شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
عن يسرا الهواري: البرفورمر المشاغبة وعازفة الأكورديون الذي تشتمّون فيه رائحة القاهرة

عن يسرا الهواري: البرفورمر المشاغبة وعازفة الأكورديون الذي تشتمّون فيه رائحة القاهرة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 28 مارس 201812:29 م
لا تبدو القاهرة مجرد مدينة تاريخية في حياة المطربة الشابة يسرا الهواري، فشخصية هذه العاصمة تطبع تفاصيلها في كل شخص يمر بشوارعها، لذا لا يخرج أي عمل فني منها دون أن تشتموا فيه رائحتها. هذه الفلسفة تتبعها يسرا التي تركت القاهرة بصماتها على غالبية أعمالها الفنية منذ إطلالتها الأولى بجوار "سور محمد محمود" ومواصلاتها العامة مثل "يا أتوبيس" إلى صدور ألبومها الأول "نقوم ناسيين"، الذي تدعو فيه لنزع الكآبة من حياتنا، وتشجع النساء على التمرد على حياتهن الرتيبة. احتاجت يسرا الهواري 5 سنوات لإصدار أول ألبوماتها "نقوم ناسيين" بعد تجارب قليلة غيّرت بوصلتها من عازفة أكورديون إلى مطربة صوتها كالمزيكا. في مقابلة مع رصيف22، تحكي يسرا عن علاقتها بالأكورديون، وعن رحلتها من المسرح والكورال إلى عالم الآندرغراوند، وعن فلسفتها في اختيار نوع المزيكا والكلمات. Youssra el hawary-Khaled-Marzouk "كلنا هنام بالليل ونقوم ناسيين" كلمات توحي أن الحياة سهلة ولا تحتاج لكل هذه الصراعات وتشكل عنواناً كبيراً لألبوم يسرا، الذي تصطبحنا فيه إلى عالم خالٍ من الكآبة، فوجدت في النوم حلاً لإنهاء مشاكل الوحدة والغربة والإرهاب، فكل هذا يختفي مع تسرب أشعة الشمس من شرفة منزلها. "مزيكتنا ليها أستايل، الناس بتشوفها خفيفة ومبهجة وبسيطة وكويس تحس بالبهجة ولا تشعرها بالكآبة" تتحدث يسرا عن ارتباط مزيكتها بالبهجة والطفولة منذ ظهورها في 2012. لم تكن يسرا مؤمنة بقدراتها الصوتية بقدر تميزها كعازفة، إلى أن حصدت أغنيتها "السور" ملايين المشاهدات على يوتيوب، تقول إنها سجلت الفيديو كليب ثم أغمضت عينيها فصحت على انتشارها السريع على مواقع التوصل الاجتماعي. وتضيف: "أغنية السور هي سبب شهرتي. لم أكن مستعدة للانطلاق وتكوين فريق يلعب موسيقى متجانسة، فجاءت أول حفلة لي في 2012 ثم كوّنت الفرقة في نهاية السنة". Youssra el hawary وتتابع: "كنا بنجرب مزيكتنا مع بعض، كنت بلعب بالأكورديون لوحدي وضمينا آلالات تانية". وتلفت إلى أنها لم تستعجل إنتاج أول ألبوماتها، فقضت فترة طويلة في البحث والتجريب من أجل الوصول لصوت معيّن يعجب الناس.

"أنت المنتج"

واجه فريق يسرا العقبات نفسها التي تواجه فرق الآندرجراوند، فلا شرائط دون ممول، وهي المغامرة التي خاضتها لإنعاش موازنة الفريق من خلال مبادرة "أنت المنتج" التي ناشدت فيها الجمهور التبرع من أجل إنتاج الألبوم. تشرح يسرا: "بعد تحديد 20 أغنية للألبوم، حصلنا على منحة آفاق للموسيقى، ومقدارها نصف التكاليف والنصف الثاني من تبرعات الجمهور. كنا مصممين على خروج الألبوم بشكل فني يليق بسمعتنا، جمعنا 51 % من المبلغ، بالإضافة إلى دعم فنانين مثل خالد أبو النجا وياسمين رئيس". وتكمل: "مبادرة أنت المنتج أول مرة تحصل في مصر في ألبوم غنائي، ربما حدثت في مشاريع فنية أخرى كالأفلام. كذلك حصلت مع مشروع ليلى وليلى صالح وفرقة المربع. استوحينا الفكرة من هذه الفرق. لن نتنازل عن الجودة ونحتاج للتمويل". ترى أنه لا يوجد منتج صبور على خروج المنتج بالآلات الحية، "لذا واجهنا مقاومة للفكرة، فحاولنا توعية الجمهور على أن هذا الشكل من الدعم ليس تبرعاً بل أنك تشتري المنتج بالجودة المطلوبة قبل تنفيذه ليضمن لك أغاني متقنة". فالألبوم يمثل لها نقلة جديدة في تثبيت فكرتها من أجل التقدم للأمام. بدا لافتاً في أغاني الألبوم خطاب التحدي الذي تعيشه الفتاة الثلاثينية، وهو ظهر تحديداً في أغنية "ما فيش قمر" التي تصر فيها على خوض التجربة والوصول إلى مبتغاها: "صدقت صوتي صححت غلطي... وعرفت عیبي ماخبیتهوش. عاهدت نفسي إني ما اخافشي..من اختیار الناس ماتقبلوش". تضيف يسرا: "لا أحب الأغاني التي تتجاهل الواقع الذي نعيشه وتفرط في الحلم والتفاؤل لأن الدنيا ليست هكذا. التحدي والسعادة يأتيان بعد المصالحة مع الأخطاء".

هموم يومية

تختزل يسرا "في كله يهون" الخروج من هموم الحياة اليومية، يقول مطلع الأغنية. "بس كله يهون إذا لسه فيه في المترو بنات متزوقة إذا بس فيه في البيت بلكونة محندقة إذا ظهرلي حبيب من جوة جوة الدواليب وقالي مش هنخرج بقا" وتعترف يسرا: "الأغاني اللي بختارها تمس شخصيتي، لو حاجة كتبتها حصلت لي وأثرت فيا، لو حد كاتب الكلام قرأته وعجبني، قررت ألحنه". وتوضح أن فلسفتها قائمة على أغاني الحكايات، فهي تحبذ اللعب مع الجمهور، مشيرةً إلى أن عينيها تقعان دائماً على كلمات تتضمن صوراً بصرية وخيالاً بديعاً "تحس معاه الكلام اللي بتسمعه". العزف السريع وخفة صوت يسرا يجعلان المستمع لا يفرق بين ما هو مبهج وحزين، وهذا ما تفتخر به يسرا. وتقول: "أغنية بابتسم الناس تعتبرها مبهجة لكني بشوفها فيها حزن لأن كلماتها بتقول بابتسم من كثر حبي للعالم بابتسم من كثر خوف وعيت عليه وعنيه مفتوحة على القلق، فهي تتحدث عن الخوف والقلق والوجع الإنساني".

شوارع يسرا

يسرا أيضاً قاهرية أكثر من قاهريين كثر يعيشون في العاصمة منذ عقود طويلة، فهي تدين لها بالكثير من التفاصيل والحكايات التي دوّنت بعضها في أغانيها. في أغنية السور، التي قدمتها للجمهور عام 2012، حاولت المطربة الشابة أن ترصد أزمة الشوارع المغلقة وسط البلد، رصداً ساخراً استخدمت فيه لفظ "ببيه" كإسقاط منها على غضب العامة من الحصار. كقاهرية أيضاً، تدوّن شجارات الشارع ومعتقدات ناسه التي تبيح الشتيمة والضرب والقتل، لكنها تستهجن القبلات وممارسة الحب في الشارع، وذلك في قصيدة أمينة جاهين "في الشارع". لكن صحيح هتكون فضيحة لو يوم نسينا وبوسنا في الشارع. "نعيش في القاهرة، وهي مدينة صعبة، والسنوات الأخيرة كانت قاسية على معظم أبناء جيلي بدءاً من انتكاسة الثورة إلى أحوال الاقتصاد. صعب علينا تجاهل هذه الظروف والخروج بكلمات منفصلة عن الواقع. الأغاني تمدنا بالأمل"، تتحدث الهواري عن الشارع. وتضيف: "بتعامل مع المدينة كل يوم، القاهرة مدينة ماينفعش نتجاهلها، لو انت شخص بيعمل فن في مصر وفي القاهرة بالذات، لازم المنتج بتاعك حيطلع تقدري تشمي فيه ريحة القاهرة عشان هي أقوى مننا كلنا، عندها شخصية هتطبع عليكي".

يسرا والأكورديون

اشتهرت يسرا بأنها عازفة الأكورديون الوحيدة في مصر. صيتها هذا ساهم في ترسيخ صورتها عند جمهور الآندرغراوند. علاقة من نوع خاص تربطها بالأكورديون، الآلة التي أسرتها وجعلتها تسافر إلى فرنسا لإتقانها، تحكي عنها: "لعبت الأكورديون أيام المدرسة في الكويت، بس أول حاجة شدتني للآلة هي إني ما لقيتش مكان أتعلمها فيه، الحاجة التانية إني ما لقيتش بنات بتلعب أكورديون في مصر، الحاجة التالتة إني لقيت إنه مبقاش في ناس كتير بتلعب أكورديون رغم إنه الأكورديون كان بيتلعب كتير في مصر". لهذه الأسباب، اضطرت السفر إلى فرنسا لخوض دورة تدريبية كي تجيد استخدام هذه الآلة، لأنها تعشق طريقة حملها وكل تفاصيلها، إلى أن وصلت لمرحلة العزف عليها فور الاستيقاظ من النوم. وتأمل إنشاء أول مدرسة لتعليم عزف الأكورديون الشرقي في مصر، فهي لم تزل تفضل آلتها على الغناء.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard