شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
لبنان ينافس للمرة الأولى على الأوسكار... بفرحة منقوصة

لبنان ينافس للمرة الأولى على الأوسكار... بفرحة منقوصة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 24 يناير 201804:32 م
في سابقة هي الأولى من نوعها للسينما اللبنانية، أعلنت الأكاديمية الأمريكية لفنون السينما وعلومها، المسؤولة عن منح جوائز الأوسكار، دخول فيلم "قضية رقم 23" (أو "الإهانة" حسب العنوان الأجنبي للفيلم) قائمة الأفلام الخمسة المرشحة لفئة أفضل فيلم أجنبي خلال الحفل التسعين لهذه الجائزة العريقة في مارس المقبل. لكن ما وصفه مخرج الفيلم زياد دويري، في حديثه مع وكالة الصحافة الفرنسية، بـ"إنجاز للبنان كله"، لم تقابله فرحة جامعة بين اللبنانيين. هؤلاء كانوا قد انقسموا سابقاً على الفيلم نفسه، وبالأحرى على شخص المخرج الذي كان قد صوّر فيلماً سابقاً بعنوان "الصدمة" في إسرائيل، مخالفاً القوانين اللبنانية، وأعقبه مؤخراً بخطوات وتصريحات جدليّة اتُهم على أساسها بالتطبيع مع إسرائيل.

قضية الأوسكار

هو الفيلم اللبناني الأول والعربي الوحيد الذي يصل إلى ترشيحات الأوسكار النهائية لأفضل فيلم أجنبي، في نسختها التسعين.

ويتنافس الفيلم، الفائز في مهرجان البندقية السينمائي جائزة أفضل ممثل نالها كامل الباشا، مع أربعة أعمال أخرى من روسيا والمجر وتشيلي والسويد.

والأعمال العالمية الأربعة هي "Loveless" للمخرج الروسي أندري رفياغينتسيف، الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان، و"On Body and Soul" للمجرية إيلديكو إينييدي، الفائز بجائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي، و"A Fantastic Woman" للمخرج التشيلي سيباستيان ليليو و"The Square" للسويدي روبن أوستلوند، الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان بدورته الأخيرة.

INSIDE_TheInsult2

في الأحوال العادية، طبيعي أن يثير خبر مماثل النشوة لدى العاملين في مجال السينما العربية، واللبنانية تحديداً، ممن يصارعون ظروف الإنتاج المجحفة والإهمال الرسمي المزمن، كما لكل من ينتمي لهذه المنطقة بكل ما تحويه من طاقات خلاقة تعاند الظروف لتترك أثراً إيجابياً في العالم الذي يحاصرها بأفكار نمطية مسبقة.

لكن الفيلم ليس عادياً في السياق اللبناني، وكذلك صاحبه.

تجري أحداث الفيلم، وهو من بطولة عادل كرم وكامل الباشا ودياماند بو عبود وريتا حايك، في أحد أحياء بيروت الشعبيّة. هناك يتحوّل خلاف بسيط بين طوني (كرم) المسيحي وياسر (الباشا) الفلسطيني إلى معركة تتطور سريعاً لتصل إلى المحكمة وتصبح قضية رأي عام، تأخذ بعداً أكبر من حجمها لما تعكسه من جذور الصراع اللبناني (المسيحي تحديداً) - الفلسطيني ورواسب الحرب الأهلية (1975-1990) في لبنان.

لم تكن الضجة التي صاحبت الفيلم في لبنان حين ظهوره، ووصلت حد المطالبة بحجبه وتوقيف المخرج والتحقيق معه قبل تبرئته لاحقاً، مرتبطة بالفيلم نفسه بل بمخرجه الذي سبق وصوّر فيلم "الصدمة" في إسرائيل، وإن كان دويري قد رأى أن استحضار فيلمه السابق كان هدفه ضرب الحالي لما يحمله من "حقائق" ما زال اللبناني عاجزاً عن مواجهتها، كما يقول.

فيلم لبناني للمرة الأولى في الأوسكار... ما وصفه مخرج الفيلم زياد دويري بـ"إنجاز للبنان كله" لم تقابله فرحة جامعة بين اللبنانيين

بين فرحة الإنجاز ورسائل الإهانة

"هذا الفيلم صغير لكن حلمه كان كبيراً جداً، ووصولنا إلى الأوسكار أفضل دليل على أن لدينا طاقات قادرة على إيصالنا إلى العالمية"، هذا ما قاله المخرج تعليقاً على خبر الترشيح للأوسكار.

وأكمل، في حديثه مع "فرانس برس"، قائلاً "ما كنا وصلنا إلى هنا، وما كنا تمكنا من تحقيق هذا الإنجاز، لو لم يبدع الممثلون في أدائهم، ولو لم يكن فريق العمل بأكمله قد بذل جهداً فائقاً وأعطى الفيلم من كل قلبه، رغم الصعوبات والتهديدات التي ظهرت بعد بدء عرضه في لبنان".

وفي حديثه مع موقع "Deadline"، اعتبر دويري أن خبراً مماثلاً "يعطي نوعاً من الخلاص (رد الاعتبار)، حتى ولو لم يكن الشخص مخطئاً. يمنح راحة لمجرد التفكير أن ثمة من يحميك في مكان ما. الذين يهاجمونك سيواصلون هجومهم، لكنك ستصبح أكثر مناعة".

ولم يفوّت المخرج اللبناني الفرصة للاحتفاء بـ"انتصار حرية التعبير"، والتنويه بما جرى مع فيلم "ذا بوست" لستيفن سبيلبرغ، الذي برأي دويري تجمعهما المعركة نفسها. وكذلك فعل أحد منتجي الفيلم تشارلز كوهين من "كوهين ميديا غروب" الذي قال إنه "تابع مسار الفيلم منذ البداية"، مهنئاً نفسه ودويري على "الإنجاز".

واحتفى وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري، الذي كان قد رشح فيلم دويري للأوسكار برغم الانقسامات السياسية بشأنه، بالخبر، مؤكداً أن الوزارة "من الأساس دعمت هذا الفيلم ولا نزال عند موقفنا".

كما غرّد الوزير السابق نقولا صحناوي مهنئاً، وكذلك فعل عدد من المدونين والمعلقين.

لكن الأوسكار، على بريقه المذهّب ووعوده بوصول لبنان إلى العالمية، ليس كافياً لتغيير رأي المعارضين لدويري.

المخرج الذي أدهش كثر في فيلم "ويست بيروت" (1998)، ومدّهم بأمل التمتع بسينما لبنانية جريئة ومتقنة، غاب فترة قبل أن يعود بفيلم "الصدمة" (2013) وبسلة أفكار وردود أفعال لم يتقبلها مناصرو القضية الفلسطينية والداعين لمقاطعة محتلها بشتى الطرق.

دويري، الآتي من عائلة يسارية مناصرة للقضية الفلسطينية، يرى في ما يقوم به حرية تعبير و"مواجهة مطلوبة" مع سرديات لبنانية عافها.

لكن "التطبيع السينمائي الناعم أحياناً والمباشر أحياناً أخرى" هو ما يستفز خصومه، كما استفزهم عرض الفيلم في المركز الإسرائيلي للأفلام في نيويورك مؤخراً، تلاه نقاش مع المخرج.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10155892646716544&set=a.279237871543.147030.512636543&type=3&theater

وكما استفزهم كذلك حواره مع مجلة "Forward" مطلع الشهر الحالي، حين اعتبر أن إسرائيل تفصيل بالنسبة إليه و"ليست القضية".

في حواره مع شيرلي آفني من "كوهين ميديا غروب"، اعتبر الدويري أن معركته هي مع الداخل، بما فيه من "الإسلام الأصولي، عقليّة الرجل، تحرّر المرأة"، فـ"قبل أن تخوض معركة كبرى، عليك تنظيف بيتك"، يقول.

وحين سؤاله ما إذا كان يخشى اتهامه بأنه مناصر لإسرائيل أو مناصر للصهيونية، أكد على عدم اهتمامه فـ"صراعي ليس مع إسرائيل اليوم. صراعي هو مع حركة المقاطعة العالميّة BDS. وهم لا يخيفونني. أنا أخيفهم".

لماذا برأي دويري أنه يخيفهم، كان هذا السؤال، ليأتي جوابه بأن فيلمه الأخير يقول الحقيقة. "الفلسطينيون ارتكبوا أيضاً مجازر. وصبرا وشاتيلا ليست أم المجازر"، يعلّق دويري.

أما على أجندته الجديدة، فيحتل الأولوية مشروع "يُظهر أشخاصاً مثل حركة المقاطعة العالمية BDS في صورة سلبيّة جداً"، وهو ما كان قد بدأه في "قضية رقم 23" حيث أوضح أن "حوالي 80  في المئة من الحوار الذي وضعته على فم المحامي في الفيلم كان ردّ فعل ضد حركة المقاطعة".

يختم المخرج اللبناني بأنه لم يعد يريد أن يكون "زياد دويري صانع السلام، الشخص المسالم المحب"، ويفتح المجال لاستمرار النقاش اللبناني حول التطبيع وأدواته، مظهرا مجددا أنه اتخذ أشكالا متعددة وبالتأكيد غير جامعة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard