شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
في غرفة العنكبوت، رواية عن عالم المثلية الجنسية

في غرفة العنكبوت، رواية عن عالم المثلية الجنسية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 22 سبتمبر 201609:53 ص
يتناول الكاتب المصري "محمد عبد النبي" في روايته الجديدة "في غرفة العنكبوت" عالم المثلية الجنسية، وحياة المثليين في المجتمع المصري. ورغم أن هذا الموضوع ليس جديداً على الرواية العربية، إذ كانت شخصية المثلي حاضرة في بعض الأعمال الروائية العربية كشخصية ثانوية، كما في "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني، "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" لخالد خليفة، "ليمبو بيروت" لهلال شومان، وغيرها، وحضرت في بعضها الآخر كشخصية رئيسية لكن دون الحديث عن الكثير من تفاصيلها ومعاناتها، كما في "حجر الضحك" لهدى بركات، أو دون التعاطف معها، وبكثير من مغالاة الكاتب في نفي "تهمة" المثلية عنه، كما في "عزيزي السيد كاواباتا" لرشيد الضعيف. إذاً، رغم أن الموضوع ليس جديداً، فإن ما يميز "في غرفة العنكبوت" أنها مكتوبة أساساً لتحكي عن شخصية المثلي، ولا هدف آخر لها، سوى تسليط الضوء على تفاصيل هذه الشخصية ومعاناتها وأحلامها وانكساراتها وكيفية تفاعلها مع محيطها، وتفاعل محيطها معها. عقدة الرواية، أو الأساس الذي تنبني عليه هو حادثة "الكوين بوت" التي جرت في مصر عام 2001، حين ألقت السلطات المصرية القبض على اثنين وخمسين مثلياً بتهمة "ممارسة الفجور"، وقدمتهم للمحاكمة، في قضية أثارت كثيراً من الجدل. يجعل الكاتب بطل روايته "هاني" واحداً من أولئك المثليين الذين قُبض عليهم، وقد كان رفقة حبيبه "عبد العزيز" الذي يستطيع محامي عائلته النافذة إخراجه من القضية، في حين يبقى بطلنا سجيناً على ذمة التحقيق. "جمعت الشرطة العشرات خلال تلك الحملة التي استمرت بضعة أيام من أوائل شهر مايو، وكان مشهد الذروة في فجر الجمعة 11 مايو 2001، بعد يومين أو ثلاثة من القبض عليّ أنا وصاحبي بالقرب من ميدان التحرير، حين داهمت شرطة الآداب أحد المراكب النيلية قيل إنه يرحب باستقباله للمثليين يسهرون فيه كل خميس، وكان اسمه الكوين بوت أو مركب الملكة ناريمان. وهو الاسم الذي اشتهرت به القضية كلها في وسائل الإعلام". تحاول الرواية أن تبرز نماذج مختلفة للمثليين، لتكسر الصورة النمطية المكرّسة في وعي الناس عنهم، فنقرأ عن عدة شخصيات مثلية، وعن تجاربها وحياتها وقصصها، من خلال علاقاتها مع هاني، سواءً قبل القبض عليه أو بعده. هكذا، يروي قصص كل من عرفهم من أصدقاء ومعارف وحتى أشخاص مارس جنساً سريعاً معهم، كما يروي قصص الناس الذين عرفهم خلال أيام احتجازه، لنصبح أمام مجموعة كبيرة من الشخصيات المثلية، تتنوّع في أفكارها ومواقفها وطرق عيشها، إلا أن ما يجمعها كلها هو رفض المجتمع لها، وكيف ينعكس ذلك على تصرفاتها، فيأخذ رد الفعل أشكالاً عديدة، منها التقوقع ومنها التمرد ومنها الانتحار. يحاول هاني كتابة كل ذلك، كما كتابة حياته السابقة واللاحقة لقضية "الكوين بوت" بعد تبرئته في المحكمة، إذ يخرج من السجن عاجزاً عن التعبير اللفظي، فيلجأ إلى التعبير الكتابي، مستعيداً شريط حياته، بدءاً بذكرياته عن جده، وعائلته، وطفولته، مروراً بيفاعته والحب الأول والممارسة الأولى للجنس، وتخبطه بعد ذلك بين عدة علاقات، وصولاً إلى زواجه وإنجابه طفلة تحت ضغط أمه. يجد هاني في الكتابة وسيلة ليبوح بأشياء لم يسبق أن قالها حتى لنفسه، وسيلة ليبث قلقه وعذاباته، ولجعل العالم يعرف ويدرك معاناة المثليين، وربما وسيلة له هو ليتعرّف على ذاته ويواجهها ويفهمها أكثر. يكتب هاني كل ذلك فارضاً على نفسه عزلة اختيارية، لا يشاركه فيها إلا عنكبوت صغير. "رحت أنظر إلى علب وشرائط الأقراص في درج الكومودينو بإغراء أن أتناولها كلها، فتنتهي الحكاية وأستريح. امتدت يدي إليها وأنا أكتم البكاء، وبدأت أمزق السلوفان المغلف لأقراص الزاناكس بلونها الوردي الباهت، عندئذ ظهر صديقي الوحيد، عنكبوتي الأسود الصغير الذي التقيت به يوم خروجي من السجن في هذه الغرفة ذاتها قبل أسابيع، أخذ يتسلق أصابعي ببساطة ومودة ودون خوف، وكأنه يوقف يدي ويحاول منعي، ويهمس لي بأن أهدأ وأفكر مرة أخرى. تراجعت وظللت أرنو إليه يسعى فوق رسغي وكتفي، ثم عدت للكتابة وأنا أتخيّل نفسي عنكبوتاً أخرس ينسج من حوله بيته الواهن عسى ألا يضيع". محمد عبد النبي كاتب ومترجم مصري، من مواليد 1977. صدر له العديد من المجموعات القصصية، من بينها: "كما يذهب السيل بقرية نائمة" التي حازت أفضل مجموعة قصصية في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015. وحازت روايته الأولى "رجوع الشيخ" المركز الأول للأدباء الشبان في جائزة ساويرس 2013، ووصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية في العام نفسه. ترجم العديد من الكتب والأعمال الأدبية، ويمارس التدريب على الكتابة الأدبية منذ عام 2009، في ورشة تحت اسم "الحكاية وما فيها". الناشر: دار العين/ القاهرة عدد الصفحات: 352 الطبعة الأولى: 2016 يمكن شراء الرواية من موقع نيل وفرات، أو من موقع متجر الكتب العربية جملون.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard