وجدت الفنانة والمخرجة السعودية عهد كامل طريقها إلى عالم السينما بطريق المصادفة. طرقت الباب ودخلت، فدارت الكاميرا نحوها وأبصرت تقاطيع وجه «بنت البلد» الدقيقة. برشاقة تسللت إلى عالم الفن. تكسر أفلامها صوراً نمطية كثيرة، وتظهر المرأة كائناً قوياً «لا مجرد ضحية». هي اليوم أول ممثلة سعودية تلعب دوراً رئيسياً في مسلسل أجنبي من إنتاج شبكة «نتفليكس» على شاشة «BBC» البريطانية، عنوانه “كولاتيرال” Collateral، ومعها المُرشحة لنيل جائزة الأوسكار، كاري موليجان، والمُمثلان جون سيم وبيلي بايبر. 28161613_594195067587824_3184058509851626671_o تدور قصة المسلسل حول حادث غامض لإطلاق النار على رجل توصيل طلبات بيتزا في لندن. تلعب فيه كامل دور لاجئة مُسلمة «قوية»، اسمها فاطمة. ترى كامل أن فاطمة تشبه شخصيتها الحقيقية، وتقول في مقابلة لمجلة فوغ «نحن متشابهتان لأننا ناجيتان ومقاتلتان، ولسنا ضحيتين». طموحاتها كثيرة، أحدها تقديم دور «مريم المجدلية»، والوقوف في يوم من الأيام على خشبة مسرح لندن. 22135449_528409967499668_2885276610620234133_o

وقوفها أمام الكاميرا غير مسارها

بعد 11 عاماً من ميلادها (فبراير 1987)، غادرت عهد بلادها إلى الولايات المتحدة لتكمل دراستها. جاءتها فكرة العمل في السينما بطريق المصادفة. تقول «كنت أحضّر لمشروع تخرجي عن فن الصور المتحركة Animation، وبعدما تعبت من الرسم، قررت أن أخرج وأستخدم الكاميرا، وقفت ومثلت أمامها وأحببتها، ووجدت أنه من غير الممكن أن أحب شيئاً، ولا أستطيع أن أعمل فيه لأني سعودية». قبل حصولها على بكالوريوس في الرسوم المتحركة والاتصالات، كانت قد درست المحاماة، كما نالت دبلوماً في الإخراج من أكاديمية نيويورك للأفلام عام 2005، ودرست التمثيل على يد ويليام إيسبر في الأستديو الخاص به. كانت بدايتها كمخرجة هناك، حيث عرضت فيلمها القصير «ثلاث ملكات» في 2006. اكتسبت خبرات خصبة خلال عملها في استديوهات هوليوود، وفي 2007 كانت في فريق فيلم المملكة The Kingdom، مساعدةً للمخرج بيتر بيرج.

عهد كامل، موهبة سعودية قادتها «مصادفة» إلى السينما ثم إلى العالمية

تتسرب عهد كامل إلى وجدان الجمهور بوسيلتين، الأولى بمعالجتها الموضوعات «من تحت لتحت»، والثانية بإثارة «الصدمة»

للمرة الأولى، شاركت كممثلة في الفيلم التركي رزان، الذي حصلت من خلاله على جائزة «البوابة الذهبية» لأفضل ممثلة من مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي. وعرفها الجمهور العربي مُمثلة ومُخرجة وكاتبة سيناريو في عدد من الأفلام القصيرة والطويلة. وقد حازت أفلامها استحسان النقاد في مهرجانات سينمائية عربية وعالمية، مثل «الكندرجي» أو الإسكافي، الذي نال الجائزة الذهبية لأفضل فيلم قصير بمهرجان بيروت الدولي 2010. كذلك حصد فيلمها «حُرمة» الجائزة الذهبية من نفس المهرجان في 2013. لمعت كامل أيضاً في دور مديرة المدرسة «حصة» في فيلم «وجدة»، الذي حصد بضع جوائز من مهرجانات دولية عدة، ووصل لمراحل متقدمة في ترشيحات مهرجان الأوسكار. وهو أول فيلم روائي طويل يتم تصويره في السعودية لمخرجته هيفا المنصور، في 2012. ولعهد أفلام قصيرة أخرى، مثل سمكة الرمال، ابتسم أنت في جدة، وسائقي وأنا.

سيرة المرأة في الشوارع الخلفية

سواء تحت شمس الصحراء الحارقة كما في «سمكة الرمال» أو في حارة شعبية فقيرة كما في «حُرمة»، تواصل عهد طرح قصص ما زالت «شفهية» لنساء قويات قادرات على احتمال الشدائد، فتروي سينمائياً مصير امرأة تعيش في منطقة شعبية بمدينة جدة، وجدت نفسها وحيدة بعد وفاة زوجها، وواجهت محاولات تحكم المجتمع وسلطة ولي الأمر في حياتها. تتسرب كامل إلى وجدان الجمهور بوسيلتين، الأولى بمعالجتها الموضوعات «من تحت لتحت»، والثانية بإثارة «الصدمة». تقول «لدينا أمور في المجتمع السعودي لا بد للناس أن يُصدموا بها، وأنا تطرقت إلى موضوع الجنس في الفيلمين، كلنا أتينا من الجنس”. تقول «هويتي لا تقف في طريقي. ربما لأني عشت بين 4 إخوان، وبالتالي معتادة أن يكون صوتي عالياً. تربيت في بيت لا يعرف الفرق بين الصبي والبنت. وترك أهلي لي المجال لأعبر عن نفسي بحرية». وتراهن كامل على زيادة الوعي. تقول «الفكر السائد تجاه المرأة بدأ يتغير، والمجتمع يتقبل فكرة وجود مخرجة سعودية»، مُستعينةً بموجة من إصلاحات اجتماعية تشهدها المملكة، الكثير منها لمصلحة المرأة، مثل السماح لها بقيادة السيارات وحضور المباريات الرياضية، وإنشاء دور عرض سينمائية.

اليوغا سلاحها للتصالح مع النفس وتقبل العالم

إذا كنتم على انستجرام وزرتم حسابها، فستلاحظون صوراً لها وهي تمارس اليوغا في البيت وفي أماكن مفتوحة، حتى على هامش حضورها مهرجانات السينما.

#SupportArabCinema @supportarabcinema

A post shared by Odd Camel Films عهد كامل (@ahdkamel) on Dec 14, 2015 at 4:09am PST

بجسد نحيل ومهارة مُميزة تؤدي عهد طقوس اليوغا وتمارين اللياقة البدنية، وتسعى لنقل ولعها هذا إلى أبنائها.

A post shared by Odd Camel Films عهد كامل (@ahdkamel) on Jul 6, 2015 at 6:00am PDT

وعندما سألتها مجلة «فوغ» لو لم تعملي في صناعة الأفلام، فماذا كنتِ ستفعلين؟ جاء ردها «الرقص أو الغناء، أو كنت سأتحول إلى مجالٍ مختلفٍ كلياً مثل علم الكونيّات والفيزياء الفلكية». شكّلت السينما المصرية جزءاً كبيراً من طفولتها. وهي من المعجبات بالنجمة كيت بلانشيت. أما فيلمها المفضل فهو «سينما باراديزو»، وتقول «أستطيع سرد تفاصيله وحواراته غيباً».