شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
رواية

رواية "بائع الهوى": فحيح الأجساد الشبقة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 3 أغسطس 201606:10 م
شهدت السنوات الأخيرة محاولة لكسر تابو الجنس في الأدب العربي، وتقديم رواية تقوم بكاملها على الفعل الجنسي، في محاولة لصنع رواية إيروتيكية، تحتفي بالجسد وتعرض فعله الأكثر حميمية، مقتحمة مشهداً عاماً ما يزال يرى في هذا النوع من الكتابة محرّماً، أو مسّاً بأخلاق المجتمع الفاضلة، أو ابتذالاً في أحسن الأحوال. وقد تكون التجارب التي ظهرت حتى الآن تجارب غير ناضجة في معظمها، وتبتعد كثيراً، في مستواها وجودتها وصناعتها، عن الأدب الإيروتيكي الغربي الذي تحاول الوصول إليه، لكن هذا لا ينفي أنها ألقت حصاةً في بركة الماء الراكدة. تعدّ رواية "بائع الهوى"، وهي الرواية الأولى للسوري جميل نهرا، واحدةً من تلك الروايات التي كتبت لتكون رواية عن الجنس، وعن الرغبات المحمومة والشهوات المكبوتة. فبطلها يوسف، الفتى القروي المراهق، يقضي معظم وقت الرواية في مغامرات جنسية مستعرة، متنقلاً بين عدة نساء، بعد أن اكتشفت جارته سوسن أول الأمر شيئه الضخم، فلاحقته ملقية شباكها عليه، وقضت منه شهواتها، وعلّمته فنون الملاعبة والإمتاع والإثارة. تلك الفنون التي سيستخدمها أحسن استخدام معها، وستكون وسيلته إلى قلب فاتن القريبة التي ستصرّ على اصطحابه معها إلى دمشق ليكمل دراسته هناك، بنيّة مضمرة أن تتمتع بشبابه اليافع ورجولته الفاحشة. "شعرت فاتن بشفتيّ الفتى تعبث بقدمها، قبّل أصابعها ومصّها بتمهل وبنفس مقطوع، ثم قبّل باطن قدمها وكاحلها وساقيها، وصعد يقبلها رويداً. باعدت بين رجليها قليلاً ورفعت شيئها إلى شفتي يوسف. دفع الشعور اللذيذ دماءها الحارة إلى تلك القطعة الحساسة بين فخذيها، وحجب عنها الخوف من الفضيحة، وخطر العبث مع فتى بالكاد يبلغ نصف سنيّ عمرها". في دمشق، حيث سينهي دراسته الثانوية ويدخل كلية الطب، تذيع شهرة الفتى بعد أن يخرج من عباءة فاتن، ويمارس الجنس مع سواها، مواجهاً غيرتها وجنونها. هكذا تتلقفه إحدى السيدات التي لها علاقات واسعة في أوساط الطبقة المخملية، فتجرّه إلى طريق مختلف، ليصبح "بائع هوى" متميز، يتقاضى مبالغ كبيرة لقاء خدماته الجنسية لنساء الطبقة الراقية، المتململات من أجسادهن الذاوية، والباحثات عمن يوقظ فيها الروح من جديد، أو اليائسات الملولات من أزواجهن المملين، والراغبات بمن يملأ فراغ أيامهن القاحلة. تظهر الرواية أجواء تلك الطبقة، ومدى النفاق في علاقاتها، وكيف تتكون شبكات الدعارة، وتدار أمور البلاد بكل ما فيها من فساد ومحسوبيات ووساطات، وكل ذلك مجلل برداء من الفضيلة والأخلاق المدّعاة، ومحاط بستائر تخفي وراءها الكثير من الأسرار. تحضر في الرواية، إلى جانب البطل ونسائه الشبقات، العديد من الشخصيات التي يمكن اعتبارها محورية، منها ساندرا المرأة الوحيدة التي يعشقها يوسف، ويغيّر حبها في تصرفاته. تخبئ ساندرا سراً كبيراً، وحكاية مأسوية أيضاً، لكن القدر يكون لهما بالمرصاد، فلا تكتمل فصول هذا الحب. "كان مسحوراً بفتنتها، فهي مختلفة جداً عمن عرفهن من النساء، كانت أجملهن على الإطلاق، وكانت أكثر من صادفهن جرأة، صادقة إلى أبعد حدود، كانت تخبره كل ما تفكر فيه، تخطئ، تنفعل، وتثور أحياناً، لكنها كانت دوماً تعود فتعترف بأخطائها، وردود فعلها الطائشة. لم تكن بذكاء فاتن، ولا ثقافة سوسن، لكنها كانت حقيقية، صادقة الإحساس ومتصالحة مع ذاتها، ينساب خوفها من كلماتها بلا نفاق". ومن الشخصيات المحورية أيضاً، الأستاذ مفيد، الذي اعتقل بتهمة الانتساب إلى حزب ممنوع، وخرج من المعتقل ليكتشف أن من وشت به وبأصدقائه هي المرأة التي أحبها، مما دفعه إلى حالة نفسية سيئة، قضى بسببها بقية عمره يعاقر الخمر، ويثرثر بكل المواضيع، بما فيها السياسة والدين والثقافة والمجتمع. يرد على لسانه في عديد من المواضع الكثير من الأشياء التي يريد الكاتب قولها عن الوضع في سوريا قبل الثورة 2011، إلى جانب ما يعاينه يوسف أو ما يسمع به من آخرين. ويؤسس الكاتب بكل ذلك خيطاً رفيعاً، لكنه غير كافٍ، للربط بين ما سارت عليه الرواية خلال أكثر من 300 صفحة، وما ستنتقل إليه في الربع الأخير، حيث سيقحم الكاتب أحداث الثورة السورية التي ينضمّ إليها البطل، ويكون واحداً من المتظاهرين المنادين بالحرية. يحكي الكاتب عن المظاهرات الأولى، ثم ينتقل إلى الحديث عن التسلّح، وكيف بدأت القوى المتشددة والتنظيمات المتطرفة بالظهور على مسرح الأحداث، مقحماً بطله في الكثير من النقاشات حول الثورة، وزاجاً به في الكثير من التنقلات بين عدة مناطق، وجاعلاً منه شاهداً على الكثير من الأحداث التي تؤرخ وتوثق لهذه الحرب، ناسياً في غمرة انشغاله بالحديث عن الثورة أن يجد المبررات الكافية لكل ما يروي عنه، ومتجاهلاً أن كل حدث يُكتب يجب أن يكون على صلة بحبكة الرواية وما تريد قوله. جميل نهرا، كاتب سوري، زاول الصحافة والترجمة منذ العام 2008. يعمل حالياً في إدارة الاتصال الحكومي في هيئة الإمارات للهوية في أبو ظبي. صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "360"، و"بائع الهوى" روايته الأولى. المؤلف: جميل نهرا/ سورية الناشر: دار العين/ القاهرة عدد الصفحات: 430 الطبعة الأولى: 2015 يمكن شراء الرواية على موقع "نيل وفرات" أو على موقع متجر الكتب العربية "جملون"

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard