شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
سدّ الفجوة الاقتصادية بين الجنسين في المنطقة العربية سيتطلّب 356 عاماً

سدّ الفجوة الاقتصادية بين الجنسين في المنطقة العربية سيتطلّب 356 عاماً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

السبت 14 يناير 201711:05 ص
ليس جديداً الحديث عن التميز ضد المرأة في المنطقة العربية، التي تشهد أقل المعدلات العالمية في مشاركة النساء في الشأن العام، على الرغم من البرامج الحكومية والمدنية لدعم تمكين المرأة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً. وتعزز ذلك النتائج التي كشفها تقرير الفجوة بين الجنسين، الصادر أخيراً عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ويقيس المساواة وفقاً لأربعة مجالات هي: التحصيل التعليمي، والصحة والبقاء على قيد الحياة، والفرص الاقتصادية، والتمكين السياسي. ويشير التقرير إلى أن العالم العربي "يواجه سوء استخدام حاد للمواهب وذلك بسبب بطئه في سدّ فجوة عدم المساواة بين الجنسين، والتي قد تهدد النمو الاقتصادي وتحرم الاقتصادات من فرص التطوير".

المنطقة العربية الأقل تكافؤاً بين الجنسين

تعاني الدول العربية من مستوى متدنٍ في معدّل تحقيق التكافؤ، قياساً بالمعدل العالمي البالغ 68%، إذ لا يتجاوز معدل الجهد العربي في سدّ الفجوة بين الجنسين بشكل عام الــ60%، محافظاً بذلك على لقب "الإقليم الأقل تكافؤاً بين الجنسين في العالم" عن جدارة. ويلفت التقرير إلى أن المجال الأكثر إلحاحاً لتحقيق المساواة هو المشاركة والفرص الاقتصادية وسدّ هذه الفجوة سيتطلّب 356 سنة أخرى". في المقابل لن تحتاج الدول الإفريقية سوى 60 سنة لسد هذه الفجوة وهو رقم صغير جداً لإقليم كان منذ فترة صغيرة يعيش حروباً ومجاعات. وقد حلت قطر في المركز الأول عربياً في التكافؤ بين الجنسين و119 عالمياً تليها الجزائر (120 عالمياً). وجاءت 11 دولة عربية ضمن آخر 20 دولة. فقد احتلت السعودية المركز 141 عالمياً، ثم سوريا (142)، ثم اليمن (144). Intext_infography-economic-gender-inequalityIntext_infography-economic-gender-inequality وعلى الرغم من هذه المراتب المتأخرة التي تحتلها الدول العربية، فإن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هما الإقليم الذي شهد بعض أفضل التحسينات منذ إطلاق التقرير في عام 2006 في مجال المشاركة الاقتصادية. تقول سعدية زهيدي رئيس مبادرات التوظيف والمساواة بين الجنسين، وعضو الهيئة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي: "إن هذه التوقعات ليست بنتائج نهائية، وإنما تعكس الحالة الراهنة للتقدم حول العالم، وهي بمثابة دعوة إلى السياسيين والجهات المعنية المختلفة للعمل ومضاعفة جهودها الرامية إلى تسريع تحقيق التكافؤ والمساواة بين الجنسين".
الفجوة الاقصادية بين الجنسين أصبحت تهدد النمو الاقتصادي في الدول العربية
العالم العربي يحافظ على لقب "الإقليم الأقل تكافؤاً بين الجنسين في العالم" عن جدارة
أما على المستوى العالمي فقد احتكرت الدول الإسكندنافية المراكز الأربعة الأولى بوصفها أكثر البلدان مساواة بين الجنسين في العالم، وتليها أيسلندا، ثم فنلندا، فالنرويج ثم السويد. أما المركز الخامس فكان من نصيب روندا، الدول الإفريقية التي مزقتها الحرب الأهلية في التسعينات. وشهد ترتيب الولايات المتحدة تراجعاً بـ17 مركزاً عن العام الماضي، إذ حلتّ في المركز الـ45، ويعُزى ذلك إلى شفافية أكبر في حساب وتقارير الرواتب الوظيفية والمدخول الشخصي لسكانها. ومن الاقتصادات الرئيسية الأخرى التي حلت في المراتب العشرين الأولى، ألمانيا في المركز 13، وفرنسا في المركز 17 والمملكة المتحدة في المركز 20.

التمّيز الاقتصادي

ويؤكد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أن "العالم شهد تراجعاً كبيراً في المساواة في المجال الاقتصادي، إذ اتسعت الفجوة العالمية إلى 59% وهو أدنى معدل لها منذ عام 2008. ويعزى ذلك إلى عدد من العوامل، منها الراتب الوظيفي، إذ إن متوسط الرواتب الوظيفية للنساء في جميع أنحاء العالم لا يكاد يزيد على نصف ما يكسبه الرجال على الرغم من أن السيدات يعملن متوسطياً ساعات أطول من الرجال آخذين بعين الاعتبار العمل المأجور وغير المأجور". أما على المستوى العربي فالوضع أكثر سوءاً، إذ يشير تقرير صدر عن منظمة العمل الدولية أخر سنة 2016 إلى أن معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة أدنى بـ50% من تلك الخاصة بالرجال. كما قدر معدل البطالة لدى النساء العربيات بـ20.4% مقارنة بـ7.8% لدى الرجال، وهذا ما يجعل الهوة بينهما عند 12% تقريباً. كذلك تعاني الدول العربية من معضلة عمق الفجوة في الرواتب بين الجنسين. إذ تتقاضى النساء العربيات راتباً أقل بكثير عما يحصل عليه الرجال وذلك لقاء العمل نفسه. وتعيد منظمة العمل الدولية ذلك إلى: "الاختلاف في التحصيل العلمي وفرص التدريب بين الجنسين. فبصورة عامة، لقد ردمت الهوة في التحصيل العلمي بين الجنسين وحققت النســاء إنجـازات في مجـال التعليم. غير أن المرأة في بعض البلدان تقضي ســنوات أقــل من الرجل في الدراســة، ذلــك لأن تعليم الفتيات يعتبر أقل فائــدة أو أقل منفعة اقتصادية مــن تعليم الصبيان، وفقاً للأعراف والتقاليد. وكذلك العمل بدوام جزئي مقابل العمل بدوام كامل والفصل المهني على أساس النوع الاجتماعي". وبيّن تقرير الفجوة بين الجنسين في مجال العمل أن "بطء وتيرة الحراك نحو ّسد الفجوة وتحقيق المساواة بين الجنسين خاصة في مجال الفرص الاقتصادية، يشكل خطراً كبيراً، وبالأخص في ظل الثورة الصناعية الرابعة، والتي من المتوقع أن تطيح بالعديد من الوظائف التي تشغلها النساء حالياً. ولعل هذا "التفريغ" النسائي من الوظائف قد يحرم الاقتصادات من المواهب النسائية، ويزيد من الحاجة إلى دخول المزيد من النساء المجالات ذات النمو المرتفع، كتلك التي تتطلب مهارات خاصة في مجالات العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات".

متوسط الرواتب الوظيفية للنساء في جميع أنحاء العالم لا يكاد يزيد على نصف ما يكسبه الرجال

وكان تقرير التنمية الإنسانية العربية 2016، الذي صدر أخيراً، عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تحت عنوان "الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في الواقع المتغير"، قد صنف التمّيز الواقع ضد النساء في سن الشباب في مجال "التمّكين" في الشأن العام اقتصادياً واجتماعياً، كأحد التحديات التي تقف حجر عثرة في طريق تمكين الشباب عموماً في المنطقة العربية. وقال التقرير إن الشابات يعانين انعدامَ المساواة بين الجنسين في غالبية البلدان العربية. ويدفعن ثمن عدم تمكين الشباب مضاعفاً من جراء المفاهيم والممارسات الموروثة. ففي مرحلة ما قبل الزواج، مثلاً، تحدّد التوقعاتُ الاجتماعية إلى حد كبير الخيارات المتاحةَ لهن، خصوصاً تلك المتعلقة بالوضع الاقتصادي والموارد التي يمكنهن النفاذ إليها. كما لا يزال تمييز أرباب العمل ضد النساء أمراً شائعاً، وحقوق الرجال والنساء في الزواج والطلاق غير متساوية. بينما تبقى النساء أكثر عرضة للعنف المنزلي والمؤسساتي بأشواطٍ، وبشكلٍ متواصل. ويظل تقصيرُ الحكومات في توفير حمايةٍ حقيقية للمرأة ضد العنف والاغتصاب والقتل، في سياق ما يسمى بجرائم الشرف، عبئاً إضافياً كبيراً على الشابات الساعيات إلى تأسيس حياتهنّ كبالغاتٍ مستقلات. ولفت التقرير إلى أن تنامي تأثير القوى الاجتماعية والسياسية المتزمتة ذات الإيديولوجيات التمييزية بين النوعين الاجتماعيين، واتجاهِها إلى بناء تحالفاتٍ في ما بينها، سيعمق قطعاً الفجوةَ في تمكين الشابات، وقد تتمكن تلك القوى من تعطيل أو حتى خسارة المكاسب الصغيرة، التي تحقّقت على مدى العقود الماضية في مجال العلاقة بين النوعين الاجتماعيين.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard