شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
رواية

رواية "حكاية مغربية": عن بلاد تتاجر بدم الشعوب وأحلامها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 27 يوليو 201712:54 م
يعود الكاتب المغربي "البشير الدامون" في روايته الرابعة "حكاية مغربية" إلى فترة الثمانينيات، وتحديداً إلى عام 1984 الذي شهد انتفاضة عرفت باسم "انتفاضة الخبز" أو "انتفاضة الجوع". يتخذ من تلك الانتفاضة منطلقاً لحبكة روايته التي يسرد فيها كيف أثرت تلك الأحداث في حياة الناس البسطاء، وكيف دفعهم الفقر إلى البحث عن وسائل غير مشروعة للبقاء على قيد الحياة. يختار الكاتب مدينة تطوان، إحدى المدن المنتفضة، ليقدّم حكاية "أسماء" الشابة ذات الثامنة عشر عاماً، والتي سيتغيّر مصيرها كلياً بسبب هذه الاحتجاجات، إذ يُجبر بعض المحتجين أخاها "حسن" على فتح خزنة حديدية سرقوها من البنك، ما يؤدي إلى اعتقاله. بسبب إحساسها بالمسؤولية تجاه عائلتها وتجاه أخيها، تزور أسماء القاضي طامحةً بمساعدته في تخفيف الحكم على أخيها، لكن الأخير يقوم باغتصابها ولا ينفذ وعده بمساعدتها رغم ما دفعته ثمناً لذلك. "هاجم المتظاهرون ملاحق الإدارات القليلة الموجودة داخل المدينة القديمة. غير بعيد عن حيّنا تم اقتحام فرع لبنك صغير. نهبت الكراسي والمكاتب، وأخرجت الخزنة الحديدية المحتوية على الأموال والتي تعذر عليهم فتحها إلى الشارع. الحظ العاثر قاد أخي حسن للمرور في الزقاق الضيق حيث تم وضع الصندوق. تحلق جماعة من المحتجين حوله حين ادعى أحدهم أن القادم يتابع دراسته بشعبة الحديد، وأنه قادر على فتحها". يتخذ "البشير الدامون" المرأة بطلةُ لجميع رواياته، ويكتب عنها بوعي كبير، وعي من يلمّ بنفسيتها وطريقة تفكيرها ومعالجتها للأمور، مصوّراً ما يعتري داخلها من قلق وتوجس، وما تعانيه في مجتمعها من إقصاء وتضييق ونظرة دونية، ومعاملة ذكورية لا ترى فيها إلا جسداً. فيحاول هو من خلال إسناد البطولة إليها وإعطائها زمام السرد إظهار إمكانياتها وقدراتها.
يتخذ "البشير الدامون" المرأة بطلةُ لجميع رواياته، يعطيها زمام الأمور ويكتب عنها بوعي كبير...
"السنوات التي مرت لم تغير من ملامح الرجل، ومن قسوة ملامحه كثيراً. كان القاضي مغتصبي وكنت ملزمة بأن أقدم له الهدية"
ترصد الرواية سيرة جيل كامل عانى من التهميش في المجتمع، وعانى أكثر من البطالة والفقر والغلاء في الأسعار، فحلم بنوعٍ من التغيير في ظروفه الحياتية، ما دفعه إلى القيام بمظاهرات واحتجاجات عارمة طالت أنحاء البلاد. لكن أحلام هذا الجيل تكسرت وطموحاته وُئدت بالعنف الكبير والاعتقالات الواسعة التي قابلت بها السلطة هذه التحركات، ومن لم يعتقل فقد الأمل حين رأى أنه ما من مجيب لمطالبه، وأن الفساد والمحسوبية ينخران في بنية الحكومة التي لم تغيّر في أفعالها شيئاً. "انخرطت مع أمثالي من الخريجين في نضالات واحتجاجات وتظاهرات قلب المدينة، في محاولة لإجبار الدولة على أن تجد لنا حلاً. كنا بالمئات. تجري الرياح بصرخاتنا على أسطح بنايات المدينة وبين شوارعها ولا من يسمعها. من حين إلى آخر نسمع خبر توظيف شخص لم يتحمّل ولو عناء الصراخ معنا يوماً، في بلدية المدينة أو في شركة الكهرباء أو في مؤسسة أخرى، فنخرج نصرخ من جديد دون نتيجة". هكذا، تجد "أسماء" نفسها يائسة ومحبطة، كحال جميع أبناء جيلها، ولا تجد حلاً لفقرها وبطالتها إلا أن تقبل بأي عمل يعرض عليها حتى لو لم يكن مناسباً لطموحاتها وتحصيلها العلمي، وبعد تنقلٍ بين عمل وآخر، ترمي بها الأقدار أمام "حنان" التي تتزعم شبكة كبيرة لتجارة المخدرات وتهريبها، وهذا ما سيجعلها تكتشف عوالم غريبة عليها. تغوص الرواية في هذا العالم: عالم تجارة المخدرات، فتحكي عن الشبكات الدولية التي تهرّبها من وإلى المغرب، وعن العلاقات المريبة التي تربط كبار المهربين بكبار رجال السلطة والقضاء، مصوّرةُ المصالح المتبادلة بينهما. ستكون صدمة البطلة الكبيرة حين تكتشف أن القاضي الذي اغتصبها قبل سنوات هو القاضي نفسه الذي ترسلها مشغّلتها إليه كي توصل إليه رشوة ليتدخل لصالح مهرب حشيش معتقل. "السنوات التي مرّت لم تغيّر من ملامح الرجل، ومن قسوة ملامحه كثيراً. كان القاضي مغتصبي وكنت ملزمة بأن أقدّم له الهدية. (...) من ثقبني لم يتغيّر. كأن ريحاً باردة هاجمتني من ثقب ما بين فخذي وامتدت إلى أمعائي كتيار كهربائي. يخطّ لنا آخرون أقداراً سيئة ولا سبيل لنا إلى رد شططها". "حكاية مغربية" هي رواية الناس المسحوقين بالفقر والبطالة والفساد السياسي، في بلادٍ تتاجر بدم الشعوب وأحلامها. البشير الدامون كاتب وروائي مغربي، خريج كلية الحقوق وكلية الآداب. يعمل موظفاً بإدارة البريد، وله أربع روايات منشورة: "سرير الأسرار"، "أرض المدامع"، "هديل سيدة حرة"، و"حكاية مغربية". الناشر: المركز الثقافي العربي/ الدار البيضاء - بيروت عدد الصفحات: 160 الطبعة الأولى: 2017
يمكن شراء الرواية من موقع النيل والفرات.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard