شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"صحيح البخاري.. نهاية أسطورة" صادره المغرب فطبعته تونس ليصبح الأكثر مبيعًا في الجزائر  

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 5 نوفمبر 201805:39 م
حلَ كتاب "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة" في قائمة أكثر الكتب مبيعًا في معرض الكتاب بالجزائر (من 29 أكتوبر إلى 10 نوفمبر الجاري). مؤلفه المغربي رشيد أيلال كتب في حسابه على تويتر "من أكثر الكتب مبيعًا بمعرض الكتاب بالجزائر، ونسخه نفدت في يومين برواق اتحاد الناشرين التونسيين".
الجدل الدائر حول الكتاب لم يخل من المفارقات، فالكتاب صادره المغرب بحكم قضائي للحفاظ على "الأمن الروحاني" للمواطنين، ثم طبعته دار نشر تونسية قبل أن يصل معرض الكتاب بالجزائر، التي تشوب علاقاتها مع المغرب مناوشات سياسية بين حين وآخر.

من المنع إلى الرواج

في مارس الماضي، قررت محكمة في مراكش منع تداول وعرض كتاب "صحيح البخاري... نهاية أسطورة" الصادر في الصادر نهاية أغسطس 2017، بعدما ولّد حالة من الجدل في المغرب.

وعقب صدور الكتاب، تلقى كاتبه تهديدات بـ"الجلد وقطع الدابر"، بعضها علني، في حين سفّه آخرون محتوى الكتاب، كما مُنع حفل توقيعه في مراكش بقرار من عمدة المدينة، حسب ما ذكر رشيد أيلال سابقًا لرصيف22.

وقال مراقبون لرصيف22 إن مفهوم الأمن الروحي ليس مفهومًا علميًا بقدر ما هو مفهوم يتم توظيفه لأغراض دينية وسياسية.

وذهب الكاتب الأمازيغي أحمد عصيد إلى أن المقصود بالأمن الروحي ليس أمن كل المغاربة، بل بعضهم، هم المسلمون منهم، وليس كل المسلمين، بل بعضهم أيضاً وهم الذين على "المذهب المالكي السني الأشعري"، ويضيف أنه أمنٌ للذين هم على الإسلام الرسمي الذي تتبناه السلطة وتعتبره اختياراً أبدياً لها وثابتاً من الثوابت السياسية التي تدرجها في إطار "المقدسات".

الجدل الدائر حول الكتاب لم يخل من المفارقات، فالكتاب صادره المغرب بحكم قضائي للحفاظ على "الأمن الروحاني" للمواطنين، ثم طبعته دار نشر تونسية قبل أن يصل معرض الكتاب بالجزائر، التي تشوب علاقاتها مع المغرب مناوشات سياسية بين حين وآخر.

بينما قلّل مصطفى بن حمزة رئيس المجلس العلمي ومدير معهد البعث الإسلامي للعلوم الشرعية بوجدة، من قيمة الكتاب ووصف كاتبه بالجهل، وخصص مكافأة مالية (10 ملايين سنتيم) لمَن يؤلف كتابًا عن البخاري للرد على ما كتبه أيلال.

أما المؤلف الذي قال ذات يوم "كنت أود طباعة 1000 نسخة" من كتابه بالمغرب، فقوبل بترحاب في تونس وشارك في ندوات ثقافية في أبريل الماضي، إلى أن تلقى عرضًا بنشر كتابه في تونس، ومن ثم مشاركته في معرض الكتاب بالجزائر.

ماذا يقول الكتاب؟

شرقًا، رحبت مواقع إخبارية سعودية بقرار المحكمة المغربية السابق، ووصفته بأنه "انتصار جديد للسُّنة النبوية الشريفة ضد الحرب الضروس التي يشنها العلمانيون عليها".

ويشتبك الكتاب، الذي يحوي خمسة فصول، مع عدد من القضايا الشائكة، منها التراث الديني ومكانة صحيح البخاري الحقيقية، وهو ما أوضحه "أيلال" لرصيف22، قائلاً إن الرسول قد نهى عن كتابة الحديث من خلال الحديث الذي رواه الدارمي، وهو شيخ البخاري، الذي يقول فيه الرسول: ‘لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، ومَن كتب عني غير القرآن فليمحه’، حتى أن عمر بن الخطاب أحرق رقعة دُوّنت عليها أحاديث منسوبة للرسول الكريم".

وتساءل أيلال: "لماذا تأخر تدوين السُنة حوالي مئة سنة بعد وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهي بهذه القيمة في التشريع كما يعتقد شيوخ السلفية وغيرهم؟".

وقال إن السلفيين لا يعتبرون السنّة "مبيّنة ومفصّلة لما في القرآن، بل يعتبرونها قاضية على الكتاب وناسخة لأحكامه عند التعارض، فهي في خطابهم الأصل الثاني من أصول التشريع بعد القرآن، لكن في الواقع العملي التطبيقي نجد أنها الأولى، بلا منازع، وكتاب الله لديهم تابع لها".

وأضاف: "هل نحن أمام كلام للرسول مباشرة، أم أمام فهم الرواة عن بعضهم البعض لما قاله رسول الله؟ مع التنبيه إلى اختلاف القدرات العقلية والفكرية لكل شخص عن الآخر".

ويرى الكاتب أن "أعظم جناية جناها الحديث هي التسبب في هجر كتاب الله، ليحل هو محله، على مستوى التشريع، وعلى مستوى العقيدة، وعلى مستوى العبادات، حتى أصبح لدينا دين آخر مأخوذ من الحديث لا علاقة له بالقرآن الذي أصبحنا نستدعيه فقط في أمور شكلية".

الجدل عن البخاري في مصر أيضًا

في 28 أكتوبر الماضي، قبلت المحكمة الإدارية العليا في مصر، من حيث الشكل، طعنًا لإلغاء حكم القضاء الإداري برفض دعوى لإلزام شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بتنقية وتنقيح كتاب صحيح البخاري. كما أمرت بإحالة القضية إلى دائرة أخرى للنظر فيها.

وكان المحامي أحمد عبده ماهر رفع دعوى لمطالبة "الطيب" ومشيخة الأزهر بتنقية صحيح البخاري مما وصفه بـ"أحاديث مدسوسة ومنسوبة للنبي"، مُعتبرًا أنها تطعن في صدقية القرآن الكريم، وتشكك فيه وتثير البلبلة في عقول المسلمين في دينهم وكتابهم المقدس.

إلا أن هذه الجولة ليست الأخيرة، فمنذ سنوات خاض الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى العديد من المعارك الجدلية مع السلفيين، بسبب انتقاده الدائم للبخاري.

وفي إحدى حلقات برنامجه السابق (25/30) على فضائية "ON TV"، قال عيسي إن أحاديث البخاري "مُزورة وغير صحيحة"، و"هناك مجموعات في مصر وفي كل مكان في الوطن العربي والإسلامي تقريبًا يعبدون البخاري ويدافعون عنه أكثر من دفاعهم عن سيدنا النبي ويقدسون كتابًا غير مقدس وضعه بشر".

وفي المقابل، هاجمه السلفيون على غرار عبد المنعم الشحات، المُتحدث باسم جماعة الدعوة السلفية، الذي اعتبر ما قاله "سوء الأدب مع الله ورسوله"، وأنه مُتطرف في آرائه وأفكاره.

أما الباحث إسلام بحيري فدعا المصريين إلى حرق كتب "البخاري ومٌسلم"، قائلًا: "حطونا في البير من 1400 سنة، شيلوهم من حياتهم، لا تقيموا لهم وزنًا.. لا فيه إله أمر المؤمن إنه يكون قاتل سفاح عشان يدخل الجنة، الإسلام الحقيقي ليس ذلك.. احرقوا الكتب دي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard