شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ما الذي يقوله رياض سطوف في الجزء الرابع من

ما الذي يقوله رياض سطوف في الجزء الرابع من "عربي المستقبل"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 17 أكتوبر 201801:05 م
صدر هذا العام الجزء الرابع من الكتاب الفرنسيّ المصور عربي المستقبل (l'arabe du future)، بعد الأجزاء الثلاثة التي صدر أولها عام 2014، ونال إثرها رياض سطوف عام 2015 الجائزة الذهبية لمهرجان أنغوليم للكتب المصورة، وترجمت أجزاؤه إلى 14 لغة، ما عدا العربيّة. يقول سطوف أن الجزء الرابع هو الذي كان يسعى لإنجازه منذ أن بدأ بالمشروع، وهذا ما يتضح بداية من حجمه، الذي يتجاوز الأجزاء السابقة، ففيه يدخل الطفل رياض عوالم المراهقة، وتبدأ هرموناته بالتحرك، كما يشكك بسلطة والده، والعنصرية التي لطالما صبّها على رأسه. فيه يقوم المراهق ذو تسريحة الشعر الجديدة، برصد التناقضات بين ما تربّى عليه وبين الواقع الذي يعيشه، وخصوصاً أنه في مرحلة حساسة من تكوين هويته، تتضح بداية، بنسيانه للغة العربيّة وعجزه عن فهمها والحديث بها. https://youtu.be/k5nWa5I3XrY يبدأ هذا الجزء بعمل والد رياض مدرساً في السعوديّة، ورفض والدته الذهاب إلى هناك، بسبب القمع الذي تتعرض له المرأة، والعقوبات التي قد تقع عليها إن قادت سيارة على سبيل المثال. هذا الاختلاف في المواقف هو فاتحة التغيرات التي يمر بها والد رياض، أستاذ التاريخ الحاصل على دكتوراة من السوربون، إذ يفقد لغته الفرنسيّة تدريحياً، ويأسره المال في المملكة العربية السعوديّة، لدرجة أنه يترك زوجته وحيدة في فرنسا مع الأطفال الثلاثة، رياض وأخوته، ويلتقي معهم فقط في زياراته القليلة وأثناء الإجازة في سوريا. نقرأ أيضاً عن تمسك والد رياض بمفاهيم العروبة وتبنيها للأقصى، والتي تنعكس في ممارسات شديدة العنصرية، وتتجلى على مستويين، الأول نراه في الخطاب العروبيّ الذي يؤمن به كتغنيه بصدام حسين واحتلاله للكويت، وتركيزه على وطنيّة رياض وأنه سوريّ ينتمي لأرض أجداده في تير معلة في ريف حمص. والثاني نراه بنعته للفرنسيين بالعنصريين ضد السود والعرب، إلى جانب محاولاته غسيل دماغ ابنه وتربيته على معاداة السامية، وكراهية النساء، وممارسة العنف ضد من يضايقه، لكن ما لا نتوقعه هو ما يقوم به والد رياض لاحقاً، حين يقوم والده بإحراق قدم زوجته حرقاً طفيفاً "عقاباً" لها على السخرية من الدين.

التطرف وانهيار صورة الأبّ

نشهد في هذا الجزء انهيار صورة الأب، الذي يتحول إلى نموذج مثاليّ لمعاداة الآخر، لدرجة قوله أنه من داعمي العنصري جان ماري لوبين، والد مرشحة اليمين المتطرف الفرنسيّ مارين لوبين، ومؤسس حزب الجبهة الوطنيّة الشهير. يتكشّف التكوين العنصري للأبّ مع تقدم رياض بالعمر، وبداية إدراكه للعالم من حوله، ففي البداية كان يسلم الطفل بكلام والده بوصفه "حقيقّة"، ليبدأ بعدها بتأثير الآخرين باستيعاب بعض من تخاريفه، وبالرغم من محاولة والد رياض إعادة علاقته مع زوجته لصورتها الطبيعية بعد تشخيصها بالسرطان وعودته من المملكة العربية السعوديّة بصورة نهائيّة، وادّعائه أنه سيعود "لعصريّته"، إلا أن حرقه لقدم والدة رياض لا يختفي أثره، وتبدأ الأسرة بالتفكك. 
كيف بدأت شخصية رياض المراهق تتعلم أن تكون "رجلاً"، من والده السوريّ المتدين حديثاً ومن جده الفرنسي الذي يشجعه على عشق النساء، في الجزء الرابع من الكتاب الفرنسيّ المصور عربي المستقبل (l'arabe du future)
هل ممكن للأب أنْ يتحول إلى نموذج مثالي لمعاداة الآخر؟ آخر صفحة من الجزء الرابع من الكتاب الفرنسيّ المصور عربي المستقبل (l'arabe du future) تفاجئنا بإجابة لا تخطر على البال
خصوصاً أن الأب يرفض العمل في فرنسا، ويكتفي بصرف النقود التي جمعها في السعوديّة، والتي بالأصل كان يعطي زوجته منها القليل لتعتني بالأولاد لوحدها. نتلمس أيضاً أثناء القراءة ملامح المصيبة القادمة، وكيف تتراكم أخطاء الأب وتعامله السيئ مع أسرته، وتطالب الأم أخيراً بالطلاق، الذي لطالما شعرنا به منذ الكتاب الأول، وبقي سطوف يؤجله حتى الآن، لكن المصيبة الحقيقية تحدث في النهاية، لن نتحدث عنها هنا، لكن ما يفعله والد رياض في آخر صفحة من الكتاب لا يخطر على البال.

"أداء" الذكورة

تبرز في هذا الجزء قدرة سطوف على التقاط اللحظات الحرجة من تكوين الفرد، وخصوصاً حينما يبدأ بطرح الأسئلة على ذاته وأقرانه، وهذا ما نراه في شخصية رياض المراهق، الذي يتعلم كيف يكون رجلاً، سواء من والده السوريّ أو من جده الفرنسي، فالأول المتدين حديثاً يرى في النساء الفرنسيات كائنات "قذرة" لعوبة غاوية، أما الثاني فيحثه على مطاردة الفتيات وتقبليهن، لكن الأهم، والمشترك بين الاثنين، هو أهمية ألا يكون مثلياً.  ذات الشيء نراه في محيط رياض في المدرسة، إذ نقرأ عن علاقته بأقرانه وما يعانيه منهم، فهو يهودي بالنسبة لأقربائه السوريين، ومحط سخرية أصدقائه الفرنسييّن، كما نشاهد بداية فانتازماته الجنسيّة، التي لا تبدو مفهومة له للوهلة الأولى، وتتحرك بين الخوف من جهنم التي تحذره منها عائلة والده، والدهشة من الملذات التي تدفعه لها عائلة أمه وأقرانه الفرنسيين الذين يقع دوماً ضحيّة تنمّرهم، سواء بسبب اسمه أو تسريحة شعره، أو حبه الشديد للرسم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard