شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
كيف يخطط Google للسيطرة على كوكب الأرض؟

كيف يخطط Google للسيطرة على كوكب الأرض؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تكنولوجيا

الاثنين 24 أكتوبر 201601:43 م

ربما، لأنّني اعتدت منذ الصغر ألا أثق بأي شيء يقال لي. بعد صفعات القدر المتتالية التي لم يكن أولها وعود الألعاب المسلية والمفاجآت في بيض الشوكولا ليكون كل ما تحصل عليه هو تمثال صغير بشع لا يمكن استخدامه في أي شيء أو لعبة زورق تغرق في الماء فور وضعها فيه رغم صورتها المرفقة التي تظهرها طافية وجميلة، ولم يكن آخرها وعود أهلك بزيارة الحديقة واستعدادك لذلك ببراءة وحماس لتجد إبرة عملاقة تشق طريقها في ذراعك أو لثتك عند الطبيب.

لأنّني عاركت الصعاب طيلة ذلك الوقت، كان من السهل أن أشك بأنّ محرك البحث بريء المظهر ذاك، والذي تهافتت الناس عليه ليس ما يدعيه في الحقيقة.

سخر منّي الكثيرون، رغم أنّ علامات الخبث بدأت تظهر رويداً رويداً مع السنوات على Google ذاك. ألا يفترض أنّه مجرد موقع إلكتروني مجرّد من الصفات الإنسانية؟ انظر إلى هذه العلامات المرعبة والتي لم تلفت نظر أحدٍ بغرابة: لغوغل شخصية بشرية واضحة ومتقلبة المزاج أيضاً. إذا كتبت كلمة بتهجئة خاطئة في البحث مثل "Capitalisation" يسرع لتصحيحها لك مستخدماً عبارة مثل "نعرض لك نتائج الكلمة Capitalization عوضاً عن Capitalisation" وذلك عندما يكون في مزاجٍ رائق هذه العبارة فيها ملامح شخصية، إذ تشبه شخصاً دمثاً يقول لك بلطف إذا ارتكبت خطأ محاولاً ألا يجرحك "ربما سمعت هذه الكلمة تلفظ Capitalisation، ولكن هيه، من يدري ربما يكون معك حق، لقد طرحت وجهة نظري فقط".

download (6)download (6)

في أحيان أخرى يتلبس غوغل مزاج العمّة أنطوانيت المتعجرفة حين تخطئ أمامها في لفظ كلمة أجنبية. "وما هذه الكلمة؟ من أي مجتمع خرجت أنت؟"، معادل ذلك لدى غوغل إذا كتبت الكلمة الخاطئة هو جملة "هل تقصد" مع الكلمة الصحيحة. لا تستطيع أن تفهم ذلك إلا على هذا النحو "ما هذه الكلمة التي اخترعتها؟ جميل، وهل تقصد Capitalization"؟ نعم، نعم بالضبط أقصد Capitalization حضرتك، ولا داعي لأن أتعرض للمهانة والإذلال بسبب ذلك.

المشكلة لا تتوقف هنا، فمن سيشعر بالضيق أو لديه مانع إذا أحب محرك بحثي أو حتى مفتاح إنغليزي أن يتصرف كالبشر؟ ولكن هناك أمور غير مبشرة بالخير قد تكون علامات خطر واضحة على نية غوغل تطوير ذكاء بشري سيمكنه بعد ذلك من السيطرة على العالم في المعركة الأخيرة التي سيخوضها كوكب الأرض. بعد أن بات الموقع يوفر ما يسمى بالـ Auto complete والتي بدت في وقتها لفتة أنيقة لاختصار الجهود، تشعر وأنت تستعرض النتائج أنّ هناك نية خبيثة ما وراء هذه الخطوة. انظر لقد بات لدى غوغل مسح اجتماعي شامل لأبرز التساؤلات التي تهم البشر، أعداؤه في معركته القادمة. مهمته باتت سهلة في تصنيف هذه التفضيلات وبناء استراتيجية المعركة بنجاح وفقاً لها.

جرب أن تكتب كلمة "لماذا؟" فقط لتعثر على أكثر الأسئلة شيوعاً لدى متصفحي غوغل وتأخذ فكرة عمن سيواجه في معركة نهاية العالم قبل أن يسيطر على كوكب الأرض. سنرى... لماذا تخليت عني؟ لماذا أحببتك؟ (يا إلهي هذا حزين جداً)، لماذا خلقنا الله؟ نعم من الممتاز طبعاً أن تتجه بأسئلتك الوجودية لغوغل... لماذا سجن سيمون أسمر؟ ليست نتيجة ممتازة ولكن على الأقل أحد ما مهتم بأن يسمع أخباراً.

لنلق نظرة على نتائج الإكمال التلقائي للسؤال "كيف": كيف أتزوج؟ كيف أحمل كيفية إثارة الرجل... الخ وهذه أيضاً نتائج غير مبّشرة بما يخص معركتنا البشرية الأخيرة تلك. تصبح النتائج مقلقة أكثر مع أسئلة مثل: "كيف يمكن أن؟" والتي تأتي نتائجها على النحو التالي: كيف يمكن أن تصبح مشهوراً على شبكة الإنترنت؟ كيف يمكن أن تقيس وزن رأسك؟ كيف يمكن أن يصبح بياض العين ناصعاً؟ وطبعاً: كيف يمكن أن تفوز بقلب امرأة؟. هناك بعض المحاولات التائهة لاستقاء المعرفة مثل "كيف يمكن أن نتحدث عن نشأة أو ميلاد الفلسفة" ولكن حتى سؤال كهذا يبدو مريب الدوافع بعض الشيء، إذ يطلب السائل الكيفية التي تمكنه من الحديث عن ميلاد الفلسفة للمشاركة في المناسبات الاجتماعية فحسب ولا يبدو مهتماً بأن يتعرف إلى تاريخها فعلاً.

لأنّني شخص متشائم، أرى منذ الآن كيف سنساق عبيداً في المعركة الأخيرة مع أصفاد حديدية وأثقال نجرها في رقابنا بعد أن يتمكن جوجل من الانتصار علينا وأسرنا في معركة نهاية العالم. بالنسبة للبقية، بإمكانهم أن يستمروا بتفاؤلهم طبعاً والتعامل معه كمحرك بحثي مفيد، ولبق طبعاً، إذ لا ينسى أن يتقدم لنا بالتهاني في مناسبات الاستقلال المختلفة للبلدان وأعياد ميلاد أشهر العلماء والفنانين ومناسبات وفاتهم. يا للدهاء!


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard