حوّلت المقدمة وخبيرة التجميل ليليا مولين برنامجها الصباحي على القناة المغربية الثانية، «صباحيات دوزيم»، إلى برنامجٍ توعوي، حرُصت من خلاله على مساعدة المرأة على تفادي الإحراج، فكيف للمرأة أن تتوجّه إلى عملها وعلى وجهها آثار ضربٍ وتعنيف؟ وعليه، أطلقت ليليا مبادرة في هذا الشان، إذ بدأت على الهواء مباشرةً، في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضدّ المرأة، بشرح وتطبيق تقنيات المكياج التي تمكن النساء من إخفاء آثار العنف على وجوههن.
«يستخدم اللون الأخضر لتغطية الأجزاء المحمرة. واللونان البرتقالي والأصفر لإخفاء العيوب»، بحسب مولين، التي استخدمت برنامجها لإظهار صورةٍ تتسم بها مجتمعاتنا. فالمقدّمة والخبيرة أرادت، بدل علاج أصل المشكلة وحلّها، أن تغطّيها وتلوّنها، حتى تبدو سليمةً للمراقب، فالمجتمعات لها أسرارها، كما البيوت، واسألوا مولين عن أسرار البيوت.
لم يأتِ البرنامج بشيءٍ جديد، على الرغم من مصادقة الحكومة المغربية في مارس الماضي، على مشروع قانون يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. بعد نقاشٍ دام نحو سنتين، بقي قرابة 6.2 مليون مغربيةٍ يعانين من العنف المنزلي، في ظلّ قبولٍ اجتماعي لعدّة أسبابٍ، منها الدّيني والتقليدي المتوارث، حتى أن بعض النسوة تأقلمن مع الواقع، وأمسى العنف بالنسبة لهن امراً عادياً لدرجة تناوله في فقرة تلفزيونية، لا للقضاء عليه، بل لتجميل آثاره. من يدري، لولا الغضب الذي اجتاح مواقع التواصل الإجتماعي، مغربياً وعربياً، لعرض البرنامج فقرةً ثانيةً على "إتيكيت تأديب المرأة".
يُعرف عن القناة "المغربية الثّانية" دفاعها عن قيم الحداثة والتّقدم. وعليه، كان اعتذارها عن الخطأ الفادح، مع وعدٍ بمحاسبة المسؤولين، لكن إلى اليوم لم تُعلن القناة كيفية محاسبة معدّي هذه الفقرة أو مقدّمتها. الدفاع عن العنف وتبريره لم يكونا مستغربين البتة، فالمجتمعات العربية تطغى عليها الصفة الذكورية، التي تعامل النساء قانوناً ومجتمعياً كنساءٍ من المستوى الثاني بعد مستوى الرجل المهيمن على مفاصل القرار أسرياً ومجتمعياً.
تتحمل الفقرة، والبرنامج، مسؤولية تشويه صورة المجتمع المغربي، أو أقلّه، إظهاره كمجتمعٍ قائمٍ على مراعاة العنف الأسري وظروفه، كما يتحمل البرنامج مسؤولية تأهيل الجيل المراهق والأطفال على قبول مثل هذه الأفكار، والتعايش معها وكأنها طبيعية، مع أن جل اهتمام البرنامج ومقدّمته، كان تعليم المرأة كيفية تفادي الإحراج في العمل، والسوق، والمجتمع أو أي مكان. فبدل تشجيعها على القول والصراخ عالياً رفضاً للعنف، وبالتالي كشف وحشية معنفها، رأت مولين أن إخفاء الموضوع أفضل، طبعاً تحت الأعذار المعهودة، التي تتجاوز الحدود المغربية لتشمل حدود العالم العربي بشكلٍ عام، وهي وجوب صمت المرأة عن تعنيفها لأن الرجال قوّامون على النساء، وحفاظاً على وجود الأسرة ومصلحة الأبناء/البنات، فتعرّضها للضرب، ليس إلا تضحيةً منها، إكراماً لعائلتها.
الصورة السوداوية التي برزت كانت لتمرّ مرور الكرام، لولا انتفاضة الرأي العام التي أجهضتها، وتحوّل المقطع المنشور، لمادةٍ كتبت عنها صحفٌ عالمية كالواشنطن بوست، وتناولتها السي ان ان والبي بي سي، مما يعكس أهمية الدور الذي يضطلع به الناشطون إن أرادوا. صحيحٌ أن البرنامج وافق على "ضرب مها" (ضرب أمها)، لكن النّاشطين "ضربوا بو" الأفكار الرّجعية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومجميل جدا أن تقدر كل المشاعر لأنها جميعا مهمة. شكرا على هذا المقال المشبع بالعواطف. احببت جدا خط...
Tayma Shrit -
منذ يومينمدينتي التي فارقتها منذ أكثر من 10 سنين، مختلفة وغريبة جداً عمّا كانت سابقاً، للأسف.
مستخدم مجهول -
منذ يومينفوزي رياض الشاذلي: هل هناك موقع إلكتروني أو صحيفة أو مجلة في الدول العربية لا تتطرق فيها يوميا...
مستخدم مجهول -
منذ يوميناهم نتيجة للرد الايراني الذي أعلنه قبل ساعات قبل حدوثه ، والذي كان لاينوي فيه احداث أضرار...
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 4 أيامأرسل لك بعضا من الألفة من مدينة ألمانية صغيرة... تابعي الكتابة ونشر الألفة
Samah Al Jundi-Pfaff -
منذ 4 أياماللاذقية وأسرارها وقصصها .... هل من مزيد؟ بالانتظار