شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الحرب حولت كنائس اليمن التاريخية إلى أبنية مهجورة

الحرب حولت كنائس اليمن التاريخية إلى أبنية مهجورة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 2 فبراير 201905:49 م

قبل ساعات قليلة من زيارة تاريخية يقوم بها البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، إلى دولة الإمارات، وهي أول زيارة لبابا الفاتيكان إلى منطقة الخليج، ما زال اليمن غارقاً في حرب تلعب فيها الإمارات دوراً رئيسياً، وهي الحرب التي حولت كنائس اليمن التاريخية إلى أبنية مهجورة.

وعلى عكس الإمارات التي تتهمها منظمات دولية عدة بأنها لا تسمح بحرية ممارسة شعائر الدين المسيحي، أو أي دين آخر غير الإسلام، تبقى كنائس اليمن شاهدة على تاريخ من التنوع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وبحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن النيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية، هناك أربع كنائس كاثوليكية في اليمن إضافة إلى كنائس أخرى غير كاثوليكية، ورغم أن هناك أعداداً من المسيحيين في اليمن اليوم إلا أنهم لا يجاهرون بإيمانهم في ظل تصاعد نفوذ جماعات متطرفة.

وتضم كل من عدن في جنوب اليمن، المقر الحالي للسلطة المعترف بها، وصنعاء، العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، كاتدرائية كاثوليكية، لكن في العام 2015، تعرضت كاتدرائية عدن للتخريب ولهجمات من متطرفين، ما دفع بالمسوؤلين عنها إلى إغلاقها لأجل غير مسمى.

يترأس البابا فرنسيس، أثناء زيارته الإمارات قداساً سيقام في ملعب مدينة زايد الرياضية في أبوظبي، الثلاثاء 5 فبراير، وتم إرسال معظم بطاقات حضور القداس إلى الرعايا التابعين للنيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية، والتي تشمل إلى جانب الإمارات، سلطنة عمان واليمن.

ولا يعرف بشكل رسمي حتى الآن عدد المسيحيين اليمنيين الذين سيحضرون القداس.

ممنوع الدخول.. لكم دينكم ولي دين

يصف تقرير فرانس برس مدخل كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي الكاثوليكية في حي التواهي غرب عدن، بأنه يضم بوابة حديدية ضخمة تبدو عليها آثار الرصاص وقد علاها الصدأ، لكن المثير عبارة  "ممنوع الدخول” على الباب بالقرب من آية قرآنية "لكم دينكم ولي دين" كتبت على السور الإسمنتي الأبيض المحيط بالكنيسة.

حين ترتفع الأعين إلى سطح الكنيسة يظهر تمثال بحجم متوسط ليسوع المسيح، فاتحاً ذراعيه، وكأنه يرحب بالجميع لدخول الكنيسة، لكن رأس هذا التمثال لا تظهر حيث دمرتها الجماعات المتشددة ذات يوم.

يقول محمد سيف، أحد سكان التواهي، إن الكنيسة تستقبل المصلين منذ أيام البريطانيين، قبل 140 إلى 150 سنة، وبقيت تقام الصلوات فيها حتى اندلاع الحرب مع الحوثيين" في مارس 2015 حين سيطر المتمردون على عدن قبل أن تطردهم القوات الحكومية بعد أشهر.

يضيف سيف بحزن أن هذه الكنيسة التي تحيط بها الأشجار تعرضت للسرقة و نُهبت.

كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي الكاثوليكية كان حالها –رغم كل ما حدث - أفضل من حال كنيسة أخرى في حي المعلا القريب من التواهي، حيث أقدم مسلحون في العام 2015 على تفجيرها، وهي الكنيسة التي كانت تقع إلى جوار مقبرة مسيحية، وكانت عبارة عن مكان عبادة صغير شيد في خمسينات القرن الماضي زمن الوصاية البريطانية.

وفي 2016، قتل 16 شخصاً على الأقل، بينهم أربع راهبات أجنبيات عندما هاجم مسلحون داراً للعجزة أسستها جمعية تابعة لرهبنة الأم تيريزا، وخطفوا خلال العملية الأب أوزهوناليل، البالغ من العمر 56 عاماً، القادم من كيرالا في جنوب الهند، قبل أن يطلقوا سراحه بعد أشهر.

لم تتبن أي جهة رسمية الهجمات، إلا أن السلطات المحلية اتهمت تنظيم "داعش"، الذي وجد، إلى جانب تنظيم القاعدة، فرصة لتعزيز نفوذه في اليمن مع استمرار النزاع.

هناك أربع كنائس كاثوليكية في اليمن إضافة إلى كنائس أخرى غير كاثوليكية، ورغم أن هناك أعداداً من المسيحيين في اليمن اليوم إلا أنهم لا يجاهرون بإيمانهم في ظل تصاعد نفوذ جماعات متطرفة.
وصلت المسيحية جنوب اليمن في القرن التاسع عشر عبر الإرساليات الآتية من بريطانيا بشكل خاص، وبحسب الأب ليني كونالي المقيم في دبي وعضو النيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية، وصل الكاثوليك إلى اليمن في العام 1880.

اليمن.. بلد التنوع

على عكس جيرانه الخليجيين، بقي اليمن على مدى عقود، فريداً من حيث التنوع الديني، فكان موطناً للمسلمين والمسيحيين واليهود والإسماعيليين والبهائيين.

ويقول باحثون إن المسيحية وصلت جنوب اليمن في القرن التاسع عشر عبر الإرساليات الآتية من بريطانيا بشكل خاص، وبحسب الأب ليني كونالي المقيم في دبي وعضو النيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية، وصل الكاثوليك إلى اليمن في العام 1880.

ومع اندلاع ثورة العام 1967 جنوب اليمن، فرّ العديد من رجال الدين المسيحيين إلى الإمارات وبعض دول الخليج الأخرى، وبلهجة بدا فيها الحنين والحب قال كونالي: "كل شيء بدأ في اليمن، ولذا فإن اليمن مهم جداً لنا".

ونقلت فرانس برس عن النائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية المطران بول هيندر قوله بأسف: "إنه واقع حزين (في إشارة إلى الأزمة الإنسانية التي يواجهها اليمن)، ونحن نصلي حتى يحل السلام في اليمن، خصوصاً أن الناس يعانون الجوع، والمجاعة تهدد حياة ملايين الناس".

وأكد أن الخدمات التي كانت تقدمها كنيسته متوقفة في اليمن بسبب الحرب، لكنه أشار إلى وجود راهبات هناك، قائلاً إنهن "يخدمن الناس منذ عقود وسيواصلن القيام بذلك".

وإلى جانب عدن وصنعاء، تقول النيابة الرسولية إن هناك كنيستين تابعتين لها في تعز جنوب غربى اليمن، وفي مدينة الحديدة المطلة على ساحل البحر الأحمر غرباً.

وتخضع تعز لسيطرة القوات الموالية للحكومة، بينما يحاصرها المتمردون، في حين  يسيطر الحوثيون على الحديدة التي شهدت في الأشهر الماضية معارك طاحنة مع محاولة القوات الحكومية استعادتها قبل التوصل الى اتفاق هش لاطلاق النار.

في الحديدة توجد كنيسة القلب الأقدس التي تتخذ من طابق بأحد المباني مقراً لها، وهو مبنى مغلق تعلوه آثار قذيفة.

ويقول عصام، وهو جار الكنيسة، إنه يسكن في الحي منذ 20 عاماً، لكنه لم يكن يلاحظ أي مظاهر دينية ولم يسمع أبداً الصلوات بالداخل، مبرراً ذلك بأن المصلين "كانوا هادئين ومنظمين جداً الى الحد الذي لا يلحظهم أحد".

ووجهت مواطنة يمنية رسالة إلى البابا فرانسيس، قائلة إنها تتمنى "أن يرى صور الضحايا ويعرف كيف يعيش اليمنيون حياتهم، وأن يصلي لأجلنا"، مضيفة بحزن وألم: "لا أحد يريد إنهاء الحرب في اليمن”. فهل يستمع البابا إلى رسالتها لحظة تطأ قدماه شبه الجزيرة العربية؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard