شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الإيرانية شيرين نيشات جعلت أم كلثوم تتلعثم لدى غنائها أمام عبد الناصر، لأنها

الإيرانية شيرين نيشات جعلت أم كلثوم تتلعثم لدى غنائها أمام عبد الناصر، لأنها "زهقت" من مجدها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 5 ديسمبر 201706:19 م
"أم كلثوم امرأة صنعت قدرها. لم تكن مجرد أيقونة فنية للملايين من الجماهير في مصر والعالم العربي. بل كانت معجزة. قصة ملهمة من النجاح". هكذا وصفت شيرين نيشات، المخرجة الإيرانية المقيمة في الولايات المتحدة، "كوكب الشرق". By-Lyle-Ashton-Harris,-Courtesy-of-the-artist-and-CRG-Gallery,-NYBy-Lyle-Ashton-Harris,-Courtesy-of-the-artist-and-CRG-Gallery,-NY نيشات مؤلفة ومخرجة فيلم "البحث عن أم كلثوم"، الذي شارك قبل بضعة أسابيع بمهرجان لندن السينمائي في دورته الـ61، بعد عرضه للمرة الأولى في مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام. اختارت نيشات لفيلمها قالباً مُركّباً في سرد الأحداث، فهو عبارة عن فيلم داخل فيلم، عن محاولات مخرجة إيرانية تقيم في الخارج تدعى ميترا (نيدا رحمنيان – ممثلة إيرانية) إنجاز فيلم عن أم كلثوم. في البحث عن ممثلة تجسد دورها وسط عدد من المتقدمات، أثناء عملية (الكاستنغ) لاختيار الممثلة المناسبة للدور، وقع اختيارها على غادة (ياسمين رئيس – ممثلة مصرية)، وهي معلمة في مدرسة الأطفال، تتمتع بصوت ساحر في الفيلم، يمكنها تقليد أغاني أم كلثوم.
ويتوازى هذا الخط السردي مع مشاهد من فيلمها عن أم كلثوم، الذي تختار فيه لحظات فاصلة في حياة "كوكب الشوق"، من طفولتها حين كانت تقرأ التواشيح الدينية برفقة والدها إلى شهرتها في عالم الغناء في عهد الملك فاروق، واقترابها من عوالم السلطة، وتحولها من شخصية ريفية بسيطة، إلى شخصية ذات مكانة مرموقة، ثم وصولها إلى قمة المجد في عهد عبد الناصر، الذي لقبها بهرم مصر الرابع. LOK+posterLOK+poster ويقابل هذه الأحداث خط دارمي آخر يعكس أزمة المخرجة التي تسعى إلى تحقيق نفسها في عالم الفن. لكننا نلمح إلى أن ذلك يأتي على حساب عائلتها، ويتضح عبر علاقتها المأذومة مع ابنها، الذي يعبّر عن كراهيته لها، إذ تركته خلفها في بلادها، من دون أن نعرف ملابسات أزمتها هناك، وعدم قدرتها على العودة والعيش مع ابنها. فيلم نيشات، والفيلم الذي في داخله، ليسا بصدد تقديم سيرة ذاتية لأم كلثوم، بل هما محاولة من نيشات للبحث عن أم كلثومها الخاصة، محاولة لفهم ذاتها هي، ولسبر أغوار نفسها كمبدعة ومخرجة وفنانة وامرأة عبر أم كلثوم. تقول شيرين نيشات لرصيف22: "لا يقدم فيلمي سيرة سيدة الغناء العربي بشكل مباشر، بل نضع سيرة انتصارها وشهرتها كامرأة تجاوزت قدر المرأة المهمشة في المجتمع الذكوري، وشقت طريقها فيه، لتتحول إلى أيقونة فنية كبرى". Viennale_talk_(2),_Shirin_NeshatViennale_talk_(2),_Shirin_Neshat "أم كلثوم" كانت ولا تزال أيقونة للغناء في مصر والعالم العربي، ألم تتخوفي من الاقتراب منها، خصوصاً أن هناك تحديات أمامك، منها معرفتك لهذه الحقبة واللغة والتاريخ؟ أم كلثوم مشهورة جداً في الثقافة الإيرانية، ولدي هوس بدور المرأة في المجتمعات المختلفة، وهو ما أهتم به دائماً في أعمالي الفنية، سواء معارض تشكيلية أو أفلام. فالمرأة أداة للإيحاء بشكل كبير، تمثل لي أيقونة وتلعب الدور المحوري في حياة الأمم. أم كلثوم تمثل لي بطلة، وأنا معجبة بشخصيتها. فهي امرأة قوية ناجحة. أشعر باندهاش شديد تجاه ما حققته من شهرة واسعة بصوتها وموسيقاها، لتكون مؤثرة جداً في القرن الـ20، لذا كنت شغوفة بنقل هذه الثقافة وهذه التجربة النسائية الملهمة للمجتمعات الغربية التي لا تعرف شيئاً عن أم كلثوم. كيف كان التحضير لهذا العمل الضخم؟ منذ أن كان الفيلم فكرة في عقلي وقبل التنفيذ، سافرت عدة مرات للقاهرة، وكان برفقتي صديقان مصريان، السيناريست والمخرج أحمد عامر، والمخرج أحمد إبراهيم، وكلاهما يدرسان في جامعة كاليفورنيا، ساعداني في البحث والاطلاع على المراجع الأصلية والكتب والأرشيف الموسيقي والتسجيلي لأم كلثوم في مصر. نجحنا في إجراء بحث عميق عن حياتها، ولكن لاحظت أن الفيلم يسير تجاه السيرة الذاتية، ولكن بعد اطلاعي الدقيق على تاريخها الثري بالتفاصيل، غيّرت فكرتي. واقتنعت بعدم تقديم فيلم تاريخي فقط أصم عن حياة أم كلثوم ومشوارها الفني، ولكن تقديمها كمعبودة للجماهير، وأيقونة لنساء مصر، ولكثير من النساء في الشرق الأوسط. فظلت تلعب دور Rolemodel لسنوات طويلة. البحث عن "أم كلثوم" كان بحثاً عن هذه السيدة الملهمة والدور الذي لعبته في تاريخ مصر والعالم العربي من خلال أحداث حياتها ومحطاتها الفنية الناجحة. ما هي الصعوبات التى واجهتك لإنجاز هذا العمل؟ أبرزها تلك النبرة التي تحمل تشكيكاً في شخصي لكوني إيرانية، من المصريين الذين قابلتهم في القاهرة، أثناء رحلة البحث والتوثيق التاريخي لأم كلثوم. كانوا متحفظين جداً في الحديث عنها معي، حتى أنني واجهت المخاوف نفسها من جانب مؤلفين ألفوا كتباً عن أم كلثوم، حين قابلتهم للحصول على مزيد من المعلومات. وكان سؤالهم الدائم "أنتِ مخرجة إيرانية تعملي ليه فيلم عن أم كلثوم، ليه عايزة تعرفي  معلومات عنها، أنت غير عربية". كانوا يتحدثون معي بشكل دفاعي، وهذا أزعجني بشدة. ربما المخاوف نابعة من سوء العلاقات السياسية المصرية الإيرانية. لكنني مخرجة فنانة لست سياسية، أفهم جيداً انحيازهم لأم كلثوم ومخاوفهم من تشويه تاريخها، فهي تمثل لهم رمزاً، وفيلمي يسعى للهدف نفسه، وهو تقديم هذا النموذج الناجح من خلال رصد رحلة صعودها ونجوميتها، منذ مجيء هذه الفتاة من بيئة ريفية متواضعة جداً، حتى أصبحت سيدة القرن العشرين في الغناء والموسيقى. لا أعتبر أم كلثوم مطربة فقط، فرحلتها الفنية وصوتها كانا بمثابة خلفية موسيقية مكتوب عليها جزء كبير من تاريخ مصر خلال هذا القرن، من تحولات سياسية واجتماعية وثقافية.
نعم أنا مخرجة إيرانية، ولكن أم كلثوم فنانة ناجحة تنتمي للجميع، سواء في الشرق الأوسط أو العالم. تمتلك حياةً ملهمة جداً لأي مخرج أو فنان يستطيع أن يسجل عنها عشرات الأفلام.

هل يسعى الفيلم إلى تفكيك أسطورة أم كلثوم من منظور نسوي؟ نرى اشتباكاً بين العام والخاص، "ميترا"، المخرجة في الفيلم تصارع الظروف نفسها التي عاشتها أم كلثوم. كلتاهما تواجهان الثنائية التي تشكل أزمة المرأة في الشرق بين الإنسان والأيقونة، وبين الشهرة والنجاح والحياة العائلية البسيطة؟ هو ما كان يسيطر على ذهني من تساؤلات قبل كتابتي للفيلم، أبرزها "كيف لم يكن لأم كلثوم حياة تقليدية مثل أي سيدة، وحياتها الخاصة كانت سراً رغم أنها لم تنجب". مع ذلك، كرست حياتها لفنها وللموسيقى والغناء، وأذهلتني قدرتها على حسم هذا الصراع المرير الذي تقع فيه معظم النساء الناجحات في العالم، في مجالات مختلفة، بين حياتهم التقليدية العائلية وتكريس حياتهن لفنهن أو العمل بشكل عام. حياة "ميترا" تشبه كثيراً حياتي، لديها ولد في الفيلم مثلي، وكانت مشكلات الولد ورعايته عائقاً كبيراً في طريق تحقيق حلمها ونجاحها كمخرجة في الفيلم. بالمقارنة كانت أم كلثوم هذه الأيقونة بمثابة صخرة لم تقف عراقيل أمام عملها ونجاحها، وعندما بدأت "ميترا" في الفيلم تواجه انهيار عملها بسبب فقدان ابنها ومشكلاتها الشخصية، وقفت تنظر إلى أم كلثوم وقوتها في تحدي العالم وظروف مجتمعها الشرقي المحافظ، لتصل إلى المجد والشهرة. هل تقصدين أن "أم كلثوم" كانت الاستثناء من هذه القاعدة العريضة لنساء يعانين تلك الثنائية؟ أم كلثوم لم تكن مجرد استثناء وامرأة ناجحة فقط بل معجزة، استطاعت أن تتخطى كل هذه الصعوبات، سواء أنا كشيرين أو ميترا في الفيلم نحارب هذه الحياة التقليدية، لنصل إلى النجاح، ونجد صعوبةً كبيرة في ذلك. لكن أم كلثوم لم يقف أمامها شيء. كل النساء يواجهن الإشكالية نفسها بين مسؤولية رعاية الأسرة والأبناء، التي يلزمهن بها المجتمع وبين العمل. أنا شخصياً أواجه القلق نفسه والمشكلات عينها بين نجاحي كمخرجة حالمة بالنجاح والتحقق في العمل، وفي الوقت نفسه لدي مشكلات شخصية وتحديات عائلية ورعاية ابني، وهو ما تجاوزته أم كلثوم لتكون حقاً معجزة. شعرت بعد مشاهدة الفيلم أنك تبحثين عن أم كلثومك الخاصة، فكرة نشأتكما في المجتمعات الذكورية الإسلامية نفسها والعمل في الفن. ما هي أوجه الشبه بينك وبين أم كلثوم؟ لا أستطيع مقارنة نفسي بهذه السيدة الأسطورة، لأنها فنانة كبيرة وصاحبة مشوار طويل من النجاح. ولكننا واجهنا الظروف نفسها، فأنا كأمراة مخرجة دائماً محاطة بمجتمع رجالي أثناء القيام بعملي، وأيضاً أم كلثوم كان جميع من حولها رجال، ومع ذلك كانت أكثر هيمنة ونجحت في إدارتهم بقوة وذكاء. وهذا مثير للإلهام والدهشة، خصوصاً أن ظروف المجتمع المصري في  القرن الـ20 كانت أكثر اختلافاً مما هي عليه الآن، لفتاة ريفية تواجه أفكار مجتمع ذكوري محافظ ضد عمل النساء في الفن والغناء، ومع ذلك، تنجح في مواجهة كل هذه الصعوبات، وتستمر في مشوارها على مدى سنوات طويلة. LookingForOumKulthum_©RazorFilm3LookingForOumKulthum_©RazorFilm3 ولكن الفرق هو أن أم كلثوم كانت دائماً محاطة برضا الدولة وقادتها، سواء الملك فاروق أو عبد الناصر ثم السادات، أي أنها تمتعت بشعبية جماهيرية وحكومية، لكن العكس تماماً في قصتي. أنا ممنوعة من الرجوع إلى إيران، بعض بني وطني داعمون لأعمالي الفنية، ولكن الكثيرين داخل إيران يرفضونها، فلم أتمتع بهذه الشعبية القومية التي كانت تمتلكها أم كلثوم. ولكن أليس اختيارك أن تصبحي أماً ومخرجة يحملك مسؤولية أكبر؟ أم كلثوم اختارت أن لا تكون لها حياة تقليدية، وأناً أيضاً ليس لدي حياة تقليدية، أنا إمراة ومطلقة وأم عزباء ترعى ابنها، ورغم ذلك، لا أقارن نفسي بأم كلثوم. ولكن أنظر إليها كرمز، عندما أنظر إلى هذه السيدة يكون رأسي للأعلى، ومن المؤكد أنها نظرة كثير من النساء لها سواء كن فنانات أو عاديات. لم تكن نهايتها مأسوية مثل معظم الفنانين في الغرب، بين الانتحار والإدمان أو القتل، حافظت على النجاح منذ أول يوم صعدت فيه على المسرح، لتكون حقاً معبودة الجماهير الملهمة.
أنا ممنوعة من الرجوع إلى إيران، حيث يرفض الكثيرون أعمالي الفنية. لم أتمتع بالشعبية القومية التي امتلكتها أم كلثوم
ولكن "ميترا" بعد أزمتها النفسية واختفاء ابنها حاولت أن تصفي حساباتها مع شخصية أم كلثوم وجعلتها تتلعثم في غنائها أمام عبد الناصر بل تكاد تقع على المسرح، وهذا مخالف للوقائع التاريخية؟ "ميترا" مخرجة وإنسانة، وكان في داخلها صراع، بعد أن علمت بعدم العثور على ابنها وغيابه، وكان ذلك مؤثراً في زاوية معالجتها لنهاية أحداث الفيلم، فدارت في ذهنها تساؤلات كثيرة ومنطقية: "هل من الطبيعي أن تكون هذه الشخصية الأسطورة – أم كلثوم بهذه المثالية فقط؟ هل أم كلثوم لم تنكسر مرةً فعلاً؟ هل لم تقع يوماً ضحية للتشوش والإخفاقات مثل أي امرأة تصارع من منظور نسوي بين حياتها العائلية ونجاح عملها؟ الإجابة بالطبع كلا. ولكن من المؤكد أن أم كلثوم لم تتلعثم أو تقع على المسرح أمام عبد الناصر، كان ذلك مجرد خيال درامي، كان بمثابة شعور داخلي للمخرجة بأن أم كلثوم واجهت في حياتها هزائم مثل أي سيدة عادية. في آخر الفيلم، تقول أم كلثوم للمخرجة "عايزة تحطمينى ليه. ردت: لأنني زهقت من مجدك ونجاحك". بدا الأمر انتقامياً. ألم تتخوفي من هذه النهاية؟ كلامك صحيح، المخرجة فعلاً أحبت أن تتنقم من شخصية "أم كلثوم"، لأنها شعرت بالغيرة من نجاحها المستمر، وجعلتها تفقد صوتها على المسرح في ذروة مجدها، ولكن هذا مجرد انعكاس نفسي لامرأة فشلت مثل "ميترا"، فأرادت أيضاً أن تأخذ بطلتها إلى الأسفل وتحطمها في نهاية خيالية من وحي هذا الانعكاس السيكولوجي لشخصية المخرجة، تم نفيها على لسان المنتج في الفيلم، وعلى لسان البطلة "غادة"، اللذين تعديلات "ميترا"، ولكن المؤكد أن أم كلثوم لم نر لها إخفاقاً واحداً في مشوار حياتها. LookingForOumKulthum_©RazorFilm6LookingForOumKulthum_©RazorFilm6 أن تكوني امرأة في مجتمع محافظ، فهذا صعب، ولكن أن تكوني امرأة وفنانة إيرانية، فالأمر أكثر صعوبة. احكي لنا عن مشوارك حتى أصبحت مخرجة عالمية؟ تركت إيران في عمر الـ17، بعد آخر سنة دراسية عام 1969، ومنذ ذلك الحين لم أعد، سافرت إلى أمريكا ثم التحقت بجامعة كاليفورنيا، واخترت مجال التصوير الفوتوغرافي، ثم تزوجت وانفصلت، وأرعى ابني الآن بمفردي. منذ تركت إيران لم يدعمني أحد، أستطيع القول إنني بنيت نفسي بنفسي وصنعت قدري أيضاً. هل أنت ممنوعة من العودة إلى إيران بسبب عملك في الفن أو بسبب آرائك النسوية التي تطالب بالمساواة؟ لست ممنوعة رسمياً من دخول إيران، إذ ليس هناك ملفات جادة تقضي بمنعي من الدخول، رغم أن هذا يحدث مع زملائي الفنانين بعد كتابة تقارير أمنية ضدهم، ولا أعتقد أن سبب منعي هو عملي كمخرجة، ولكن بسبب آرائي السياسية المعلنة للميديا من نظام الحكم في إيران، ومواقفي من الحكم الديني الإسلامي الذي يسيطر على الدولة. كيف تغيّرت أوضاع النساء في إيران بعد ثورة الخميني؟ أوضاع النساء لم تكن الوحيدة التي تغيرت، الثورة كانت ضد الشاه، إيران كانت دولة علمانية، وجاء الخميني لأسلمة الدولة، فتغيرت إيران تماماً، مثل مصر أيضاً، نتشابه في التاريخ والظروف. كانت الملكية تُحارب بشكل خفي من التيار الديني مع نشأة الإخوان المسلمين وحسن البنا، ثم تمكنهم أكثر بعد ذلك في عهد مبارك، حتى وصلوا إلى الحكم قبل 3 سنوات. أما النساء في إيران، فكن يكافحن مع الرجال على قدم المساواة، الاحتلال الإنجليزي عام 1953، وعبرت عن ذلك في أحد أفلامي عن دور المرأة الإيرانية الفاعل في النضال الوطني، بصور أرشيفية تاريخية. ولكن بعد الثورة الإسلامية، تغيّر الوضع تماماً، هناك تهميش لدورها، من الصعب أن أقول إن الإيرانيات سعيدات بما وصلن إليه الآن، ولكن لا أرغب في التعميم لأنني تركت إيران قبل سنوات طويلة، هناك مواطنون سعداء بالثورة الإسلامية وآخرون غير سعداء. ولكن من المؤكد أنني لم أصبح ناجحة ومشهورة لو كنت لم أزل داخل إيران. متى يشاهد الجمهور المصرى الفيلم؟ لدينا مساعد إنتاج في منطقة الشرق الأوسط، وأتمنى أن يتمكن من عرضه في مصر والدول العربية، رغم أنني تابعت كثيراً من النقد والكراهية للفيلم من بعض الجمهور العربي الذي شاهده في مهرجانَيْ لندن وفينيسيا. وتستطرد ضاحكة: "عايزين يموتوني". وتتابع: مع ذلك كانت هناك ردود فعل إيجايبة من بعض المصريين. بوجه عام، أعلم أنه فيلم سيثير كثيراً من الجدل، لأنه قدّم أم كلثوم بصورة غير تقليدية عن الصورة الراسخة في عقول الكثير من عشاقها. جاءت نِيشات إلى السينما من تجربة فنية بصرية غنية، عبر عملها كمصورة فوتوغرافية وفنانة تشكيلية. واستندت إلى منظور نسوي (فيمنست) في تصوير واقع المرأة عموماً، والإيرانية على وجه الخصوص، بين سلسلة من التضادات التي تتحكم بها: كالتقليد والحداثة، الدين والعلمانية، الشرق والغرب، الذكوري والنسوي، الشخصي والعام، ومحاولة إيجاد معادلات بصرية وتجسيدات مكانية تعكس هذه التضادات. وأقامت العديد من المعارض الفنية منذ منتصف التسعينيات بعد تخرجها من جامعة كاليفورنيا، كما نالت العديد من الجوائز العالمية. وحصلت نِيشات على جائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا عام 2009 عن فيلمها الأول "نساء من دون رجال"، الذي يقدم حياة أربع نساء إيرانيات من طبقات وبيئات مختلفة في لحظة جوهرية وملتبسة من التاريخ الإيراني، عام 1953 إبان الانقلاب الذي دعمته الولايات المتحدة لإعادة الشاه إلى الحكم، والإطاحة برئيس الوزراء حينذاك مصدق.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard