شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
مافيات الدواء تُغرق العراق بمنتجات فاسدة

مافيات الدواء تُغرق العراق بمنتجات فاسدة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الجمعة 22 يوليو 201606:32 م

لا يغطّي ما ينتجه العراق من دواء حاجة المواطنين. لذلك يجدون أنفسهم أمام أحد خيارين: إما الانتظار لأيام وربما لأسابيع من أجل الحصول على علبة دواء أو قبول الدواء الفاسد الذي تُدخله مافيات انتشرت في الآونة الأخيرة.

تعمل مافيات الدواء في العراق بغطاء قانوني وتستخدم أساليب وطرقاً يصعب على الجهات الرقابية تعقّبها، وذلك وسط عدم كفاية المنتج الوطني الذي لا يلبّي سوى 14% من حاجة العراقيين.

فساد لزيادة الأرباح

منال حمزة (55 عاماً)، مديرة مدرسة في العاصمة بغداد، أكّدت لرصيف22 "أن غلاء أسعار الأدوية والمتاجرة بأدوية منتهية الصلاحية أو فاسدة هما من ظواهر عدة منتشرة سواء في العاصمة بغداد أو في باقي المحافظات العراقية"، هذا فضلاً عن ندرة الأدوية المهمة والأدوية المخصصة لعلاج الأمراض المزمنة في المستشفيات والصيدليات الحكومية "مما يضطرنا إما لمراجعة المستشفيات الخاصة أو للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج اللازم".

مواضيع أخرى:

الملابس العسكرية تنتشر في بغداد وتثير رعب الأهالي

مسيحيّو العراق: "لا مكان لنا في هذا العالم"

وقال فهد نعمة (39 عاماً)، صاحب صيدلية وسط العاصمة بغداد "إن الظروف الأمنية الحالية التي يمر بها البلد، وانشغال الدولة بمحاربة تنظيم داعش، ناهيك عن إغلاق مصنع الأدوية في نينوى وتراجع إنتاج مصنع سامراء للأدوية بسبب العلميات العسكرية الدائرة قربهما، وهما مصنعان حكوميان كانا يغطيان جزءاً كبيراً من احتياجات المستشفيات والصيدليات الحكومية، كل ذلك ولّد تسيّباً كبيراً في المنافذ الحدودية التي استغلها البعض لإدخال أدوية فاسدة ومنتهية الصلاحية وبكميات كبيرة".

وأضاف نعمة أن الصيدليات تتعامل بهذه الأدوية بسبب تدني أسعارها وزيادة الأرباح التي ستجنيها من عملية بيعها للمواطنين، وهم المتضررون الوحيدون من هذه العملية، وذك وسط غياب واضح للرقابة الصحية على تلك الصيدليات.

وقال منير شوكت، صاحب صيدلية في شرق بغداد إن الوزارة تمتلك فرق تفتيش وعملها مستمر لكنها لا تغطي كل مناطق البلاد بسبب قلة عدد المفتشين فضلاً عن "أن بعض تلك الفرق تشوبه عمليات فساد بتعاونهم غير القانوني مع بعض الصيدليات".

ولفت شوكت إلى أن استمرار العمل بنظام استيراد الأدوية وعدم فتح منافذ تصنيع جديدة سيجعل العراق عرضه للتخلف وعدم التطور. ورمى المسؤولية عن الوضع السيئ على سياسة الدولة في ما خص تصنيع الأدوية معتبراً أن صيادلة العراق كانوا الأوائل بين دول المنطقة في التصنيع والتشخيص.

اللجوء إلى مصادر موثوق بها

خوف العراقيين من الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية التي انتشرت أخيراً بشكل كبير جعلهم لا يصرفون أيّة وصفة دواء إلا في الصيدليات التي يعرفون العاملين فيها. وقالت منال حمزة إنها تقصد صيدلية تبعد عن منزلها 18 كيلومتراً فقط لأنها ترتبط بصاحبها بصداقة قديمة وتثق به.

وذكر المهندس وصفي شلال (35 عاماً) أن بعض الأطباء يجبرون المرضى على شراء الأدوية من صيدليات معيّنة، بالاتفاق مع صيادلة، "وهذه معاناة أخرى يعاني منها المواطن بشدة فإما أن تجد علبة الأدوية تلك مرتفعة السعر أو أنها منتهية الصلاحية وفي كلتا الحالتين فإن الطبيب سيأخذ فائدة مالية من صاحب الصيدلية".

اقتراح حلول

وأشار معاون نقيب الصيادلة في العراق عبد الخالق الجنابي إلى أن الإنتاج الوطني لصناعة الأدوية لا يغطي أكثر من 14% من حاجة البلاد، وهي نسبة ضعيفة، مضيفاً لرصيف22: "في العراق أكثر من 20 مصنعاً دوائياً حكومياً وأهلياً، وهي متفاوتة في كميات الإنتاج ونوعه فضلاً عن أن هناك العديد من مصانع الأدوية التي لا تزال قيد الإنشاء".

وأوضح الجنابي أن الصناعة الوطنية بحاجة إلى دعم حقيقي من الحكومة، "فما نستورده يضطرنا إلى إنفاق مبالغ كبيرة ولا حل سوى بالاستثمار وتشييد مصانع أدوية نموذجية تحت إشراف وزارة الصحة".

وبخصوص الأدوية الفاسدة والمتاجرة بها، بيّن الجنابي أن النقابة أقفلت بالتعاون مع وزارة الصحة، منذ عام 2014 حتى أبريل 2015، 168 صيدلية لمخالفتها شروط العمل ومن بينها بيع الأدوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية.

أما الوكيل الإداري والمالي لوزارة الصحة خميس السعد فأوضح لرصيف22 أنه "في كل عام تخصص الوزارة 20% من ميزانيتها لشراء الأدوية. وللعام الحالي خصصت ملياراً و200 مليون دولار من أجل شراء الأدوية والمستلزمات الطبية من الشركات المتخصصة والمعتمدة لدى الوزارة لكن المبلغ أقل بكثير من كل الأعوام الماضية".

ويبدو أن تلك المبالغ لا تسد حاجة العراق بنسبة 100% حسب ما بين السعد "بسبب توقف معامل الأدوية الوطنية"، متوقعاً أن تطلب الوزارة من الحكومة مخصصات مالية إضافية أو التعامل مع شركات لشراء أدوية حسب نظام الدفع المؤجل.

تقع مكافحة مافيات الدواء ضمن اهتمام وزارة الصحة. وأكد السعد أن "الوزارة تتابعهم وتلاحقهم وتقدمهم للعدالة، لكن في ظل الظرف الأمني الراهن للبلاد ناهيك بملايين المواطنين النازحين الذين يحتاجون للدواء، فإن على الوزارة مسؤولية كبيرة وصعبة وهي تحاول مواجهتها بمختلف الطرق والامكانات المتوفرة".

عضو لجنة الصحة في مجلس النواب صالح الحسناوي أوضح لرصيف22 أن "ملف الأدوية وما يخص التسعيرة ومنافذ البيع والاستيراد مطروح على طاولة اللجنة منذ الدورة السابقة لكن أموراً مختلفة حالت دون تطبيقه"، لافتاً إلى أن اللجنة تدرس وضع آليات تنظم عمل بيع الأدوية وطرق استيرادها وتوزيعها على منافذ البيع ومراقبة الصيدليات.

ولفت الحسناوي إلى أن اللجنة ستقدّم قريباً إلى مجلس النواب مشروع قانون يتضمّن جدولة لأسعار الأدوية المستوردة وعقوبات ضد المتلاعبين بالأسعار والأنواع والمتاجرين بالأدوية الفاسدة تصل إلى السجن المؤبد، كما سينظّم كيفية توزيع تلك الأدوية على الصيدليات.

نشر الموضوع على الموقع في 30.06.2015


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard