شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
في محيطي شخص مصاب بالزهايمر... ماذا أفعل؟

في محيطي شخص مصاب بالزهايمر... ماذا أفعل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأحد 8 يناير 201707:31 ص
يتعامل الجميع بحذر وتفهّم كبيرين مع صاحب المرض العضوي، لكن الأمر يختلف مع صاحب المرض المتعلق بالعقل والفكر. إذ نجد أن الوعي يقل كثيراً في ما يخص كيفية التعامل معه، وتغلب المعتقدات الخاطئة على المعلومات الصحيحة. في حالة مريض الزهايمر، يعتقد معظم الناس أن المريض يعجز عن تذكر كل شيء متعلق بماضيه، ولا يتذكر أي حدث في الحاضر. لكن الحقيقة، أن الزهايمر درجات، بين مريض يجد صعوبة في استرجاع الأحداث من الذاكرة القصيرة، لكنه يتذكر الماضي بشكل جيد، ومريض يتذكر الحاضر، لكنه عاجز عن تذكر الماضي، وصولاً إلى أصعب الحالات، هي تلك التي لا يتذكر فيها المريض أي شيء عن نفسه أو عن أسرته. بعد تجربة شخصية، اكتشفت أن معظم من حولي عاجزون عن التعامل مع مريض الزهايمر بشكل صحيح. بل وجدت في أحيان كثيرة، من يسيئون التصرف، معتقدين أن المريض لن يتذكر. لذا قررت مشاركة بعض من تجربتي. وأشدد على أنني لست طبيبة، لكنني أتحدث بناءً على تجربة أمر بها. وكلامي هنا موجه للأشخاص الذين في محيطهم أسرة، يعاني أحد أفرادها الزهايمر، لعلّي أستطيع أن أساهم في رفع وعي ولو شخص واحد بشأن هذا المرض الخطير.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"أكلنا مكرونة"

لا علاج للزهايمر حتى الآن، لكن أدوية تساعد على إبطاء تطوره. وبعد تجربة، فإن الحب والعناية يساعدان كثيراً في تحسين حالة المريض. لا تتحدث أمام مريض الزهايمر عن حالته، أو تسخر من تصرفاته، معتقداً أنه لا يعي أو لن يتذكر، لأنه على الرغم من حقيقة أنه لن يتذكر الواقعة نفسها، لكنه يتذكر في ما بعد ماذا كان إحساسه عند سماعه لكلامك.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"مكرونة بالبشاميل وكان طعمها حلو جداً"

قد تجد أن المريض يشعر بالضيق الشديد أو يتعامل بعصبية فجأة، تعتقد أنها غير مبررة. لكن في الغالب يكون هناك أمر ما قد ضايقه، لم يعد يتذكر ما هو. ومع ذلك، فشعور الضيق سيلازمه، وقد يتذكر حالته فيشعر بالأسف على نفسه. محاولة السؤال عما ضايقه لن ينتج عنها إجابة شافية في الغالب، لكن بالتأكيد محاولة التحدث معه برفق ومحاولة إرضائه قد تجدي.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"مكرونة بالبشاميل وكان طعمها حلو جداً"

إذا سأل المريض عن شخص متوفًى، يكون من الأفضل مراجعة أسرته لمعرفة الإجابة التي يخبرونه بها لدى طرحه هذا النوع من الأسئلة. لكن، بشكل عام، لا داعي لإخباره بالحقيقة، وأخبره أن الشخص بخير تجنباً لإصابته بالاكتئاب، لأنه سيفاجأ بالخبر وكأنه يسمعه للمرة الأولى.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"انا وانتي عملنا مكرونة بشاميل"

إذا لاحظت أن المريض يشكو من ألم ما أخبر أسرته، لأن المريض غالباً لن يتذكر أنه شعر بألم في ذلك الموضع، إلا في وقت لاحق، وقد لا يتذكر أصلاً.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"سلقنا مكرونة وعملناها بالبشاميل واللحمة المفرومة"

يشعر المريض بالسعادة بتفاصيل بسيطة، لذا إن كان لك قريب مصاب بالزهايمر، يمكنك أن تزوه وتتحدث معه عن عمله السابق مثلاً، إن كان يتذكره، أو عن أي شيء يحبه. كما يمكنك أن تأخذه في نزهة قصيرة في الحديقة، أو أن تقرأ له كتاباً عن موضوع يحبه.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"مكرونة بالبشاميل"

قد يؤدي الزهايمر إلى إصابة المريض بالاكتئاب، لكن ما لا يخبرونك عنه هو أن أسرته تصاب بالاكتئاب أيضاً، لما يرونه من تدهور حالة مريضهم، الذي قد يمر عليه وقت لا يتذكرهم شخصياً. تخيل أن والدك لا يتذكرك وأخبرني عن شعورك ساعتذاك. لا تحكم بالعقوق على أسرة قررت إيداع مريضها في أحد المستشفيات الخاصة. رغم أن رأيي الشخصي لا يتوافق مع هذا الاختيار، فإن التعامل مع مريض الزهايمر صعب ومتطلب للغاية، يتحول معه والدك أو والدتك إلى طفلك الصغير المحتاج إلى رعايتك الدائمة وقد يصبح الوضع شديد الخطورة في حالة خروج المصاب بالزهايمر وحده من المنزل، إذا ما لم تتوفر له الرعاية الدائمة، ما قد يعرضه لحادث، أو قد يتوه عن منزله ويعجز عن العودة.

"احنا أكلنا ايه النهاردة؟"

"اتغدينا مكرونة بالبشاميل واللحمة المفرومة"

حاول أن تتعامل بطريقة طبيعية مع مريض الزهايمر، إذا وجدت أنه يحكي القصة نفسها مراراً وتكراراً، فليكن صدرك رحباً واستمع وتبادل معه الحديث عن القصة. وإذا وجدت أنه يسأل السؤال نفسه بشكل متكرر، أجب بكل بساطة ولكن بطريقة مختلفة في كل مرة لعل المعلومة تستقر، وقد لا تستقر، لكن المهم أن لا يشعر المريض بضيقك. وإذا كنت ستجد الأمر صعباً، فيفضل ألا ترهق أعصاب المريض وأسرته بزيارتك من الأساس.

"هو احنا أكلنا مكرونة النهاردة؟"

"أيوة، الحمد لله".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard