطيبته "فاطمة"، البالغة من العمر 24 عامًا، وقالت: "حتى سعر فستان زفافي يواصل الارتفاع. للأسف كل شيء نضع أيدينا عليه يصبح فجأة غاليًا".

أما شهريار (40 عامًا) الذي يسعى للحصول على دولارات فيلقي باللوم على تقاعس الحكومة جزئيًا.

وقال: "لا يوجد بصيص من الأمل في أن يتغير الوضع لأن كل شيء يعتمد أولًا على سياسة الحكومة لحل هذه المشكلة... ولم نشهد حتى الآن طريقة عملية وفعالة من قبل الحكومة".

بينما كان رجل ينتظر في الصف للحصول على الدولار في متجر صرافة، تمتم مبتسمًا: "إنها أرض الارتباك".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard